وقفات مع أنفلونزا الخنازير
عادل بن عبدالعزيز المحلاوي
الحمد لله اللطيف بعباده , الرحيم بخلقه , قدر المقادير وكتب الآجال وكل شيء عنده بمقدار , أحمده سبحانه لا رب غيره ولا إله سواه , وأصلي وأسلم على خير خلقه , وصفوة أنبيائه ورسله , محمد ببن عبد الله , صلى الله عليه وعلى آله ومن والاه , أما بعد :
أمّا بعد: فاتَّقوا الله حقَّ التَّقوَى، وتمسَّكوا من الدِّينِ بالعروةِ الوُثقى؛ ففي تقوَى الله صلاحُ الأمور وعِزُّ الدهور وأحسنُ العاقبة يومَ النشور، قال الله تعالى: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا [الطلاق: 5]
أيها المسلمون
حديث الناس إليهم اليوم في مشارق الأرض ومغاربها , عن داء أقض مضاجعهم , وأرهب نفوسهم , وأصبح مادة دسمة لوسائل إعلامهم , ومجالسهم , ومنتدياتهم , وقامت دول بأجهزتها للتصدي له , ووضعت طرق وسبل للوقاية منه , ومن شره وخطره - إنه داء أنفلونزا الجنازير - .
هذا المرض الذي نزل في الناس هذه الأيام , وحل بساحتهم , وانقسم الناس فيه إلى طرفي نقيض - وكلا طرفي الأمور ذميم - فقسم بالغوا في تصوير خطره , وكأن البلاء قد حل في الناس جميعا , ويكاد الهلاك أن يحيط بهم , وقسم تساهل معه وكأن الأمر لا وجود في الواقع , وديننا دين الوسطية , فلا إفراط ولا تفريط , فالمرض له وجود في الواقع , ولكن قد أحاطه الناس بهذه الهالة وعزز ذلك وسائل الإعلام , وعلى المسلم أن لا يُنكر واقعه بل يتعامل معه بواقعية توافق شرع رب العالمين
وسنتحدث اليوم عنه من منظور إسلامي , فديننا العظيم لم يترك لنا شيئا إلا ذكر لنا فيه حُكما وحِكما , علمه من علمه وجهله من جهله ,قال سبحانه ( مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ)(الأنعام: من الآية38)
عباد الله
من المقرر عند المسلمين أن الله كل قضاء يقضيه الله للعباد هو خير لهم وإن رأى البعض أن الشر في ظاهره , ففي باطن هذا الشر الخير الكثير
ولقد كان من ثناء النبي عليه الصلاة والسلام على ربه \" والشر ليس إليك \" .
ولأن كان أهل الكفر يجهلون الحكم الجليلة لأحكام الله وأقداره , فحري بأهل الإسلام أن يفقهوا عن ربهم حِكمها , وأن يوقنوا أن كل قضاء يقضيه الله تعالى فيه حكم جليلة , ومقاصد عظيمة وبذا تطمئن قلوبهم لكل قضاء يقضيه الله تعالى على عباده , وسنذكر هنا معالم عامة أيدتها نصوص الشريعة , وطرق واقية بإذن الله تعالى من هذا الشر .
عباد الله
في مثل هذه الأحداث يقوى يقين المرء بوحدانيته لله تعالى , فالكون كله تحت أمره سبحانه وسيره بإرادته , فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن , وهو سبحانه المالك المتصرف في الكون قال سبحانه (لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (المائدة:120)
وانظر إلى عجز البشر, ووقفوهم أمام عظيم قدرة الله , وجلالة سلطانه , كم تطالعنا التقارير بعدد المرضى كل يوم , وارتفاع الإصابات وزيادة الأعداد , ومع ما وصلوا إليه من العلم والتقدم في مجال الطب ,فإنه تقف قدرتهم عند حد معين لا يستطيعون تجاوزهم , أو رد أي قضاء يقضيه الله تعالى , يقول سبحانه( قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءاً أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً) (الأحزاب:17)
فيبقى الأمر بيد الله عز وجل ,وهو المتصرف في كونه , فتعزز هذه العقيدة في نفس كل مؤمن ومؤمنة , ويقوى يقينه بوحدانية الله تعالى , وتمام سلطانه , ونفاذ مشيئته .
