إعداد وجمع وترتيب
عبد الله بن أحمد آل علاف الغامدي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين, الرحمن الرحيم, مالك يوم الدين,الحمد لله القائل في محكم التنزيل ﭽ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔﭼ
الأنبياء: ١٠٧
والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على سيد ولد آدم, المبعوث رحمة للعالمين والقائل :(أنا سيِّدُ ولدِ آدم يوم القيامة، وأوّلُ مَن تنشَقُّ عنه الأرض، وأولُ شافع ومُشفَّع). «رواه مسلم»
صلاة وسلاما متعاقبين متلازمين إلى يوم الدين .. وبعد ,,
فواجبنا نحو النبي ﷺ يتمثل في الإيمان به وبما جاء به من القرآن الكريم والسنة الصحيحة , وتطبيق ذلك في حياتنا .
ورغبة مني في توعية اخواني واخواتي من المسلمين والمسلمات بهذا الواجب جمعت هذه الوريقات التي تشتمل على:
1. واجبنا نحو الرسول ﷺ .
2. حقوق النبي ﷺ على أمته.
3. الرسول ﷺ كأنك تراه.
4. من فضائل الرسول ﷺ.
5. من أخلاق الرسول ﷺ.
6. من أحاديث النبي ﷺ في الأخلاق.
7. التحلي بأخلاق الرسول ﷺ .
أسأل الله تعالى أن ينفع بها كل من قرأها أو سمعها أو أفاد منها أو طبعها ونشرها ووزعها بين المسلمين, وأتمنى أن يكون هناك من يعمل على ترجمتها والدلالة عليها, ولن يحرموا الأجر ـ إن شاء الله ـ فقد قال المصطفى ﷺ:(الدال على الخير كفاعله ).
هذا وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ,,
وكتبه
عبد الله بن أحمد ال علاف الغامدي
الطائف ــ وادي وج
الجمعة : 21 / 1 /1428 هـ
واجـبنا نحـو الرسـول ﷺ
إن للرسول ﷺ حقوقاً وواجبات إذا أدّاها المسلم نفعه الله به ، وأسعده بشفاعته ، وأكرمه بوُرود حوضه ، وسقاه مِن ماء كَوثره .
1ـ محبة الرسول ﷺ ، أكثر مِن النفس والأهل والمال والولد.
2ـ طاعته في كل ما أمر به مِن دعاء الله وحده ، والاستعانة به، والصدق والأمانة ، وحُسن الخلق ، وغير ذلك مما جاء في القرآن وأحاديثه الصحيحة .
3ـ التحذير مِن الشرك الذي حذَّر منه الرسول ﷺ ، وهو صَرفُ العبادة لغير الله ، كدعاء الأنبياء والأولياء وطلب المدد والعون منهم ، فقد قال ﷺ : ( مَن ماتَ وهوَ يدعو مِن دونِ الله نِدّاً دخلَ النار ) . [النِّد : الـمِثل والشريك] « رواه البخاري »
4ـ أن نؤمن بما أخبر به القرآن والرسول ﷺ ، مِن الصفات ، كَعُلُو الله على عرشه ، تحقيقاً لقوله تعالى:﴿ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ﴾« الأعلى : 1 » وقوله ﷺ : (إنَّ اللهَ كتبَ كتاباً فهو عِندهُ فوقَ العرش).« متفق عليه »
وأن الله مع عباده يَسمعهم ويراهم ويعلم أحوالهم لقوله تعالى :
﴿ قَالَ لَا تَـخَافَا إِنَّنِـي مَعَكُـمَا أَسْمَعُ وَأَرَى ﴾« طٰه : 46 »
5ـ إنَّ مِن واجب المسلمين أن يشكروا الله على بعثة ومولد الرسول الكريم ﷺ ، فيتمسكوا بسُنته ، ومنها صيام يوم الاثنين الذي سُئل عن صومه فقال : ( ذاك يوم وُلدت فيه، وفيه بُعثت ، وعليّ أُنزل ). [ أي القرآن ] . « رواه مسلم »
6ـ أمّا الاحتفال بيوم مولده ﷺ ، الذي أَحدثه المتأخرون ، فلم يَعرفه الرسول والصحابة والتابعون ولو كان الاحتفال خيراً لسبقونا إليه ، وأرشدنا إليه الرسول ﷺ ، كما أرشدنا في الحديث السابق إلى صوم يوم الاثنين الذي وُلد فيه ، علماً بأن الرسول ﷺ ، مات يوم الاثنين ، فليس الفرح بأولى مِن الـحُزن على موته ﷺ .
7ـ إن الأموال التي تُنفق في الاحتفالات ، لو أُنفقت في بيان شمائل الرسول ﷺ ، وسيرته ، وأخلاقه ، وأدبه ، وتواضعه ، ومعجزاته، وأحاديثه ، ودعوته للتوحيد التي بدأ بها رسالته وغيرها من الأمور النافعة ، لو فعل ذلك المسلمون لنصرهم الله كما نصر رسوله ﷺ .
8ـ إن المحـب الصادق للرسول ﷺ ، يهمه اِتباع أوامره ، والعمل بسُنته ، والحكم بقرآنه والإكثار مِن الصلاة عليه ﷺ .
حقوق النبي على أمته
للنبي الكريم صلّى الله عليه وسلّم حقوق على أمته وهي كثيرة, منها:
أولًا: الإيمان الصادق به صلّى الله عليه وسلّم، وتصديقه فيما أتى به:
قال تعالى:{فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ }[ سورة التغابن]. وقال تعالى:{فَآمِنُواْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}[سورة الأعراف].
وقال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}[سورة الحديد]. وقال تعالى:{وَمَن لَّمْ يُؤْمِن بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَعِيرًا }[سورة الفتح].
وقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَيُؤْمِنُوا بِي وَبِمَا جِئْتُ بِهِ] رواه مسلم.
والإيمان به صلّى الله عليه وسلّم هو: تصديق نبوته, وأن الله أرسله للجن والإنس, وتصديقه في جميع ما جاء به وقاله, ومطابقة تصديق القلب بذلك شهادة اللسان, بأنه رسول الله, فإذا اجتمع التصديق به بالقلب والنطق بالشهادة باللسان، ثم تطبيق ذلك العمل بما جاء به؛ تمَّ الإيمان به صلّى الله عليه وسلّم.
ثانيًا: وجوب طاعته صلّى الله عليه وسلّم، والحذر من معصيته:
فإذا وجب الإيمان به وتصديقه فيما جاء به وجبت طاعته؛ لأن ذلك مما أتى به, قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ }[سورة الأنفال].
وقال تعالى:{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا... }[سورة الحشر].
وقال تعالى:{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }[سورة النور].
وقال تعالى:{وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ}
[سورة النساء].
وعَنْ أَبَي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: [مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللَّهَ]رواه البخاري ومسلم. وعَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: [ كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ أَبَى] قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَنْ يَأْبَى قَالَ: [مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الْجَنَّةَ وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى] رواه البخاري.
ثالثًا: اتباعه صلّى الله عليه وسلّم، واتخاذه قدوة في جميع الأمور، والاقتداء بهديه:
قال تعالى: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }[سورة آل عمران].
وقال تعالى: {وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ }[سورة الأعراف].
فيجب السير على هديه والتزام سنته، والحذر من مخالفته, قال صلّى الله عليه وسلّم: [مَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي]
رواه البخاري ومسلم
رابعًا: محبته صلّى الله عليه وسلّم أكثر من الأهل والولد، والوالد، والناس أجمعين:
قال تعالى:{قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ }
[سورة التوبة].
وعَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ] متفق عليه
وقد ثبت في الحديث أن من ثواب محبته الاجتماع معه في الجنة:
وذلك عندما سأله رجل عن الساعة فقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [مَا أَعْدَدْتَ لَهَا] قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَعْدَدْتُ لَهَا كَبِيرَ صَلَاةٍ وَلَا صِيَامٍ وَلَا صَدَقَةٍ وَلَكِنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ قَالَ: [فَأَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ] رواه البخاري ومسلم.
ولما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه:' يَا رَسُولَ اللَّهِ لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا مِنْ نَفْسِي' فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [ لَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ] فَقَالَ لَهُ عُمَرُ:'فَإِنَّهُ الْآنَ وَاللَّهِ لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي' فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [الْآنَ يَا عُمَرُ]رواه البخاري.
و قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [ ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ بِهِنَّ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ مَنْ كَانَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ بَعْدَ أَنْ أَنْقَذَهُ اللَّهُ مِنْهُ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ] رواه البخاري ومسلم.
ولاشك أن من وفَّقه الله تعالى لذلك ذاق طعم الإيمان ووجد حلاوته, فيستلذ الطاعة ويتحمل المشاقّ في رضى الله عز وجل، ورسوله صلّى الله عليه وسلّم, ولا يسلك إلا ما يوافق شريعة محمد صلّى الله عليه وسلّم؛ لأنه رضي به رسولاً, وأحبه، ومن أحبه من قلبه صدقاً أطاعه صلّى الله عليه وسلّم؛ ولهذا قال القائل:
تعصي الإله وأنت تُظْهر حُبَّهُ *** هذا لعمري في القياسِ بديعُ
لو كان حُبَّكَ صادقاً لأطعته *** إن المُحبَّ لمن يُحِبُّ مُطيعُ
وعلامات محبته صلّى الله عليه وسلّم تظهر في الاقتداء به صلّى الله عليه وسلّم, واتباع سنته, وامتثال أوامره, واجتناب نواهيه, والتأدب بآدابه, في الشدة والرخاء, وفي العسر واليسر, ولا شك أن من أحب شيئاً آثره, وآثر موافقته, وإلا لم يكن صادقاً في حبه ويكون مدّعياً.
ولا شك أن من علامات محبته: النصيحة له؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [الدِّينُ النَّصِيحَةُ] قُلْنَا لِمَنْ قَالَ: [لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ ] رواه مسلم. والنصيحة لرسوله صلّى الله عليه وسلّم: التصديق بنبوته, وطاعته فيما أمر به, واجتناب ما نهى عنه, ومُؤازرته, ونصرته وحمايته حياً وميتاً, وإحياء سنته والعمل بها وتعلمها, وتعليمها والذب عنها, ونشرها, والتخلق بأخلاقه الكريمة, وآدابه الجميلة.
