الحمد لله الذي ألَّف بين قلوبِ المؤمنين، ووحَّد بين صفوف المسلمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، نزع الغِلَّ من صدور المتقين، وجعلهم في الجنَّةِ إخواناً على سُرُرٍ متقابلين، وأشهد أن سيدنا محمداً عبد الله ورسوله، خيرُ من دعا إلى الحق بلسان الحق المبين، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد رحمةِ الله للعالمين، وعلى آله وأصحابه الغُرِّ الميامين. أما بعد: فيا عباد الله، أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل، فإنه من يتقِ الله يجعلْ له من أمرِه يُسرًا، وأحَذركُم وإيايَ من عصيانه ومخالفةِ أمره، فإنه من يعصِ الله تكنْ عاقبة أمره خُسرًا0 أيها المسلمون :لقد أنزل الله تعالى كتابه،وأرسل رسوله rليخرج الناس من الظلمات إلى النور،ظلمات الشرك والجهل ، ظلمات الفرقة والاختلاف ، ظلمات الجور والظلم ، ظلمات البغي والطغيان ، يخرجهم من تلك الظلمات ، وينقذهم من التيه في دياجيرها ،ليبصروا النور،ويهتدوا إلى الحق ، ويسلكوا الصراط المستقيم 0ولهذا فإن رسالة الحبيب rرسالة الجماعة ،رسالة التأليف،والبناء ،رسالة إعمار وإعلاء ، رسالة تآلف وإخاء ، تنشر الأمن،وتعبد الطرق للسالكين ،فجاءت مليئة بالتعاليم الربانية ، تبني مجتمعا إسلاميا مترابطا،متكاتفا،مثاليا في أخلاقه ،متينة جذوره،مترابطة فروعه،متراصا لا خلل فيه ،ولا تنافر بين لبناته وتأمل معي أيها الأخ الحبيب هذا الحديث الشريف عن النعمان بن بشير رضي الله تعالى عنهما قال:قال رسول اللهr((مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم،مثل الجسد،إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ))متفق عليه .ويا لروعة المثل ، يستطيع إدراك معناه كل عاقل،لا بد أن يكون يوما ما قد أحس بالألم في جزء من جسمه،تداعت معه حرارة الجسم فارتفعت،وأطرافه فانتفضت ،ونفسه فانقبضت ،حتى لكأن الألم يسرى في جسده كله،بل هو كذلك ، ولا يمكن له أن يقول هذه رجلي وطئت نجاسة سأقطعها،ولكن يسارع إلى تنظيفها وإزالة الأذى عنها ،لأنه يحبها،ويتألم بها ولها ،فهي جزء منه ،مهما كان هذا الجزء صغيرا أو مغمورا،فهو في الجسد ، يؤدي مهمته،ويعين على الحياة التي لا تنعم إلا بالعافية في البدن كله .وإنما جاء ضرب المثال بالبدن لتنوع أجزائه،واختلاف مهمة كل جزء،وأهميته،وقيمة الحياة دونه،إلا أن التكاتف بين الأجزاء الجسدية كامل ،لا يقيم وزنا لهذا الاختلاف،ولا لتلك الأهمية .فمتى اشتكى أي عضو منه تداعى سائر الجسد يحس به ويشعر بألمه،وينبه صاحبه لوجود ألم ما ،في جزء ما من الجسد .وتداعى،أي:دعا بعضه بعضا للمشاركة في الألم،ويقال تداعت الحيطان،أي :تساقطت،أو كادت0فسبحان الذي جمع قلوب المؤمنين على المودة،وجعلهم في توادهم كالجسد الواحد، ومن علامات الإيمان:مودة بعضهم لبعض، وهو -عز وجل- الذي ألف بين قلوبهم بإيمانهم به، }هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ $ وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ {[الأنفال:62-63] فاجتمعوا وأتلفوا، ولم يكن هذا بسعي أحد ولا قوة أحد إلا الله -عز وجل-، فلا يقدر على تأليف القلوب إلا الله، قال ابن عباس رضي الله عنهما : إن الله إذا قارب بين القلوب، لم يزحزحها شيء. وهذه المودة التي جعلها الله-سبحانه وتعالى- في قلوب هؤلاء المؤمنين بسبب هذا الإيمان، كما أخبرهم } إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً{[مريم: 96]أي يلقي بينهم المحبة، فيحب بعضهم بعضا، فيتراحمون ويتعاطفون بما جعل الله في قلوبهم من هذه المحبة التابعة لمحبته، وأهل المعاصي والفسوق، إذا كان بينهم نوع مودةٍ فإنها سرعان ما تنقلب، وتستحيل إلى عداوة وكثيراً ما تكون في الدنيا قبل الآخرة، فهو معجّل.هذه المودة بين المؤمنين ليست لأجل نسبٍ ولا مال0
هذه إذا تفكر فيها الإنسان وجدها من جذوة الإيمان
وحرّم على النار كما قال -عليه الصلاة والسلام- : ((حُرِّمَ عَلَى النَّارِ كُلُّ هَيِّنٍ، لَيِّنٍ، سَهْلٍ، قَرِيبٍ مِنْ النَّاسِ)) أحمد وصححه الألباني .وأخبر -r- فقال : ((الْمُؤْمِنُ آَلِفٌ مَأْلُوفٌ، وَلَا خَيْرَ فِيمَنْ لَا يَأْلَفُ وَلَا يُؤْلَفُ )) وحسنه في الصحيحة قال ميمون بن مهران: "التودد إلى الناس نصف العقل ".