أيها المسلمون
لقد غابت عن المسلمين عبوديات كثيرة , وغفلوا عن أوامر جليلة أوجبها الله عليهم أو ندبهم إلى فعلها , فجاء هذا المرض ليحيها ويوقظها في حياتهم , ولعل من أهمها \" تحقيق التوكل على الله تعالى \" هذه العبادة التي جاءت النصوص بأهميتها , ونوهت بفضلها , وعلو شأنها , وجعلتها من أخص صفات المؤمنين , وأعلى خصال المتقين, وقد أمر الله بالتوكل فقال (وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) (آل عمران:122) وجعله صفة بارزة للمرسلين ,فقال
(قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) (إبراهيم:11)
وكتب المحبة لأهله فقال ( إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) (آل عمران:159)
والتوكل هو تفويض إلى الله تعالى مع علم العبد بكفاية الله لعبده وحفظه له .
فالمؤمن قد توكل على ربه , وعلق قلبه بمولاه , وفوض أمره إليه , فتجرد من التعلق بالمخلوقين , أو الانصراف للضعفاء مثله والمحتاجين .
ومن تمام التوكل أن يعلم المؤمن أن قضاء الله نافذ فيه , ومشيئته ماضيه , قال تعالى
(قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) (التوبة:51)
وهو على يقين بأن هذه الأمور قد جف القلم منها فعلام الهلع والخوف, فقد قرأ قوله تعالى(مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ) (الحديد:22)
وجاء في حديث جابر بن عبدالله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم \" لا يؤمن عبد حتى يؤمن بالقدر خيره وشره ؛ حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه ، وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه \" صحيح الترمذي .
ومع ذا فهو على يقين بلطف الله بعباده , ورحمته بهم قال تعالى (اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ) (الشورى:19)
فهو يحسن الظن بربه , وعليه أن يكون متوازناً عند كل حدث , فلا الخوف يملأ قلبه , ولا الرعب يملأ فؤاده ,ولا يظن أن الشر لاحقه لا محالة , بل قد أطمأن قدره وقضائه لأن الله حافظ أوليائه إذا توكلوا عليه حق التوكل , جاء في الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما :(حسبنا الله ونعم الوكيل) قالها إبراهيم حينما ألقي في النار, وقال محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه حينما قال لهم الناس أن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم وقال حسينا الله ونعم الوكيل .
ومن التوكل أيها المسلمون الأخذ بالأسباب المشروعة :
ومنها : البعد عن المصابين بهذا المرض , وليس هذا من التطير والشرك فقد جاء في الحديث \" لا عدوى ولا طيرة ، ولا هامة ولا صفر ، وفر من المجذوم كما تفر من الأسد \" أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه
ففي هذا الحديث يرشدنا المصطفى عليه الصلاة والسلام إلى البعد عما كان عليه أهل الجاهلية من اعتقاد العدوى بنفسها دون أمر الله , ويوجهنا إلى الأخذ بالأسباب والبعد عن كل مصاب بمرض قد يكون القرب منه فيه مضرة , وأذى للصحيح , وتتقوى عندنا هذه العقيدة عند مرور هذه الأحداث فقد اجتمع هذا العام في بيت الله الحرام أكثر من ثلاثة ملايين مسلم في ليلة واحدة , ومع ذا حفظهم الله تعالى ولم يكن الأمر كما يصوره الناس , ولم تسجل خلالها أي حالة مرض مع أن الإحصائيات تشير إلى تسجيل أربعة عشر ألف حالة وفاة يوميا بسبب التدخين , ناهيك عن حوادث السيارات .