خامسًا: احترامه، وتوقيره، ونصرته:
كما قال تعالى: {لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ...}[سورة الفتح]. وقال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }[سورة الحجرات].
وقال تعالى:{لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُم بَعْضًا... }[سورة النور]. وحرمة النبي صلّى الله عليه وسلّم بعد موته, وتوقيره لازم كحال حياته وذلك عند ذكر حديثه, وسنته, وسماع اسمه وسيرته, وتعلم سنته, والدعوة إليها, ونصرتها.
سادسًا:الصلاة عليه صلّى الله عليه وسلّم:
قال الله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا }[سورة الأحزاب]. وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا] رواه مسلم.
وقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [ لَا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قُبُورًا وَلَا تَجْعَلُوا قَبْرِي عِيدًا وَصَلُّوا عَلَيَّ فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ تَبْلُغُنِي حَيْثُ كُنْتُمْ]رواه أبوداود وأحمد. وقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [الْبَخِيلُ الَّذِي مَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ]رواه الترمذي وأحمد.
و قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [مَا جَلَسَ قَوْمٌ مَجْلِسًا لَمْ يَذْكُرُوا اللَّهَ فِيهِ وَلَمْ يُصَلُّوا عَلَى نَبِيِّهِمْ إِلَّا كَانَ عَلَيْهِمْ تِرَةً فَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُمْ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُمْ] رواه الترمذي وأحمد. وقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ] رواه الترمذي وأحمد .
من مواطن الصلاة على النبي صلّى الله عليه وسلّم:
وللصلاة على النبي صلّى الله عليه وسلّم مواطن كثيرة ذكر منها الإمام ابن القيم رحمه لله في كتابه 'جلاء الأفهام في الصلاة والسلام على خير الأنام ' واحداً وأربعين موطناً، منها على سبيل المثال: الصلاة عليه صلّى الله عليه وسلّم عند دخول المسجد, وعند الخروج منه, وبعد إجابة المؤذن, وعند الإقامة, وعند الدعاء, وفي التشهد في الصلاة، وفي صلاة الجنازة، وفي الصباح والمساء، وفي يوم الجمعة, وعند اجتماع القوم قبل تفرقهم, وفي الخطب: كخطبتي صلاة الجمعة, وعند كتابة اسمه, وفي أثناء صلاة العيدين بين التكبيرات, وآخر دعاء القنوت, وعلى الصفا والمروة, وعند الوقوف على قبره, وعند الهم والشدائد وطلب المغفرة, وعقب الذنب إذا أراد أن يكفر عنه, وغير ذلك من المواطن التي ذكرها رحمه الله في كتابه.
ولو لم يرد في فضل الصلاة على النبي صلّى الله عليه وسلّم إلا هذا الحديث لكفى، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً وَاحِدَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عَشْرَ صَلَوَاتٍ وَحُطَّتْ عَنْهُ عَشْرُ خَطِيئَاتٍ وَرُفِعَتْ لَهُ عَشْرُ دَرَجَاتٍ]رواه النسائي وأحمد.
سابعًا: وجوب التحاكم إليه، والرضي بحكمه صلّى الله عليه وسلّم:
قال الله تعالى:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً }[سورة النساء].
{ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا }[سورة النساء].
ويكون التحاكم إلى سنته وشريعته بعده صلّى الله عليه وسلّم.
ثامنًا: إنزاله مكانته صلّى الله عليه وسلّم بلا غلو ولا تقصير:
فهو عبد لله ورسوله, وهو أفضل الأنبياء والمرسلين, وهو سيد الأولين والآخرين, وهو صاحب المقام المحمود، والحوض المورود, ولكنه مع ذلك بشر لا يملك لنفسه ولا لغيره ضراً ولا نفعاً إلا ما شاء الله كما قال تعالى: {قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ...}[سورة الأنعام]. وقال تعالى:{قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ }[سورة الأعراف]. وقال تعالى:{ قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا * قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا }[سورة الجن].
وقد مات صلّى الله عليه وسلّم كغيره من الأنبياء، ولكن دينه باقٍ إلى يوم القيام { إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ}[سورة الزمر]. وبهذا يعلم أنه لا يستحق العبادة إلا الله وحده لا شريك له { قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ }[سورة الأنعام].
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه
الرسـول كأنك تراه ﷺ
1ـ كان رسول الله ﷺ أحسنَ الناس وجهاً وأحسنهم خَلقاً ، ليس بالطويل البائن ولا القصير . « متفق عليه »
2ـ كان الرسول ﷺ ، أبيضَ مليحَ الوجه . « رواه مسلم »
3ـ كان رسول الله ﷺ ، مربوعاً ، عريض ما بين المنكبين ، كثَّ اللحية ، تعلوه حُمرة ، جُـمَّـتُه إلى شحمة أُذنيه ، لقد رأيته في حُلَّةٍ حمراء ، ما رأيت أحسنَ منه . « رواه البخاري »
[ مربوعاً : ليس بالطويل ولا القصير ] [ كثَّ اللحية : كثير الشعر ] [ جُمته : شعره ] .
4ـ كان رسولُ الله ﷺ ضخمَ الرأس واليدين والقدمين ، حسنَ الوجه ، لم أرَ قبله ولا بعده مِثلَه . « رواه البخاري »
5ـ كان وجهه مِثلَ الشمس والقمر وكان مُستديراً . « رواه مسلم »
6ـ كان رسول الله ﷺ إذا سُرَّ استنـار وجهُه ، حتى كأن وجهَه قطعةُ قمر ، وكُنا نعرف ذلك . « متفق عليه »
7ـ كان الرسول ﷺ لا يضحك إلا تبسماً ، وكنتَ إذا نظرتَ إليه قُلتَ أكحلَ العينين وليس بأكحل . « حسن رواه الترمذي »
8ـ وعن عائشة قالت : ما رأيت رسول الله ﷺ مُستجمِعاً قط ضاحكاً ، حتى أرى منه لَـهَواته ، إنما كان ضَحِكه التَّبسم .
« رواه البخاري »
[ لَـهَواته : أقصى حَلقه ] .
9ـ وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال :
( رأيت رسول الله ﷺ في ليلة إضحيانٍ فجعلتُ أنظر إلى رسول الله ﷺ وإلى القمر، وعليه حُلَّة حمراء ، فإذا هو عندي أحسنُ مِن القمر ) « رواه الترمذي وقال :حديث غريب , وصححه الحاكم ووافقه الذهبي »
[ إضحيان : مضيئة مقمرة ] .
10ـ وما أحسن مَن قال في وصف الرسول ﷺ :
وأبيضُ يُستَسقى الغمام بوَجهه ثِمالُ اليتامى عِصـمةٌ للأرامل
هٰذا الشعر مِن كلام أبي طالب أنشده ابن عمر وغيره ، لما أصاب المسلمين قحط ، فدعا لهم الرسول ﷺ قائلاً :
( اللهمَّ اسقِنا ) فنزل المطر . « رواه البخاري »
[ ثِمال : مُطعم ، عِصمة : مانع من ظلمهم ] .
والمعنى أن رسول الله ﷺ المنعوت بالبياض يسأله الناس أن يتوجه إلى الله بوجهه الكريم ودعائه أن يُنزل عليهم المطر وذلك في حال حياته ﷺ ، أما بعد مماته فقد توسل الخليفة عمر بالعباس أن يدعوَ لهم بنزول المطر ولم يتوسل بالرسول ﷺ :
وأنشد رَجل مِن كِنانة فقال :
لك الحمد والحمد مِمن شكر سُــقينا بوجـه النبـي الـمــطر دعـا اللهَ خـالـقَه دعــوة إلـيه وأشـخـصَ مـنه البـصــر
فـلم يك إلا كإلـقاء الـرداء وأســرع حـتى رأيـنا الــدُّرَر
وكـان كمـا قـال لـه عَـمـه أبـو طـالـب أبيـضُ ذو غُـــرَر
به الله يسقي صوبَ الغمـام وهٰـذا الـعـيان لـذاك الخـــبـر
فمَن يشـكر الله يلقَ الـمزيد ومَـن يكـفر الله يلـقَ الـغِـــيَـر
« نقلاً من كتاب منال الطالب لابن الأثير , ص 106 »
مِـن فضـائل الرسول ﷺ
1ـ قال الله تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً * وَدَاعِياً إِلَى الله بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُّنِيراً * وَبَشِّرِ الـمُؤْمِنِيـنَ بِأَنَّ لَـهُم مِّنَ الله فَضْلاً كَبِيراً ﴾ . « الأحزاب : 45-47 »
2ـ ﴿ ما كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ الله وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً ﴾ . « الأحزاب : 40 »
3ـ ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْـمَةً لِّلْعَالَمِينَ ﴾ . « الأنبياء : 107 »
4ـ وقال ﷺ : ( أنا أكثرُ الأنبياءِ تبعاً يومَ القيامةِ ، وأنا أوَّلُ مَن يقرعُ بابَ الجنةِ ) . « رواه مسلم »
5ـ وقال ﷺ : ( أنا أولُ شفيعٍ في الجنةِ ، لم يُصدَّق نبيٌّ مِن الأنبياءِ ما صُدِّقت ، وإنَّ نبيّاً مِن الأنبياءِ ما صدَّقه مِن أُمته إلا رجلٌ واحد )
« رواه مسلم »
6ـ وقال ﷺ : ( سألتُ ربي ثلاثاً ، فأعطاني ثِنتين ، ومنعَني واحدة : سألتُ ربّي ألا يُهلك أُمتي بالسَّنة ، فأعطانيها ، وسألتُه أنْ لا يُهلك أُمتي بالغرقِ فأعطانيها ، وسألتُه أنْ لا يجعلَ بأسَهم بينهم فمنعَنيها ). [ السَّنة : القحط ] . « رواه مسلم »
وفي رواية: (فسألتُه أنْ لا يُسَلِّط عليهم عدواً مِن غيرهم فأعطانيها) « رواه الترمذي والنسائي وصحح الألباني سنده »
7ـ قال أنس بن مالك في حديث الإسراء وفيه :
( والنبي ﷺ ، نائمة عيناه ، ولا ينام قلبه ) . « رواه البخاري »
8ـ وقال رسول الله ﷺ : ( أنا سيدُ ولد آدم يومَ القيامة ، وأولُ مَن تنشَقُّ عنه الأرض ، شافِع ومُشفَّع ) . « رواه مسلم »
9ـ وقال رسول الله ﷺ : ( فُضِّلتُ على الأنبياء بِسِتٍّ :
أُعطيتُ جوامعَ الكَلِم ، ونُصرتُ بالرُّعب ، وَأُحِلَّت ليَ الغنائمُ ، وجُعلَت ليَ الأرضُ مسجداً وطهوراً ، وأُرسلتُ إلى الخلقِ كافةً ، وخُتم بي النَّبيون ) . « رواه مسلم »
10ـ وقال رسول الله ﷺ : ( بُعثتُ مِن خيرِ قُرونِ بني آدم قرناً فقرناً، حتىٰ كنتُ مِن القرن الذي كنتُ منه ) . « أخرجه البخاري »
11ـ وقال رسول الله ﷺ : ( إن مَثَلي ومَثل الأنبياء قبلي ، كمثل رجل بنى بنياناً فأحسَنه وأجملَه ، إلا موضِع لَبنة مِن زاويةٍ مِن زواياه ، فجعلَ الناسُ يَطوفون به ويَعجبون لـه ، ويقولون : هلّا وُضِعَتْ هذه اللّبنَة ؟! قال : فأنا اللّبنَة ، وأنا خاتمُ النّبيين).
