ما أكبر جريمتنا في حقك يا بني ..
قال إبراهيم التميمي..
( إذا رأيت الرجل يتهاون في التكبيرة الأولى فاغسل يديك منه )
--------------
للغربة في دارنا سكن..أهربُ كثيراً.. أحاول أن أنسى .. في حديقة المجتمع الخلفية.. سألتني جارتنا.. قلت لها.. مسلمون
قلتها على عجل.. خجلاً من نفسي.. وخوفاً من أسئلة أخرى .. نحن هنا أناس معزولون.. لا نعرف أحداً.. ولا نرى أحداً..نسمع أن هنا مسجداً.. ونرى منارته حين مرورنا .. ولا ندخله..حتى في الأعياد لا نأتي إليه..أيامنا تحولت مع أيامهم و أعيادنا أعيادهم ..
باختصار.. يطلق علينا مسلمون.. تجاوزاً..لا صلاة.. ولا عبادة.. لا شيء يوحي بالإسلام في منزلنا سوى سجادة صلاة معلقة في المجلس..ومع مرور الأيام بدا لزوجي أن يغيرها..
كيف نعيش ؟ ..
زوجي رجلٌ عملي.. و منظم .. يحب عمله.. يتفانى في دارسته.. يطغى الجو الرسمي على المنزل و على تعاملنا..يريد كل شيء في وقته.. حتى لا تضيع دقيقة..
أما ابني (....) فليس له من اسمه نصيب .. لا يعرف عن الإسلام شيئاً.. و لا يعرف حتى الشهادتين .. من ربك..؟ ما دينك..؟ من نبيك..؟..
لم تردد في منزلنا أبدا.. أدخلناه مدرسة مع أطفال الجيران.. وتركنا مدرسة لأطفال المسلمين.. ما تبقى من وقته حرصنا فيه على تعلمه للغة الإنجليزية.. رغم صغر سنه..مشاهدة التلفاز والفيديو.. خروجه مع أطفالهم.. هذا جهدنا نحوه
صلتنا بالطلبة هنا منقطعة.. واتصالنا ببلادنا متقطع
ربما طرقنا هاتف يخبرنا بموت فلان.. أو بزواج قريب.. في غربتنا تحملت مسئولية كل شيء..شراء ما نحتاجه و حتى تسديد الفواتير..
يُهوّن حياة الغربة.. طفلي.. وشيءٌ من فرحة العودة..رغبتي في زيارة الأهل لا حد لها.. ولكن..؟!
مكالمة طويلة من والد زوجي أتت..وأصر على أن نزورهم هذا الصيف..و لكما طالت المكالمة فرحت بذلك.. لعلمي إلحاح والده..بعد أعذار واهية..سيأتون بدوني.. لديّ ما يشغلني..
وضع سماعة الهاتف.. انتظرته يقول شيئاً.. ولكنه كان متوترا.. بعد تململٍ قال :أصر والدي.. وأنا لا أستطيع الذهاب.. وقتنا ضائع بين ذهابٍ و عودةٍ.. قلت له.. لنا سنتين لم نذهب..
اذهبوا أنتم رتبت حجزي.. حزمت حقائبي..سأغادر مدينتي إلى العاصمة..أمكث فيها ثلاثة أيام.. أحتاج إلى كثير من الهدايا..
في الطريق فرح ابني..سنذهب إلى فلان.. وفلان.. و عدّد الكثير من الأسماء.. لم تغب عن ذاكرته .. و عندما دخلنا المدينة سأل عنهم.. قلت.. ليس الآن..بعد ثلاثة أيام..
في هذه المدينة تتذكر الوطن.. السواح في كل مكان..السُمرة تعلو الوجوه.. و تُرى العباءة في الأسواق.. فرحت بهذا القرب من الوطن .. بدأنا نقترب.. يومٌ أو يومين ونحن هناك
في اليوم الأخير لنا هنا.. بعد أن انتهيت من شراء ما أحتاجه.. ذهبت بابني إلى الحديقة .. البط قريبٌ جدّاً.. والحمام يلامس يدك..الناس في كل مكان.. والأطفال.. يمرحون .. بدأ ابني يرمي ببقايا الأكل إلى البط حتى اقتربن
على كرسي جلست وحيدة.. و كان بجوار ابني طفل يحادثه..ما أسرع المعرفة.. إنه صفاء القلوب..ناديت ابني باسمه..و أتت بدلاً عنه أم الطفل الذي بجواره.. سلّمت و هشت و رحَّبت..