عباد الله
ومن الأسباب المشروعة الحرص على النظافة , وقد جاء الإسلام بهذا الأمر وحث عليه في كل وقت وآن , وما الطهارة والوضوء وسنيتها عند كل فرض إلا دلالة على هذا الأمر .
ومما حثت عليه الشريعة , المبالغة في المضمضة والاستنشاق , فقد جاء في حديث لقيط في صبرة \" بالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما \". سنن أبي داود
وحث رسول الله على غسل اليدين عند الاستيقاظ من النوم لاحتمال وجود أذى فيها كما جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه \"وإذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يده قبل أن يدخلها في وضوئه ، فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده \". راوه البخاري
ومن تمام النظافة غسل اليدين قبل الأكل وبعده , ومن الآداب العامة تغطية الوجه عند العطاس بثوب ونحوه فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا عطس وضع يده ، أو ثوبه ، على فيه ، وخفض ، أو غض ، بها صوته \" سنن أبي داود
,وإماطة الأذى عن الطريق من شعب الإيمان , والمسلم حريص على كل أمر من شأنه المحافظة على بيئته وفي الجملة فإن الاهتمام بنظافة البدن والثوب والمكان سبب عظيم للحفظ من شر هذا الداء .
عباد الله
ومن الأسباب الشريعة الواقية من كل شر وداء – المحافظة على الأذكار في كل وقت –
خصوصاً أذكار الصباح وأذكار المساء , فهي حافظة بإذن الله للمرء , وواقية له من كل شر, جاء في الصحيح من حديث أبي مسعود عقبة بن عمرو رضي الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال \" من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه \" أخرجه البخاري
قال بعض أهل العلم : كفتاه من كل شر .
ومنها قراءة : قل هو الله أحد و المعوذتين حين تمسي و حين تصبح ثلاث مرات كافية من كل شيء ,جاء في حديث: عبد الله بن خبيب رضي الله عنه , قال :
خرجنا في ليلة مطر و ظلمة شديدة نطلب النبي صلى الله عليه وسلم ليصلي لنا فأدركناه فقال : قل, فلم أقل شيئا ثم قال : قل فلم أقل شيئا ثم قال : قل , فقلت : يا رسول الله ما أقول ؟ قال : قل هو الله أحد و المعوذتين حين تمسي و حين تصبح ثلاث مرات يكفيك من كل شيء\" الفتوحات الربانية - وهو حديث حسن
ومنهاقول \"بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم \" فقد جاء في الحديث أن من قالها في يومه \" لم يضره شئ\"
ومما يحفظ العبد المحافظة على الأدعية الواردة , في أول النهار وآخره وفي كل وقت فهي حافظة للعبد من كل سوء , خصوصاً إذا قالها العبد بقلب حضر ويقين صادق
جاء في حديث عبدالله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
لم يكن يدع هؤلاء الدعوات حين يمسي وحين يصبح \" اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة ، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي ، اللهم استر عورتي وآمن روعاتي ؛ اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي ، وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي \"سنن أبي داود
جاء في حديث عبد الرحمن بن خنبش رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاني جبريل ، فقال : يا محمد ! قل ، قلت : وما أقول ؟ قال : قل : أعوذ بكلمات الله التامات ، التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر ، من شر ما خلق ، وذرأ ، وبرأ ، و من شر ما ينزل من السماء و من شر ما يعرج فيها و من شر ما ذرأ في الأرض و برأ ومن شر ما يخرج منها ، ومن شر فتن الليل والنهار ، ومن شر كل طارق يطرق ، إلا طارقا يطرق بخير ، يا رحمن !\"
صحيح الجامع
