حديث قدسي
قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم:
"لَمَّا خَلَقَ الله آدَمَ وَنَفَخَ فيهِ الرُوْحَ عَطَس، فَقَالَ: الْحَمْدُ لله، فَحَمِدَ الله بإِذْنِهِ، فَقَالَ لَهُ رَبُهُ: رَحِمُكَ الله يَا آدَمُ، اذْهَبْ إِلى أولئك المَلاَئِكَةِ ، إِلى مَلإٍ مِنْهُمْ جُلُوسٍ ، فَقُلِ: السَّلام عَلَيْكُمْ، قَالُوا: وَعَلَيْكَ السَّلام وَرَحْمَةُ الله، ثُمَ رَجَعَ إلى رَبِهِ فقالَ: إنَّ هَذِهِ تَحِيَتُكَ وَتَحِيَةُ بَنِيكَ بَيْنَهُمْ، فَقَالَ الله لَهُ وَيَدَاهُ مَقْبُوضَتَانِ: اخْتَرْ أَيَهُمَا شِئْتَ، قَالَ: اخْتَرْتُ يَمِينَ رَبِي، وكِلْتَا يَدَيْ رَبِي يَمِينٌ مُبَارَكَةٌ، ثُمَ بَسَطَهَا فإِذَا فِيها آدَمُ وذُرِيَتُهُ، فَقَال: أيْ رَب مَا هَؤُلاَءِ ؟ قَالَ: هَؤُلاَءِ ذُرِيَتُكَ، فَإِذَا كُلُ إنْسَانٍ مَكْتُوبٌ عُمْرُهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، فَإِذَا فِيهم رَجُلٌ أَضْوَؤُهُم، أوْ مِنْ أضْوَئِهِم، قَالَ: يا رَب مَنْ هَذَا ؟ قَالَ: هَذَا ابْنُكَ دَاوُدُ، وَقَدْ كَتَبْتُ لَهُ عُمْرَ أَرْبَعينَ سَنَةً، قَالَ: يا رَب زِدْهُ في عُمْرِهِ، قَالَ: ذَاكَ الَذِي كَتَبْتُ لَهُ، قَالَ: أيْ رَب فَإِنِي قَدْ جَعَلْتُ لَهُ مِنْ عُمْرِي سِتِينَ سَنَةً، قَالَ: أَنْتَ وَذَاكَ، قَالَ: ثُمَ أُسْكِنَ الجَنَّة مَا شَاءَ الله، ثُم أُهْبِطَ مِنْهَا، فَكَانَ آدَمُ يَعُدُ لِنَفْسِهِ، قَالَ: فَأَتَاهُ مَلَكُ المَوْتِ، فَقَالَ لَهُ آدَمُ: قَدْ عَجِلْتَ، قَدْ كُتِبَ لِي أَلفُ سَنَةٍ، قَالَ: بَلَى، وَلَكِنَكَ جَعَلْتَ لابْنِكَ دَاوُدَ سِتِينَ سَنَةً، فَجَحَدَ فَجَحَدَتْ ذُرِيَتُهُ، وَنَسِيَ فَنَسِيَتْ ذُرِيَتُه، قَالَ: فَمِنْ يَوْمَئِذٍ أُمِرَ بالكِتَابِ والشُهُودِ."
رواه الحاكم والترمذي وقَالَ الألباني: صحيح ( صحيح الجامع ).( صحيح الجامع: 5209 ).
شرح الحديث
قَالَ المباركفوري في تحفة الأحوذي:
قوله: "عطس" من باب نصر وضرب "فقَالَ الحمد لله" أي فأراد أن يقول الحمد لله "فحمد الله بإذنه" أي بأمره وحكمه أو بقضائه وقدره أو بتيسيره وتوفيقه.
وقوله (إلى ملإ منهم) يحتمل أن يكون بدلاً فيكون من كلام الله تعالى، ويحتمل أن يكون حالاً فيكون من كلام رسول الله صَلَّى الله عليه وَسَلَّم بياناً لكلام الله تعالى وهو إلى الحال أقرب منه إلى البدل، يعني قَالَ الله تعالى: أولئك مشيراً به إلى ملإ منهم (جلوس) بالجر صفة ملأ أي جالسين أو ذوي جلوس "فقل السَّلام عليكم.
قالوا وعليك السَّلام ورحمة الله" هذا اختصار والتقدير: فقل السَّلام عليكم فذهب آدم إليهم فقَالَ السَّلام عليكم فقَالَ وعليك السَّلام ورحمة الله "قال" أي الرب سبحانه "إن هذه" أي الكلمات المذكورة "وتحية بنيك" فيه تغليب أي ذريتك "بينهم" أي فيما بينهم عند ملاقاتهم فهذه سنة قديمة (ويداه مقبوضتان) الجملة حال والضمير لله.
وعن قوله (اختر أيهما) أي من اليدين. وفي المشكاة أيتهما وهو الظاهر (وكلتا يدي ربي يمين) من كلام آدم أو من كلام النبي صَلَّى الله عليه وَسَلَّم
وقوله: (مباركة) صفة كاشفة (ثم بسطها) أي فتح الرب سبحانه وتعالى يمينه (فإذا فيها) أي موجود
(آدم وذريته) قَالَ الطيبي: يقول النبي صَلَّى الله عليه وَسَلَّم يعني رأى آدم مثاله ومثال بنيه في عالم الغيب (هؤلاء ذريتك) الظاهر من كونهم في اليمين اختصاصهم بالصالحين من أصحاب اليمين والمقربين ويدل عليه أيضاً قوله: فإذا كل إنسان الخ
(فإذا فيهم رجل أضوؤهم) فيه دلالة على أن لكلهم ضياء لكنه يختلف فيهم بحسب نور إيمانهم (أو من أضوئهم) الظاهر أنه شك من الراوي.
وعن قوله (مَن هذا) قَالَ الطيبي ذكر أوَّلاً مَا هؤلاء لأنه مَا عرف مَا رآه ثم لما قيل له هم ذريتك فعرفهم فقَالَ من هذا (وقد كتبت له عمر أربعين سنة) قَالَ الطيبي: قوله عمر أربعين مفعول كتبت ومؤدي المكتوب لأن المكتوب عمره أربعون سنة ونصب أربعين على المصدر على تأويل كتبت له أن يعمر أربعين سنة (قَالَ يا رب زده في عمره) أي من عندك وفضلك.
وعن قوله (ذاك الذي كتبت له) ففي بعض النسخ بصيغة المجهول، وفي بعض النسخ: كتبت بصيغة المتكلم المعلوم، قَالَ الطيبي: ذاك الذي مبتدأ وخبر معرفتان فيفيد الحصر أي لا مزيد على ذلك ولا نقصان (قال) يعني آدم (أي رب) أي يا رب (فإني) أي إذا أبيت من عندك فإني (قد جعلت له من عمري) أي من جملة مدة عمري وسنيه (ستين سنة) أي تكملة للمائة، والظاهر أن المراد بهذا الخبر الدعاء والاستدعاء من ربه أن يجعله سبحانه كذلك فإِنَّ أحداً لم يقدر على هذا الجعل، وقوله قد جعلت له من عمري ستين سنة هنا يخالف مَا وقع في رواية أبي هريرة في تفسير سورة الأعراف بلفظ: زده من عمري أربعين سنة وقد تقدم وجه الجمع هناك (قَالَ أنت وذاك) قَالَ القاري: يحتمل البراءة ويحتمل الإجابة. وقَالَ الطيبي: هو نحو قولهم كل رجل وضيعته أي أنت مع مطلوبك مقرونان.
(ثم أُسْكِنَ) بصيغة المجهول من الإسكان (ثم أُهْبِطَ) أي أُنْزِلَ (منها) أي من الجَنَّة (يعد لنفسه) أي يقدر له ويراعي أوقات أجله سنة فسنة (فأتاه ملك الموت) أي امتحاناً بعد تمام تسعمائة وأربعين سنة (قد عجلت) بكسر الجيم أي استعجلت وجئت قبل أوانه (فجحد) أي أنكر آدم (فجحدت ذريته) أي بناء على أن الولد من سر أبيه (ونسي فنسيت ذريته) لأن الولد من طينة أبيه، والظاهر أن معناه أن آدم نسي هذه القضية فجحد فيكون اعتذاراً له إذ يَبْعُد منه عليه السَّلام أن ينكر مع التذكر (قال) أي النبي صَلَّى الله عليه وَسَلَّم (أُمِرَ) بصيغة المجهول أي أمر الناس أو الغائب (بالكتاب والشهود) أي بكتابة القضايا والشهود فيها.
قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم:
"لَمَّا خَلَقَ الله آدَمَ وَنَفَخَ فيهِ الرُوْحَ عَطَس، فَقَالَ: الْحَمْدُ لله، فَحَمِدَ الله بإِذْنِهِ، فَقَالَ لَهُ رَبُهُ: رَحِمُكَ الله يَا آدَمُ، اذْهَبْ إِلى أولئك المَلاَئِكَةِ ، إِلى مَلإٍ مِنْهُمْ جُلُوسٍ ، فَقُلِ: السَّلام عَلَيْكُمْ، قَالُوا: وَعَلَيْكَ السَّلام وَرَحْمَةُ الله، ثُمَ رَجَعَ إلى رَبِهِ فقالَ: إنَّ هَذِهِ تَحِيَتُكَ وَتَحِيَةُ بَنِيكَ بَيْنَهُمْ، فَقَالَ الله لَهُ وَيَدَاهُ مَقْبُوضَتَانِ: اخْتَرْ أَيَهُمَا شِئْتَ، قَالَ: اخْتَرْتُ يَمِينَ رَبِي، وكِلْتَا يَدَيْ رَبِي يَمِينٌ مُبَارَكَةٌ، ثُمَ بَسَطَهَا فإِذَا فِيها آدَمُ وذُرِيَتُهُ، فَقَال: أيْ رَب مَا هَؤُلاَءِ ؟ قَالَ: هَؤُلاَءِ ذُرِيَتُكَ، فَإِذَا كُلُ إنْسَانٍ مَكْتُوبٌ عُمْرُهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، فَإِذَا فِيهم رَجُلٌ أَضْوَؤُهُم، أوْ مِنْ أضْوَئِهِم، قَالَ: يا رَب مَنْ هَذَا ؟ قَالَ: هَذَا ابْنُكَ دَاوُدُ، وَقَدْ كَتَبْتُ لَهُ عُمْرَ أَرْبَعينَ سَنَةً، قَالَ: يا رَب زِدْهُ في عُمْرِهِ، قَالَ: ذَاكَ الَذِي كَتَبْتُ لَهُ، قَالَ: أيْ رَب فَإِنِي قَدْ جَعَلْتُ لَهُ مِنْ عُمْرِي سِتِينَ سَنَةً، قَالَ: أَنْتَ وَذَاكَ، قَالَ: ثُمَ أُسْكِنَ الجَنَّة مَا شَاءَ الله، ثُم أُهْبِطَ مِنْهَا، فَكَانَ آدَمُ يَعُدُ لِنَفْسِهِ، قَالَ: فَأَتَاهُ مَلَكُ المَوْتِ، فَقَالَ لَهُ آدَمُ: قَدْ عَجِلْتَ، قَدْ كُتِبَ لِي أَلفُ سَنَةٍ، قَالَ: بَلَى، وَلَكِنَكَ جَعَلْتَ لابْنِكَ دَاوُدَ سِتِينَ سَنَةً، فَجَحَدَ فَجَحَدَتْ ذُرِيَتُهُ، وَنَسِيَ فَنَسِيَتْ ذُرِيَتُه، قَالَ: فَمِنْ يَوْمَئِذٍ أُمِرَ بالكِتَابِ والشُهُودِ."
رواه الحاكم والترمذي وقَالَ الألباني: صحيح ( صحيح الجامع ).( صحيح الجامع: 5209 ).
شرح الحديث
قَالَ المباركفوري في تحفة الأحوذي:
قوله: "عطس" من باب نصر وضرب "فقَالَ الحمد لله" أي فأراد أن يقول الحمد لله "فحمد الله بإذنه" أي بأمره وحكمه أو بقضائه وقدره أو بتيسيره وتوفيقه.
وقوله (إلى ملإ منهم) يحتمل أن يكون بدلاً فيكون من كلام الله تعالى، ويحتمل أن يكون حالاً فيكون من كلام رسول الله صَلَّى الله عليه وَسَلَّم بياناً لكلام الله تعالى وهو إلى الحال أقرب منه إلى البدل، يعني قَالَ الله تعالى: أولئك مشيراً به إلى ملإ منهم (جلوس) بالجر صفة ملأ أي جالسين أو ذوي جلوس "فقل السَّلام عليكم.
قالوا وعليك السَّلام ورحمة الله" هذا اختصار والتقدير: فقل السَّلام عليكم فذهب آدم إليهم فقَالَ السَّلام عليكم فقَالَ وعليك السَّلام ورحمة الله "قال" أي الرب سبحانه "إن هذه" أي الكلمات المذكورة "وتحية بنيك" فيه تغليب أي ذريتك "بينهم" أي فيما بينهم عند ملاقاتهم فهذه سنة قديمة (ويداه مقبوضتان) الجملة حال والضمير لله.
وعن قوله (اختر أيهما) أي من اليدين. وفي المشكاة أيتهما وهو الظاهر (وكلتا يدي ربي يمين) من كلام آدم أو من كلام النبي صَلَّى الله عليه وَسَلَّم
وقوله: (مباركة) صفة كاشفة (ثم بسطها) أي فتح الرب سبحانه وتعالى يمينه (فإذا فيها) أي موجود
(آدم وذريته) قَالَ الطيبي: يقول النبي صَلَّى الله عليه وَسَلَّم يعني رأى آدم مثاله ومثال بنيه في عالم الغيب (هؤلاء ذريتك) الظاهر من كونهم في اليمين اختصاصهم بالصالحين من أصحاب اليمين والمقربين ويدل عليه أيضاً قوله: فإذا كل إنسان الخ
(فإذا فيهم رجل أضوؤهم) فيه دلالة على أن لكلهم ضياء لكنه يختلف فيهم بحسب نور إيمانهم (أو من أضوئهم) الظاهر أنه شك من الراوي.
وعن قوله (مَن هذا) قَالَ الطيبي ذكر أوَّلاً مَا هؤلاء لأنه مَا عرف مَا رآه ثم لما قيل له هم ذريتك فعرفهم فقَالَ من هذا (وقد كتبت له عمر أربعين سنة) قَالَ الطيبي: قوله عمر أربعين مفعول كتبت ومؤدي المكتوب لأن المكتوب عمره أربعون سنة ونصب أربعين على المصدر على تأويل كتبت له أن يعمر أربعين سنة (قَالَ يا رب زده في عمره) أي من عندك وفضلك.
وعن قوله (ذاك الذي كتبت له) ففي بعض النسخ بصيغة المجهول، وفي بعض النسخ: كتبت بصيغة المتكلم المعلوم، قَالَ الطيبي: ذاك الذي مبتدأ وخبر معرفتان فيفيد الحصر أي لا مزيد على ذلك ولا نقصان (قال) يعني آدم (أي رب) أي يا رب (فإني) أي إذا أبيت من عندك فإني (قد جعلت له من عمري) أي من جملة مدة عمري وسنيه (ستين سنة) أي تكملة للمائة، والظاهر أن المراد بهذا الخبر الدعاء والاستدعاء من ربه أن يجعله سبحانه كذلك فإِنَّ أحداً لم يقدر على هذا الجعل، وقوله قد جعلت له من عمري ستين سنة هنا يخالف مَا وقع في رواية أبي هريرة في تفسير سورة الأعراف بلفظ: زده من عمري أربعين سنة وقد تقدم وجه الجمع هناك (قَالَ أنت وذاك) قَالَ القاري: يحتمل البراءة ويحتمل الإجابة. وقَالَ الطيبي: هو نحو قولهم كل رجل وضيعته أي أنت مع مطلوبك مقرونان.
(ثم أُسْكِنَ) بصيغة المجهول من الإسكان (ثم أُهْبِطَ) أي أُنْزِلَ (منها) أي من الجَنَّة (يعد لنفسه) أي يقدر له ويراعي أوقات أجله سنة فسنة (فأتاه ملك الموت) أي امتحاناً بعد تمام تسعمائة وأربعين سنة (قد عجلت) بكسر الجيم أي استعجلت وجئت قبل أوانه (فجحد) أي أنكر آدم (فجحدت ذريته) أي بناء على أن الولد من سر أبيه (ونسي فنسيت ذريته) لأن الولد من طينة أبيه، والظاهر أن معناه أن آدم نسي هذه القضية فجحد فيكون اعتذاراً له إذ يَبْعُد منه عليه السَّلام أن ينكر مع التذكر (قال) أي النبي صَلَّى الله عليه وَسَلَّم (أُمِرَ) بصيغة المجهول أي أمر الناس أو الغائب (بالكتاب والشهود) أي بكتابة القضايا والشهود فيها.