الهدية
قال عمرو بن قيس: إذا بلغك شيء من الخير فاعمل به و لو مرة تكن من أهله..
أنهيتُ دراستي في المعهد الصحي بعد مشقة.. فلم أكن منضبطا في دراستي.. و لكنَّ الله سبحانه يسَّر لي التخرج ..
و عُيِّنتُ في أحد المستشفيات القريبة منْ مدينتي.. الحمد لله أموري متيسرة.. و أعيش بين والديّ .
قررت أنْ أجمع مهرا لزوجتي.. و هو ما تحثني عليه والدتي كل يوم.. كان العمل يسير بشكل جدّي و مرتب..
كنت أحبُّ الحركة لذلك نجحت في عملي نجاحا طيبا.. مقارنة بدراستي النظرية المملّة..
المستشفى يضم موظفين من مختلف الجنسيات تقريبا.. و كانت علاقتي بهم علاقة عمل..
كما أنهم كانوا يستفيدون منْ وجودي معهم كابن للبلد.. فأنا دليلهم للمناطق الأثرية.. و الأسواق.. كما أنني كنت أذهب ببعضهم إلى مزرعتنا..
و كانت علاقتي بهم قوية.. و كالعادة.. عند نهاية عقد أحد الموظفين.. كنا نقوم بعمل حفلة توديع..
و في أحد الأيام قرَّر أحد الأطباء البريطانيين السفر إلى بلاده لانتهاء مدة عمله معنا..
تشاورنا في إقامة حفل وداع له.. و كان المكان المحدد هو مزرعتنا..
تمَّ الترتيب بشكل عام.. و لكنْ كان يأخذ جل تفكيري.. ما هي الهدية التي سأقدمها له.. و بخاصة أنني عملت معه فترة طويلة..
وجدت الهدية القيمة و المناسبة في نفس الوقت.. هذا الطبيب يهوى جمع القطع التراثية.. و بدون تعب و لا مشقة..
والدي لديه الكثير من هذه المقطع .. فكان أنْ سألته.. و أخذت منه قطعة تراثية منْ صنع المنطقة قديما..
و كان ابن عم لي حاضرا الحوار مع والدي..
و أضاف لماذا لا تأخذ له هدية على شكل كتاب عن الإسلام.. أخذت القطعة التراثية.. و لم آخذ كلام ابن عمي على محمل الجد..
إلا أنَّ الله يسَّر لي الأمر بدون بذل جهد.. ذهبت من الغد لشراء الصحف و المجلات منَ المكتبة.. فوجدت كتابا عن الإسلام باللغة الإنجليزية .
عادتْ كلمات ابن عمي ترنُّ في أذني.. راودتني فكرة شرائه خاصة أنَّ سعره زهيد جدا..
أخذت الكتاب.. و يوم الاحتفال بتوديع زميلينا.. وضعت الكتاب وسط القطعة التراثية و كأني أخبئه..
قدّمت هديتي.. و كان وداعاً مؤثراً.. فهذا الطبيب محبوب منْ جميع العاملين..
سافرَ صاحبنا.. و مرت الأيام و الشهور سريعة.. تزوجت و رُزقت طفلا..
ذات يوم وصلتني رسالة منْ بريطانيا.. قرأتها بتمهل فقد كانت باللغة الإنجليزية.. مبدئيا فهمتُ بعض محتوياتها.. و البعض لم أفهمه..
عرفتُ أنها منْ صديق قديم طالما عمل معنا و لكنني رجعت إلى ذاكرتي.. اسمه أول مرة أسمعه..
بل و غريب على سمعي ( ضيف الله ) هذا هو اسمه..
أغلقتُ الرسالة أحاول أنْ أتذكَّر صديقا اسمه (ضيف الله) و لكنني عجزتُ عن تذكُّر شخص بهذا الاسم..
فتحت الرسالة قرأتها مرة أخرى.. بهدوء انسابت الحروف ببساطة و سهولة.. هذا جزء من رسالته..
الأخ الكريم ضيف الله
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.. لقد يسَّر الله لي الإسلام و هداني على يديك.. فلنْ أنسى صداقتك معي.. و سأدعو لك..