بارك الله لي ولكم في القرآن الكريم , ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم , أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين إنه هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانية
أيها المسلم
\"احفظ الله يحفظك \"
منهج ربى عليه محمد صلى الله عليه وسلم أمته ليسلكوه , ويجعلوه دليلا لهم في فيتبعوه , فالعبد إذا حفظ أمر ربه واتبع نهج نبيه عليه الصلاة والسلام , وكان مؤديا لفرضه , حافظاً لجوارحه , حفظه الله من كل سوء , ووقاه من كل شر ,
فما أجدر بنا أن نراجع حالنا مع أوامر ربنا , وهل أديناها كما ينبغي ؟
هل أدينا الصلاة في جماعتها ؟
هل أخرجنا زكاة مالنا طيبةً بها نفوسنا ؟
ً هل قمنا ببر والدينا خير القيام؟
هل ربينا أولادنا حق التربية؟
مراجعات يحسن بالعبد القيام بها , ووقفات حري بالناصح أن يتبعها قال تعالى (وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً) (الجـن:16)
وإن حفظ هذه الأمور تجعل المرء عظيم الصلة بالله , قوي التعلق به ,تكلؤه الرعاية من مولاه , والحفظ من خالقه , ولما أضاع الناس أوامر ربهم والتفتوا إلى الأسباب المادية , تاركين أوامره ورائهم ظهريا وكلهم الله إلى أنفسهم , فكان الضعف والخور ؟, وحلول المصائب , ونزول الشرور .
عباد الله
اعلموا علم اليقين أن كل بأس يحل بالناس , وكل مصيبة تنزل بهم إنما هي بسبب الذنوب والمعاصي قال تعالى (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) (الشورى:30)
فتأمل معي هذه الآية التي فيها الخبر المؤكد أن كل مصيبة تحل الناس إنما هي بسبب ذنوبهم ومعاصيهم , ومهما غفلت وسائل الإعلام أو قنوات التوجيه عن ذكر هذا السبب للناس , أو أنكروا على من ذكّر الناس به ,فهذه الآية برهان على هذه الحقيقة , وتأمل معي قوله تعالى \" من مصيبة\" فهي نكرة تعم كل مصيبة , ومع ذا فانظر إلى رحمة الله \"ويعفو عن كثير\" , جاء في حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى اللله عليه وسلم :\" يا معشر المهاجرين خمس خصال إذا ابتليتم بهن أعوذ بالله أن تدركوهن : لم تظهر الفاحشة في قو قط حتى يعلنوا بها ؛ إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا الحديث
صحيح الترغيب
بل إن هذه الأمراض من رحمته سبحانه ليتذكر العباد تقصيرهم في جنب ربهم عز وجل , وهي نذر لهم لعلهم يعودا ويرجعوا إلى ربهم عز وجل قال سبحانه )ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (الروم:41)
فهو سبحانه يبتلهم ليتعظوا , ويستيقظوا من غفلتهم , وتكون عودتهم لربهم تعالى
وكم انتشرت بين الناس محرمات , وارتُكبت من فواحش , وتجاوزوا حدودا , وفرطوا في واجبات , آما انتشر الربا والزنا , آما فشا العقوق بين الناس , وحصلت القطيعة بين الناس ,فالوحى الوحى عباد الله , والنجا النجا , قبل حلول غضب الله ونزول سخطه .
هذا، وصلُّوا وسلِّمُوا على الرحمة المهداة والنعمة المسداة رسول الله محمد بن عبد الله.
اللهم صلِّ وسلِّمْ وبارك على عبدِك ورسولك محمدٍ، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحابته الغرّ الميامين، وأزواجه أمّهات المؤمنين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
اللّهمّ أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذلَّ الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واجعَل هذا البلد آمنًا مطمئنًّا وسائر بلاد المسلمين. اللهم انشر الأمنَ والاستقرارَ في بلادنا وبلادِ المسلمين، اللهم ادفع عنّا الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللّهمّ انصر من نصر الدين، واخذل الطغاة والملاحدة والمفسدين، اللهم من أرادنا بسوءٍ فأشغله بنفسه، وردَّ كيده في نحره، واجعل دائرة السوء عليه يا رب العالمين...