أيها المسلمون:لا يستطيع الإنسان أن يعيش في معزل عن الناس والإنسان اجتماعي بطبعه لكن ما هي الوسائل التي يتبعها حتى يجذب قلوب الناس إليه ليعيش معهم عيشة السعداء ، إن هناك مفاتيح للقلوب تفتحها مهما كان إغلاقها ، وهذه المفاتيح هي وسائل وفضائل تستعطف بها القلوب، وتستر بها العيوب وتستقال بها العثرات، وهي صفات لها أثر سريع وفعّال على القلوب، إذا تحلى بها الإنسان عاش بين أهله ومجتمعه في أعلى مكان0 ومن هذه المفاتيح 0
▌╣◄المفتاح الأول من مفاتيح القلوب : الابتسامة والبشاشة وطلاقة الوجه،وهذا الذي أخبر به-عليه الصلاة والسلام-بقوله:((لَا تَحْقِرَنَّ مِنْ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ)) رواه مسلم.إن نور الوجه حين يبتسم يجعل القلب أسيراً في رضاه،وهذه الابتسامة طيبة، كلمة من غير حروف،لا تكلف كثيراً لكنها تعني الكثير0
▌╣◄المفتاح الثاني :من مفاتيح القلوب: إفشاء السلام، ولذلك قال -عليه الصلاة والسلام- ((لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَوَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ: أَفْشُوا – إفشاء،إعلان، إشهار، نشر، إكثار، ممارسة عملية، باستمرار -السَّلَامَ بَيْنَكُمْ)).رواه مسلم أنه يغرس المحبة، ويزيل العداوة، قال الحسن البصري :"المصافحة تزيد في المودة".قال بعض السلف : " تَصَافَحُوا يَذْهَبُ الْغِلُّ " وقال إبراهيم بن محمد بن عبد العزيز الزهري: خرَجتْ لأبي جائزته " من الخليفة، من بيت المال "، فأمرني أن أكتب خاصته وأهل بيته – يدون الأسماء، لأن توزيع ما يأتي من الرزق كان من سنن السلف-، ففعلتُ. فقال لي: تَذَكَّر، هل بقي أحد أغفلناه.قلت: لا .قال: بلى، رجل لقيني فسلم علي سلاماً جميلاً، صفته كذا وكذا، اكتب له عشرة دنانير . ▌╣◄المفتاح الثالث:من مفاتيح القلوب: الزيارة في الله:وقد كان من هديه -عليه الصلاة والسلام- أن يزور أصحابه،عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ r (( أَنَّ رَجُلًا زَارَ أَخًا لَهُ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى فَأَرْصَدَ اللَّهُ لَهُ عَلَى مَدْرَجَتِهِ مَلَكًا.فَلَمَّا أَتَى عَلَيْهِ قَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ.قَالَ: أُرِيدُ أَخًا لِي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ.قَالَ: هَلْ لَكَ عَلَيْهِ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا. " أَيْ تَقُوم بِإِصْلَاحِهَا , وَتَنْهَض إِلَيْهِ بِسَبَبِها، علاقة مالية ".قَالَ: لَا، غَيْرَ أَنِّي أَحْبَبْتُهُ فِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.قَالَ: فَإِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكَ بِأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهُ فِيهِ)). رواه مسلم.
▌╣◄المفتاح الرابع:من مفاتيح القلوب: تقديم الهدية: فالهدية لها أثر عجيب، في قلوب الآخرين فلذلك قال : ((تهادوا تحابوا)). حسنه الألباني.وعن أنس قال: " يا بني! تبادلوا بينكم -يعني الهدايا- ؛ فإنه أودّ لما بينكم". فهي تسل السخيمة, وتجلب المودة، وتزرع المحبة، وتنفي الضغينة, وتصّير البعيد قريباً، والعدو صديقاً، والبغيض ولياً، والثقيل خفيفاً 0
▌╣◄المفتاح الخامس:من مفاتيح القلوب أيضاً الإحسان إلى الناس وقضاء حوائجهم، فقد جبلت القلوب على الميل لمن أحسن إليها، وقال عمر بن الخطاب لسعيد بن عامر "وكان واليا على الشام":ما لأهل الشام يحبونك.فقال :لأني أعاونهم وأواسيهم.والإحسان إلى الناس ليس فقط طريقاً لمحبتهم، وإنما هو أيضاً محبة الله لهذا المحسن، ((أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللهِ أَنْفَعُهُمْ للناس)).حسنه الألباني. }وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ{[البقرة:195].فهذا السخاء يأسر القلوب ..عَنْ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ:(( أَعْطَانِي رَسُولُ اللَّهِ r يَوْمَ حُنَيْنٍ وَإِنَّهُ لَأَبْغَضُ الْخَلْقِ إِلَيَّ، فَمَا زَالَ يُعْطِينِي حَتَّى إِنَّهُ لَأَحَبُّ الْخَلْقِ إِلَيَّ)). رواه الترمذي وصححه الألباني.وقال الحسن: " مَنْ بَذلَ دِرهَمَهُ أحبهُ الناسُ طَوْعاً وكَرْهاً ".ثم إدخال السرور عليهم، مما يجمعهم عليك، وأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مؤمن، وهذه عبادة، ولو كانت بطرفة تفرج به عن أساريره إذ اجتمعت عليه أسباب الكرب وغموم الدنيا، وهي سنة عمرية مع النبي -r- لما أشيع أنه طلّق زوجاته.وأما إطعام الطعام ودعوة الناس إليه، فإنه أيضاً مما يجعل ما بينهم محبة لمن أطعمهم، يجعل فيهم محبة لمن أطعمهم0
▌╣◄المفتاح السادس:من مفاتيح القلوب وكسب محبة الناس:الزهد في الدنيا، وقد جاء رجل كان له همّ في هذا الجانب إلى النبي -r- فقال:يَا رَسُولَ اللَّهِ دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ إِذَا أَنَا عَمِلْتُهُ أَحَبَّنِي اللَّهُ وَأَحَبَّنِي النَّاسُ.فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r:((ازْهَدْ فِي الدُّنْيَا يُحِبَّكَ اللَّهُ، وَازْهَدْ فِيمَا فِي أَيْدِي النَّاسِ يُحِبُّوكَ))رواه ابن ماجه فمن سأل الناس ما بأيديهم كرهوه وأبغضوه لأن المال محبوب للناس، فإذا نازعتهم في محبوبهم حصل ما حصل من النفرة، فإذا استغنيت عن ما في أيديهم اجتمعوا عليك وأقبلوا.قال أعرابيٌّ لأهل البصرة:من سيِّدُ أهل هذه القرية ؟ قالوا :الحسن .قال :بما سادهم ؟ قالوا:احتاجَ الناسُ إلى علمه، واستغنى هو عن دنياه،وكتب أبو الدرداء إلى بعض إخوانه:"أما بعد فإني أوصيك بتقوى الله، والزهد في الدنيا والرغبة فيما عند الله، فإنك إذا فعلت ذلك أحبك الله لرغبتك فيما عنده، وأحبك الناس لتركك لهم دنياهم، والسلام "