« أخرجه البخاري »
12ـ وقال رسول الله ﷺ : ( إنّي عندَ الله مكتوبٌ خاتمُ النّبيين ، وإنَّ آدم لَـمُنجَدِلٌ في طِينته ، وسأُخبركم بأوَّل أمري : دعوة إبراهيم ، وبشارة عيسى ، ورُؤيا أُمي التي رأتْ حين وضَعَتني ، وقدْ خرجَ لها نورٌ أضاءتْ لها منهُ قصورُ الشام ). [ لَمنجَدِل : مُلقى على الأرض ]. « صححه الحاكم ووافقه الذهبي , وصححه الألباني في المشكاة »
13ـ جاءَ الملَك جبريل إلى رسول الله ﷺ في غار حراء فقال :﴿ اِقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذي خَلَق ﴾ فرجع بها رسول الله ﷺ ، يرجف فؤاده، فدخل على خديجة بنت خويلد وأخبرها :
لقد خشيتُ على نفسي .
فقالت خديجة : كلّا والله ما يُخزيك الله أبداً ، إنك لَتصِل الرَّحِم ، وتحمِل الكَلَّ ، وتكسِب المعدوم ، وتقري الضيف ، وتُعين على نوائب الحق .
فانطلقتْ به خديجة إلى ورقة بن نوفل .
فقالت له خديجة : يا ابن عمّ : اسمع مِن ابن أخيك ، فأخبرَه رسول الله ﷺ ، خبر ما رأى ؛ فقال له ورقة : هٰذا الناموس الذي نزَّل الله على موسى ، يا ليتني فيها جَذعاً ، ليتني أكون حياً إذ يُخرجك قومك ، فقال رسول الله ﷺ :
أوَ مُخرجِيَّ هم ؟
قال : نعم ، لم يأتِ رجل قط بمثل ما جئتَ به إلا عُودي ، وإن يُدركني يومك أنصُرك نَصراً مُؤَزَّراً . « رواه البخاري كتاب بدء الوحي »
[ الكَلّ : اليتيم , الناموس : صاحب السِر وهو جبريل عليه السلام ]
مِـن أخـلاق الرسـول ﷺ
1ـ قال الله تعالى : ﴿ فَبِمَا رَحْـمَةٍ مِّنَ اللّه لِنتَ لَـهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَـهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى الله إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الـمُتَوَكِّلِينَ ﴾ . « آل عمران : 159 »
2ـ وقال الله تعالى : ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ . « القلم : 4 »
3ـ كان ﷺ ، خُلُقُه القرآن . « رواه مسلم »
4ـ كان أبغض الخلُق إليه الكذب . « صحيح رواه البيهقي »
5ـ لم يكن رسول الله ﷺ فاحشاً ولا متفحشاً ، ولا لعاناً وكان يقول: ( إنَّ مِن خِياركم أحسَنكم أخلاقاً ) . « متفق عليه »
6ـ وعن أنس قال : لم يكن رسول الله ﷺ فاحشاً ولا لعاناً ولا سَباباً ، وكان يقول عند المعتبة [ المعاتبة ] : مالَـهُ تَرِبَ جَبينُه ؟!
[ ترب جبينه : كلمة تقال عند التعجب ]. « رواه البخاري »
7ـ كان رسول الله ﷺ ، أحسنَ الناس وجهاً ، وأحسنَهم خُلُقاً .
« رواه البخاري »
8ـ وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قيل يا رسول الله : اُدع على المشركين، قال: ( إنّي لم أُبعثْ لَعّاناً ، وإنما بُعثتُ رحمة ).
« رواه مسلم »
9ـ كان يتفاءل ولا يتطير [ يتشاءم ] ، ويُعجبه الاسم الحسن .
« صحيح رواه أحمد »
10ـ عن عمرو بن العاص قال : كان رسول الله يُقبل بوجهه وحديثه عليّ ، حتى ظننت أني خير القوم .
عمر بن العاص : يا رسول الله ، أنا خير ، أو أبو بكر ؟ .
الرســـول ﷺ : أبو بكر .
عمرو بن العاص : يا رسول الله أنا خير أو عمر ؟ .
الرســــول ﷺ : عمر .
عمر بن العاص : يا رسول الله أنا خير أو عثمان ؟ .
الرســـول ﷺ : عثمان .
عمرو بن العاص : فلمّا سألت رسول الله صدقني ، فَلَوَدِدْتُ أني لم أكن أسأله . « رواه الترمذي وحسنه الألباني »
11ـ وعن عطاء بن يسار قال : لقيتُ عبدالله بن عمـرو بن العاص رضي الله عنه فقلت : أخبرني عن صفة رسـول الله ﷺ في التّوراة ، فقال : أجلْ ، والله إنه لمَوصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن : ﴿ يَا أَيـُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً ﴾ وحِرزاً للأُميّين أنتَ عَبدي وَرَسولي ، سَمَّيتُك المتوكِّل ، ليسَ بفظٍّ ولا غليظٍ ، ولا سَخَّابٍ في الأسواقِ ، ولا يدفـعُ السـيئةَ بالسـيئةِ ، ولٰـكن يَعفو ويَصفح ، ولن يقبضَهُ اللهُ حتىٰ يُقيمَ به الـمِلَّةَ العَوجاء ، بأن يقولوا : لا إلٰه إلا اللهُ ، ويفتح به أعيُناً عُمياً , وآذاناً صُمّاً ، وقلوباً غُلفاً . « رواه البخاري »
12ـ وعن عائشة رضي الله عنه قالت : ما خُيِّـرَ رسول الله ﷺ بين أمرين قط، إلا اختار أيسرَهما، ما لم يكن إثماً ، فإنْ كان إثماً كان أبعد الناس منه ، وما انتقم رسول الله ﷺ ، لنفسه في شيء قط إلا أنْ تُنتَهَك حُرمة الله ، فينتقم لله بها . « متفق عليه »
13ـ وعن عائشة رضي الله عنها قالت : ما ضرب رسول الله ﷺ ، شيئاً قط بيده ، ولا امرأة ، ولا خادماً ، إلّا أن يجاهد في سبيل الله، وما نِيلَ منه شيء قط ، فينتقم مِن صاحبه ، إلا أن يُنتهَك شيء مِن محارم الله فينتقم لله . « رواه مسلم »
14ـ وكان ﷺ ، إذا أتاه السائل ، أو صاحب الحاجة قال : (اِشفعوا تُؤجَروا، ويقضي اللهُ على لسانِ رسولِه ما شاء).«متفق عليه »
15ـ وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : كان رسول الله ﷺ مِن أحسن الناس خُلُقاً ، فأرسلني يوماً لحاجة ، فقلت :
والله لا أذهب ، وفي نفسي أن أذهب لِـما أمرنـي به نبي الله ﷺ ، فخرجت حتى أمُـرَّ على صبيان ، وهم يلعبون في السوق ، فإذا برسول الله ﷺ ، بقفاي مِن ورائي ، فنظرت إليه وهو يضحك .
الرسول ﷺ : يا أُنَيس ذهبتَ حيثُ أمرتُك ؟ .
أنس بن مالك : أنا أذهب يا رسول الله .
قال أنس : والله لقد خدمته تسع سنين ما علِمْتُه قال لشيء صنعتُه : لمَ فعلتَ كذا وكذا ؟ ولا عاب عليّ شيئاً قط ، والله ما قال لي أفّ قط . « رواه مسلم »
16ـ أسَر الصحابةُ سيداً اسمه [ثمامة] وربطوه بسارية المسجد ، فخرج إليه رسول الله ﷺ ، فقال : ( ماذا عِندك يا ثمامة ) ؟ فقال : عندي يا محمد خير ، إنْ تقتل تقتل ذا دَم ، وإن تُنعِم تُنعِم على شاكر ، وإن كنت تريد المال فسَلْ تُعطَ منه ما شئتَ ، فقال رسول الله ﷺ : (أطلِقُوا ثمامة) . فانطلق ثمـامة فاغتسل ثم دخل المسجد فقال : أشهد أن لا إلٰه إلا الله ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، يا محمد والله ما كان على الأرض وَجْهٌ أبغضَ إليَّ مِن وجهِك ، فقد أصبح وجهُك أحبَّ الوجوهِ كلها إليَّ ، وما كان مِن دِين أبغضَ إليَّ مِن دِينك ، فأصبحَ دينُك أحبَّ الدِّين كله إليَّ ، والله ما كان مِن بلد أبغضَ إليَّ من بلدك ، فأصبح بلدُك أحبَّ البلاد كلها إليَّ ، ولما قدم مكة قال له قائل : أَصَبَوت ؟
قال : لا ولكني أسلمت . « متفق عليه واللفظ لمسلم باختصار »
أحـاديث في الأخـلاق
قال رسول الله ﷺ :
1ـ ( إنَّ مِن خِيارِكم أحاسِنكم أخلاقاً ) . « متفق عليه »
2ـ ( إنَّ مِن أحبكُم إلـيَّ أحسَنكم أخلاقاً ) . « رواه البخاري »
3ـ ( أكملُ المؤمنين إيماناً،أحسنُهم خُلقاً، وخيارُكم خيارُكم لنسائهم )« رواه الترمذي وقال حسن صحيح »
4ـ ( إنَّ لِكلِّ دِينٍ خُلُقاً،وإنَّ خُلُق الإسلامِ الحياء ).