سائحةٌ مثلي..قلت بفرح.. لا بل مغادرة..
كالطفلة أحتاج إلى من يحادثني..امتدحت المكان وفرحة الصغار..
دعتني لشرب الشاي معهم..وسط أرض خضراء.. يتوسطها الشاي والقهوة..
عَرّفتني.. هذه والدتي.. وهذه أختي.. وهذه زوجة أخي.. ما شاء الله.. عائلة كاملة..أنست بالحديث معهن..
قادمٌ من بعيد. ينظرون إليه.. ويمازحون.. أقبل.. تسبقه عصا في يده.. هذا والدنا..
سلّم.. ولم يجلس.. ولكنه رفع صوته..لا نسمع أذاناً ولا إقامةً..
دعا لبلاد المسلمين دار خير وصلاة..نادوا فلانا و ذهبت إحداهن تبحث عن الطفلين..
أسرع ابني وجلس بجانبي.. أما الطفل الآخر.. فلعله اعتاد الأمر وضع سجادة.. ووقف بجواره.. وكبّر للصلاة..مشدودة عينا ابني.. و هو يرى ذلك .. و ما إن ركع.. ورفع من السجود..حتى وقف.. وقال بصوتٍ عالٍ.. فَرِحا..يصلي.. مثل بابا عبد العزيز
سألتني والدتهم. ما شاء الله..أبوه اسمه عبد العزيز..؟أشحتُ بوجهي عنها.. و أنا أخفي عينيّ..
أسندت رأس ابني إلى صدري.. ما أكبر الجريمة في حقك..أشرت برأسي أن.. نعم.. عندما أعادت السؤال..ماذا أصابني..؟
إعصارٌ هزّ أعماق قلبي..لم ير والده يصلي. قط..قلت : عبد العزيز.. جده..لم تدعني دمعتي أكمل ..
قالت بتنهدٍ :إنا لله وإنا إليه راجعون..
قرّبت ابني.. مسحت على رأسه.. و قالت..(العهد الذي بيننا و بينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر) هذا حديث الرسول صلى الله عليه وسلم..
هل تقبلين أن تكوني كافرة..؟ هل تقبلين أن تتزوجي كافر..؟هل تقبلين..!!
من كتاب الزمن القادم
قال إبراهيم التميمي..
( إذا رأيت الرجل يتهاون في التكبيرة الأولى فاغسل يديك منه )
--------------
للغربة في دارنا سكن..أهربُ كثيراً.. أحاول أن أنسى .. في حديقة المجتمع الخلفية.. سألتني جارتنا.. قلت لها.. مسلمون
قلتها على عجل.. خجلاً من نفسي.. وخوفاً من أسئلة أخرى .. نحن هنا أناس معزولون.. لا نعرف أحداً.. ولا نرى أحداً..نسمع أن هنا مسجداً.. ونرى منارته حين مرورنا .. ولا ندخله..حتى في الأعياد لا نأتي إليه..أيامنا تحولت مع أيامهم و أعيادنا أعيادهم ..
باختصار.. يطلق علينا مسلمون.. تجاوزاً..لا صلاة.. ولا عبادة.. لا شيء يوحي بالإسلام في منزلنا سوى سجادة صلاة معلقة في المجلس..ومع مرور الأيام بدا لزوجي أن يغيرها..
كيف نعيش ؟ ..
زوجي رجلٌ عملي.. و منظم .. يحب عمله.. يتفانى في دارسته.. يطغى الجو الرسمي على المنزل و على تعاملنا..يريد كل شيء في وقته.. حتى لا تضيع دقيقة..
أما ابني (....) فليس له من اسمه نصيب .. لا يعرف عن الإسلام شيئاً.. و لا يعرف حتى الشهادتين .. من ربك..؟ ما دينك..؟ من نبيك..؟..
لم تردد في منزلنا أبدا.. أدخلناه مدرسة مع أطفال الجيران.. وتركنا مدرسة لأطفال المسلمين.. ما تبقى من وقته حرصنا فيه على تعلمه للغة الإنجليزية.. رغم صغر سنه..مشاهدة التلفاز والفيديو.. خروجه مع أطفالهم.. هذا جهدنا نحوه
صلتنا بالطلبة هنا منقطعة.. واتصالنا ببلادنا متقطع
ربما طرقنا هاتف يخبرنا بموت فلان.. أو بزواج قريب.. في غربتنا تحملت مسئولية كل شيء..شراء ما نحتاجه و حتى تسديد الفواتير..