عادل بن عبدالعزيز المحلاوي
الحمد لله اللطيف بعباده , الرحيم بخلقه , قدر المقادير وكتب الآجال وكل شيء عنده بمقدار , أحمده سبحانه لا رب غيره ولا إله سواه , وأصلي وأسلم على خير خلقه , وصفوة أنبيائه ورسله , محمد ببن عبد الله , صلى الله عليه وعلى آله ومن والاه , أما بعد :
أمّا بعد: فاتَّقوا الله حقَّ التَّقوَى، وتمسَّكوا من الدِّينِ بالعروةِ الوُثقى؛ ففي تقوَى الله صلاحُ الأمور وعِزُّ الدهور وأحسنُ العاقبة يومَ النشور، قال الله تعالى: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا [الطلاق: 5]
أيها المسلمون
حديث الناس إليهم اليوم في مشارق الأرض ومغاربها , عن داء أقض مضاجعهم , وأرهب نفوسهم , وأصبح مادة دسمة لوسائل إعلامهم , ومجالسهم , ومنتدياتهم , وقامت دول بأجهزتها للتصدي له , ووضعت طرق وسبل للوقاية منه , ومن شره وخطره - إنه داء أنفلونزا الجنازير - .
هذا المرض الذي نزل في الناس هذه الأيام , وحل بساحتهم , وانقسم الناس فيه إلى طرفي نقيض - وكلا طرفي الأمور ذميم - فقسم بالغوا في تصوير خطره , وكأن البلاء قد حل في الناس جميعا , ويكاد الهلاك أن يحيط بهم , وقسم تساهل معه وكأن الأمر لا وجود في الواقع , وديننا دين الوسطية , فلا إفراط ولا تفريط , فالمرض له وجود في الواقع , ولكن قد أحاطه الناس بهذه الهالة وعزز ذلك وسائل الإعلام , وعلى المسلم أن لا يُنكر واقعه بل يتعامل معه بواقعية توافق شرع رب العالمين
وسنتحدث اليوم عنه من منظور إسلامي , فديننا العظيم لم يترك لنا شيئا إلا ذكر لنا فيه حُكما وحِكما , علمه من علمه وجهله من جهله ,قال سبحانه ( مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ)(الأنعام: من الآية38)
عباد الله
من المقرر عند المسلمين أن الله كل قضاء يقضيه الله للعباد هو خير لهم وإن رأى البعض أن الشر في ظاهره , ففي باطن هذا الشر الخير الكثير
ولقد كان من ثناء النبي عليه الصلاة والسلام على ربه \" والشر ليس إليك \" .
ولأن كان أهل الكفر يجهلون الحكم الجليلة لأحكام الله وأقداره , فحري بأهل الإسلام أن يفقهوا عن ربهم حِكمها , وأن يوقنوا أن كل قضاء يقضيه الله تعالى فيه حكم جليلة , ومقاصد عظيمة وبذا تطمئن قلوبهم لكل قضاء يقضيه الله تعالى على عباده , وسنذكر هنا معالم عامة أيدتها نصوص الشريعة , وطرق واقية بإذن الله تعالى من هذا الشر .
عباد الله
في مثل هذه الأحداث يقوى يقين المرء بوحدانيته لله تعالى , فالكون كله تحت أمره سبحانه وسيره بإرادته , فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن , وهو سبحانه المالك المتصرف في الكون قال سبحانه (لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (المائدة:120)
وانظر إلى عجز البشر, ووقفوهم أمام عظيم قدرة الله , وجلالة سلطانه , كم تطالعنا التقارير بعدد المرضى كل يوم , وارتفاع الإصابات وزيادة الأعداد , ومع ما وصلوا إليه من العلم والتقدم في مجال الطب ,فإنه تقف قدرتهم عند حد معين لا يستطيعون تجاوزهم , أو رد أي قضاء يقضيه الله تعالى , يقول سبحانه( قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءاً أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً) (الأحزاب:17)
فيبقى الأمر بيد الله عز وجل ,وهو المتصرف في كونه , فتعزز هذه العقيدة في نفس كل مؤمن ومؤمنة , ويقوى يقينه بوحدانية الله تعالى , وتمام سلطانه , ونفاذ مشيئته .