«حسن رواه ابن ماجه»
5ـ ( إنَّ المؤمنَ لَيُدركُ بحُسنِ خُلُقه درجة الصائمِ القائمِ ) .
« صحيح رواه أبو داود »
6ـ ( إنَّ مِن أكمل المؤمنينَ إيماناً أحسنهم أخلاقاً ، وألطفهم بأهله ) .
« رواه الترمذي وحسنه »
7ـ ( ما مِن شيءٍ أثقلُ في ميزان المؤمن يومَ القيامة مِن خُلُقٍ حسنٍ، وإنَّ اللهَ يبغضُ الفاحشَ البذيء ).
« رواه أبو داود والترمذي , وقال حسن صحيح »
8ـ ( إنَّ مِن أحبِّكُم إلـيَّ وأقربكُم مِني مجلساً يومَ القيامةِ أحاسِنكُم أخلاقاً ، وإنَّ أبغضـكم إلـيَّ وأبعـدكم مني مـجلساً يومَ القيامةِ الثرثارون ، والمتشدِّقـون والمتفَيهقون ، قالـوا : يا رسول الله ما المتفيهقـون ؟ قال : المُتكَبِّرون ). « حسن رواه الترمذي »
[ الثرثارون : المكثرون من الكلام تَكلُّفاً ] .
[ المتشدِّقون : المتكلمون تفاصحاً وتعظيماً لنُطقهم ] .
9ـ ( البِرُّ حُسن الخُلق ) . « رواه مسلم »
10ـ ( اِتقِ اللهَ حيثُما كنتَ ، وأتبِـعِ السيئةَ الحسنةَ تمحُها ، وخالِقِ الناسَ بِخُلُقٍ حسَن ) . « رواه الترمذي وحسنه »
11ـ ( إنما بُعثتُ لأُتـمم صالحَ الأخلاقِ ) . « صححه الحاكم ووافقه الذهبي »
12ـ ( ألا أُخبرُكم بمَن يَحرمُ على النارِ ، أو بمَن تحرمُ عليه النارُ ؟ على كلِّ قريبٍ سهلٍ ليِّن ) . « رواه أحمد والترمذي وصححه الألباني بشواهده »
13ـ ( أحبُّ عبادِ الله إلى الله أحسَنُهم خُلُقاً ). «رواه الحاكم وصححه الألباني»
14ـ ( أكملُ المؤمنين إيماناً أحسَنُهم خُلُقاً ، الموطَّئون أكنافاً ، الذين يألَفُون ، ويُؤلَفون ، ولا خيرَ فيمَن لا يألَفُ ولا يُؤلَف ) .
« رواه الطبراني وحسنه الألباني »
15ـ سُئل ﷺ ، عن أكثر ما يُدخل الناس الجنة فقال :
( تَقوى الله وحُسنُ الخُلُق ) .
« رواه الترمذي وهو صحيح بشواهده عند محقق جامع الأصول »
16ـ ( المؤمنُ غِرٌّ كريم ، والفاجرُ خِبٌّ لَئيم ) .
« رواه أحمد وغيره وحسنه الألباني »
17ـ ( المؤمنون هيِّنون لَيِّنون كالجمَل الأنِف، إنْ قِيدَ انقادَ، وإنْ أُنيخَ على صخرةٍ اسْتَناخ ). « رواه الترمذي وذكر الألباني في المشكاة أنه حسن لغيره »
18ـ ( المؤمنُ الذي يُخالِطُ الناسَ ويصبرُ على أذاهُم خَيرٌ مِن المؤمنِ الذي لا يُخالِطُ الناسَ ولا يصبرُ على أذاهُم ).
« رواه أحمد وحسنه الحافظ في الفتح »
19ـ ( ألا أُنبئكم بخِيارِكم ؟ قالوا : بلى ، قال : خِيارُكم أطولُكم أعماراً وأحسَنُكم أخلاقاً ) . « رواه أحمد وقال الألباني حسن لغيره »
20ـ ( أربعٌ إذا كنَّ فيكَ ، فلا عليكَ ما فاتكَ مِن الدنيا، صِدقُ الحديثِ ، وحِفظُ الأمانةِ ، وحُسنُ الخُلُقِ ، وعِفَّةُ مَطْعَمٍ ) .
« رواه أحمد وغيره وحسنه الألباني في السلسلة »
21ـ ( إنَّ الله لم يَبعثني مُعنِّتاً ولا مُتعنِّتاً ، ولٰكنْ بعثني مُعلماً ومُيَسِّراً ) .
[ المُعنِّت : مَن يشق على الناس، المتعنِّت : طالب المشقة ].
« رواه مسلم »
22ـ ( أنا زعيمُ بيتٍ في ربَضِ الجنة لِـمَن تركَ الـمِراءَ وإنْ كانَ مُحِقاً ، وبيتٍ في وسطِ الجنةِ لِـمَن تركَ الكذبَ وإنْ كانَ مازحاً ، وبيتٍ في أعلى الجنةِ لِـمَن حَسُنَ خُلُقه ) . رواه أبو داود وحسنه الألباني
[ رَبض : أسفل ، الـمِراء : الجدال ] .
التحلي بأخلاق الرسول ﷺ
إذا كنت محبَّاً صادقاً لرسول الله فتخلَّق بأخلاقه:
1- اترك الفحش، وهو كل ما قبح وساء من قول أو فعل.
2- اخفض صوتك، واغضض منه إذا نطقت، وخاصة في المجمعات العامة، كالأسواق والمساجد والحفلات وغيرها، ما لم تكن خطيباً أو واعظاً.
3- ادفع السيئة التي قد تصيبك من أحد بالحسنة، بأن تعفو عن المسيء، فلا تؤاخذه، وتصفح عنه بأن لا تعاقبه ولا تهجره.
4- ترك التأنيب والتعنيف لخادمك، أو زميلك، أو ولدك، أو تلميذك، أو زوجتك، إذا قصّر في خدمتك.
5- لا تقصّر في واجبك، ولا تبخس حق غيرك، حتى لا تضطره إلى أن يقول لك: لمَ فعلت كذا؟ أو لمَ لا تفعل كذا؟ لائماً عليك، أو عاتباً لك.
6- اترك الضحك إلا قليلاً، وليكن جُلَّ ضحكك التبسم.
7- لا تتأخر عن قضاء حاجة الضعيف والمسكين والمرأة، والمشي معهم في غير تكبر ولا استنكاف.
8- مساعدة أهل البيت على شؤون البيت، ولو كان حلب شاة، أو طهي طعام، أو غيره.
9- البس أحسن الثياب التي عندك، لا سيَّما وقت الصلاة والأعياد والحفلات.
10- لا تتكبر عن الأكل على الأرض، وأكل ما وُجدَ من الطعام، والاكتفاء بقليل الطعام.
11- العمل ومشاركة العاملين، ولو بحفر الأرض ونقل التراب، والسرور بذلك إظهاراً لعدم التكبُّر.
12- عدم الرضا بالمدح الزائد، والإطراء المبالغ فيه، والاكتفاء بما هو ثابت للعبد، وبما قام به من صفات الكمال والفضل والخير.
13- لا تنطق ببذاء ولا جفاء، ولا كلام فاحش ولو مازحاً.
14- لا تقل سوءاً ولا تفعله.
15- لا تواجه أحداً من إخوانك بمكروه.
16- لازم سلامة النطق، وحلو الكلام.
[هذه الفقرات مأخوذة بتصرف من كتاب العلم والعلماء، للشيخ أبي بكر الجزائري، المدرس في المدينة المنورة].
17- لا تكثر المزاح ولا تقل إلا الصدق.
18- ارحم الإنسان والحيوان حتى يرحمك الله.
19- احذر البخل، فهو مكروهٌ من الله والناس.
20- نم باكراً واستيقظ باكراً للعبادة والاجتهاد والعمل.
21- لا تتأخر عن صلاة الجماعة في المسجد.
22- احذر الغضب وما ينتج عنه، وإذا غضبت فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم.
23- الزم الصمت، ولا تكثر الكلام فهو مُسجَّل عليك.
24- اقرأ القرآن بفهم وتدبّر واسمعه من غيرك.
25- لا ترُدَّ الطيب، واستعمله دائماً، لا سيما عند الصلاة.
26- استعمل السِّواك، فهو مفيد جداً لا سيما عند الصلاة.
27- كن شجاعاً، وقل الحق ولو على نفسك.
28- اقبل النصيحة من كل إنسان، واحذر ردَّها.
29- اعدل بين زوجاتك، وأولادك، وفي كل أعمالك.
30- اصبر على أذى الناس، وسامحهم حتى يسامحك الله.
31- أحب للناس ما تحب لنفسك.
32- أكثر من السلام عند الدخول، والخروج، واللقاء، وفي الأسواق.
33- تقيّد بلفظ السلام الوارد في السنة وهو: (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته)، ولا يُغني عنه كلمة صباح الخير أو مساء الخير أو أهلاً أو مرحباً، ويمكن قولها بعد السلام.
34- كن نظيفاً في مظهرك ولباسك.
35- غيّر شيبك بالأصفر أو الأحمر، واحذر السواد امتثالاً لأمر الرسول ﷺ.
36- تمسّك بسنن الرسول ﷺ حتى تدخل في قوله ﷺ:
(إنَّ من ورائكم أيامَ الصبر، للمتمسك فيهن بما أنتم عليه أجر خمسين منكم، قالوا: يا نبيَّ الله أو منهم؟ قال: بل منكم). «أخرجه ابن نصر في السنة، وصححه الألباني بشواهده»
37- اللهم ارزقنا العمل بكتابك، وسنَّة نبيِّك، وارزقنا حبَّه واتباعه وشفاعته.