▌╣◄المفتاح السابع:من مفاتيح القلوب :ـ وممن يستجلب مودة القلوب أيضاً حسن السمت وحسن اللباس وطيب الرائحة،((إن الله جميل يحب الجمال)) رواه مسلم.وقال عمر ابن الخطاب رضي الله عنه: " إنه ليعجبني الشاب الناسك، نظيف الثوب، طيب الريح".فكيف بمن يأتي بيت الله بثوب النوم دون أدنى إزالة بما علق به، من بعد قيامه من النوم . .وقد أوصى أحد السلف ابنه فقال له: "يا بني، إن أباك قد فني وهو حي، وعاش حتى سئم العيش، وإني موصيك بما إن حفظته بلغت في قومك ما بلغته.فاحفظ عني: ألن جانبك لقومك يحبوك، وتواضع لهم يرفعوك، وابسط لهم وجهك يطيعوك، ولا تستأثر عليهم بشيء يسودوك؛ وأكرم صغارهم كما تكرم كبارهم يكرمك كبارهم ويكبر على مودتك صغارهم، واسمح بمالك، واحم حريمك، وأعزز جارك، وأعن من استعان بك، وأكرم ضيفك0
▌╣◄المفتاح الثامن:من مفاتيح القلوب حسن الإصغاء،"كان -عليه الصلاة والسلام- إذا حدث أحد التفت إليه بوجهه وأصغى إليه،ولا يقطع عليه كلام . قال عطاء:"إِنَّ الرَّجُلَ لَيُحَدِّثُنِي بِالحَدِيْثِ، فَأُنْصِتُ لَهُ كَأَنِّي لَمْ أَسَمَعْهُ، وَقَدْ سَمِعْتُهُ قَبْلَ أَنْ يُوْلَدَ". وإظهار التوقير والاحترام للناس، وإنزال الناس منازلهم كذلك مما يجمع المحبة في القلب لهذا الذي أعطي الفخر الذي في نفسه، وقد استعمل النبي -عليه الصلاة والسلام- هذا مع سادات الجاهلية كالأقرع بن حابس، وأبي سفيان، وعيينة بن حصن، وثمامة بن أثال. وهكذا فأسلموا ودخلوا في الدين، يدخل عليه هذا فيكرمه ويبسط له ثوبه، ويؤثره بالوسادة التي عنده، وهذا يقول:((من دخل دار أبي سفيان فهو آمن))
ثلاث تكسبك محبة الناس: التواضع, والإهداء, والإصغاء.وحفظ الجوار أيضاً، فإنك إذا بذلت له ما بذلت، وعدته في مرضه، وعزيته في مصيبته، وهنأته في فرحته، وصفحت عن زلته، وسترت عورته، فإنه يحبك بلا ريب.ثم إن الثناء على الناس بالحق يستجلب القلوب أيضاً، وقد كان -عليه الصلاة والسلام- يثني على أصحابه بالحق، ليلفت أنظار الآخرين ما تميز به فلان وفلان.فإذاً مدحه بالحق، وكانت شهادة بغير طلب،وليست كما يفعل اليوم من طلب المدح واستجلابه بالمال،ثم الدعاء بالشكر، إذا قصرت يداك بالمكافأة فليطل لسانك بالشكر والدعاء، وحسن الكلام والكلمة الطيبة، له أثر في تأليف القلوب واستجلاب المحبة، كسبت مطلقة زوجها مرة أخرى بحلاوة منطقها وطيب خلقها، فقد طلق الحسن بن علي امرأتين – رضي الله عنه ورحمه - وقال أحد الصالحين: "لا يكسب محبة الناس في هذا الزمان إلا رجل خفيف المؤونة عليهم، وأحسَنَ القولَ فيهم، وأطابَ العشرة معهم ". كم تأتي هذه الكلمة الطيبة بحسناتٍ تجمع القلوب، وتسوي صفوفاً قد تمزقت، وتزيل أحقاداً في نفوسٍ قد اجتمعت0
أيها الإخوة المؤمنون: بقيت في هذا الموضوع بقية،نسأل الله أن يوفّقنا لاستكمالها في الخطبة الثانية إن شاء الله تعالى ،وقد قلت ما قلت إن صوابًا فمن الله، وإن خطأ فمن نفسي والشيطان، اللهم حسّن أخلاقنا، واجمع على الحق كلمتنا، اللهم هيئ لنا من أمرنا رشدا،أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الحمد لله رب العالمين،ألف بين قلوب عباده المؤمنين فجعلهم إخوة متحابين ،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،أمرنا أن نعتصم بحبل الله أجمعين،وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله الصادق الأمين الذي آخى بين الأنصار والمهاجرين فصاروا إخوة في الدين0أما بعد:-أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل،وأحثكم على طاعته وطاعة رسوله r
▌╣◄المفتاح التاسع من مفاتيح القلوب: إنزال الناس منازلهم، وإشباع ما في نفوسهم من أمورٍ لا تتعارض مع الشرع، بل هي من المداراة، و((إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم))،ورحمة الصغير،ومراعاة الطبائع، مراعاة الطبائع تستجلب المحبة، وقد قسم الله الأخلاق كما قسم الأرزاق، فمن الناس من هو هيّن ليّن يترقرق البشر من وجهه، ومنه من هو فضّ صعب المراس كأنما قُدّ وقطع من صخر، ومنهم من هو مبتغي بين ذلك سبيلا، قال -عليه الصلاة والسلام- ((إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ آدَمَ مِنْ قَبْضَةٍ قَبَضَهَا مِنْ جَمِيعِ الْأَرْضِ، فَجَاءَ بَنُو آدَمَ عَلَى قَدْرِ الْأَرْضِ، فَجَاءَ مِنْهُمْ الْأَحْمَرُ، وَالْأَبْيَضُ، وَالْأَسْوَدُ،- هذه ألوان الطين والتراب في العالم، جاء منها البشر، لكن أليس من الأرض صخرية ورملية وطينية تمسك ولا تمسك، وتخضر وقاحلة، مجذبة - وَبَيْنَ ذَلِكَ، وَالسَّهْلُ وَالْحَزْنُ، وَالْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ)). أبو داود, وصححه الألباني. يعني كذلك نفوس الناس الذين خلقوا من هذه القبضة التي هي من جميع الأرض جاءت نفوسهم بحسب طبائع هذه التربة التي خلقوا منها وبهذه يعلم أن معاملة الناس على حسب طبائعهم سنّة نبوية تستجلب القلوب، وقد عامل النبي -عليه الصلاة والسلام- أصنافاً من البشر كانت في نفوسهم صعوبات، وكانت فيها مشاكسات، وفي بعضهم شّدة وغلظة 0 ▌╣◄المفتاح العاشر من مفاتيح القلوب:ـالمدارة0فلقد علمنا نبينا -r- مداراة الناس، هذه التي تجعل العدو ولياً حميما، فعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَجُلًا اسْتَأْذَنَ عَلَى النَّبِيِّ r فَلَمَّا رَآهُ قَالَ: ((بِئْسَ أَخُو الْعَشِيرَةِ )) .