أيها المسلمون
لقد غابت عن المسلمين عبوديات كثيرة , وغفلوا عن أوامر جليلة أوجبها الله عليهم أو ندبهم إلى فعلها , فجاء هذا المرض ليحيها ويوقظها في حياتهم , ولعل من أهمها \" تحقيق التوكل على الله تعالى \" هذه العبادة التي جاءت النصوص بأهميتها , ونوهت بفضلها , وعلو شأنها , وجعلتها من أخص صفات المؤمنين , وأعلى خصال المتقين, وقد أمر الله بالتوكل فقال (وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) (آل عمران:122) وجعله صفة بارزة للمرسلين ,فقال
(قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) (إبراهيم:11)
وكتب المحبة لأهله فقال ( إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) (آل عمران:159)
والتوكل هو تفويض إلى الله تعالى مع علم العبد بكفاية الله لعبده وحفظه له .
فالمؤمن قد توكل على ربه , وعلق قلبه بمولاه , وفوض أمره إليه , فتجرد من التعلق بالمخلوقين , أو الانصراف للضعفاء مثله والمحتاجين .
ومن تمام التوكل أن يعلم المؤمن أن قضاء الله نافذ فيه , ومشيئته ماضيه , قال تعالى
(قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) (التوبة:51)
وهو على يقين بأن هذه الأمور قد جف القلم منها فعلام الهلع والخوف, فقد قرأ قوله تعالى(مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ) (الحديد:22)
وجاء في حديث جابر بن عبدالله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم \" لا يؤمن عبد حتى يؤمن بالقدر خيره وشره ؛ حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه ، وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه \" صحيح الترمذي .
ومع ذا فهو على يقين بلطف الله بعباده , ورحمته بهم قال تعالى (اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ) (الشورى:19)
فهو يحسن الظن بربه , وعليه أن يكون متوازناً عند كل حدث , فلا الخوف يملأ قلبه , ولا الرعب يملأ فؤاده ,ولا يظن أن الشر لاحقه لا محالة , بل قد أطمأن قدره وقضائه لأن الله حافظ أوليائه إذا توكلوا عليه حق التوكل , جاء في الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما :(حسبنا الله ونعم الوكيل) قالها إبراهيم حينما ألقي في النار, وقال محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه حينما قال لهم الناس أن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم وقال حسينا الله ونعم الوكيل .
ومن التوكل أيها المسلمون الأخذ بالأسباب المشروعة :
ومنها : البعد عن المصابين بهذا المرض , وليس هذا من التطير والشرك فقد جاء في الحديث \" لا عدوى ولا طيرة ، ولا هامة ولا صفر ، وفر من المجذوم كما تفر من الأسد \" أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه
ففي هذا الحديث يرشدنا المصطفى عليه الصلاة والسلام إلى البعد عما كان عليه أهل الجاهلية من اعتقاد العدوى بنفسها دون أمر الله , ويوجهنا إلى الأخذ بالأسباب والبعد عن كل مصاب بمرض قد يكون القرب منه فيه مضرة , وأذى للصحيح , وتتقوى عندنا هذه العقيدة عند مرور هذه الأحداث فقد اجتمع هذا العام في بيت الله الحرام أكثر من ثلاثة ملايين مسلم في ليلة واحدة , ومع ذا حفظهم الله تعالى ولم يكن الأمر كما يصوره الناس , ولم تسجل خلالها أي حالة مرض مع أن الإحصائيات تشير إلى تسجيل أربعة عشر ألف حالة وفاة يوميا بسبب التدخين , ناهيك عن حوادث السيارات .