يُهوّن حياة الغربة.. طفلي.. وشيءٌ من فرحة العودة..رغبتي في زيارة الأهل لا حد لها.. ولكن..؟!
مكالمة طويلة من والد زوجي أتت..وأصر على أن نزورهم هذا الصيف..و لكما طالت المكالمة فرحت بذلك.. لعلمي إلحاح والده..بعد أعذار واهية..سيأتون بدوني.. لديّ ما يشغلني..
وضع سماعة الهاتف.. انتظرته يقول شيئاً.. ولكنه كان متوترا.. بعد تململٍ قال :أصر والدي.. وأنا لا أستطيع الذهاب.. وقتنا ضائع بين ذهابٍ و عودةٍ.. قلت له.. لنا سنتين لم نذهب..
اذهبوا أنتم رتبت حجزي.. حزمت حقائبي..سأغادر مدينتي إلى العاصمة..أمكث فيها ثلاثة أيام.. أحتاج إلى كثير من الهدايا..
في الطريق فرح ابني..سنذهب إلى فلان.. وفلان.. و عدّد الكثير من الأسماء.. لم تغب عن ذاكرته .. و عندما دخلنا المدينة سأل عنهم.. قلت.. ليس الآن..بعد ثلاثة أيام..
في هذه المدينة تتذكر الوطن.. السواح في كل مكان..السُمرة تعلو الوجوه.. و تُرى العباءة في الأسواق.. فرحت بهذا القرب من الوطن .. بدأنا نقترب.. يومٌ أو يومين ونحن هناك
في اليوم الأخير لنا هنا.. بعد أن انتهيت من شراء ما أحتاجه.. ذهبت بابني إلى الحديقة .. البط قريبٌ جدّاً.. والحمام يلامس يدك..الناس في كل مكان.. والأطفال.. يمرحون .. بدأ ابني يرمي ببقايا الأكل إلى البط حتى اقتربن
على كرسي جلست وحيدة.. و كان بجوار ابني طفل يحادثه..ما أسرع المعرفة.. إنه صفاء القلوب..ناديت ابني باسمه..و أتت بدلاً عنه أم الطفل الذي بجواره.. سلّمت و هشت و رحَّبت..
سائحةٌ مثلي..قلت بفرح.. لا بل مغادرة..
كالطفلة أحتاج إلى من يحادثني..امتدحت المكان وفرحة الصغار..
دعتني لشرب الشاي معهم..وسط أرض خضراء.. يتوسطها الشاي والقهوة..
عَرّفتني.. هذه والدتي.. وهذه أختي.. وهذه زوجة أخي.. ما شاء الله.. عائلة كاملة..أنست بالحديث معهن..
قادمٌ من بعيد. ينظرون إليه.. ويمازحون.. أقبل.. تسبقه عصا في يده.. هذا والدنا..
سلّم.. ولم يجلس.. ولكنه رفع صوته..لا نسمع أذاناً ولا إقامةً..
دعا لبلاد المسلمين دار خير وصلاة..نادوا فلانا و ذهبت إحداهن تبحث عن الطفلين..
أسرع ابني وجلس بجانبي.. أما الطفل الآخر.. فلعله اعتاد الأمر وضع سجادة.. ووقف بجواره.. وكبّر للصلاة..مشدودة عينا ابني.. و هو يرى ذلك .. و ما إن ركع.. ورفع من السجود..حتى وقف.. وقال بصوتٍ عالٍ.. فَرِحا..يصلي.. مثل بابا عبد العزيز
سألتني والدتهم. ما شاء الله..أبوه اسمه عبد العزيز..؟أشحتُ بوجهي عنها.. و أنا أخفي عينيّ..
أسندت رأس ابني إلى صدري.. ما أكبر الجريمة في حقك..أشرت برأسي أن.. نعم.. عندما أعادت السؤال..ماذا أصابني..؟
إعصارٌ هزّ أعماق قلبي..لم ير والده يصلي. قط..قلت : عبد العزيز.. جده..لم تدعني دمعتي أكمل ..
قالت بتنهدٍ :إنا لله وإنا إليه راجعون..
قرّبت ابني.. مسحت على رأسه.. و قالت..(العهد الذي بيننا و بينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر) هذا حديث الرسول صلى الله عليه وسلم..
هل تقبلين أن تكوني كافرة..؟ هل تقبلين أن تتزوجي كافر..؟هل تقبلين..!!
من كتاب الزمن القادم