– هذه فعلاً صفته من الذم -. فَلَمَّا جَلَسَ تَطَلَّقَ النَّبِيُّ r فِي وَجْهِهِ وَانْبَسَطَ إِلَيْهِ فَلَمَّا انْطَلَقَ الرَّجُلُ قَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ حِينَ رَأَيْتَ الرَّجُلَ قُلْتَ لَهُ كَذَا وَكَذَا ثُمَّ تَطَلَّقْتَ فِي وَجْهِهِ وَانْبَسَطْتَ إِلَيْهِ – يعني لما دخل وجلس إليك اختلف الكلام عن التعليق عليه قبل أن يدخل عليك - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: ((يَا عَائِشَةُ مَتَى عَهِدْتِنِي فَحَّاشًا إِنَّ شَرَّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ تَرَكَهُ النَّاسُ اتِّقَاءَ شَرِّهِ))رواه البخاري هذه المداراة لهؤلاء العتاة، من الذي يريد هدايتهم مهمة لجلبهم إلى طريق الحق.لم يتنازل النبي -r- عن شيءٍ من الدين، لم يقل عن باطلٍ أنه حق، أو عن حق أنه باطل، لم يغير الأحكام الشرعية من أجل هذا الرجل ولا من أجل غيره، المداراة شيء والمداهنة شيء آخر، المداراة لين الكلام، بشاشة الوجه،هدية،لأجل استمالة هؤلاء الأعداء،وهؤلاء العصاة، أما المداهنة فهي الثناء عليه بالباطل،وقول الباطل بين يديه ونحو ذلك، وأن الناس يحبون المتواضع وصاحب لين الجانب، }فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ{[المائدة: 54]. }فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ{[آل عمران: 159].فاللين هو الذي جمعهم عليه إذاً، وهذا التواضع أيضاً، وعندما تستقبل أخاك فتوسع له في المجلس، المزدحم لا يجد مكان يجلس فيه، وتدعوه بأحب الأسماء إليه، فإنه لا ينسى لك هذا المعروف، وقال ابن عباس رضي الله عنهما:" ثلاثة لا أُكافئهم – لا أستطيع أن أقابلهم في معروفهم -، رجل بدأني بالسلام، ورجل وسع لي في المجلس، ورجل اغبرت قدماه في المشي إليّ يريد السلام عليّ ".وهكذا يتودد الإنسان إلى هؤلاء الإخوان بما يستجلب قلوبهم واجتماع قلوب المؤمنين من مقاصد الشريعة لأن الشريعة تريد أن يكون المجتمع الإسلامي متآلفاً مجتمعاً، وأن يكون يداً واحدة ولذلك فإن استعمال هذه الأسباب الشرعية عظيم جداً، ومنه السماحة في المعاملة.((رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا سَمْحًا إِذَا بَاعَ وَإِذَا اشْتَرَى وَإِذَا اقْتَضَى)). رواه البخاري يعني طالب بحقه وطالب بدينه، وهكذا التنازل عن الحقوق، وهكذا أيضاً العفو والصفح، ولا تستوي الحسنة }وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ{[فصلت: 34] فإذا قطعوك صلهم، وإذا أساءوا إليك فأحسن إليهم، وإذا ظلموك فاعف عنهم، وإذا اشتدوا عليك فعاملهم باللين، وإذا هجروك فاقترب منهم، طيب الكلام مع بذل السلام، مع الدعوة للطعام، تأتي بالنتائج العظام، وما زاد الله عبداً بعفوٍ إلا عزاً، }وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ{[ آل عمران: 134]،وكان بين حسن بن الحسن، وبين ابن عمه علي بن الحسين شيء من الخصومة، فما ترك حسن شيئاً إلا قاله( يعني من السب والشتم)،وعلي ساكت، فذهب حسن، فلما كان في الليل، أتاه علي بن الحسين فقال له: يا ابن عمي إن كنت صادقا فغفر الله لي، وإن كنت كاذبا، فغفر الله لك، والسلام عليك. فالتزمه حسن، وبكى حتى رُثي له .وقال معاوية: يا بني أمية فارقوا قريشا بالحلم، فو الله لقد كنت ألقى الرجل في الجاهلية فيوسعني شتما، وأوسعه حلما، فأرجع وهو لي صديق، إن استنجدته أنجدني، وأثور به فيثور معي، وما وَضع الحلم عن شريف شرفه ولا زاده إلا كرما أيها المسلمون:من الناس من يحاول أن يفتح القلوب بوسائل محرمة، كالسحر ومنه الصرف والعطف، كالرشوة، كالظلم إرضاء لمن يريد استمالته، فيظلم آخرين من أجله، المدح الكاذب والنفاق، والثناء بغير حق،الإسراف في الولائم من أجله، النميمة له ليتقرب إليه ويتحبب على حساب من نّم عنهم وظلمهم، السكوت عن منكراتهم. كَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنْ اكْتُبِي إِلَيَّ كِتَابًا تُوصِينِي فِيهِ وَلَا تُكْثِرِي عَلَيَّ.فَكَتَبَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا إِلَى مُعَاوِيَةَ: سَلَامٌ عَلَيْكَ أَمَّا بَعْدُ: فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ r يَقُولُ:((مَنْ الْتَمَسَ رِضَا اللَّهِ بِسَخَطِ النَّاسِ كَفَاهُ اللَّهُ مُؤْنَةَ النَّاسِ، وَمَنْ الْتَمَسَ رِضَا النَّاسِ بِسَخَطِ اللَّهِ وَكَلَهُ اللَّهُ إِلَى النَّاسِ)) وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ رواه الترمذي وصححه الألباني.إرضاء الله ثم إرضاء الله ثم إرضاء الله .