عباد الله
ومن الأسباب المشروعة الحرص على النظافة , وقد جاء الإسلام بهذا الأمر وحث عليه في كل وقت وآن , وما الطهارة والوضوء وسنيتها عند كل فرض إلا دلالة على هذا الأمر .
ومما حثت عليه الشريعة , المبالغة في المضمضة والاستنشاق , فقد جاء في حديث لقيط في صبرة \" بالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما \". سنن أبي داود
وحث رسول الله على غسل اليدين عند الاستيقاظ من النوم لاحتمال وجود أذى فيها كما جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه \"وإذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يده قبل أن يدخلها في وضوئه ، فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده \". راوه البخاري
ومن تمام النظافة غسل اليدين قبل الأكل وبعده , ومن الآداب العامة تغطية الوجه عند العطاس بثوب ونحوه فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا عطس وضع يده ، أو ثوبه ، على فيه ، وخفض ، أو غض ، بها صوته \" سنن أبي داود
,وإماطة الأذى عن الطريق من شعب الإيمان , والمسلم حريص على كل أمر من شأنه المحافظة على بيئته وفي الجملة فإن الاهتمام بنظافة البدن والثوب والمكان سبب عظيم للحفظ من شر هذا الداء .
عباد الله
ومن الأسباب الشريعة الواقية من كل شر وداء – المحافظة على الأذكار في كل وقت –
خصوصاً أذكار الصباح وأذكار المساء , فهي حافظة بإذن الله للمرء , وواقية له من كل شر, جاء في الصحيح من حديث أبي مسعود عقبة بن عمرو رضي الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال \" من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه \" أخرجه البخاري
قال بعض أهل العلم : كفتاه من كل شر .
ومنها قراءة : قل هو الله أحد و المعوذتين حين تمسي و حين تصبح ثلاث مرات كافية من كل شيء ,جاء في حديث: عبد الله بن خبيب رضي الله عنه , قال :
خرجنا في ليلة مطر و ظلمة شديدة نطلب النبي صلى الله عليه وسلم ليصلي لنا فأدركناه فقال : قل, فلم أقل شيئا ثم قال : قل فلم أقل شيئا ثم قال : قل , فقلت : يا رسول الله ما أقول ؟ قال : قل هو الله أحد و المعوذتين حين تمسي و حين تصبح ثلاث مرات يكفيك من كل شيء\" الفتوحات الربانية - وهو حديث حسن
ومنهاقول \"بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم \" فقد جاء في الحديث أن من قالها في يومه \" لم يضره شئ\"
ومما يحفظ العبد المحافظة على الأدعية الواردة , في أول النهار وآخره وفي كل وقت فهي حافظة للعبد من كل سوء , خصوصاً إذا قالها العبد بقلب حضر ويقين صادق
جاء في حديث عبدالله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
لم يكن يدع هؤلاء الدعوات حين يمسي وحين يصبح \" اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة ، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي ، اللهم استر عورتي وآمن روعاتي ؛ اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي ، وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي \"سنن أبي داود
جاء في حديث عبد الرحمن بن خنبش رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاني جبريل ، فقال : يا محمد ! قل ، قلت : وما أقول ؟ قال : قل : أعوذ بكلمات الله التامات ، التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر ، من شر ما خلق ، وذرأ ، وبرأ ، و من شر ما ينزل من السماء و من شر ما يعرج فيها و من شر ما ذرأ في الأرض و برأ ومن شر ما يخرج منها ، ومن شر فتن الليل والنهار ، ومن شر كل طارق يطرق ، إلا طارقا يطرق بخير ، يا رحمن !\"
صحيح الجامع