الخاتمة
عبد الله بن أحمد آل علاف الغامدي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين, الرحمن الرحيم, مالك يوم الدين,الحمد لله القائل في محكم التنزيل ﭽ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔﭼ
الأنبياء: ١٠٧
والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على سيد ولد آدم, المبعوث رحمة للعالمين والقائل :(أنا سيِّدُ ولدِ آدم يوم القيامة، وأوّلُ مَن تنشَقُّ عنه الأرض، وأولُ شافع ومُشفَّع). «رواه مسلم»
صلاة وسلاما متعاقبين متلازمين إلى يوم الدين .. وبعد ,,
فواجبنا نحو النبي ﷺ يتمثل في الإيمان به وبما جاء به من القرآن الكريم والسنة الصحيحة , وتطبيق ذلك في حياتنا .
ورغبة مني في توعية اخواني واخواتي من المسلمين والمسلمات بهذا الواجب جمعت هذه الوريقات التي تشتمل على:
1. واجبنا نحو الرسول ﷺ .
2. حقوق النبي ﷺ على أمته.
3. الرسول ﷺ كأنك تراه.
4. من فضائل الرسول ﷺ.
5. من أخلاق الرسول ﷺ.
6. من أحاديث النبي ﷺ في الأخلاق.
7. التحلي بأخلاق الرسول ﷺ .
أسأل الله تعالى أن ينفع بها كل من قرأها أو سمعها أو أفاد منها أو طبعها ونشرها ووزعها بين المسلمين, وأتمنى أن يكون هناك من يعمل على ترجمتها والدلالة عليها, ولن يحرموا الأجر ـ إن شاء الله ـ فقد قال المصطفى ﷺ:(الدال على الخير كفاعله ).
هذا وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ,,
وكتبه
عبد الله بن أحمد ال علاف الغامدي
الطائف ــ وادي وج
الجمعة : 21 / 1 /1428 هـ
واجـبنا نحـو الرسـول ﷺ
إن للرسول ﷺ حقوقاً وواجبات إذا أدّاها المسلم نفعه الله به ، وأسعده بشفاعته ، وأكرمه بوُرود حوضه ، وسقاه مِن ماء كَوثره .
1ـ محبة الرسول ﷺ ، أكثر مِن النفس والأهل والمال والولد.
2ـ طاعته في كل ما أمر به مِن دعاء الله وحده ، والاستعانة به، والصدق والأمانة ، وحُسن الخلق ، وغير ذلك مما جاء في القرآن وأحاديثه الصحيحة .
3ـ التحذير مِن الشرك الذي حذَّر منه الرسول ﷺ ، وهو صَرفُ العبادة لغير الله ، كدعاء الأنبياء والأولياء وطلب المدد والعون منهم ، فقد قال ﷺ : ( مَن ماتَ وهوَ يدعو مِن دونِ الله نِدّاً دخلَ النار ) . [النِّد : الـمِثل والشريك] « رواه البخاري »
4ـ أن نؤمن بما أخبر به القرآن والرسول ﷺ ، مِن الصفات ، كَعُلُو الله على عرشه ، تحقيقاً لقوله تعالى:﴿ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ﴾« الأعلى : 1 » وقوله ﷺ : (إنَّ اللهَ كتبَ كتاباً فهو عِندهُ فوقَ العرش).« متفق عليه »
وأن الله مع عباده يَسمعهم ويراهم ويعلم أحوالهم لقوله تعالى :
﴿ قَالَ لَا تَـخَافَا إِنَّنِـي مَعَكُـمَا أَسْمَعُ وَأَرَى ﴾« طٰه : 46 »
5ـ إنَّ مِن واجب المسلمين أن يشكروا الله على بعثة ومولد الرسول الكريم ﷺ ، فيتمسكوا بسُنته ، ومنها صيام يوم الاثنين الذي سُئل عن صومه فقال : ( ذاك يوم وُلدت فيه، وفيه بُعثت ، وعليّ أُنزل ). [ أي القرآن ] . « رواه مسلم »
6ـ أمّا الاحتفال بيوم مولده ﷺ ، الذي أَحدثه المتأخرون ، فلم يَعرفه الرسول والصحابة والتابعون ولو كان الاحتفال خيراً لسبقونا إليه ، وأرشدنا إليه الرسول ﷺ ، كما أرشدنا في الحديث السابق إلى صوم يوم الاثنين الذي وُلد فيه ، علماً بأن الرسول ﷺ ، مات يوم الاثنين ، فليس الفرح بأولى مِن الـحُزن على موته ﷺ .
7ـ إن الأموال التي تُنفق في الاحتفالات ، لو أُنفقت في بيان شمائل الرسول ﷺ ، وسيرته ، وأخلاقه ، وأدبه ، وتواضعه ، ومعجزاته، وأحاديثه ، ودعوته للتوحيد التي بدأ بها رسالته وغيرها من الأمور النافعة ، لو فعل ذلك المسلمون لنصرهم الله كما نصر رسوله ﷺ .
8ـ إن المحـب الصادق للرسول ﷺ ، يهمه اِتباع أوامره ، والعمل بسُنته ، والحكم بقرآنه والإكثار مِن الصلاة عليه ﷺ .
حقوق النبي على أمته
للنبي الكريم صلّى الله عليه وسلّم حقوق على أمته وهي كثيرة, منها:
أولًا: الإيمان الصادق به صلّى الله عليه وسلّم، وتصديقه فيما أتى به:
قال تعالى:{فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ }[ سورة التغابن]. وقال تعالى:{فَآمِنُواْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}[سورة الأعراف].
وقال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}[سورة الحديد]. وقال تعالى:{وَمَن لَّمْ يُؤْمِن بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَعِيرًا }[سورة الفتح].
وقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَيُؤْمِنُوا بِي وَبِمَا جِئْتُ بِهِ] رواه مسلم.
والإيمان به صلّى الله عليه وسلّم هو: تصديق نبوته, وأن الله أرسله للجن والإنس, وتصديقه في جميع ما جاء به وقاله, ومطابقة تصديق القلب بذلك شهادة اللسان, بأنه رسول الله, فإذا اجتمع التصديق به بالقلب والنطق بالشهادة باللسان، ثم تطبيق ذلك العمل بما جاء به؛ تمَّ الإيمان به صلّى الله عليه وسلّم.
ثانيًا: وجوب طاعته صلّى الله عليه وسلّم، والحذر من معصيته:
فإذا وجب الإيمان به وتصديقه فيما جاء به وجبت طاعته؛ لأن ذلك مما أتى به, قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ }[سورة الأنفال].
وقال تعالى:{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا... }[سورة الحشر].
وقال تعالى:{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }[سورة النور].
وقال تعالى:{وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ}
[سورة النساء].
وعَنْ أَبَي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: [مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللَّهَ]رواه البخاري ومسلم. وعَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: [ كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ أَبَى] قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَنْ يَأْبَى قَالَ: [مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الْجَنَّةَ وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى] رواه البخاري.
ثالثًا: اتباعه صلّى الله عليه وسلّم، واتخاذه قدوة في جميع الأمور، والاقتداء بهديه:
قال تعالى: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }[سورة آل عمران].
وقال تعالى: {وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ }[سورة الأعراف].
فيجب السير على هديه والتزام سنته، والحذر من مخالفته, قال صلّى الله عليه وسلّم: [مَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي]
رواه البخاري ومسلم
رابعًا: محبته صلّى الله عليه وسلّم أكثر من الأهل والولد، والوالد، والناس أجمعين:
قال تعالى:{قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ }
[سورة التوبة].
وعَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ] متفق عليه
وقد ثبت في الحديث أن من ثواب محبته الاجتماع معه في الجنة:
وذلك عندما سأله رجل عن الساعة فقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [مَا أَعْدَدْتَ لَهَا] قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَعْدَدْتُ لَهَا كَبِيرَ صَلَاةٍ وَلَا صِيَامٍ وَلَا صَدَقَةٍ وَلَكِنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ قَالَ: [فَأَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ] رواه البخاري ومسلم.
ولما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه:' يَا رَسُولَ اللَّهِ لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا مِنْ نَفْسِي' فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [ لَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ] فَقَالَ لَهُ عُمَرُ:'فَإِنَّهُ الْآنَ وَاللَّهِ لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي' فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [الْآنَ يَا عُمَرُ]رواه البخاري.
و قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [ ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ بِهِنَّ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ مَنْ كَانَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ بَعْدَ أَنْ أَنْقَذَهُ اللَّهُ مِنْهُ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ] رواه البخاري ومسلم.
ولاشك أن من وفَّقه الله تعالى لذلك ذاق طعم الإيمان ووجد حلاوته, فيستلذ الطاعة ويتحمل المشاقّ في رضى الله عز وجل، ورسوله صلّى الله عليه وسلّم, ولا يسلك إلا ما يوافق شريعة محمد صلّى الله عليه وسلّم؛ لأنه رضي به رسولاً, وأحبه، ومن أحبه من قلبه صدقاً أطاعه صلّى الله عليه وسلّم؛ ولهذا قال القائل:
تعصي الإله وأنت تُظْهر حُبَّهُ *** هذا لعمري في القياسِ بديعُ
لو كان حُبَّكَ صادقاً لأطعته *** إن المُحبَّ لمن يُحِبُّ مُطيعُ
وعلامات محبته صلّى الله عليه وسلّم تظهر في الاقتداء به صلّى الله عليه وسلّم, واتباع سنته, وامتثال أوامره, واجتناب نواهيه, والتأدب بآدابه, في الشدة والرخاء, وفي العسر واليسر, ولا شك أن من أحب شيئاً آثره, وآثر موافقته, وإلا لم يكن صادقاً في حبه ويكون مدّعياً.
ولا شك أن من علامات محبته: النصيحة له؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [الدِّينُ النَّصِيحَةُ] قُلْنَا لِمَنْ قَالَ: [لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ ] رواه مسلم. والنصيحة لرسوله صلّى الله عليه وسلّم: التصديق بنبوته, وطاعته فيما أمر به, واجتناب ما نهى عنه, ومُؤازرته, ونصرته وحمايته حياً وميتاً, وإحياء سنته والعمل بها وتعلمها, وتعليمها والذب عنها, ونشرها, والتخلق بأخلاقه الكريمة, وآدابه الجميلة.