أسال الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يرزقني وإياكم والمسلمين سلامة الصدر وطهارة القلب وأن يعصمنا من الفتن وان نصون الألسن وان لانفتن ولا نفتن يارب العالمين. اللهم إنا نعوذ بك من شر أسماعنا ،ومن شر أبصارنا ، ومن شر ألسنتنا ،ومن شر قلوبنا يارب العالمين0ألا وصلّوا وسلِّموا ـ رحمكم الله ـ على الهادي البشير والسراج المنير، سيِّد الأوّلين والآخرين ورحمة الله للعالمين، الرحمةِ المهداة والنعمة المسداة، نبيّكم محمد بن عبد الله، كما أمركم ربّكم جلّ في علاه0 قال تعالى في أصدق قيله ومحكمِ تنزيله }:إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً{ اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى اله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً اللهم ارض عن خلفائه الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن سائر الصحابة أجمعين وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم بمنك وكرمك ورحمتك يا ارحم الراحمين اللهم اعز الإسلام والمسلمين واحمي حوزة الدين واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً رخاءً وسائر بلاد المسلمين يا رب العالمين،اللهم آمنا في أوطاننا ،وأصلح اللهم ولاة أمورنا،اللهم أحفظ إمامنا وأيده بالحق والتوفيق والتأييد والتسديد،ووفقه لما تحب وترضى،وخذ بناصيته للبر والتقوى، وأيده بالحق وأيد الحق به, وأعز به دينك وأعلِ به كلمتك، واجعله نصرة لأوليائك، واجمع به كلمة المسلمين على الحق يارب العالمين اللهم وارزقه البطانة الصالحة الناصحة ووفق اللهم إخوانه وأعوانه إلى مافيه خير البلاد والعباد.اللهم وفق ولاة أمور المسلمين للعمل بكتابك وإتباع سنة نبيك محمد r، واجعلهم رحمة لعبادك المؤمنين، واجمعهم على الحق يارب العالمين ،اللهم طهر قلوبنا من النفاق وأعمالنا من الرياء وألسنتنا من الكذب وأعيننا من الخيانة، اللهم طهر قلوبنا من النفاق والشقاق، وسوء الأخلاق ،اللهم أهدنا لأحسن الأخلاق، فانه لا يهدي لأحسنها إلا أنت واصرف عنا سيئها فانه لا يصرف عنا سيئها إلا أنت، اللهم آتي نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها0}رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ{ } رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ{ }سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ $وَسَلَامٌ عَلَى المُرْسَلِينَ $وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ { وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون0
إنا وإن لم يكن بيننا نسب | فرتبة الودِ تعلو رتبة النسب |
هذه إذا تفكر فيها الإنسان وجدها من جذوة الإيمان
ولَقَدْ صَحِبْتُ الناسَ ثُمَّ سَبَرْتُهُمْ | وبَلَوْتُ ما وَصلُوا منَ الأسبابِ | |
فإذا القَرابَةُ لا تُقـــــَرِّبُ قاطِعاً | وإذا المَوَدَّةُ أقـــربُ الأسبـــابِ |
وحرّم على النار كما قال -عليه الصلاة والسلام- : ((حُرِّمَ عَلَى النَّارِ كُلُّ هَيِّنٍ، لَيِّنٍ، سَهْلٍ، قَرِيبٍ مِنْ النَّاسِ)) أحمد وصححه الألباني .وأخبر -r- فقال : ((الْمُؤْمِنُ آَلِفٌ مَأْلُوفٌ، وَلَا خَيْرَ فِيمَنْ لَا يَأْلَفُ وَلَا يُؤْلَفُ )) وحسنه في الصحيحة قال ميمون بن مهران: "التودد إلى الناس نصف العقل ".
أيها المسلمون:لا يستطيع الإنسان أن يعيش في معزل عن الناس والإنسان اجتماعي بطبعه لكن ما هي الوسائل التي يتبعها حتى يجذب قلوب الناس إليه ليعيش معهم عيشة السعداء ، إن هناك مفاتيح للقلوب تفتحها مهما كان إغلاقها ، وهذه المفاتيح هي وسائل وفضائل تستعطف بها القلوب، وتستر بها العيوب وتستقال بها العثرات، وهي صفات لها أثر سريع وفعّال على القلوب، إذا تحلى بها الإنسان عاش بين أهله ومجتمعه في أعلى مكان0 ومن هذه المفاتيح 0
▌╣◄المفتاح الأول من مفاتيح القلوب : الابتسامة والبشاشة وطلاقة الوجه،وهذا الذي أخبر به-عليه الصلاة والسلام-بقوله:((لَا تَحْقِرَنَّ مِنْ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ)) رواه مسلم.إن نور الوجه حين يبتسم يجعل القلب أسيراً في رضاه،وهذه الابتسامة طيبة، كلمة من غير حروف،لا تكلف كثيراً لكنها تعني الكثير0
▌╣◄المفتاح الثاني :من مفاتيح القلوب: إفشاء السلام، ولذلك قال -عليه الصلاة والسلام- ((لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَوَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ: أَفْشُوا – إفشاء،إعلان، إشهار، نشر، إكثار، ممارسة عملية، باستمرار -السَّلَامَ بَيْنَكُمْ)).رواه مسلم أنه يغرس المحبة، ويزيل العداوة، قال الحسن البصري :"المصافحة تزيد في المودة".قال بعض السلف : " تَصَافَحُوا يَذْهَبُ الْغِلُّ " وقال إبراهيم بن محمد بن عبد العزيز الزهري: خرَجتْ لأبي جائزته " من الخليفة، من بيت المال "، فأمرني أن أكتب خاصته وأهل بيته – يدون الأسماء، لأن توزيع ما يأتي من الرزق كان من سنن السلف-، ففعلتُ. فقال لي: تَذَكَّر، هل بقي أحد أغفلناه.قلت: لا .قال: بلى، رجل لقيني فسلم علي سلاماً جميلاً، صفته كذا وكذا، اكتب له عشرة دنانير . ▌╣◄المفتاح الثالث:من مفاتيح القلوب: الزيارة في الله:وقد كان من هديه -عليه الصلاة والسلام- أن يزور أصحابه،عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ r (( أَنَّ رَجُلًا زَارَ أَخًا لَهُ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى فَأَرْصَدَ اللَّهُ لَهُ عَلَى مَدْرَجَتِهِ مَلَكًا.فَلَمَّا أَتَى عَلَيْهِ قَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ.قَالَ: أُرِيدُ أَخًا لِي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ.قَالَ: هَلْ لَكَ عَلَيْهِ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا. " أَيْ تَقُوم بِإِصْلَاحِهَا , وَتَنْهَض إِلَيْهِ بِسَبَبِها، علاقة مالية ".قَالَ: لَا، غَيْرَ أَنِّي أَحْبَبْتُهُ فِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.قَالَ: فَإِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكَ بِأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهُ فِيهِ)). رواه مسلم.