بارك الله لي ولكم في القرآن الكريم , ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم , أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين إنه هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانية
أيها المسلم
\"احفظ الله يحفظك \"
منهج ربى عليه محمد صلى الله عليه وسلم أمته ليسلكوه , ويجعلوه دليلا لهم في فيتبعوه , فالعبد إذا حفظ أمر ربه واتبع نهج نبيه عليه الصلاة والسلام , وكان مؤديا لفرضه , حافظاً لجوارحه , حفظه الله من كل سوء , ووقاه من كل شر ,
فما أجدر بنا أن نراجع حالنا مع أوامر ربنا , وهل أديناها كما ينبغي ؟
هل أدينا الصلاة في جماعتها ؟
هل أخرجنا زكاة مالنا طيبةً بها نفوسنا ؟
ً هل قمنا ببر والدينا خير القيام؟
هل ربينا أولادنا حق التربية؟
مراجعات يحسن بالعبد القيام بها , ووقفات حري بالناصح أن يتبعها قال تعالى (وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً) (الجـن:16)
وإن حفظ هذه الأمور تجعل المرء عظيم الصلة بالله , قوي التعلق به ,تكلؤه الرعاية من مولاه , والحفظ من خالقه , ولما أضاع الناس أوامر ربهم والتفتوا إلى الأسباب المادية , تاركين أوامره ورائهم ظهريا وكلهم الله إلى أنفسهم , فكان الضعف والخور ؟, وحلول المصائب , ونزول الشرور .
عباد الله
اعلموا علم اليقين أن كل بأس يحل بالناس , وكل مصيبة تنزل بهم إنما هي بسبب الذنوب والمعاصي قال تعالى (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) (الشورى:30)
فتأمل معي هذه الآية التي فيها الخبر المؤكد أن كل مصيبة تحل الناس إنما هي بسبب ذنوبهم ومعاصيهم , ومهما غفلت وسائل الإعلام أو قنوات التوجيه عن ذكر هذا السبب للناس , أو أنكروا على من ذكّر الناس به ,فهذه الآية برهان على هذه الحقيقة , وتأمل معي قوله تعالى \" من مصيبة\" فهي نكرة تعم كل مصيبة , ومع ذا فانظر إلى رحمة الله \"ويعفو عن كثير\" , جاء في حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى اللله عليه وسلم :\" يا معشر المهاجرين خمس خصال إذا ابتليتم بهن أعوذ بالله أن تدركوهن : لم تظهر الفاحشة في قو قط حتى يعلنوا بها ؛ إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا الحديث
صحيح الترغيب
بل إن هذه الأمراض من رحمته سبحانه ليتذكر العباد تقصيرهم في جنب ربهم عز وجل , وهي نذر لهم لعلهم يعودا ويرجعوا إلى ربهم عز وجل قال سبحانه )ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (الروم:41)
فهو سبحانه يبتلهم ليتعظوا , ويستيقظوا من غفلتهم , وتكون عودتهم لربهم تعالى
وكم انتشرت بين الناس محرمات , وارتُكبت من فواحش , وتجاوزوا حدودا , وفرطوا في واجبات , آما انتشر الربا والزنا , آما فشا العقوق بين الناس , وحصلت القطيعة بين الناس ,فالوحى الوحى عباد الله , والنجا النجا , قبل حلول غضب الله ونزول سخطه .
هذا، وصلُّوا وسلِّمُوا على الرحمة المهداة والنعمة المسداة رسول الله محمد بن عبد الله.
اللهم صلِّ وسلِّمْ وبارك على عبدِك ورسولك محمدٍ، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحابته الغرّ الميامين، وأزواجه أمّهات المؤمنين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
اللّهمّ أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذلَّ الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واجعَل هذا البلد آمنًا مطمئنًّا وسائر بلاد المسلمين. اللهم انشر الأمنَ والاستقرارَ في بلادنا وبلادِ المسلمين، اللهم ادفع عنّا الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللّهمّ انصر من نصر الدين، واخذل الطغاة والملاحدة والمفسدين، اللهم من أرادنا بسوءٍ فأشغله بنفسه، وردَّ كيده في نحره، واجعل دائرة السوء عليه يا رب العالمين...