خامسًا: احترامه، وتوقيره، ونصرته:
كما قال تعالى: {لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ...}[سورة الفتح]. وقال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }[سورة الحجرات].
وقال تعالى:{لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُم بَعْضًا... }[سورة النور]. وحرمة النبي صلّى الله عليه وسلّم بعد موته, وتوقيره لازم كحال حياته وذلك عند ذكر حديثه, وسنته, وسماع اسمه وسيرته, وتعلم سنته, والدعوة إليها, ونصرتها.
سادسًا:الصلاة عليه صلّى الله عليه وسلّم:
قال الله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا }[سورة الأحزاب]. وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا] رواه مسلم.
وقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [ لَا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قُبُورًا وَلَا تَجْعَلُوا قَبْرِي عِيدًا وَصَلُّوا عَلَيَّ فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ تَبْلُغُنِي حَيْثُ كُنْتُمْ]رواه أبوداود وأحمد. وقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [الْبَخِيلُ الَّذِي مَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ]رواه الترمذي وأحمد.
و قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [مَا جَلَسَ قَوْمٌ مَجْلِسًا لَمْ يَذْكُرُوا اللَّهَ فِيهِ وَلَمْ يُصَلُّوا عَلَى نَبِيِّهِمْ إِلَّا كَانَ عَلَيْهِمْ تِرَةً فَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُمْ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُمْ] رواه الترمذي وأحمد. وقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ] رواه الترمذي وأحمد .
من مواطن الصلاة على النبي صلّى الله عليه وسلّم:
وللصلاة على النبي صلّى الله عليه وسلّم مواطن كثيرة ذكر منها الإمام ابن القيم رحمه لله في كتابه 'جلاء الأفهام في الصلاة والسلام على خير الأنام ' واحداً وأربعين موطناً، منها على سبيل المثال: الصلاة عليه صلّى الله عليه وسلّم عند دخول المسجد, وعند الخروج منه, وبعد إجابة المؤذن, وعند الإقامة, وعند الدعاء, وفي التشهد في الصلاة، وفي صلاة الجنازة، وفي الصباح والمساء، وفي يوم الجمعة, وعند اجتماع القوم قبل تفرقهم, وفي الخطب: كخطبتي صلاة الجمعة, وعند كتابة اسمه, وفي أثناء صلاة العيدين بين التكبيرات, وآخر دعاء القنوت, وعلى الصفا والمروة, وعند الوقوف على قبره, وعند الهم والشدائد وطلب المغفرة, وعقب الذنب إذا أراد أن يكفر عنه, وغير ذلك من المواطن التي ذكرها رحمه الله في كتابه.
ولو لم يرد في فضل الصلاة على النبي صلّى الله عليه وسلّم إلا هذا الحديث لكفى، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً وَاحِدَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عَشْرَ صَلَوَاتٍ وَحُطَّتْ عَنْهُ عَشْرُ خَطِيئَاتٍ وَرُفِعَتْ لَهُ عَشْرُ دَرَجَاتٍ]رواه النسائي وأحمد.
سابعًا: وجوب التحاكم إليه، والرضي بحكمه صلّى الله عليه وسلّم:
قال الله تعالى:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً }[سورة النساء].
{ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا }[سورة النساء].
ويكون التحاكم إلى سنته وشريعته بعده صلّى الله عليه وسلّم.
ثامنًا: إنزاله مكانته صلّى الله عليه وسلّم بلا غلو ولا تقصير:
فهو عبد لله ورسوله, وهو أفضل الأنبياء والمرسلين, وهو سيد الأولين والآخرين, وهو صاحب المقام المحمود، والحوض المورود, ولكنه مع ذلك بشر لا يملك لنفسه ولا لغيره ضراً ولا نفعاً إلا ما شاء الله كما قال تعالى: {قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ...}[سورة الأنعام]. وقال تعالى:{قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ }[سورة الأعراف]. وقال تعالى:{ قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا * قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا }[سورة الجن].
وقد مات صلّى الله عليه وسلّم كغيره من الأنبياء، ولكن دينه باقٍ إلى يوم القيام { إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ}[سورة الزمر]. وبهذا يعلم أنه لا يستحق العبادة إلا الله وحده لا شريك له { قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ }[سورة الأنعام].
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه
الرسـول كأنك تراه ﷺ
1ـ كان رسول الله ﷺ أحسنَ الناس وجهاً وأحسنهم خَلقاً ، ليس بالطويل البائن ولا القصير . « متفق عليه »
2ـ كان الرسول ﷺ ، أبيضَ مليحَ الوجه . « رواه مسلم »
3ـ كان رسول الله ﷺ ، مربوعاً ، عريض ما بين المنكبين ، كثَّ اللحية ، تعلوه حُمرة ، جُـمَّـتُه إلى شحمة أُذنيه ، لقد رأيته في حُلَّةٍ حمراء ، ما رأيت أحسنَ منه . « رواه البخاري »
[ مربوعاً : ليس بالطويل ولا القصير ] [ كثَّ اللحية : كثير الشعر ] [ جُمته : شعره ] .
4ـ كان رسولُ الله ﷺ ضخمَ الرأس واليدين والقدمين ، حسنَ الوجه ، لم أرَ قبله ولا بعده مِثلَه . « رواه البخاري »
5ـ كان وجهه مِثلَ الشمس والقمر وكان مُستديراً . « رواه مسلم »
6ـ كان رسول الله ﷺ إذا سُرَّ استنـار وجهُه ، حتى كأن وجهَه قطعةُ قمر ، وكُنا نعرف ذلك . « متفق عليه »
7ـ كان الرسول ﷺ لا يضحك إلا تبسماً ، وكنتَ إذا نظرتَ إليه قُلتَ أكحلَ العينين وليس بأكحل . « حسن رواه الترمذي »
8ـ وعن عائشة قالت : ما رأيت رسول الله ﷺ مُستجمِعاً قط ضاحكاً ، حتى أرى منه لَـهَواته ، إنما كان ضَحِكه التَّبسم .
« رواه البخاري »
[ لَـهَواته : أقصى حَلقه ] .
9ـ وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال :
( رأيت رسول الله ﷺ في ليلة إضحيانٍ فجعلتُ أنظر إلى رسول الله ﷺ وإلى القمر، وعليه حُلَّة حمراء ، فإذا هو عندي أحسنُ مِن القمر ) « رواه الترمذي وقال :حديث غريب , وصححه الحاكم ووافقه الذهبي »
[ إضحيان : مضيئة مقمرة ] .
10ـ وما أحسن مَن قال في وصف الرسول ﷺ :
وأبيضُ يُستَسقى الغمام بوَجهه ثِمالُ اليتامى عِصـمةٌ للأرامل
هٰذا الشعر مِن كلام أبي طالب أنشده ابن عمر وغيره ، لما أصاب المسلمين قحط ، فدعا لهم الرسول ﷺ قائلاً :
( اللهمَّ اسقِنا ) فنزل المطر . « رواه البخاري »
[ ثِمال : مُطعم ، عِصمة : مانع من ظلمهم ] .
والمعنى أن رسول الله ﷺ المنعوت بالبياض يسأله الناس أن يتوجه إلى الله بوجهه الكريم ودعائه أن يُنزل عليهم المطر وذلك في حال حياته ﷺ ، أما بعد مماته فقد توسل الخليفة عمر بالعباس أن يدعوَ لهم بنزول المطر ولم يتوسل بالرسول ﷺ :
وأنشد رَجل مِن كِنانة فقال :
لك الحمد والحمد مِمن شكر سُــقينا بوجـه النبـي الـمــطر دعـا اللهَ خـالـقَه دعــوة إلـيه وأشـخـصَ مـنه البـصــر
فـلم يك إلا كإلـقاء الـرداء وأســرع حـتى رأيـنا الــدُّرَر
وكـان كمـا قـال لـه عَـمـه أبـو طـالـب أبيـضُ ذو غُـــرَر
به الله يسقي صوبَ الغمـام وهٰـذا الـعـيان لـذاك الخـــبـر
فمَن يشـكر الله يلقَ الـمزيد ومَـن يكـفر الله يلـقَ الـغِـــيَـر
« نقلاً من كتاب منال الطالب لابن الأثير , ص 106 »
مِـن فضـائل الرسول ﷺ
1ـ قال الله تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً * وَدَاعِياً إِلَى الله بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُّنِيراً * وَبَشِّرِ الـمُؤْمِنِيـنَ بِأَنَّ لَـهُم مِّنَ الله فَضْلاً كَبِيراً ﴾ . « الأحزاب : 45-47 »
2ـ ﴿ ما كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ الله وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً ﴾ . « الأحزاب : 40 »
3ـ ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْـمَةً لِّلْعَالَمِينَ ﴾ . « الأنبياء : 107 »
4ـ وقال ﷺ : ( أنا أكثرُ الأنبياءِ تبعاً يومَ القيامةِ ، وأنا أوَّلُ مَن يقرعُ بابَ الجنةِ ) . « رواه مسلم »
5ـ وقال ﷺ : ( أنا أولُ شفيعٍ في الجنةِ ، لم يُصدَّق نبيٌّ مِن الأنبياءِ ما صُدِّقت ، وإنَّ نبيّاً مِن الأنبياءِ ما صدَّقه مِن أُمته إلا رجلٌ واحد )
« رواه مسلم »
6ـ وقال ﷺ : ( سألتُ ربي ثلاثاً ، فأعطاني ثِنتين ، ومنعَني واحدة : سألتُ ربّي ألا يُهلك أُمتي بالسَّنة ، فأعطانيها ، وسألتُه أنْ لا يُهلك أُمتي بالغرقِ فأعطانيها ، وسألتُه أنْ لا يجعلَ بأسَهم بينهم فمنعَنيها ). [ السَّنة : القحط ] . « رواه مسلم »
وفي رواية: (فسألتُه أنْ لا يُسَلِّط عليهم عدواً مِن غيرهم فأعطانيها) « رواه الترمذي والنسائي وصحح الألباني سنده »
7ـ قال أنس بن مالك في حديث الإسراء وفيه :
( والنبي ﷺ ، نائمة عيناه ، ولا ينام قلبه ) . « رواه البخاري »
8ـ وقال رسول الله ﷺ : ( أنا سيدُ ولد آدم يومَ القيامة ، وأولُ مَن تنشَقُّ عنه الأرض ، شافِع ومُشفَّع ) . « رواه مسلم »
9ـ وقال رسول الله ﷺ : ( فُضِّلتُ على الأنبياء بِسِتٍّ :
أُعطيتُ جوامعَ الكَلِم ، ونُصرتُ بالرُّعب ، وَأُحِلَّت ليَ الغنائمُ ، وجُعلَت ليَ الأرضُ مسجداً وطهوراً ، وأُرسلتُ إلى الخلقِ كافةً ، وخُتم بي النَّبيون ) . « رواه مسلم »
10ـ وقال رسول الله ﷺ : ( بُعثتُ مِن خيرِ قُرونِ بني آدم قرناً فقرناً، حتىٰ كنتُ مِن القرن الذي كنتُ منه ) . « أخرجه البخاري »
11ـ وقال رسول الله ﷺ : ( إن مَثَلي ومَثل الأنبياء قبلي ، كمثل رجل بنى بنياناً فأحسَنه وأجملَه ، إلا موضِع لَبنة مِن زاويةٍ مِن زواياه ، فجعلَ الناسُ يَطوفون به ويَعجبون لـه ، ويقولون : هلّا وُضِعَتْ هذه اللّبنَة ؟! قال : فأنا اللّبنَة ، وأنا خاتمُ النّبيين).