أتذكر الكتاب الذي أهديتني إياه عند سفري.. لقد قرأته ذات يوم و زادت لهفتي لمعرفة الكثير عن الإسلام..
و منْ توفيق الله لي أنني وجدتُ على غلافه عنوان ناشر الكتاب ، فأرسلت إليهم أطلب المزيد.. فأرسلوا لي ما طلبت..
و الحمد لله شعَّ نورُ الإسلام في قلبي.. و ذهبتُ للمركز الإسلامي وأعلنت إسلامي.. و غيرت اسمي من جون إلى ( ضيف الله) أي إلى اسمك..
كما أنني أرفق لك صورة منْ شهادة إشهار إسلامي.. و سأحاول القدوم إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج..
أخوك في الإسلام.. ضيف الله..
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أغلقتُ الرسالة.. بسرعة أعدتُ فتحها.. بدأتُ أقرؤها منْ جديد..
هزتني الرسالة بقوة.. لأني أشعرُ بالصدق في كل حرف منْ حروفها..
بكيت كثيرا.. كيف أنَّ الله هدى رجلا إلى الإسلام على يدي و أنا مقصِّر في حقه..
كتاب لا يساوي خمسة ريالات يهدي به الله رجلا..
أصابني حزن.. و فرح
فرحتُ أنَّ الله هداه للإسلام بدون جهد مني.. و حزنت كثيرا.. لأنني سألتُ نفسي أين أنا الفترة الماضية عن العاملين معي..
لم أدعهم للإسلام.. لم أعرّفهم بهذا الدين..
و لا كلمة عن الإسلام تشهد لي يوم القيامة..
لقد حادثتهم كثيرا.. مازحتهم كثيرا.. و لكنني لم أحدِّثهم عن الإسلام لا قليلا و لا كثيرا
هدى الله ضيف الله للإسلام.. و هداني إلى محاسبة نفسي و تقصيري في طاعته..
لن أحقر من المعروف شيئا و لو كتاب بريال واحد فقط..
فكرتُ قليلا لو أنَّ كل مسلم أهدى مَنْ هم حوله كتابا واحدا فقط.. ماذا يكون..
قال عمرو بن قيس: إذا بلغك شيء من الخير فاعمل به و لو مرة تكن من أهله..
أنهيتُ دراستي في المعهد الصحي بعد مشقة.. فلم أكن منضبطا في دراستي.. و لكنَّ الله سبحانه يسَّر لي التخرج ..
و عُيِّنتُ في أحد المستشفيات القريبة منْ مدينتي.. الحمد لله أموري متيسرة.. و أعيش بين والديّ .
قررت أنْ أجمع مهرا لزوجتي.. و هو ما تحثني عليه والدتي كل يوم.. كان العمل يسير بشكل جدّي و مرتب..
كنت أحبُّ الحركة لذلك نجحت في عملي نجاحا طيبا.. مقارنة بدراستي النظرية المملّة..
المستشفى يضم موظفين من مختلف الجنسيات تقريبا.. و كانت علاقتي بهم علاقة عمل..
كما أنهم كانوا يستفيدون منْ وجودي معهم كابن للبلد.. فأنا دليلهم للمناطق الأثرية.. و الأسواق.. كما أنني كنت أذهب ببعضهم إلى مزرعتنا..
و كانت علاقتي بهم قوية.. و كالعادة.. عند نهاية عقد أحد الموظفين.. كنا نقوم بعمل حفلة توديع..
و في أحد الأيام قرَّر أحد الأطباء البريطانيين السفر إلى بلاده لانتهاء مدة عمله معنا..
تشاورنا في إقامة حفل وداع له.. و كان المكان المحدد هو مزرعتنا..
تمَّ الترتيب بشكل عام.. و لكنْ كان يأخذ جل تفكيري.. ما هي الهدية التي سأقدمها له.. و بخاصة أنني عملت معه فترة طويلة..
وجدت الهدية القيمة و المناسبة في نفس الوقت.. هذا الطبيب يهوى جمع القطع التراثية.. و بدون تعب و لا مشقة..
والدي لديه الكثير من هذه المقطع .. فكان أنْ سألته.. و أخذت منه قطعة تراثية منْ صنع المنطقة قديما..