مَنْ زَارَ غِبًّا أَخًا دَامَتْ مَوَدَّتُهُ | وَكَانَ ذَاكَ صَلَاحًا لِلْخَلِيلَيْنِ |
▌╣◄المفتاح الرابع:من مفاتيح القلوب: تقديم الهدية: فالهدية لها أثر عجيب، في قلوب الآخرين فلذلك قال : ((تهادوا تحابوا)). حسنه الألباني.وعن أنس قال: " يا بني! تبادلوا بينكم -يعني الهدايا- ؛ فإنه أودّ لما بينكم". فهي تسل السخيمة, وتجلب المودة، وتزرع المحبة، وتنفي الضغينة, وتصّير البعيد قريباً، والعدو صديقاً، والبغيض ولياً، والثقيل خفيفاً 0
▌╣◄المفتاح الخامس:من مفاتيح القلوب أيضاً الإحسان إلى الناس وقضاء حوائجهم، فقد جبلت القلوب على الميل لمن أحسن إليها، وقال عمر بن الخطاب لسعيد بن عامر "وكان واليا على الشام":ما لأهل الشام يحبونك.فقال :لأني أعاونهم وأواسيهم.والإحسان إلى الناس ليس فقط طريقاً لمحبتهم، وإنما هو أيضاً محبة الله لهذا المحسن، ((أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللهِ أَنْفَعُهُمْ للناس)).حسنه الألباني. }وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ{[البقرة:195].فهذا السخاء يأسر القلوب ..عَنْ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ:(( أَعْطَانِي رَسُولُ اللَّهِ r يَوْمَ حُنَيْنٍ وَإِنَّهُ لَأَبْغَضُ الْخَلْقِ إِلَيَّ، فَمَا زَالَ يُعْطِينِي حَتَّى إِنَّهُ لَأَحَبُّ الْخَلْقِ إِلَيَّ)). رواه الترمذي وصححه الألباني.وقال الحسن: " مَنْ بَذلَ دِرهَمَهُ أحبهُ الناسُ طَوْعاً وكَرْهاً ".ثم إدخال السرور عليهم، مما يجمعهم عليك، وأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مؤمن، وهذه عبادة، ولو كانت بطرفة تفرج به عن أساريره إذ اجتمعت عليه أسباب الكرب وغموم الدنيا، وهي سنة عمرية مع النبي -r- لما أشيع أنه طلّق زوجاته.وأما إطعام الطعام ودعوة الناس إليه، فإنه أيضاً مما يجعل ما بينهم محبة لمن أطعمهم، يجعل فيهم محبة لمن أطعمهم0
▌╣◄المفتاح السادس:من مفاتيح القلوب وكسب محبة الناس:الزهد في الدنيا، وقد جاء رجل كان له همّ في هذا الجانب إلى النبي -r- فقال:يَا رَسُولَ اللَّهِ دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ إِذَا أَنَا عَمِلْتُهُ أَحَبَّنِي اللَّهُ وَأَحَبَّنِي النَّاسُ.فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r:((ازْهَدْ فِي الدُّنْيَا يُحِبَّكَ اللَّهُ، وَازْهَدْ فِيمَا فِي أَيْدِي النَّاسِ يُحِبُّوكَ))رواه ابن ماجه فمن سأل الناس ما بأيديهم كرهوه وأبغضوه لأن المال محبوب للناس، فإذا نازعتهم في محبوبهم حصل ما حصل من النفرة، فإذا استغنيت عن ما في أيديهم اجتمعوا عليك وأقبلوا.قال أعرابيٌّ لأهل البصرة:من سيِّدُ أهل هذه القرية ؟ قالوا :الحسن .قال :بما سادهم ؟ قالوا:احتاجَ الناسُ إلى علمه، واستغنى هو عن دنياه،وكتب أبو الدرداء إلى بعض إخوانه:"أما بعد فإني أوصيك بتقوى الله، والزهد في الدنيا والرغبة فيما عند الله، فإنك إذا فعلت ذلك أحبك الله لرغبتك فيما عنده، وأحبك الناس لتركك لهم دنياهم، والسلام "
▌╣◄المفتاح السابع:من مفاتيح القلوب :ـ وممن يستجلب مودة القلوب أيضاً حسن السمت وحسن اللباس وطيب الرائحة،((إن الله جميل يحب الجمال)) رواه مسلم.وقال عمر ابن الخطاب رضي الله عنه: " إنه ليعجبني الشاب الناسك، نظيف الثوب، طيب الريح".فكيف بمن يأتي بيت الله بثوب النوم دون أدنى إزالة بما علق به، من بعد قيامه من النوم . .وقد أوصى أحد السلف ابنه فقال له: "يا بني، إن أباك قد فني وهو حي، وعاش حتى سئم العيش، وإني موصيك بما إن حفظته بلغت في قومك ما بلغته.فاحفظ عني: ألن جانبك لقومك يحبوك، وتواضع لهم يرفعوك، وابسط لهم وجهك يطيعوك، ولا تستأثر عليهم بشيء يسودوك؛ وأكرم صغارهم كما تكرم كبارهم يكرمك كبارهم ويكبر على مودتك صغارهم، واسمح بمالك، واحم حريمك، وأعزز جارك، وأعن من استعان بك، وأكرم ضيفك0
▌╣◄المفتاح الثامن:من مفاتيح القلوب حسن الإصغاء،"كان -عليه الصلاة والسلام- إذا حدث أحد التفت إليه بوجهه وأصغى إليه،ولا يقطع عليه كلام . قال عطاء:"إِنَّ الرَّجُلَ لَيُحَدِّثُنِي بِالحَدِيْثِ، فَأُنْصِتُ لَهُ كَأَنِّي لَمْ أَسَمَعْهُ، وَقَدْ سَمِعْتُهُ قَبْلَ أَنْ يُوْلَدَ". وإظهار التوقير والاحترام للناس، وإنزال الناس منازلهم كذلك مما يجمع المحبة في القلب لهذا الذي أعطي الفخر الذي في نفسه، وقد استعمل النبي -عليه الصلاة والسلام- هذا مع سادات الجاهلية كالأقرع بن حابس، وأبي سفيان، وعيينة بن حصن، وثمامة بن أثال. وهكذا فأسلموا ودخلوا في الدين، يدخل عليه هذا فيكرمه ويبسط له ثوبه، ويؤثره بالوسادة التي عنده، وهذا يقول:((من دخل دار أبي سفيان فهو آمن))