« أخرجه البخاري »
12ـ وقال رسول الله ﷺ : ( إنّي عندَ الله مكتوبٌ خاتمُ النّبيين ، وإنَّ آدم لَـمُنجَدِلٌ في طِينته ، وسأُخبركم بأوَّل أمري : دعوة إبراهيم ، وبشارة عيسى ، ورُؤيا أُمي التي رأتْ حين وضَعَتني ، وقدْ خرجَ لها نورٌ أضاءتْ لها منهُ قصورُ الشام ). [ لَمنجَدِل : مُلقى على الأرض ]. « صححه الحاكم ووافقه الذهبي , وصححه الألباني في المشكاة »
13ـ جاءَ الملَك جبريل إلى رسول الله ﷺ في غار حراء فقال :﴿ اِقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذي خَلَق ﴾ فرجع بها رسول الله ﷺ ، يرجف فؤاده، فدخل على خديجة بنت خويلد وأخبرها :
لقد خشيتُ على نفسي .
فقالت خديجة : كلّا والله ما يُخزيك الله أبداً ، إنك لَتصِل الرَّحِم ، وتحمِل الكَلَّ ، وتكسِب المعدوم ، وتقري الضيف ، وتُعين على نوائب الحق .
فانطلقتْ به خديجة إلى ورقة بن نوفل .
فقالت له خديجة : يا ابن عمّ : اسمع مِن ابن أخيك ، فأخبرَه رسول الله ﷺ ، خبر ما رأى ؛ فقال له ورقة : هٰذا الناموس الذي نزَّل الله على موسى ، يا ليتني فيها جَذعاً ، ليتني أكون حياً إذ يُخرجك قومك ، فقال رسول الله ﷺ :
أوَ مُخرجِيَّ هم ؟
قال : نعم ، لم يأتِ رجل قط بمثل ما جئتَ به إلا عُودي ، وإن يُدركني يومك أنصُرك نَصراً مُؤَزَّراً . « رواه البخاري كتاب بدء الوحي »
[ الكَلّ : اليتيم , الناموس : صاحب السِر وهو جبريل عليه السلام ]
مِـن أخـلاق الرسـول ﷺ
1ـ قال الله تعالى : ﴿ فَبِمَا رَحْـمَةٍ مِّنَ اللّه لِنتَ لَـهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَـهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى الله إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الـمُتَوَكِّلِينَ ﴾ . « آل عمران : 159 »
2ـ وقال الله تعالى : ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ . « القلم : 4 »
3ـ كان ﷺ ، خُلُقُه القرآن . « رواه مسلم »
4ـ كان أبغض الخلُق إليه الكذب . « صحيح رواه البيهقي »
5ـ لم يكن رسول الله ﷺ فاحشاً ولا متفحشاً ، ولا لعاناً وكان يقول: ( إنَّ مِن خِياركم أحسَنكم أخلاقاً ) . « متفق عليه »
6ـ وعن أنس قال : لم يكن رسول الله ﷺ فاحشاً ولا لعاناً ولا سَباباً ، وكان يقول عند المعتبة [ المعاتبة ] : مالَـهُ تَرِبَ جَبينُه ؟!
[ ترب جبينه : كلمة تقال عند التعجب ]. « رواه البخاري »
7ـ كان رسول الله ﷺ ، أحسنَ الناس وجهاً ، وأحسنَهم خُلُقاً .
« رواه البخاري »
8ـ وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قيل يا رسول الله : اُدع على المشركين، قال: ( إنّي لم أُبعثْ لَعّاناً ، وإنما بُعثتُ رحمة ).
« رواه مسلم »
9ـ كان يتفاءل ولا يتطير [ يتشاءم ] ، ويُعجبه الاسم الحسن .
« صحيح رواه أحمد »
10ـ عن عمرو بن العاص قال : كان رسول الله يُقبل بوجهه وحديثه عليّ ، حتى ظننت أني خير القوم .
عمر بن العاص : يا رسول الله ، أنا خير ، أو أبو بكر ؟ .
الرســـول ﷺ : أبو بكر .
عمرو بن العاص : يا رسول الله أنا خير أو عمر ؟ .
الرســــول ﷺ : عمر .
عمر بن العاص : يا رسول الله أنا خير أو عثمان ؟ .
الرســـول ﷺ : عثمان .
عمرو بن العاص : فلمّا سألت رسول الله صدقني ، فَلَوَدِدْتُ أني لم أكن أسأله . « رواه الترمذي وحسنه الألباني »
11ـ وعن عطاء بن يسار قال : لقيتُ عبدالله بن عمـرو بن العاص رضي الله عنه فقلت : أخبرني عن صفة رسـول الله ﷺ في التّوراة ، فقال : أجلْ ، والله إنه لمَوصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن : ﴿ يَا أَيـُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً ﴾ وحِرزاً للأُميّين أنتَ عَبدي وَرَسولي ، سَمَّيتُك المتوكِّل ، ليسَ بفظٍّ ولا غليظٍ ، ولا سَخَّابٍ في الأسواقِ ، ولا يدفـعُ السـيئةَ بالسـيئةِ ، ولٰـكن يَعفو ويَصفح ، ولن يقبضَهُ اللهُ حتىٰ يُقيمَ به الـمِلَّةَ العَوجاء ، بأن يقولوا : لا إلٰه إلا اللهُ ، ويفتح به أعيُناً عُمياً , وآذاناً صُمّاً ، وقلوباً غُلفاً . « رواه البخاري »
12ـ وعن عائشة رضي الله عنه قالت : ما خُيِّـرَ رسول الله ﷺ بين أمرين قط، إلا اختار أيسرَهما، ما لم يكن إثماً ، فإنْ كان إثماً كان أبعد الناس منه ، وما انتقم رسول الله ﷺ ، لنفسه في شيء قط إلا أنْ تُنتَهَك حُرمة الله ، فينتقم لله بها . « متفق عليه »
13ـ وعن عائشة رضي الله عنها قالت : ما ضرب رسول الله ﷺ ، شيئاً قط بيده ، ولا امرأة ، ولا خادماً ، إلّا أن يجاهد في سبيل الله، وما نِيلَ منه شيء قط ، فينتقم مِن صاحبه ، إلا أن يُنتهَك شيء مِن محارم الله فينتقم لله . « رواه مسلم »
14ـ وكان ﷺ ، إذا أتاه السائل ، أو صاحب الحاجة قال : (اِشفعوا تُؤجَروا، ويقضي اللهُ على لسانِ رسولِه ما شاء).«متفق عليه »
15ـ وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : كان رسول الله ﷺ مِن أحسن الناس خُلُقاً ، فأرسلني يوماً لحاجة ، فقلت :
والله لا أذهب ، وفي نفسي أن أذهب لِـما أمرنـي به نبي الله ﷺ ، فخرجت حتى أمُـرَّ على صبيان ، وهم يلعبون في السوق ، فإذا برسول الله ﷺ ، بقفاي مِن ورائي ، فنظرت إليه وهو يضحك .
الرسول ﷺ : يا أُنَيس ذهبتَ حيثُ أمرتُك ؟ .
أنس بن مالك : أنا أذهب يا رسول الله .
قال أنس : والله لقد خدمته تسع سنين ما علِمْتُه قال لشيء صنعتُه : لمَ فعلتَ كذا وكذا ؟ ولا عاب عليّ شيئاً قط ، والله ما قال لي أفّ قط . « رواه مسلم »
16ـ أسَر الصحابةُ سيداً اسمه [ثمامة] وربطوه بسارية المسجد ، فخرج إليه رسول الله ﷺ ، فقال : ( ماذا عِندك يا ثمامة ) ؟ فقال : عندي يا محمد خير ، إنْ تقتل تقتل ذا دَم ، وإن تُنعِم تُنعِم على شاكر ، وإن كنت تريد المال فسَلْ تُعطَ منه ما شئتَ ، فقال رسول الله ﷺ : (أطلِقُوا ثمامة) . فانطلق ثمـامة فاغتسل ثم دخل المسجد فقال : أشهد أن لا إلٰه إلا الله ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، يا محمد والله ما كان على الأرض وَجْهٌ أبغضَ إليَّ مِن وجهِك ، فقد أصبح وجهُك أحبَّ الوجوهِ كلها إليَّ ، وما كان مِن دِين أبغضَ إليَّ مِن دِينك ، فأصبحَ دينُك أحبَّ الدِّين كله إليَّ ، والله ما كان مِن بلد أبغضَ إليَّ من بلدك ، فأصبح بلدُك أحبَّ البلاد كلها إليَّ ، ولما قدم مكة قال له قائل : أَصَبَوت ؟
قال : لا ولكني أسلمت . « متفق عليه واللفظ لمسلم باختصار »
أحـاديث في الأخـلاق
قال رسول الله ﷺ :
1ـ ( إنَّ مِن خِيارِكم أحاسِنكم أخلاقاً ) . « متفق عليه »
2ـ ( إنَّ مِن أحبكُم إلـيَّ أحسَنكم أخلاقاً ) . « رواه البخاري »
3ـ ( أكملُ المؤمنين إيماناً،أحسنُهم خُلقاً، وخيارُكم خيارُكم لنسائهم )« رواه الترمذي وقال حسن صحيح »
4ـ ( إنَّ لِكلِّ دِينٍ خُلُقاً،وإنَّ خُلُق الإسلامِ الحياء ).