و كان ابن عم لي حاضرا الحوار مع والدي..
و أضاف لماذا لا تأخذ له هدية على شكل كتاب عن الإسلام.. أخذت القطعة التراثية.. و لم آخذ كلام ابن عمي على محمل الجد..
إلا أنَّ الله يسَّر لي الأمر بدون بذل جهد.. ذهبت من الغد لشراء الصحف و المجلات منَ المكتبة.. فوجدت كتابا عن الإسلام باللغة الإنجليزية .
عادتْ كلمات ابن عمي ترنُّ في أذني.. راودتني فكرة شرائه خاصة أنَّ سعره زهيد جدا..
أخذت الكتاب.. و يوم الاحتفال بتوديع زميلينا.. وضعت الكتاب وسط القطعة التراثية و كأني أخبئه..
قدّمت هديتي.. و كان وداعاً مؤثراً.. فهذا الطبيب محبوب منْ جميع العاملين..
سافرَ صاحبنا.. و مرت الأيام و الشهور سريعة.. تزوجت و رُزقت طفلا..
ذات يوم وصلتني رسالة منْ بريطانيا.. قرأتها بتمهل فقد كانت باللغة الإنجليزية.. مبدئيا فهمتُ بعض محتوياتها.. و البعض لم أفهمه..
عرفتُ أنها منْ صديق قديم طالما عمل معنا و لكنني رجعت إلى ذاكرتي.. اسمه أول مرة أسمعه..
بل و غريب على سمعي ( ضيف الله ) هذا هو اسمه..
أغلقتُ الرسالة أحاول أنْ أتذكَّر صديقا اسمه (ضيف الله) و لكنني عجزتُ عن تذكُّر شخص بهذا الاسم..
فتحت الرسالة قرأتها مرة أخرى.. بهدوء انسابت الحروف ببساطة و سهولة.. هذا جزء من رسالته..
الأخ الكريم ضيف الله
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.. لقد يسَّر الله لي الإسلام و هداني على يديك.. فلنْ أنسى صداقتك معي.. و سأدعو لك..
أتذكر الكتاب الذي أهديتني إياه عند سفري.. لقد قرأته ذات يوم و زادت لهفتي لمعرفة الكثير عن الإسلام..
و منْ توفيق الله لي أنني وجدتُ على غلافه عنوان ناشر الكتاب ، فأرسلت إليهم أطلب المزيد.. فأرسلوا لي ما طلبت..
و الحمد لله شعَّ نورُ الإسلام في قلبي.. و ذهبتُ للمركز الإسلامي وأعلنت إسلامي.. و غيرت اسمي من جون إلى ( ضيف الله) أي إلى اسمك..
كما أنني أرفق لك صورة منْ شهادة إشهار إسلامي.. و سأحاول القدوم إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج..
أخوك في الإسلام.. ضيف الله..
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أغلقتُ الرسالة.. بسرعة أعدتُ فتحها.. بدأتُ أقرؤها منْ جديد..
هزتني الرسالة بقوة.. لأني أشعرُ بالصدق في كل حرف منْ حروفها..
بكيت كثيرا.. كيف أنَّ الله هدى رجلا إلى الإسلام على يدي و أنا مقصِّر في حقه..
كتاب لا يساوي خمسة ريالات يهدي به الله رجلا..
أصابني حزن.. و فرح
فرحتُ أنَّ الله هداه للإسلام بدون جهد مني.. و حزنت كثيرا.. لأنني سألتُ نفسي أين أنا الفترة الماضية عن العاملين معي..
لم أدعهم للإسلام.. لم أعرّفهم بهذا الدين..
و لا كلمة عن الإسلام تشهد لي يوم القيامة..
لقد حادثتهم كثيرا.. مازحتهم كثيرا.. و لكنني لم أحدِّثهم عن الإسلام لا قليلا و لا كثيرا
هدى الله ضيف الله للإسلام.. و هداني إلى محاسبة نفسي و تقصيري في طاعته..
لن أحقر من المعروف شيئا و لو كتاب بريال واحد فقط..
فكرتُ قليلا لو أنَّ كل مسلم أهدى مَنْ هم حوله كتابا واحدا فقط.. ماذا يكون..
من كتاب الزمن القادم