ثلاث تكسبك محبة الناس: التواضع, والإهداء, والإصغاء.وحفظ الجوار أيضاً، فإنك إذا بذلت له ما بذلت، وعدته في مرضه، وعزيته في مصيبته، وهنأته في فرحته، وصفحت عن زلته، وسترت عورته، فإنه يحبك بلا ريب.ثم إن الثناء على الناس بالحق يستجلب القلوب أيضاً، وقد كان -عليه الصلاة والسلام- يثني على أصحابه بالحق، ليلفت أنظار الآخرين ما تميز به فلان وفلان.فإذاً مدحه بالحق، وكانت شهادة بغير طلب،وليست كما يفعل اليوم من طلب المدح واستجلابه بالمال،ثم الدعاء بالشكر، إذا قصرت يداك بالمكافأة فليطل لسانك بالشكر والدعاء، وحسن الكلام والكلمة الطيبة، له أثر في تأليف القلوب واستجلاب المحبة، كسبت مطلقة زوجها مرة أخرى بحلاوة منطقها وطيب خلقها، فقد طلق الحسن بن علي امرأتين – رضي الله عنه ورحمه - وقال أحد الصالحين: "لا يكسب محبة الناس في هذا الزمان إلا رجل خفيف المؤونة عليهم، وأحسَنَ القولَ فيهم، وأطابَ العشرة معهم ". كم تأتي هذه الكلمة الطيبة بحسناتٍ تجمع القلوب، وتسوي صفوفاً قد تمزقت، وتزيل أحقاداً في نفوسٍ قد اجتمعت0
أيها الإخوة المؤمنون: بقيت في هذا الموضوع بقية،نسأل الله أن يوفّقنا لاستكمالها في الخطبة الثانية إن شاء الله تعالى ،وقد قلت ما قلت إن صوابًا فمن الله، وإن خطأ فمن نفسي والشيطان، اللهم حسّن أخلاقنا، واجمع على الحق كلمتنا، اللهم هيئ لنا من أمرنا رشدا،أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية: مفاتيح القلوب
الحمد لله رب العالمين،ألف بين قلوب عباده المؤمنين فجعلهم إخوة متحابين ،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،أمرنا أن نعتصم بحبل الله أجمعين،وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله الصادق الأمين الذي آخى بين الأنصار والمهاجرين فصاروا إخوة في الدين0أما بعد:-أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل،وأحثكم على طاعته وطاعة رسوله r
▌╣◄المفتاح التاسع من مفاتيح القلوب: إنزال الناس منازلهم، وإشباع ما في نفوسهم من أمورٍ لا تتعارض مع الشرع، بل هي من المداراة، و((إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم))،ورحمة الصغير،ومراعاة الطبائع، مراعاة الطبائع تستجلب المحبة، وقد قسم الله الأخلاق كما قسم الأرزاق، فمن الناس من هو هيّن ليّن يترقرق البشر من وجهه، ومنه من هو فضّ صعب المراس كأنما قُدّ وقطع من صخر، ومنهم من هو مبتغي بين ذلك سبيلا، قال -عليه الصلاة والسلام- ((إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ آدَمَ مِنْ قَبْضَةٍ قَبَضَهَا مِنْ جَمِيعِ الْأَرْضِ، فَجَاءَ بَنُو آدَمَ عَلَى قَدْرِ الْأَرْضِ، فَجَاءَ مِنْهُمْ الْأَحْمَرُ، وَالْأَبْيَضُ، وَالْأَسْوَدُ،- هذه ألوان الطين والتراب في العالم، جاء منها البشر، لكن أليس من الأرض صخرية ورملية وطينية تمسك ولا تمسك، وتخضر وقاحلة، مجذبة - وَبَيْنَ ذَلِكَ، وَالسَّهْلُ وَالْحَزْنُ، وَالْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ)). أبو داود, وصححه الألباني. يعني كذلك نفوس الناس الذين خلقوا من هذه القبضة التي هي من جميع الأرض جاءت نفوسهم بحسب طبائع هذه التربة التي خلقوا منها وبهذه يعلم أن معاملة الناس على حسب طبائعهم سنّة نبوية تستجلب القلوب، وقد عامل النبي -عليه الصلاة والسلام- أصنافاً من البشر كانت في نفوسهم صعوبات، وكانت فيها مشاكسات، وفي بعضهم شّدة وغلظة 0 ▌╣◄المفتاح العاشر من مفاتيح القلوب:ـالمدارة0فلقد علمنا نبينا -r- مداراة الناس، هذه التي تجعل العدو ولياً حميما، فعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَجُلًا اسْتَأْذَنَ عَلَى النَّبِيِّ r فَلَمَّا رَآهُ قَالَ: ((بِئْسَ أَخُو الْعَشِيرَةِ )) .– هذه فعلاً صفته من الذم -. فَلَمَّا جَلَسَ تَطَلَّقَ النَّبِيُّ r فِي وَجْهِهِ وَانْبَسَطَ إِلَيْهِ فَلَمَّا انْطَلَقَ الرَّجُلُ قَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ حِينَ رَأَيْتَ الرَّجُلَ قُلْتَ لَهُ كَذَا وَكَذَا ثُمَّ تَطَلَّقْتَ فِي وَجْهِهِ وَانْبَسَطْتَ إِلَيْهِ – يعني لما دخل وجلس إليك اختلف الكلام عن التعليق عليه قبل أن يدخل عليك - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: ((يَا عَائِشَةُ مَتَى عَهِدْتِنِي فَحَّاشًا إِنَّ شَرَّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ تَرَكَهُ النَّاسُ اتِّقَاءَ شَرِّهِ))رواه البخاري هذه المداراة لهؤلاء العتاة، من الذي يريد هدايتهم مهمة لجلبهم إلى طريق الحق.لم يتنازل النبي -r- عن شيءٍ من الدين، لم يقل عن باطلٍ أنه حق، أو عن حق أنه باطل، لم يغير الأحكام الشرعية من أجل هذا الرجل ولا من أجل غيره، المداراة شيء والمداهنة شيء آخر، المداراة لين الكلام، بشاشة الوجه،هدية،لأجل استمالة هؤلاء الأعداء،وهؤلاء العصاة، أما المداهنة فهي الثناء عليه بالباطل،وقول الباطل بين يديه ونحو ذلك، وأن الناس يحبون المتواضع وصاحب لين الجانب، }فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ{[المائدة: 54]. }فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ{[آل عمران: 159].فاللين هو الذي جمعهم عليه إذاً، وهذا التواضع أيضاً، وعندما تستقبل أخاك فتوسع له في المجلس، المزدحم لا يجد مكان يجلس فيه، وتدعوه بأحب الأسماء إليه، فإنه لا ينسى لك هذا المعروف، وقال ابن عباس رضي الله عنهما:" ثلاثة لا أُكافئهم – لا أستطيع أن أقابلهم في معروفهم -، رجل بدأني بالسلام، ورجل وسع لي في المجلس، ورجل اغبرت قدماه في المشي إليّ يريد السلام عليّ ".