«حسن رواه ابن ماجه»
5ـ ( إنَّ المؤمنَ لَيُدركُ بحُسنِ خُلُقه درجة الصائمِ القائمِ ) .
« صحيح رواه أبو داود »
6ـ ( إنَّ مِن أكمل المؤمنينَ إيماناً أحسنهم أخلاقاً ، وألطفهم بأهله ) .
« رواه الترمذي وحسنه »
7ـ ( ما مِن شيءٍ أثقلُ في ميزان المؤمن يومَ القيامة مِن خُلُقٍ حسنٍ، وإنَّ اللهَ يبغضُ الفاحشَ البذيء ).
« رواه أبو داود والترمذي , وقال حسن صحيح »
8ـ ( إنَّ مِن أحبِّكُم إلـيَّ وأقربكُم مِني مجلساً يومَ القيامةِ أحاسِنكُم أخلاقاً ، وإنَّ أبغضـكم إلـيَّ وأبعـدكم مني مـجلساً يومَ القيامةِ الثرثارون ، والمتشدِّقـون والمتفَيهقون ، قالـوا : يا رسول الله ما المتفيهقـون ؟ قال : المُتكَبِّرون ). « حسن رواه الترمذي »
[ الثرثارون : المكثرون من الكلام تَكلُّفاً ] .
[ المتشدِّقون : المتكلمون تفاصحاً وتعظيماً لنُطقهم ] .
9ـ ( البِرُّ حُسن الخُلق ) . « رواه مسلم »
10ـ ( اِتقِ اللهَ حيثُما كنتَ ، وأتبِـعِ السيئةَ الحسنةَ تمحُها ، وخالِقِ الناسَ بِخُلُقٍ حسَن ) . « رواه الترمذي وحسنه »
11ـ ( إنما بُعثتُ لأُتـمم صالحَ الأخلاقِ ) . « صححه الحاكم ووافقه الذهبي »
12ـ ( ألا أُخبرُكم بمَن يَحرمُ على النارِ ، أو بمَن تحرمُ عليه النارُ ؟ على كلِّ قريبٍ سهلٍ ليِّن ) . « رواه أحمد والترمذي وصححه الألباني بشواهده »
13ـ ( أحبُّ عبادِ الله إلى الله أحسَنُهم خُلُقاً ). «رواه الحاكم وصححه الألباني»
14ـ ( أكملُ المؤمنين إيماناً أحسَنُهم خُلُقاً ، الموطَّئون أكنافاً ، الذين يألَفُون ، ويُؤلَفون ، ولا خيرَ فيمَن لا يألَفُ ولا يُؤلَف ) .
« رواه الطبراني وحسنه الألباني »
15ـ سُئل ﷺ ، عن أكثر ما يُدخل الناس الجنة فقال :
( تَقوى الله وحُسنُ الخُلُق ) .
« رواه الترمذي وهو صحيح بشواهده عند محقق جامع الأصول »
16ـ ( المؤمنُ غِرٌّ كريم ، والفاجرُ خِبٌّ لَئيم ) .
« رواه أحمد وغيره وحسنه الألباني »
17ـ ( المؤمنون هيِّنون لَيِّنون كالجمَل الأنِف، إنْ قِيدَ انقادَ، وإنْ أُنيخَ على صخرةٍ اسْتَناخ ). « رواه الترمذي وذكر الألباني في المشكاة أنه حسن لغيره »
18ـ ( المؤمنُ الذي يُخالِطُ الناسَ ويصبرُ على أذاهُم خَيرٌ مِن المؤمنِ الذي لا يُخالِطُ الناسَ ولا يصبرُ على أذاهُم ).
« رواه أحمد وحسنه الحافظ في الفتح »
19ـ ( ألا أُنبئكم بخِيارِكم ؟ قالوا : بلى ، قال : خِيارُكم أطولُكم أعماراً وأحسَنُكم أخلاقاً ) . « رواه أحمد وقال الألباني حسن لغيره »
20ـ ( أربعٌ إذا كنَّ فيكَ ، فلا عليكَ ما فاتكَ مِن الدنيا، صِدقُ الحديثِ ، وحِفظُ الأمانةِ ، وحُسنُ الخُلُقِ ، وعِفَّةُ مَطْعَمٍ ) .
« رواه أحمد وغيره وحسنه الألباني في السلسلة »
21ـ ( إنَّ الله لم يَبعثني مُعنِّتاً ولا مُتعنِّتاً ، ولٰكنْ بعثني مُعلماً ومُيَسِّراً ) .
[ المُعنِّت : مَن يشق على الناس، المتعنِّت : طالب المشقة ].
« رواه مسلم »
22ـ ( أنا زعيمُ بيتٍ في ربَضِ الجنة لِـمَن تركَ الـمِراءَ وإنْ كانَ مُحِقاً ، وبيتٍ في وسطِ الجنةِ لِـمَن تركَ الكذبَ وإنْ كانَ مازحاً ، وبيتٍ في أعلى الجنةِ لِـمَن حَسُنَ خُلُقه ) . رواه أبو داود وحسنه الألباني
[ رَبض : أسفل ، الـمِراء : الجدال ] .
التحلي بأخلاق الرسول ﷺ
إذا كنت محبَّاً صادقاً لرسول الله فتخلَّق بأخلاقه:
1- اترك الفحش، وهو كل ما قبح وساء من قول أو فعل.
2- اخفض صوتك، واغضض منه إذا نطقت، وخاصة في المجمعات العامة، كالأسواق والمساجد والحفلات وغيرها، ما لم تكن خطيباً أو واعظاً.
3- ادفع السيئة التي قد تصيبك من أحد بالحسنة، بأن تعفو عن المسيء، فلا تؤاخذه، وتصفح عنه بأن لا تعاقبه ولا تهجره.
4- ترك التأنيب والتعنيف لخادمك، أو زميلك، أو ولدك، أو تلميذك، أو زوجتك، إذا قصّر في خدمتك.
5- لا تقصّر في واجبك، ولا تبخس حق غيرك، حتى لا تضطره إلى أن يقول لك: لمَ فعلت كذا؟ أو لمَ لا تفعل كذا؟ لائماً عليك، أو عاتباً لك.
6- اترك الضحك إلا قليلاً، وليكن جُلَّ ضحكك التبسم.
7- لا تتأخر عن قضاء حاجة الضعيف والمسكين والمرأة، والمشي معهم في غير تكبر ولا استنكاف.
8- مساعدة أهل البيت على شؤون البيت، ولو كان حلب شاة، أو طهي طعام، أو غيره.
9- البس أحسن الثياب التي عندك، لا سيَّما وقت الصلاة والأعياد والحفلات.
10- لا تتكبر عن الأكل على الأرض، وأكل ما وُجدَ من الطعام، والاكتفاء بقليل الطعام.
11- العمل ومشاركة العاملين، ولو بحفر الأرض ونقل التراب، والسرور بذلك إظهاراً لعدم التكبُّر.
12- عدم الرضا بالمدح الزائد، والإطراء المبالغ فيه، والاكتفاء بما هو ثابت للعبد، وبما قام به من صفات الكمال والفضل والخير.
13- لا تنطق ببذاء ولا جفاء، ولا كلام فاحش ولو مازحاً.
14- لا تقل سوءاً ولا تفعله.
15- لا تواجه أحداً من إخوانك بمكروه.
16- لازم سلامة النطق، وحلو الكلام.
[هذه الفقرات مأخوذة بتصرف من كتاب العلم والعلماء، للشيخ أبي بكر الجزائري، المدرس في المدينة المنورة].
17- لا تكثر المزاح ولا تقل إلا الصدق.
18- ارحم الإنسان والحيوان حتى يرحمك الله.
19- احذر البخل، فهو مكروهٌ من الله والناس.
20- نم باكراً واستيقظ باكراً للعبادة والاجتهاد والعمل.
21- لا تتأخر عن صلاة الجماعة في المسجد.
22- احذر الغضب وما ينتج عنه، وإذا غضبت فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم.
23- الزم الصمت، ولا تكثر الكلام فهو مُسجَّل عليك.
24- اقرأ القرآن بفهم وتدبّر واسمعه من غيرك.
25- لا ترُدَّ الطيب، واستعمله دائماً، لا سيما عند الصلاة.
26- استعمل السِّواك، فهو مفيد جداً لا سيما عند الصلاة.
27- كن شجاعاً، وقل الحق ولو على نفسك.
28- اقبل النصيحة من كل إنسان، واحذر ردَّها.
29- اعدل بين زوجاتك، وأولادك، وفي كل أعمالك.
30- اصبر على أذى الناس، وسامحهم حتى يسامحك الله.
31- أحب للناس ما تحب لنفسك.
32- أكثر من السلام عند الدخول، والخروج، واللقاء، وفي الأسواق.
33- تقيّد بلفظ السلام الوارد في السنة وهو: (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته)، ولا يُغني عنه كلمة صباح الخير أو مساء الخير أو أهلاً أو مرحباً، ويمكن قولها بعد السلام.
34- كن نظيفاً في مظهرك ولباسك.
35- غيّر شيبك بالأصفر أو الأحمر، واحذر السواد امتثالاً لأمر الرسول ﷺ.
36- تمسّك بسنن الرسول ﷺ حتى تدخل في قوله ﷺ:
(إنَّ من ورائكم أيامَ الصبر، للمتمسك فيهن بما أنتم عليه أجر خمسين منكم، قالوا: يا نبيَّ الله أو منهم؟ قال: بل منكم). «أخرجه ابن نصر في السنة، وصححه الألباني بشواهده»
37- اللهم ارزقنا العمل بكتابك، وسنَّة نبيِّك، وارزقنا حبَّه واتباعه وشفاعته.
الخاتمة