( الارهاب ضد المسلمين )
الإرهاب ضد المسلمين
الخطبة الأولى
أما بعد أيها الاخوة المؤمنون :
أحداث جسيمة وفتن عظيمة .. طبول الحرب وأصوات القصف تصم الآذان ، وصور المآسي بادية للعيان ، تجدد الأحزان والكلام لا ينقطع عن الإرهاب وما يتعلق بمكافحته .. ولعل كثير من الناس يتسائل : كم هي ملتبسة هذه الأمور وكم هي مشتبهة تلك الأحداث وكم مختلطة ومتداخلة تلك الوقائع .
ونحن نقف بعض الوقفات التي يرى كل منصفٍ وعاقلٍ وكل متجرد عن الهوى والميل والتعصب أين هو هذا الإرهاب ؟ ومن هم فاعلوه ؟ ومن هم حملة رايته ؟ ومن هم الذين يجددونه أو يحيونه أو يبعثونه ويستنبتونه في الأرض ؟ ولست أريد أن أتحدث بلسان المسلمين ؛ لأنهم اليوم - وللأسف الشديد - متهمون .. نريد أن نتحدث بلسان القوم ، ونريد أن نستنطق شواهد الواقع التي لا يستطيع أحد إنكارها إلا إن أنكر وجود الشمس والقمر .
مقالة لكاتب أمريكي في صحيفة أمريكية ، يذكر فيها صور من الإرهاب ، لكنه لم يذكرها في شرقٍ من الأرض أو في غربها ،لم يقص علينا ما تقصه علينا وسائل الإعلام العالمية التي صمّت آذاننا ، وأعيت قلوبنا ، وأزهقت نفوسنا بما تردده من كلام أكثره باطل وكثير منه مزوّر ، يقول هذا في قصص يذكرها ويذكر أسماء فاعليها ولا أحب ذكر الأسماء عموماً .
رجل يهودي مستوطن متعصب معه اثنا عشر من أتباعه يخرجون إلى الطريق السريع رقم ستين في الضفة الغربية ، ويضعون فيه الصخور ويعترضونه بالأسلاك الشائكة ، ويحرقون فيه الإطارات ثم يتخندقون على جانبيه . ويقول هذا اليهودي الإرهابي المتعصب لأتباعه : " اقتلوا أكبر عدد ممكن من العرب مصاصي الدماء ، فنحن نقوم بما لم يستطع شارون فعله وهو قتل أبناء ... - من سب قبيح لا يليق مقامنا هذا بذكره ولا خُلقنا بنطقه - ثم من هو هذا اليهودي ؟ يهودي عمره اثنان وأربعون عاماً لم يصل إلى إسرائيل ويستوطن فيها إلا قبل ثلاث سنوات قادماً من نيويورك العاصمة الاقتصادية للدولة العظمى ، ثم يقول : إن لم يستطع شارون أن يخلصنا من الدنس الإسلامي فسنفعل ذلك بأيدينا " .
ويمضي الكاتب ليخبرنا أن نسبة المستوطنين في الخليل من عدد السكان نصف في المائة وأنهم يتمتعون بعشرين بالمائة من مساحتها ، وأنه يفرض على أهل الأرض حظر التجول في كل المناطق التي تحيط بهؤلاء المستوطنين ، حتى إنهم لا يستطيعون نقل مرضاهم إلى المستشفيات لأجل ذلك .
ثم يخبرنا الكاتب أن هذه المعادلة الظالمة الجائرة تكللت في هذا الأسبوع الذي المنصرم باجتياح جزئي بالدبابات والجنود في أرض الخليل حتى إن القوات الأوروبية للمراقبة التي تريد أن تبيّن الحقائق ، يقول زعيم فرقتها - وهو نرويجي الجنسية - متشكياً من ظلم اليهود وإرهابهم وعسفهم : "كل يوم نُشتم ونُضرب حتى باتت حياتنا هنا مستحيلة " ، ثم يمضي الكاتب ليخبرنا عن قصة رجل فلسطيني اسمه أحمد عمره خمسة وخمسون عاماً جاء اليهود ثلاثة مرات ليحطموا دكانه الصغير وليضربوه ويلكموه في كل مرة ، ثم نكتشف أن هذا الفلسطيني رجل أعمى لا يبصر ولا يرى ولا يستطيع أن يدفع عن نفسه .
ثم يحدثونك عن الإرهاب هنا أو هناك ويمضي الكاتب وهو أمريكي في صحيفة أمريكية يومية شهيرة ليذكر لنا قصة جابر الفلسطيني الذي سمم اليهود له مائة وثلاثة وعشرين رأساً من الغنم هي كل ثروته وهو يصور لنا حالته وهو يدفنها وهو يقول : " اليوم سمموا أغنامي وغداً يسممون أولادي " .
ثم ينطلق الكاتب ليخبرنا أن إرهاب اليهود لم يكن مقتصراً على هذه الأفعال الإجرامية الوحشية البشعة ، وإنما إلى ما هو أعظم من ذلك وهو الاعتداء الديني على المقدسات ويخبرنا بما يكتبونه ونحن قد سمعنا ذلك كثيراً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن القرآن وعن دين الإسلام يكتبونه على الطرقات وعلى الجدران في ألفاظ كلها فُجر وعُهر وكفر ونوعاً من التحدي الصارخ ، ثم يخبرنا أيضاً عن المضايقات التي تتعرض لها النساء المحجبات وما يتعرضن له من النقد ومن خلع الحجاب ونحو ذلك ، ويذكر لنا قصصاً كثيرة حتى أنه يبرز أن بعض الجنود الإسرائيليين يتذمرون ويضيقون من إرهاب هؤلاء المستوطنين المتطرفين ، فيقول أحدهم : " لا أصدق أننا نخاطر بحياتنا لأجل حماية هؤلاء المهوسيين المتطرفين " .. لم نقل نحن أنهم متطرفون ! بل قال اليهود من بني جلدتهم وديانتهم بل ومن جنود جيوشهم الذين يحمونه ويدافعون عنه .
ولكن هذه الأحداث الذي يذكرها الكاتب يذكرها من أخبار أسبوعه الذي مرّ به ، فكيف إذا رجعنا إلى شريط الأحداث هل نستطيع أن ننسى ما فُعل بالركّع السجّد في مسجد الخليل - عليه السلام - في صلاة الفجر عندما قُتل تسعة وعشرون وجُرح كثيرون آخرون ؟ أم هل نستطيع أن ننسى ما وقع في بحر البقر أو في دير ياسين أو في غيرها ؟
ثم نرجع مرة أخرى إلى إحصاءات مصدرها من القوم أنفسهم ليست من عندنا استمعوا إلى الأرقام التي لا يراد لها أن تظهر ولا أن تشهر ولا أن تعرف حتى تعرف حقائق الأمور 261ألف قتيل ، نسأل الله أن يكونوا شهداء . في فلسطين في خلال هذه الفترة الإحتلالية التي تقدر تقديراً جزافياً وهذه الإحصائية في بداية التسعينات 186ألف جريح 161ألف معوّق وأكثر من مليوني مهاجر صاروا اليوم في بقاع الأرض 5 ملايين من خلال الأعوام التي تجاوزت الخمسين .
ألم يكن هذا كله إضافة إلى عام انتفاضة وإلى انتفاضة سابقة وإلى أحوال ؟ ألم يكن فيها دماء تُسفك ؟ ألم تكن فيها أرواح تُزهق ؟ ألم تكن فيها بيوت تهدم ؟ ألم تكن فيها مساجد تدنّس ؟ ألم يكن فيها أقوام يُهجّرون ويُرحّلون ؟ أليسوا هؤلاء من البشر أم أن دمائهم من الماء ؟ أم أن أرواحهم هباء ؟ أم أنهم ليسوا إلا أقل من الحيوانات أو البهائم التي نجد في الغرب لها مؤسسات ضخمة ترعى حقوق الحيوان وتصرف على هذه الحيوانات أضعاف ما يُصرف على ميزانيات دول كثيرة في بعض البلاد الفقيرة في آسيا وفي أفريقيا وفي غيرها ..
هل نكمل الشريط معهم 90ألفاً من القتلى في لبنان ، و 115ألف جريح ، و270 الف معوّق ، وفي مصر 39ألف قتيل في معاركهم مع اليهود الغاصبين المجرمين ، و 73 ألف جريح ، و 61ألف معوّق ، وإحصائيات غير دقيقة تخبرنا عن 30 ألف في سوريا ، و 5 آلاف في الأردن ، والإحصاءات - كما قلنا - من عند القوم يُجملونها بدون أهل فلسطين ، فيقولون أنهم قد بلغوا في الحروب العربية الإسرائيلية 74 ألف عسكريون ، و109ألف من المدنيين .. المدنيون الذين نصرخ ويصرخ العالم كله اليوم للحفاظ على المدنيين ، ونحن نرى مرة أخرى دمائهم تُسفك ، وصور أطفالهم تفتت الصخور ..
هل نمضي مع الشريط لنرى ما الذي جرى على المسلمين ! أننسى أحداث البوسنة التي حُفرت في سجل الظلم والبغي والعدوان والوحشية والإرهاب والإجرام ! ألم يتجاوز القتلى 250ألف ؟! ألم يكن هناك من دُفنوا أحياء ؟! ألم تُبقر البطون ألم تغتصب النساء ؟! ألم تدمّر منائر المساجد ؟! ألم يُعتدى على المكتبات والكتب والثقافة ؟! أين هي الحضارة ؟ أين هي العدالة ؟ أين هو ميزان حقوق الإنسان ؟ ولم يكن ذلك مستمراً لساعات ولا لأيام ، بل مضى ليمضي إلى أكثر من عامين ، أين الدنيا كلها ؟ أين القوى العظيمة ؟ أين حقوق الإنسان ؟ وأين مواثيق الدول المتحدة ؟ وأين .. وأين ..! ألم تعلن مناطق آمنة ثم كانت فيها جرائم سافرة ؟! ألم يكن هذا مما تتفتت له القلوب الإنسانية ؟! ألم تكن تلك الصور صور لبشر من بني آدم يدبون على الأرض لهم أرواح مثل أرواح الآخرين ولهم عقول ولهم أبناء ولهم أحوال ولهم ظروف أم أنهم كانوا - كما قلنا - من هؤلاء أو من أولئك ؟! ولو سرنا نتتبع لوجدنا سجلاً حافلاً من الإجرام والإرهاب صُب على رؤوس الضعاف الذين لم يكن لهم حولاً ولا طولا.. في صور هي بكل المقاييس ليس فيها أدنى حق ولا أي صورة أو شبهة من شبه رد الاعتداء ، ولا أية صورة من صور استغلال أو الاستفادة أو المشي أو المتابعة لأي قانون دولي ، أو لأي قرار أممي أو غير ذلك ، فأين هذا من كل ما يقال ؟
- للإدارة الأمريكية سجل في الإرهاب لا يُنَافَس ، ولأنها الدولة الأهم ، والأولى في العالم ؛ فقد تولّد لديها نزعة إمبراطورية متعاظمة ، تمثلت في غمس يدها في الصراعات الدولية ؛ لبسط نفوذها، وحماية مصالحها على حساب: العدالة ، والخير ، والأخلاق .
ولو أننا بنينا أهراماً من جماجم قتلى العدوان الأمريكي في بلاد العالم ؛ لكان شموخها يفوق شموخ برج التجارة العالمي المنهار بضع مرات .
وإذا اعتقدت في هذا شيئاً من المبالغة ؛ فتعال لنواصل الحديث...
وقد أظهرت الإدارة الأمريكية بسلوكها الشائن أنها تفتقر إلى الخبرة ، والحسّ التاريخي ، وستدفع ثمن ذلك على المـدى البعيـد !
وهذا ما يؤكده الباحثون الأمريكيون المرموقون ، من أمثال: (بول كندي) ، و (جيمس دفدسون)، و (ليسترثرو) الذي يرى : أن الولايات المتحدة قد انهارت بالفعل .
فضلاً عن الفصول والتحليلات الجادة ، التي دونها المفكر الشهير ( نعوم تشومسكي ) ، ومن آخرها كتاب "تشريح الإرهاب" .
وقد هممت أن أدون جرائم أمريكا ، فوجدتني أحاول محالاً ! واستعيد آلاف الملفات الملئية بالأرقام ، والإحصائيات ، والحقائق الدامغة .
وإذا كانت العرب تقول: يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق . فدعونا نستذكر – فقط - بعض عنوانين هذه الجرائم الإرهابية الغادرة ، كمقدمة فيما نريد أن نخلص إليه :
1 ـ 1899م التدخل الأمريكي في الفليبين ، وراح ضحيته مئات الألوف من الفليبينيين ، الذين دفعوا حياتهم ثمناً لنداء : ( الحرية والعدالة ) على حد تعبير الصحافة الأمريكية ذاتها .
2 ـ في الذكرى السابعة والخمسين للقصف الذريّ على مدينة هيروشيما ؛ ذكر راديو اليابان الدولي أنه: تم إضافة 4977 اسماً ، تم التأكد حديثاً من أن وفاتهم كانت إثر القصف !!
في ( القبر الأجوف ) يرقد فقط مائتان وست وعشرون ألف وثمانمائة وسبعون ضحية ! الرقم صحيح !
وكان القصف في 6 أغسطس 1945م ، وهذه أول قنبلة نووية شهدتها البشرية .
3 ـ 1951م في كوريا ، بدعوى صد العدوان الشيوعي الشمالي ضد كوريا الجنوبية ، ولا يزال في كوريا الجنوبية ثلاثين ألف جندي أمريكي .
4 ـ 1954م في إيران ؛ وقتل الآلاف من الجماهير ، وأعلن مسؤول في الخارجية الأمريكية أنه:كان علينا أن نتدخل لحماية مواردنا !
نعم ! لحماية مواردهم ، التي وجدت اتفاقاً في أراضي الغير !!
5 ـ 1965م في إندونيسيا ؛ انقلاب مدعوم أمريكياً ، المجازر تصل إلى قريب من مليوني قتيل ، من الفلاحين ، والفقراء ، وقد شبهت أجهزة الاستخبارات الأمريكية ما حدث هناك بالجرائم التي اقترفها هتلر وستالين ، وقامت مظاهرات الفرح في أمريكا ، ولم تخف الصحافة الوطنية سرورها بما جرى !!
6 ـ 1973م في تشيلي ؛ انقلاب أمريكي ، ومصرع الآلاف فيما عرف بـ ( استاد الموت ) .
7 ـ فيتنام ؛ التي غزاها نحو مليون جندي ، ولمدة أحد عشر عاماً ، واستخدمت فيها أنواع الأسلحة المحرمة دولياً ، وامتدت إلى عام 1975م .
وبعد ثلاثين عاماً من توقف الولايات المتحدة عن رش المواد الكيماوية هناك ؛ كشف حديثاً عن معاناة مليون شخص ، من بينهم مائة وخمسون ألف طفل مشوه ، من آثار المواد الكيماوية ، التي كانت تلقيها الطائرات الأمريكية على الغابات ؛ لحرمان المقاتلين من الاحتماء بها .
8 ـ تدخلات عديدة في نيكاراجوا ، منذ 1912م ، راح ضحيتها نحو مائتي ألف من السكان ، وشهدت البلاد حالات تعذيب بشعة ، ومجازر وحشية ، وتدميراً هائلاً !
وقد أدانت المحكمة الدولية الولايات المتحدة بهذا العدوان دون جدوى .
9 ـ نظام جنوب إفريقيا العنصري ، بدعم من الغرب ؛ يقتل مليوناً ونصف مليون إنسان ، ويمارس عمليات تخريب ، كانت كلفتها ستين مليار دولار ، خلال حكم الرئيس ريجان .
10 ـ ذكرت مصادر رسمية أن: نحو مليون طفل عراقي ماتوا بسبب الحصار ، ونقص الأغذية ، والأدوية والمستلزمات الإنسانية . ( وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ) (التكوير) .
وقد بات في حكم المؤكد إطلاق قنابل مشعة باليورانيوم المنضب ، وذكرت تقارير عدة ، منها تقارير منظمة اليونيسيف: أن عدد الإصابات بسرطان الدم زاد بنسبة أكثر من ستة أضعاف ، عما كان عليه في السابق .
وحين سئلت وزيرة الخارجية الأمريكية (أولبرايت) عما يحدث قالت : إنه خيار صعب ، ولكن الثمن يستحق ذلك !
من مواضيع خطيب جمعه22 في المنتدى
0 خطب جمعه جاهزه ... اطبع واخطب
التوقيع :
التحكم
خطيب جمعه22
مشاهدة ملفه الشخصي
البحث عن المشاركات التي كتبها خطيب جمعه22
23-06-2006, 10:39 AM رقم المشاركه : 9
الحقول الشخصية
خطيب جمعه22
عضو جديد
الحالة
للتواصل
--------------------------------------------------------------------------------
11 ـ أما في فلسطين ؛ ففي قوائم شهداء الانتفاضة الحالية ، نحو ألف وثمانمائة اسم بالتفصيل ، وحسب مصادر نقابة الأطباء ؛ فإن 25% منهم هم من الأطفال ، أما الجرحى فيزيدون عن مائة ألف .
ولقد شرد العدوان الإسرائيلي أكثر مـن سبعمائة وخمسين ألف فلسطيني مـن مدنهـم وقراهـم ، ومزارعهم ، وشن حرب إبادة على هذا الشعب الأعزل ، بحيث أصبح الموت والدمار مشهدًا يتكرر كل ساعة ، فضلاً عن الحصار ، وما يستتبعه من ظروف اقتصادية ، وإنسانية مأساوية .
والولايات المتحدة هي ( الراعي الرسمي ) لهذا الإرهاب ، و( الداعم) الأكبر ، و( المحامي ) عنه في المحافل الدولية .
وإن المرء ليشعر بالعجز ! حينما يحاول أن يدلّل على الحقائق الواضحة الجلية ، أو يدون في إحصائيات حجم القتل ، والدمار ، والتخريب في فلسطين خلال أكثر من خمسين عاماً .
12 ـ وفي أفغانستان ؛ قتل وجرح أعداد ضخمة ، غير محدودة من المدنيين الأفغان ، ودمرت منازلهم ، وممتلكاتهم أثناء القصف الجوي ، من قبل قوات التحالف ، واستخدمت الأسلحة العنقودية ، وغيرها ..
وقد دعت المنظمات الدولية الإنسانية إلى فتح تحقيقات في الانتهاكات القائمة ، والتي منها: وفاة مئات السجناء من الطالبان ، وغيرهم في قلعة (جانجي) ، والعثور على أعداد كبيرة من الجنود المختنقين .
13 ـ ومن قبل قـامت القوات الأمريكية اعتباطاً ؛ بضرب مصنع الشفاء للأدويـة في السودان (1998م) ، وضرب أفغانستان بالصواريخ في نفس السنة .
وقد مات مئات الألوف من أطفال السودان ؛ بسبب نقص الأدوية .
14 ـ وفي جوانتانامو في كوبا ؛ يعتقل نحو سبعمائة أسير مسلم ، في ظروف غير إنسانية ، دون محاكمة ، ولا توجيه تهمة ، وتبخل عليهم الإدارة الأمريكية حتى بلقب ( أسير حرب ) ! ولا تسمح لأهلهم بزيارتهم ، ولا بالاتصال الهاتفي ..
لقد وعد الرئيس الأمريكي شعبه ؛ بأنه سيجلب الإرهابيين من ( جحورهم ) إلى العدالة ! وحين عجز ؛ اختطف أعداداً من الشباب ، من باكستان ، ومن أطراف أفغانستان ؛ ليذر الرماد في عيون شعبه !
هذا شأن تطول قراءته ، إننا نستعرض تاريخاً طويلاً ، ونُطِلُّ على غابة متشابكة الأشجار ، مليئة بالوحوش الضواري والحملان الوديعة !
ولقد تجاهلت الإدارة الأمريكية كل هذا ، ثم قدمت نفسها على أنها: نموذج الخير ، والعدالة ، والأخلاق .!..
وحسبما نستقرؤه في السنن الربانية ؛ فإن هذه القوة العظمى تسير في الطريق الخطأ ، ليس بالنظر إلى الحق والعدل - فهذا أمر مسلم - ولكن بالنظر إلى مصالحها المستقبلية .
إن السنة آتية لا ريب فيها ، وإن استبطأها الناس واستعجلوها : ( وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ * مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُوسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء * )
إن الحقائق لا تحتاج إلى برهان لكن الإعلام الذي يملك الصوت العالي هو الذي يُظهر ما يشاء ويُخفي ما يشاء ولسنا نريد أن نذهب بعيداً الآن
أليس هذا كله ينبئنا أن الإرهاب يخرج من رحم الظلم ، وأن العنف الذي يدعون أنه يُقلق العالم اليوم إنما هو وليد المعايير المزدوجة ، أليس هذا الذي يقال إنه المشكلة العظمى في واقع الحياة المعاصرة إنما هو نتاج المناصرة الجائرة ، أليس قد وقع ما وقع مما هو فظيع بالمقياس الدنيوي وبالمقياس الأممي والدولي والقانوني فضلاً عن المقياس الإسلامي ؟ ألم يُدمّر مقر الأمم المتحدة في قانا ، وقد كان الناس يلجئون إليها على اعتبار أنه بعيد عن القصف ! ماذا فعل العالم إزاء هذا الانتهاك الصارخ لكل ما يتعلق بهذه المعاني التي أشرت إليها ؟ هل كانت هناك اتهامات - ولو عاجلة - ؟ هل كانت هناك اعتقالات - ولو قليلة - ؟هل كانت هناك تحقيقات دقيقة ؟ هل كان هناك شيء ؟ الجواب في كل ذلك : لا .
واليوم يحزننا ويؤلمنا ويحز في نفوسنا أن كل هذا يمضي دون أن يكون هناك عقول منصفة ، ودون أن تكون هناك قوانين دولية عادلة ، بل أنها في كثير من أحوالها قد تجدد كثيراً من المآسي ، وهانحن نرى تلك المآسي في مدنيين مسلمين قد قُتلوا ، أليست صور الأطفال لذي رأيناها وقد كُسرّت أطرافهم وحُرقت بعض أعضائهم وهُجِروا في أرض ليس فيها شيء ، إنهم كانوا يعيشون في العراء ، ولكنهم اليوم يعيشون في عراء العراء .. ما الذي يجري ؟ ينبغي أن ننتبه إلى أن هذه القضايا ، وهذا من ألسنتهم وبأقوالهم سجّل القتل ، وسجّل الإرهاب ، وسجّل استعمال أسلحة الدمار الشامل ،لم يكن يوماً مسجلاً في سجلات المسلمين بل هو في سجلات غيرهم ، وهذا أمره واضح وظاهر وبيّن .
ونحن عندنا ما هو أسمى وأعظم شريعة الله المعلنة ، وتحكيم دستوره الخالد ، هو الذي نبقى عليه ، شاء من شاء ، وأبى من أبى ، ثوابتنا قد ذكرناها ، ولابد أن نستيقن بها ، وأن نكون على جزم ويقين لا يتغيّر ولا يتزعزع منها ، نحن أهل الدين الحق : { إن الدين عند الله الإسلام } .
ويقول الله عز وجل { ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يُقبل منه } .
نحن ديننا الكامل الذي أخبرنا الله سبحانه وتعالى بذلك في قوله : { اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا } .
كتابنا هو الكتاب الوحيد المحفوظ : { إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون } .
هو الكتاب الشامل لكل شيء في هذه الحياة : { ما فرطنا في الكتاب من شيء } .
هو الكتاب الشامل لكل ما تفرق من الخير والهدى والرحمة والحكمة التي أنزلها الله - سبحانه وتعالى - في الكتب السابقة : { وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه من الكتاب ومهيمناً عليه فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتّبع أهوائهم عما جاءك من الحق } .
أمتنا هي أمة الخير والوسط والعدل : { كنتم خير أمة أنزلت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله } .
أمتنا هي الأمة الوسط الشاهدة على الأمم : { وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا } .
أمتنا هي الأمة المتأخرة زماناً المتقدمة فضلاً وقيماً كما أخبر المصطفى صلى الله عليه وسلم : ( نحن الآخرون السابقون يوم القيامة ) .
رسولنا - صلى الله عليه وسلم - هو خاتم الرسل والأنبياء وأشرف الرسل والأنبياء : { ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين } .
هذه هي ثوابتنا ومرجعيتنا ، ليست إلى مذاهب وضعية ، ولا إلى قوانين دولية ، وإنما إلى كتاب الله وإلى سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيهما لنا عن كل شيء غناء : { فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول } ،
ليس فيها اتباع لأحد إلا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وليس لأحدٍ فيها حق تحليل وتحريم إلا لله ، وإلا لما بلغه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لسنا غيرنا ممن ذكر الله عز وجل في القرآن : {اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله } .
وحدتنا هي وحدة الإيمان آصرتنا آصرة الإسلام : { إنما المؤمنون إخوة } ، ويقول الحق سبحانه وتعالى { والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض } .
ويخبرنا النبي - صلى الله عليه وسلم -عن تلاحمنا ( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضواً تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ) .
والله جل وعلا يخاطبنا خطاب الأمة الواحدة : { وأن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدونِ } .
وهكذا نجد أن هذه المعاني كلها هي التي ينبغي أن نعرف بها أنفسنا ، نعلم ذلك وإن فقدنا شيئاً من أسباب المادة وإن فقدنا كثيراً من أسباب القوة ؛ فإن قوة الحق واليقين وقوة الاعتصام بالكتاب والسنة وقوة الالتجاء بالله - سبحانه وتعالى - أعظم من كل ذلك نسأل الله - عز وجل- أن يمدنا بقوته وأن يعيننا بحوله وقوله وأن يعيذنا من شرور أنفسنا .
الخطبة الثانية
أما بعد أيها الأخوة المؤمنون :
وينبغي أيضاً أن نواصل في الاستذكار ، وفي التنبيه على ما ينبغي أن نعرفه ونثبته ، فليس شيء عندنا يتغير ما دام آية من كتاب الله أو حديثاً صحيحاً من سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليست عندنا ثغرات في قوانين تجدد أو في غير ذلك ، فنحن مرجعنا إلى هذه الشريعة المحكمة الحاكمة مصالح العباد وحقوق الإنسان فيها ، أليسوا يقولون لنا ذلك ، فنقول لهم ديننا جاء بأعظم مما تدعون وتقولون : { ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون } .
لم يرعى الإسلام حقوق الإنسان فحسب ، بل كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( أن امرأة دخلت النار في هرة حبستها لا هي أطعمتها ولا تركتها تأكل من خشاش الأرض ) ، وهو القائل - عليه الصلاة والسلام - : ( وفي كل كبد رطبة أجر ) .
العدالة التي ينشدونها أليس قول الله - عز وجل - يأمرنا بها ويدعونا إليها { وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل } .
أليس الإسلام هو الذي يرتفع بالإنسان والإنسانية أن تبقى مع العدالة وألا تنجرف مع العواطف وردود الأفعال : { ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى } . أي لا يحملنكم شنآن قوم - أي بغض قوم ومعاداتكم لهم - لا ينبغي أن تمنعكم العداوة أو البغض من إقامة العدل هذا هو ديننا ديموقراطيتهم التي يقولونها عندنا ما هو أفضل منها : {وأمرهم شورى بينهم } .
يقولون الإنصاف ويقولون الرجوع إلى الحق ويقولون إقامة العدل ونقول : قد جاء الاسلام بذلك كله وأكثر مما يقولون ..
وكل هذا ظاهر معلوم حتى الحرية الشخصية قد جاء بها القرآن : { يا أيها الذين أمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه } ، وقبلها : { ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب } .
كل المعاني الإنسانية العالية السامية هي في ديننا وما عندهم ، ثم نحن اعتمادنا وتوكلنا على الله - سبحانه وتعالى - وإن خلت من بين أيدينا قوة وإن حُرمنا من شيء من أسباب المادة : { وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين } .
ونحن نثق بقول الله { ومن يتوكل على الله فهو حسبه } .
ونتوكل على الله - سبحانه وتعالى - لأن ثقتنا له - جل وعلا - كبيرة بأنه هو صاحب القوة العظمى وما كان الله ليعجزه من شيء في الأرض ولا في السماء والله سبحانه وتعالى هو الذي على كل شيءٍ قدير ، ونحن نوقن بما علمنا الله عز وجل : { قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا } .
ونحن نعلم حقيقة ما هو المقياس المرجوح ما هو الميزان غير المعتدل ما هو المكيال الذي يكون متزن في كل الأحوال ليس هو في ديننا بل ليس هو في أمتنا بل ليس هو في معاملتنا بل هو فيما رأينا من أقوال القوم في كثير من أحوال أعدائنا : { يريدون ليطفئوا نور الله والله متم نوره ولو كره الكافرون إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداء ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء } .
ويقول الحق عز وجل { ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا } ، ويخبرنا الله عز وجل في سياق الكلام عن اليهود { كلما أوقدوا ناراً للحرب أطفئها الله } .
هكذا تخبرنا الآيات وحرمة المسلم عندنا مقررة والله عز وجل قد قال : { ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها غضب الله عليه ولعنه وأعد له جهنم وساءت مصيرا } .
انتبه لحديث البراء عند ابن ماجة في سننه بسند رجاله موثوقون : ( لَزوال الدنيا على الله أعظم من قتل امرئٍ مؤمن بغير حق ) .
والقوة لا الحكمة هي التي تظهر في واقعنا ، أما إسلامنا أما ديارنا أما شريعتنا أما أمتنا فمن فضل الله - عز وجل - الحكمة فيها مقدمة على القوة والقوة فيها راعية للحق والإحسان فيها يقابل الإساءة : { ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه وليٌ حميم } ،فلنرجع إلى ديننا فلنتمسك بكتاب ربنا ، فلنعتصم بسنة نبينا - صلى الله عليه وسلم - فلنؤكد وحدتنا فلنعرف حقائق ديننا ولنثبت ولننتبه إلى واقع حياتنا ، ولنعرف الحقائق من حولنا ، ولنعرف قبل ذلك مقررات ما جاء في كتاب ربنا وسنة نبينا - صلى الله عليه وسلم - نسأل الله سبحانه وتعالى أن يبصرنا في ديننا وأن يعصمنا بالكتاب والسنة وأن يوحدنا على الحق وأن يجمعنا على الهدى والتقى .
الإرهاب ضد المسلمين
الخطبة الأولى
أما بعد أيها الاخوة المؤمنون :
أحداث جسيمة وفتن عظيمة .. طبول الحرب وأصوات القصف تصم الآذان ، وصور المآسي بادية للعيان ، تجدد الأحزان والكلام لا ينقطع عن الإرهاب وما يتعلق بمكافحته .. ولعل كثير من الناس يتسائل : كم هي ملتبسة هذه الأمور وكم هي مشتبهة تلك الأحداث وكم مختلطة ومتداخلة تلك الوقائع .
ونحن نقف بعض الوقفات التي يرى كل منصفٍ وعاقلٍ وكل متجرد عن الهوى والميل والتعصب أين هو هذا الإرهاب ؟ ومن هم فاعلوه ؟ ومن هم حملة رايته ؟ ومن هم الذين يجددونه أو يحيونه أو يبعثونه ويستنبتونه في الأرض ؟ ولست أريد أن أتحدث بلسان المسلمين ؛ لأنهم اليوم - وللأسف الشديد - متهمون .. نريد أن نتحدث بلسان القوم ، ونريد أن نستنطق شواهد الواقع التي لا يستطيع أحد إنكارها إلا إن أنكر وجود الشمس والقمر .
مقالة لكاتب أمريكي في صحيفة أمريكية ، يذكر فيها صور من الإرهاب ، لكنه لم يذكرها في شرقٍ من الأرض أو في غربها ،لم يقص علينا ما تقصه علينا وسائل الإعلام العالمية التي صمّت آذاننا ، وأعيت قلوبنا ، وأزهقت نفوسنا بما تردده من كلام أكثره باطل وكثير منه مزوّر ، يقول هذا في قصص يذكرها ويذكر أسماء فاعليها ولا أحب ذكر الأسماء عموماً .
رجل يهودي مستوطن متعصب معه اثنا عشر من أتباعه يخرجون إلى الطريق السريع رقم ستين في الضفة الغربية ، ويضعون فيه الصخور ويعترضونه بالأسلاك الشائكة ، ويحرقون فيه الإطارات ثم يتخندقون على جانبيه . ويقول هذا اليهودي الإرهابي المتعصب لأتباعه : " اقتلوا أكبر عدد ممكن من العرب مصاصي الدماء ، فنحن نقوم بما لم يستطع شارون فعله وهو قتل أبناء ... - من سب قبيح لا يليق مقامنا هذا بذكره ولا خُلقنا بنطقه - ثم من هو هذا اليهودي ؟ يهودي عمره اثنان وأربعون عاماً لم يصل إلى إسرائيل ويستوطن فيها إلا قبل ثلاث سنوات قادماً من نيويورك العاصمة الاقتصادية للدولة العظمى ، ثم يقول : إن لم يستطع شارون أن يخلصنا من الدنس الإسلامي فسنفعل ذلك بأيدينا " .
ويمضي الكاتب ليخبرنا أن نسبة المستوطنين في الخليل من عدد السكان نصف في المائة وأنهم يتمتعون بعشرين بالمائة من مساحتها ، وأنه يفرض على أهل الأرض حظر التجول في كل المناطق التي تحيط بهؤلاء المستوطنين ، حتى إنهم لا يستطيعون نقل مرضاهم إلى المستشفيات لأجل ذلك .
ثم يخبرنا الكاتب أن هذه المعادلة الظالمة الجائرة تكللت في هذا الأسبوع الذي المنصرم باجتياح جزئي بالدبابات والجنود في أرض الخليل حتى إن القوات الأوروبية للمراقبة التي تريد أن تبيّن الحقائق ، يقول زعيم فرقتها - وهو نرويجي الجنسية - متشكياً من ظلم اليهود وإرهابهم وعسفهم : "كل يوم نُشتم ونُضرب حتى باتت حياتنا هنا مستحيلة " ، ثم يمضي الكاتب ليخبرنا عن قصة رجل فلسطيني اسمه أحمد عمره خمسة وخمسون عاماً جاء اليهود ثلاثة مرات ليحطموا دكانه الصغير وليضربوه ويلكموه في كل مرة ، ثم نكتشف أن هذا الفلسطيني رجل أعمى لا يبصر ولا يرى ولا يستطيع أن يدفع عن نفسه .
ثم يحدثونك عن الإرهاب هنا أو هناك ويمضي الكاتب وهو أمريكي في صحيفة أمريكية يومية شهيرة ليذكر لنا قصة جابر الفلسطيني الذي سمم اليهود له مائة وثلاثة وعشرين رأساً من الغنم هي كل ثروته وهو يصور لنا حالته وهو يدفنها وهو يقول : " اليوم سمموا أغنامي وغداً يسممون أولادي " .
ثم ينطلق الكاتب ليخبرنا أن إرهاب اليهود لم يكن مقتصراً على هذه الأفعال الإجرامية الوحشية البشعة ، وإنما إلى ما هو أعظم من ذلك وهو الاعتداء الديني على المقدسات ويخبرنا بما يكتبونه ونحن قد سمعنا ذلك كثيراً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن القرآن وعن دين الإسلام يكتبونه على الطرقات وعلى الجدران في ألفاظ كلها فُجر وعُهر وكفر ونوعاً من التحدي الصارخ ، ثم يخبرنا أيضاً عن المضايقات التي تتعرض لها النساء المحجبات وما يتعرضن له من النقد ومن خلع الحجاب ونحو ذلك ، ويذكر لنا قصصاً كثيرة حتى أنه يبرز أن بعض الجنود الإسرائيليين يتذمرون ويضيقون من إرهاب هؤلاء المستوطنين المتطرفين ، فيقول أحدهم : " لا أصدق أننا نخاطر بحياتنا لأجل حماية هؤلاء المهوسيين المتطرفين " .. لم نقل نحن أنهم متطرفون ! بل قال اليهود من بني جلدتهم وديانتهم بل ومن جنود جيوشهم الذين يحمونه ويدافعون عنه .
ولكن هذه الأحداث الذي يذكرها الكاتب يذكرها من أخبار أسبوعه الذي مرّ به ، فكيف إذا رجعنا إلى شريط الأحداث هل نستطيع أن ننسى ما فُعل بالركّع السجّد في مسجد الخليل - عليه السلام - في صلاة الفجر عندما قُتل تسعة وعشرون وجُرح كثيرون آخرون ؟ أم هل نستطيع أن ننسى ما وقع في بحر البقر أو في دير ياسين أو في غيرها ؟
ثم نرجع مرة أخرى إلى إحصاءات مصدرها من القوم أنفسهم ليست من عندنا استمعوا إلى الأرقام التي لا يراد لها أن تظهر ولا أن تشهر ولا أن تعرف حتى تعرف حقائق الأمور 261ألف قتيل ، نسأل الله أن يكونوا شهداء . في فلسطين في خلال هذه الفترة الإحتلالية التي تقدر تقديراً جزافياً وهذه الإحصائية في بداية التسعينات 186ألف جريح 161ألف معوّق وأكثر من مليوني مهاجر صاروا اليوم في بقاع الأرض 5 ملايين من خلال الأعوام التي تجاوزت الخمسين .
ألم يكن هذا كله إضافة إلى عام انتفاضة وإلى انتفاضة سابقة وإلى أحوال ؟ ألم يكن فيها دماء تُسفك ؟ ألم تكن فيها أرواح تُزهق ؟ ألم تكن فيها بيوت تهدم ؟ ألم تكن فيها مساجد تدنّس ؟ ألم يكن فيها أقوام يُهجّرون ويُرحّلون ؟ أليسوا هؤلاء من البشر أم أن دمائهم من الماء ؟ أم أن أرواحهم هباء ؟ أم أنهم ليسوا إلا أقل من الحيوانات أو البهائم التي نجد في الغرب لها مؤسسات ضخمة ترعى حقوق الحيوان وتصرف على هذه الحيوانات أضعاف ما يُصرف على ميزانيات دول كثيرة في بعض البلاد الفقيرة في آسيا وفي أفريقيا وفي غيرها ..
هل نكمل الشريط معهم 90ألفاً من القتلى في لبنان ، و 115ألف جريح ، و270 الف معوّق ، وفي مصر 39ألف قتيل في معاركهم مع اليهود الغاصبين المجرمين ، و 73 ألف جريح ، و 61ألف معوّق ، وإحصائيات غير دقيقة تخبرنا عن 30 ألف في سوريا ، و 5 آلاف في الأردن ، والإحصاءات - كما قلنا - من عند القوم يُجملونها بدون أهل فلسطين ، فيقولون أنهم قد بلغوا في الحروب العربية الإسرائيلية 74 ألف عسكريون ، و109ألف من المدنيين .. المدنيون الذين نصرخ ويصرخ العالم كله اليوم للحفاظ على المدنيين ، ونحن نرى مرة أخرى دمائهم تُسفك ، وصور أطفالهم تفتت الصخور ..
هل نمضي مع الشريط لنرى ما الذي جرى على المسلمين ! أننسى أحداث البوسنة التي حُفرت في سجل الظلم والبغي والعدوان والوحشية والإرهاب والإجرام ! ألم يتجاوز القتلى 250ألف ؟! ألم يكن هناك من دُفنوا أحياء ؟! ألم تُبقر البطون ألم تغتصب النساء ؟! ألم تدمّر منائر المساجد ؟! ألم يُعتدى على المكتبات والكتب والثقافة ؟! أين هي الحضارة ؟ أين هي العدالة ؟ أين هو ميزان حقوق الإنسان ؟ ولم يكن ذلك مستمراً لساعات ولا لأيام ، بل مضى ليمضي إلى أكثر من عامين ، أين الدنيا كلها ؟ أين القوى العظيمة ؟ أين حقوق الإنسان ؟ وأين مواثيق الدول المتحدة ؟ وأين .. وأين ..! ألم تعلن مناطق آمنة ثم كانت فيها جرائم سافرة ؟! ألم يكن هذا مما تتفتت له القلوب الإنسانية ؟! ألم تكن تلك الصور صور لبشر من بني آدم يدبون على الأرض لهم أرواح مثل أرواح الآخرين ولهم عقول ولهم أبناء ولهم أحوال ولهم ظروف أم أنهم كانوا - كما قلنا - من هؤلاء أو من أولئك ؟! ولو سرنا نتتبع لوجدنا سجلاً حافلاً من الإجرام والإرهاب صُب على رؤوس الضعاف الذين لم يكن لهم حولاً ولا طولا.. في صور هي بكل المقاييس ليس فيها أدنى حق ولا أي صورة أو شبهة من شبه رد الاعتداء ، ولا أية صورة من صور استغلال أو الاستفادة أو المشي أو المتابعة لأي قانون دولي ، أو لأي قرار أممي أو غير ذلك ، فأين هذا من كل ما يقال ؟
- للإدارة الأمريكية سجل في الإرهاب لا يُنَافَس ، ولأنها الدولة الأهم ، والأولى في العالم ؛ فقد تولّد لديها نزعة إمبراطورية متعاظمة ، تمثلت في غمس يدها في الصراعات الدولية ؛ لبسط نفوذها، وحماية مصالحها على حساب: العدالة ، والخير ، والأخلاق .
ولو أننا بنينا أهراماً من جماجم قتلى العدوان الأمريكي في بلاد العالم ؛ لكان شموخها يفوق شموخ برج التجارة العالمي المنهار بضع مرات .
وإذا اعتقدت في هذا شيئاً من المبالغة ؛ فتعال لنواصل الحديث...
وقد أظهرت الإدارة الأمريكية بسلوكها الشائن أنها تفتقر إلى الخبرة ، والحسّ التاريخي ، وستدفع ثمن ذلك على المـدى البعيـد !
وهذا ما يؤكده الباحثون الأمريكيون المرموقون ، من أمثال: (بول كندي) ، و (جيمس دفدسون)، و (ليسترثرو) الذي يرى : أن الولايات المتحدة قد انهارت بالفعل .
فضلاً عن الفصول والتحليلات الجادة ، التي دونها المفكر الشهير ( نعوم تشومسكي ) ، ومن آخرها كتاب "تشريح الإرهاب" .
وقد هممت أن أدون جرائم أمريكا ، فوجدتني أحاول محالاً ! واستعيد آلاف الملفات الملئية بالأرقام ، والإحصائيات ، والحقائق الدامغة .
وإذا كانت العرب تقول: يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق . فدعونا نستذكر – فقط - بعض عنوانين هذه الجرائم الإرهابية الغادرة ، كمقدمة فيما نريد أن نخلص إليه :
1 ـ 1899م التدخل الأمريكي في الفليبين ، وراح ضحيته مئات الألوف من الفليبينيين ، الذين دفعوا حياتهم ثمناً لنداء : ( الحرية والعدالة ) على حد تعبير الصحافة الأمريكية ذاتها .
2 ـ في الذكرى السابعة والخمسين للقصف الذريّ على مدينة هيروشيما ؛ ذكر راديو اليابان الدولي أنه: تم إضافة 4977 اسماً ، تم التأكد حديثاً من أن وفاتهم كانت إثر القصف !!
في ( القبر الأجوف ) يرقد فقط مائتان وست وعشرون ألف وثمانمائة وسبعون ضحية ! الرقم صحيح !
وكان القصف في 6 أغسطس 1945م ، وهذه أول قنبلة نووية شهدتها البشرية .
3 ـ 1951م في كوريا ، بدعوى صد العدوان الشيوعي الشمالي ضد كوريا الجنوبية ، ولا يزال في كوريا الجنوبية ثلاثين ألف جندي أمريكي .
4 ـ 1954م في إيران ؛ وقتل الآلاف من الجماهير ، وأعلن مسؤول في الخارجية الأمريكية أنه:كان علينا أن نتدخل لحماية مواردنا !
نعم ! لحماية مواردهم ، التي وجدت اتفاقاً في أراضي الغير !!
5 ـ 1965م في إندونيسيا ؛ انقلاب مدعوم أمريكياً ، المجازر تصل إلى قريب من مليوني قتيل ، من الفلاحين ، والفقراء ، وقد شبهت أجهزة الاستخبارات الأمريكية ما حدث هناك بالجرائم التي اقترفها هتلر وستالين ، وقامت مظاهرات الفرح في أمريكا ، ولم تخف الصحافة الوطنية سرورها بما جرى !!
6 ـ 1973م في تشيلي ؛ انقلاب أمريكي ، ومصرع الآلاف فيما عرف بـ ( استاد الموت ) .
7 ـ فيتنام ؛ التي غزاها نحو مليون جندي ، ولمدة أحد عشر عاماً ، واستخدمت فيها أنواع الأسلحة المحرمة دولياً ، وامتدت إلى عام 1975م .
وبعد ثلاثين عاماً من توقف الولايات المتحدة عن رش المواد الكيماوية هناك ؛ كشف حديثاً عن معاناة مليون شخص ، من بينهم مائة وخمسون ألف طفل مشوه ، من آثار المواد الكيماوية ، التي كانت تلقيها الطائرات الأمريكية على الغابات ؛ لحرمان المقاتلين من الاحتماء بها .
8 ـ تدخلات عديدة في نيكاراجوا ، منذ 1912م ، راح ضحيتها نحو مائتي ألف من السكان ، وشهدت البلاد حالات تعذيب بشعة ، ومجازر وحشية ، وتدميراً هائلاً !
وقد أدانت المحكمة الدولية الولايات المتحدة بهذا العدوان دون جدوى .
9 ـ نظام جنوب إفريقيا العنصري ، بدعم من الغرب ؛ يقتل مليوناً ونصف مليون إنسان ، ويمارس عمليات تخريب ، كانت كلفتها ستين مليار دولار ، خلال حكم الرئيس ريجان .
10 ـ ذكرت مصادر رسمية أن: نحو مليون طفل عراقي ماتوا بسبب الحصار ، ونقص الأغذية ، والأدوية والمستلزمات الإنسانية . ( وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ) (التكوير) .
وقد بات في حكم المؤكد إطلاق قنابل مشعة باليورانيوم المنضب ، وذكرت تقارير عدة ، منها تقارير منظمة اليونيسيف: أن عدد الإصابات بسرطان الدم زاد بنسبة أكثر من ستة أضعاف ، عما كان عليه في السابق .
وحين سئلت وزيرة الخارجية الأمريكية (أولبرايت) عما يحدث قالت : إنه خيار صعب ، ولكن الثمن يستحق ذلك !
من مواضيع خطيب جمعه22 في المنتدى
0 خطب جمعه جاهزه ... اطبع واخطب
التوقيع :
التحكم
خطيب جمعه22
مشاهدة ملفه الشخصي
البحث عن المشاركات التي كتبها خطيب جمعه22
23-06-2006, 10:39 AM رقم المشاركه : 9
الحقول الشخصية
خطيب جمعه22
عضو جديد
الحالة
للتواصل
--------------------------------------------------------------------------------
11 ـ أما في فلسطين ؛ ففي قوائم شهداء الانتفاضة الحالية ، نحو ألف وثمانمائة اسم بالتفصيل ، وحسب مصادر نقابة الأطباء ؛ فإن 25% منهم هم من الأطفال ، أما الجرحى فيزيدون عن مائة ألف .
ولقد شرد العدوان الإسرائيلي أكثر مـن سبعمائة وخمسين ألف فلسطيني مـن مدنهـم وقراهـم ، ومزارعهم ، وشن حرب إبادة على هذا الشعب الأعزل ، بحيث أصبح الموت والدمار مشهدًا يتكرر كل ساعة ، فضلاً عن الحصار ، وما يستتبعه من ظروف اقتصادية ، وإنسانية مأساوية .
والولايات المتحدة هي ( الراعي الرسمي ) لهذا الإرهاب ، و( الداعم) الأكبر ، و( المحامي ) عنه في المحافل الدولية .
وإن المرء ليشعر بالعجز ! حينما يحاول أن يدلّل على الحقائق الواضحة الجلية ، أو يدون في إحصائيات حجم القتل ، والدمار ، والتخريب في فلسطين خلال أكثر من خمسين عاماً .
12 ـ وفي أفغانستان ؛ قتل وجرح أعداد ضخمة ، غير محدودة من المدنيين الأفغان ، ودمرت منازلهم ، وممتلكاتهم أثناء القصف الجوي ، من قبل قوات التحالف ، واستخدمت الأسلحة العنقودية ، وغيرها ..
وقد دعت المنظمات الدولية الإنسانية إلى فتح تحقيقات في الانتهاكات القائمة ، والتي منها: وفاة مئات السجناء من الطالبان ، وغيرهم في قلعة (جانجي) ، والعثور على أعداد كبيرة من الجنود المختنقين .
13 ـ ومن قبل قـامت القوات الأمريكية اعتباطاً ؛ بضرب مصنع الشفاء للأدويـة في السودان (1998م) ، وضرب أفغانستان بالصواريخ في نفس السنة .
وقد مات مئات الألوف من أطفال السودان ؛ بسبب نقص الأدوية .
14 ـ وفي جوانتانامو في كوبا ؛ يعتقل نحو سبعمائة أسير مسلم ، في ظروف غير إنسانية ، دون محاكمة ، ولا توجيه تهمة ، وتبخل عليهم الإدارة الأمريكية حتى بلقب ( أسير حرب ) ! ولا تسمح لأهلهم بزيارتهم ، ولا بالاتصال الهاتفي ..
لقد وعد الرئيس الأمريكي شعبه ؛ بأنه سيجلب الإرهابيين من ( جحورهم ) إلى العدالة ! وحين عجز ؛ اختطف أعداداً من الشباب ، من باكستان ، ومن أطراف أفغانستان ؛ ليذر الرماد في عيون شعبه !
هذا شأن تطول قراءته ، إننا نستعرض تاريخاً طويلاً ، ونُطِلُّ على غابة متشابكة الأشجار ، مليئة بالوحوش الضواري والحملان الوديعة !
ولقد تجاهلت الإدارة الأمريكية كل هذا ، ثم قدمت نفسها على أنها: نموذج الخير ، والعدالة ، والأخلاق .!..
وحسبما نستقرؤه في السنن الربانية ؛ فإن هذه القوة العظمى تسير في الطريق الخطأ ، ليس بالنظر إلى الحق والعدل - فهذا أمر مسلم - ولكن بالنظر إلى مصالحها المستقبلية .
إن السنة آتية لا ريب فيها ، وإن استبطأها الناس واستعجلوها : ( وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ * مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُوسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء * )
إن الحقائق لا تحتاج إلى برهان لكن الإعلام الذي يملك الصوت العالي هو الذي يُظهر ما يشاء ويُخفي ما يشاء ولسنا نريد أن نذهب بعيداً الآن
أليس هذا كله ينبئنا أن الإرهاب يخرج من رحم الظلم ، وأن العنف الذي يدعون أنه يُقلق العالم اليوم إنما هو وليد المعايير المزدوجة ، أليس هذا الذي يقال إنه المشكلة العظمى في واقع الحياة المعاصرة إنما هو نتاج المناصرة الجائرة ، أليس قد وقع ما وقع مما هو فظيع بالمقياس الدنيوي وبالمقياس الأممي والدولي والقانوني فضلاً عن المقياس الإسلامي ؟ ألم يُدمّر مقر الأمم المتحدة في قانا ، وقد كان الناس يلجئون إليها على اعتبار أنه بعيد عن القصف ! ماذا فعل العالم إزاء هذا الانتهاك الصارخ لكل ما يتعلق بهذه المعاني التي أشرت إليها ؟ هل كانت هناك اتهامات - ولو عاجلة - ؟ هل كانت هناك اعتقالات - ولو قليلة - ؟هل كانت هناك تحقيقات دقيقة ؟ هل كان هناك شيء ؟ الجواب في كل ذلك : لا .
واليوم يحزننا ويؤلمنا ويحز في نفوسنا أن كل هذا يمضي دون أن يكون هناك عقول منصفة ، ودون أن تكون هناك قوانين دولية عادلة ، بل أنها في كثير من أحوالها قد تجدد كثيراً من المآسي ، وهانحن نرى تلك المآسي في مدنيين مسلمين قد قُتلوا ، أليست صور الأطفال لذي رأيناها وقد كُسرّت أطرافهم وحُرقت بعض أعضائهم وهُجِروا في أرض ليس فيها شيء ، إنهم كانوا يعيشون في العراء ، ولكنهم اليوم يعيشون في عراء العراء .. ما الذي يجري ؟ ينبغي أن ننتبه إلى أن هذه القضايا ، وهذا من ألسنتهم وبأقوالهم سجّل القتل ، وسجّل الإرهاب ، وسجّل استعمال أسلحة الدمار الشامل ،لم يكن يوماً مسجلاً في سجلات المسلمين بل هو في سجلات غيرهم ، وهذا أمره واضح وظاهر وبيّن .
ونحن عندنا ما هو أسمى وأعظم شريعة الله المعلنة ، وتحكيم دستوره الخالد ، هو الذي نبقى عليه ، شاء من شاء ، وأبى من أبى ، ثوابتنا قد ذكرناها ، ولابد أن نستيقن بها ، وأن نكون على جزم ويقين لا يتغيّر ولا يتزعزع منها ، نحن أهل الدين الحق : { إن الدين عند الله الإسلام } .
ويقول الله عز وجل { ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يُقبل منه } .
نحن ديننا الكامل الذي أخبرنا الله سبحانه وتعالى بذلك في قوله : { اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا } .
كتابنا هو الكتاب الوحيد المحفوظ : { إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون } .
هو الكتاب الشامل لكل شيء في هذه الحياة : { ما فرطنا في الكتاب من شيء } .
هو الكتاب الشامل لكل ما تفرق من الخير والهدى والرحمة والحكمة التي أنزلها الله - سبحانه وتعالى - في الكتب السابقة : { وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه من الكتاب ومهيمناً عليه فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتّبع أهوائهم عما جاءك من الحق } .
أمتنا هي أمة الخير والوسط والعدل : { كنتم خير أمة أنزلت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله } .
أمتنا هي الأمة الوسط الشاهدة على الأمم : { وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا } .
أمتنا هي الأمة المتأخرة زماناً المتقدمة فضلاً وقيماً كما أخبر المصطفى صلى الله عليه وسلم : ( نحن الآخرون السابقون يوم القيامة ) .
رسولنا - صلى الله عليه وسلم - هو خاتم الرسل والأنبياء وأشرف الرسل والأنبياء : { ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين } .
هذه هي ثوابتنا ومرجعيتنا ، ليست إلى مذاهب وضعية ، ولا إلى قوانين دولية ، وإنما إلى كتاب الله وإلى سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيهما لنا عن كل شيء غناء : { فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول } ،
ليس فيها اتباع لأحد إلا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وليس لأحدٍ فيها حق تحليل وتحريم إلا لله ، وإلا لما بلغه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لسنا غيرنا ممن ذكر الله عز وجل في القرآن : {اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله } .
وحدتنا هي وحدة الإيمان آصرتنا آصرة الإسلام : { إنما المؤمنون إخوة } ، ويقول الحق سبحانه وتعالى { والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض } .
ويخبرنا النبي - صلى الله عليه وسلم -عن تلاحمنا ( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضواً تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ) .
والله جل وعلا يخاطبنا خطاب الأمة الواحدة : { وأن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدونِ } .
وهكذا نجد أن هذه المعاني كلها هي التي ينبغي أن نعرف بها أنفسنا ، نعلم ذلك وإن فقدنا شيئاً من أسباب المادة وإن فقدنا كثيراً من أسباب القوة ؛ فإن قوة الحق واليقين وقوة الاعتصام بالكتاب والسنة وقوة الالتجاء بالله - سبحانه وتعالى - أعظم من كل ذلك نسأل الله - عز وجل- أن يمدنا بقوته وأن يعيننا بحوله وقوله وأن يعيذنا من شرور أنفسنا .
الخطبة الثانية
أما بعد أيها الأخوة المؤمنون :
وينبغي أيضاً أن نواصل في الاستذكار ، وفي التنبيه على ما ينبغي أن نعرفه ونثبته ، فليس شيء عندنا يتغير ما دام آية من كتاب الله أو حديثاً صحيحاً من سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليست عندنا ثغرات في قوانين تجدد أو في غير ذلك ، فنحن مرجعنا إلى هذه الشريعة المحكمة الحاكمة مصالح العباد وحقوق الإنسان فيها ، أليسوا يقولون لنا ذلك ، فنقول لهم ديننا جاء بأعظم مما تدعون وتقولون : { ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون } .
لم يرعى الإسلام حقوق الإنسان فحسب ، بل كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( أن امرأة دخلت النار في هرة حبستها لا هي أطعمتها ولا تركتها تأكل من خشاش الأرض ) ، وهو القائل - عليه الصلاة والسلام - : ( وفي كل كبد رطبة أجر ) .
العدالة التي ينشدونها أليس قول الله - عز وجل - يأمرنا بها ويدعونا إليها { وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل } .
أليس الإسلام هو الذي يرتفع بالإنسان والإنسانية أن تبقى مع العدالة وألا تنجرف مع العواطف وردود الأفعال : { ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى } . أي لا يحملنكم شنآن قوم - أي بغض قوم ومعاداتكم لهم - لا ينبغي أن تمنعكم العداوة أو البغض من إقامة العدل هذا هو ديننا ديموقراطيتهم التي يقولونها عندنا ما هو أفضل منها : {وأمرهم شورى بينهم } .
يقولون الإنصاف ويقولون الرجوع إلى الحق ويقولون إقامة العدل ونقول : قد جاء الاسلام بذلك كله وأكثر مما يقولون ..
وكل هذا ظاهر معلوم حتى الحرية الشخصية قد جاء بها القرآن : { يا أيها الذين أمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه } ، وقبلها : { ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب } .
كل المعاني الإنسانية العالية السامية هي في ديننا وما عندهم ، ثم نحن اعتمادنا وتوكلنا على الله - سبحانه وتعالى - وإن خلت من بين أيدينا قوة وإن حُرمنا من شيء من أسباب المادة : { وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين } .
ونحن نثق بقول الله { ومن يتوكل على الله فهو حسبه } .
ونتوكل على الله - سبحانه وتعالى - لأن ثقتنا له - جل وعلا - كبيرة بأنه هو صاحب القوة العظمى وما كان الله ليعجزه من شيء في الأرض ولا في السماء والله سبحانه وتعالى هو الذي على كل شيءٍ قدير ، ونحن نوقن بما علمنا الله عز وجل : { قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا } .
ونحن نعلم حقيقة ما هو المقياس المرجوح ما هو الميزان غير المعتدل ما هو المكيال الذي يكون متزن في كل الأحوال ليس هو في ديننا بل ليس هو في أمتنا بل ليس هو في معاملتنا بل هو فيما رأينا من أقوال القوم في كثير من أحوال أعدائنا : { يريدون ليطفئوا نور الله والله متم نوره ولو كره الكافرون إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداء ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء } .
ويقول الحق عز وجل { ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا } ، ويخبرنا الله عز وجل في سياق الكلام عن اليهود { كلما أوقدوا ناراً للحرب أطفئها الله } .
هكذا تخبرنا الآيات وحرمة المسلم عندنا مقررة والله عز وجل قد قال : { ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها غضب الله عليه ولعنه وأعد له جهنم وساءت مصيرا } .
انتبه لحديث البراء عند ابن ماجة في سننه بسند رجاله موثوقون : ( لَزوال الدنيا على الله أعظم من قتل امرئٍ مؤمن بغير حق ) .
والقوة لا الحكمة هي التي تظهر في واقعنا ، أما إسلامنا أما ديارنا أما شريعتنا أما أمتنا فمن فضل الله - عز وجل - الحكمة فيها مقدمة على القوة والقوة فيها راعية للحق والإحسان فيها يقابل الإساءة : { ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه وليٌ حميم } ،فلنرجع إلى ديننا فلنتمسك بكتاب ربنا ، فلنعتصم بسنة نبينا - صلى الله عليه وسلم - فلنؤكد وحدتنا فلنعرف حقائق ديننا ولنثبت ولننتبه إلى واقع حياتنا ، ولنعرف الحقائق من حولنا ، ولنعرف قبل ذلك مقررات ما جاء في كتاب ربنا وسنة نبينا - صلى الله عليه وسلم - نسأل الله سبحانه وتعالى أن يبصرنا في ديننا وأن يعصمنا بالكتاب والسنة وأن يوحدنا على الحق وأن يجمعنا على الهدى والتقى .