وهكذا يتودد الإنسان إلى هؤلاء الإخوان بما يستجلب قلوبهم واجتماع قلوب المؤمنين من مقاصد الشريعة لأن الشريعة تريد أن يكون المجتمع الإسلامي متآلفاً مجتمعاً، وأن يكون يداً واحدة ولذلك فإن استعمال هذه الأسباب الشرعية عظيم جداً، ومنه السماحة في المعاملة.((رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا سَمْحًا إِذَا بَاعَ وَإِذَا اشْتَرَى وَإِذَا اقْتَضَى)). رواه البخاري يعني طالب بحقه وطالب بدينه، وهكذا التنازل عن الحقوق، وهكذا أيضاً العفو والصفح، ولا تستوي الحسنة }وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ{[فصلت: 34] فإذا قطعوك صلهم، وإذا أساءوا إليك فأحسن إليهم، وإذا ظلموك فاعف عنهم، وإذا اشتدوا عليك فعاملهم باللين، وإذا هجروك فاقترب منهم، طيب الكلام مع بذل السلام، مع الدعوة للطعام، تأتي بالنتائج العظام، وما زاد الله عبداً بعفوٍ إلا عزاً، }وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ{[ آل عمران: 134]،وكان بين حسن بن الحسن، وبين ابن عمه علي بن الحسين شيء من الخصومة، فما ترك حسن شيئاً إلا قاله( يعني من السب والشتم)،وعلي ساكت، فذهب حسن، فلما كان في الليل، أتاه علي بن الحسين فقال له: يا ابن عمي إن كنت صادقا فغفر الله لي، وإن كنت كاذبا، فغفر الله لك، والسلام عليك. فالتزمه حسن، وبكى حتى رُثي له .وقال معاوية: يا بني أمية فارقوا قريشا بالحلم، فو الله لقد كنت ألقى الرجل في الجاهلية فيوسعني شتما، وأوسعه حلما، فأرجع وهو لي صديق، إن استنجدته أنجدني، وأثور به فيثور معي، وما وَضع الحلم عن شريف شرفه ولا زاده إلا كرما أيها المسلمون:من الناس من يحاول أن يفتح القلوب بوسائل محرمة، كالسحر ومنه الصرف والعطف، كالرشوة، كالظلم إرضاء لمن يريد استمالته، فيظلم آخرين من أجله، المدح الكاذب والنفاق، والثناء بغير حق،الإسراف في الولائم من أجله، النميمة له ليتقرب إليه ويتحبب على حساب من نّم عنهم وظلمهم، السكوت عن منكراتهم. كَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنْ اكْتُبِي إِلَيَّ كِتَابًا تُوصِينِي فِيهِ وَلَا تُكْثِرِي عَلَيَّ.فَكَتَبَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا إِلَى مُعَاوِيَةَ: سَلَامٌ عَلَيْكَ أَمَّا بَعْدُ: فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ r يَقُولُ:((مَنْ الْتَمَسَ رِضَا اللَّهِ بِسَخَطِ النَّاسِ كَفَاهُ اللَّهُ مُؤْنَةَ النَّاسِ، وَمَنْ الْتَمَسَ رِضَا النَّاسِ بِسَخَطِ اللَّهِ وَكَلَهُ اللَّهُ إِلَى النَّاسِ)) وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ رواه الترمذي وصححه الألباني.إرضاء الله ثم إرضاء الله ثم إرضاء الله .أسال الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يرزقني وإياكم والمسلمين سلامة الصدر وطهارة القلب وأن يعصمنا من الفتن وان نصون الألسن وان لانفتن ولا نفتن يارب العالمين. اللهم إنا نعوذ بك من شر أسماعنا ،ومن شر أبصارنا ، ومن شر ألسنتنا ،ومن شر قلوبنا يارب العالمين0ألا وصلّوا وسلِّموا ـ رحمكم الله ـ على الهادي البشير والسراج المنير، سيِّد الأوّلين والآخرين ورحمة الله للعالمين، الرحمةِ المهداة والنعمة المسداة، نبيّكم محمد بن عبد الله، كما أمركم ربّكم جلّ في علاه0 قال تعالى في أصدق قيله ومحكمِ تنزيله }:إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً{ اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى اله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً اللهم ارض عن خلفائه الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن سائر الصحابة أجمعين وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم بمنك وكرمك ورحمتك يا ارحم الراحمين اللهم اعز الإسلام والمسلمين واحمي حوزة الدين واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً رخاءً وسائر بلاد المسلمين يا رب العالمين،اللهم آمنا في أوطاننا ،وأصلح اللهم ولاة أمورنا،اللهم أحفظ إمامنا وأيده بالحق والتوفيق والتأييد والتسديد،ووفقه لما تحب وترضى،وخذ بناصيته للبر والتقوى، وأيده بالحق وأيد الحق به, وأعز به دينك وأعلِ به كلمتك، واجعله نصرة لأوليائك، واجمع به كلمة المسلمين على الحق يارب العالمين اللهم وارزقه البطانة الصالحة الناصحة ووفق اللهم إخوانه وأعوانه إلى مافيه خير البلاد والعباد.اللهم وفق ولاة أمور المسلمين للعمل بكتابك وإتباع سنة نبيك محمد r، واجعلهم رحمة لعبادك المؤمنين، واجمعهم على الحق يارب العالمين ،اللهم طهر قلوبنا من النفاق وأعمالنا من الرياء وألسنتنا من الكذب وأعيننا من الخيانة، اللهم طهر قلوبنا من النفاق والشقاق، وسوء الأخلاق ،اللهم أهدنا لأحسن الأخلاق، فانه لا يهدي لأحسنها إلا أنت واصرف عنا سيئها فانه لا يصرف عنا سيئها إلا أنت، اللهم آتي نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها0}رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ{ } رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ{ }سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ $وَسَلَامٌ عَلَى المُرْسَلِينَ $وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ { وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون0