"حرف الصاد"
(ص)
صاحب الحق في هذه الدنيا مغلوب: لابن القيم – رحمه الله تعالى – في: "إغاثة اللهفان" (2/ 177 – 179) كلام حافل في هذا ونحوه– رحمه الله تعالى – : "وقال: أما الدنيا فإنَّا نرى الكفَّار والمنافقين يغْلِبُون فيها، ويظهرون، ويكون لهم النصر والظفر. والقرآن لا يرِدُ بخلاف الحِسِّ، ويعتمد على هذا الظن: إذا أُديل عليه عدوٌّ من جنس الكفار والمنافقين، أو الفجرة الظالمين، وهو عند نفسه من أهل الإيمان والتقوى، فيرى أن صاحب الباطل قد علا على صاحب الحق، فيقول: أنا على الحقِّ، وأنا مغلوبٌ، فصاحب الحقِّ في هذه الدنيا مغلوبٌ مقهور، والدولة فيها للباطل.
فإذا ذُكِّر بما وعد الله تعالى من حُسنِ العاقبة للمتقين والمؤمنين، قال: هذا في الآخرة فقط.
وإذا قيل له: كيف يفعلُ الله تعالى هذا بأوليائه وأحبَّائِه، وأهلِ الحقِّ؟
فإن كان ممن لا يُعلِّلُ أفعال الله تعالى بالِحِكم والمصالح، قال: يفعلُ الله في مُلكِه ما يشاء، ويحكم ما يريد {لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الانبياء:23]. وإن كان ممن يُعلِّل الأفعال، قال: فعل بهم هذا ليُعرَّضهم بالصبر عليه لثواب الآخرة وعُلوِّ الدرجات، وتوْفيةِ الأجر بغير حساب.
ولكلِّ أحدٍ مع نفسه في هذا المقام مُباحثاتٌ وإيراداتٌ وإشكالات وأجوبة، بحسب حاصله وبضاعتِه، من المعرفة بالله تعالى وأسمائه وصفاتِه وحِكْمته، والجهل بذلك، فالقلوبُ تغْلِي بما فيها، كالقدْر إذا استجْمعتْ غلياناً.
فلقد بلغنا وشاهدنا من كثير من هؤلاء من التظلُّم للِرَّبِّ تعالى، واتِّهامه، ما لا يصْدُرُ إلا من عدو، فكان الجهْمُ يخرجُ بأصحابِه، فيُوقِفُهم على الجذْمى وأهل البلاء، ويقول: انظروا، أرْحمُ الراحمين يفعلُ مثل هذا؟ إنكاراً لرحمته، كما أنكر حِكمته. فليس الله عند جهمٍ وأتباعه حكيماً ولا رحيماً.
وقال آخر من كبار القوم: ما على الخلق أضرُّ من الخالق. وكان بعضهم يتمثل:
إذا كان هذا فِعله بمحبِّــة
فماذا تراهُ في أعادِيه يصْنعُ؟
وأنت تشاهد كثيراً من الناس إذا أصابه نوعٌ من البلاء يقول: يا ربِّ: ما كان ذنبي حتى فعلت بي هذا؟
وقال لي غير واحد: إذا تبتُ إليه وأنبْتُ وعملتُ صالحاً ضيَّق عليَّ رزقي، ونكد عليَّ معيشتي، وإذا رجعْتُ إلى معصيته، وأعْطيْتُ نفسي مُرادها جاءني الرِّزْقُ والعوْنُ، ونحو هذا.
فقلت لبعضهم: هذا امتحان منه، ليرى صِدْقك وصبرك، هل أنت صادقٌ في مجيئك إليه وإقبالك عليه، فتصبر على بلائِه؛ فتكون لك العاقبةُ، أم أنت كاذبٌ فترجع على عقِبك؟
وهذا الأقوالُ والظنونُ الكاذبةُ الحائدةُ عن الصواب مبْنيةٌ على مُقدمتين:
إحداهما: حُسْنُ ظنِّ العبدِ بنفسه وبدينه، واعتقادُه أنه قائمٌ بما يجبُ عليه، وتارك ما نُهي عنه ، واعتقادُه في خصْمه وعدُوِّه خلاف ذلك، وأنه تارك للمأمور ، مرتكب للمحظور، وأنه نفْسه أولى بالله ورسوله ودِينه منه.
والمقدمة الثانية: اعتقاده أن الله سبحانه وتعالى قد لا يُؤيد صاحب الدين الحق وينْصُره، وقد لا يجعلُ له العاقبة في الدنيا بوجهٍ من الوجوه، بل يعيش عُمره مظلوماً مقهوراً مُسْتضاما، مع قيامه بما أُمِر به ظاهراً وباطناً، وانتهائه عما نُهِي عنه باطناً وظاهراً، فهو عند نفسه قائمٌ بشرائع الإسلام، وحقائق الإيمان، وهو تحت قهر أهل الظلم ، والفجور والعُدْوان.
فلا إله إلا الله، كم فسد بهذا الاغترار مِنْ عابدٍ جاهلٍ، ومُتديِّن لا بصيرة له، ومُنْتسب إلى العلم لا معْرِفة له بحقائق الدين.
فإنه من المعلوم: أن العبد وإن آمن بالآخرة، فإنه طالبٌ في الدنيا لما لابُدَّ له منه: مِنْ جلْب النَّفْعِ ودفع الضر، بما يعتقد أنه مُستحب أو واجب أو مباحٌ، فإذا اعتقد أنَّ الدين الحقَّ واتِّباع الهدى ، والاستقامة على التوحيد، ومتابعة السُّنة ، ينافي ذلك، وأنه يُعادي جميع أهل الأرض، ويتعرض لما لا يقدر عليه من البلاء، وفوات حُظوظه ومنافعه العاجلة؛ لزم من ذلك: إعراضهُ عن الرَّغبة في كمال دينه ، وتجرده لله ورسوله، فيعرض قلبه عن حال السابقين المقربين، بل قد يُعرض عن حال المقتصدين أصحاب اليمين، بل قد يدخل مع الظالمين، بل مع المنافقين، وإن لم يكن هذا في أصل الدين، كان في كثير من فروعه وأعماله، كما قال النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: "بادِرُوا بالأعمال فِتناً كقطع الليل المظلم، يُصبحُ الرجل مؤمناً ويُمسي كافراً، ويُمسي كافراً ويُصْبح مؤمناً، يبيعُ دينه بِعرضٍ من الدنيا".
صار الله: لا يجوز أن يقال: صار الله؛ لأن صار – وهي فعل ماض ناقص – معناها الانتقال من حال إلى حال، وإنما يقال : كان الله ؛ فإن "كان" – وهي فعل ماض ناقص – تدل على الزمان الماضي من غير تعرض لزواله في الحال أو لا زوال له ، ولهذا في الحديث: "كان الله ولم يكن شيء قبله" ولم يقل: صار الله. والله أعلم.
وانظر: "عمدة القاري" للبدر العيني – رحمه الله تعالى – في شرحه لترجمة البخاري – رحمه الله تعالى -: باب كيف كان بدء الوحي.
وقرر الشارح أنه لا يقال: صار.
فإن أراد منع الإطلاق لعدم النص فذاك، وإن أراد النفي لمذهب الأشاعرة نفاة الأفعال الاختيارية لله تعالى فهذا المقصد مرفوض، والله أعلم.
الصانع: في "بغية الوعاة" للسيوطي ترجمة لضياء بن سعيد القزويني – م سنة 708 هـ - . وقع في كلام الشيخ ضياء الدين إطلاق "الصانع" على الله تعالى، وهو جارٍ في ألسنة المتكلمين، وانتقد عليهم بأنه لم يرد إطلاقه على الله تبارك وتعالى، وأسماؤه توقيفية.
صبأ: في كتاب "المغازي": باب بعث النبي خالد بن الوليد إلي بني جذيمة، من "صحيح البخاري" ذكر قصته معهم، وقولهم له: صبأنا.
وفي ترجمة السَّميدع الكناني من "الإصابة" قال: " روى أبو الفرج الأصبهاني من طريق ابن دأب أن خالد بن الوليد لما توجه إلى بني كنانة يقاتلهم، فقالوا: إنا صبأنا . ولم يحسنوا أن يقولوا : إنا أسلمنا، فقتلهم، فأرسل النبي علياً فأعطاهم ديات من قتل منهم ... " الخبر.
صباح الخير: لابن حجر الهيتمي – رحمه الله تعالى – مطلب مهم ذكر فيه جملة ألفاظ هذا نصه: "[مطلب: على أنه تكره التحية بصباح الخير بخلاف صبحك الله بالخير]. ومحل عدم كراهة التحية بكرة النهار حيث لم تكن بألفاظ اليهود المشهورة كصباح الخير، بخلاف نحو صبحك الله بالخير.
صباح النور: في "مجلة مجمع اللغة العربية بمصر" مقال ممتع للأستاذ عمر فروخ، قال فيه: "ومعظم الناس إذا حيا بعضهم بعضاً قالوا: صباح الخير أو مساء الخير! والرد على هذه التحية هو: صباح النور – مساء النور، وهذه التحية هي: التحية المجوسية، يعتقد المجوسي بقوتين: الخير، والشر، يمثلهما: النور والظلمة. وللمجوسي إله للخير أو النور، وإله للشر أو الظلمة، وهما يتنازعان السيطرة على العالم، فكان من المعقول أن يحيي المجوس بعضهم بعضاً بقولهم : صباح الخير – صباح النور! ومع أن الإسلام قد أمرنا بأن نأخذ تحية الإسلام: "السلام عليكم" مكان كل تحية أخرى، فلا يزال العرب في معظمهم – من المسلمين ومن غير المسلمين – يتبادلون التحية بقولهم صباح الخير – صباح النور" اهـ .
صبحك الله بالخير: النهي عن الابتداء بها قبل لفظ: السلام.
قال النووي – رحمه الله تعالى -:
"مسألة: إذا ابتدأ المارُّ، الممْرور عليه، فقال: صبحك الله بالخير، أو: بالسعادة، أو: قواك الله أو: لا أوحش الله منك، أو غير ذلك من الألفاظ التي يستعملها الناس في العادة؛ لم يستحق جواباً، لكن لو دعا له قبالة ذلك، كان حسناً، إلا أن يترك جوابه بالكلية، زجراً له في تخلفه، وإهماله السلام، وتأديباً له ولغيره في الاعتناء بالابتداء بالسلام" انتهى.
قال ابن علان في شرحه لها: "هذه الألفاظ كلها لا أصل لها في التحية، ولم يثبت فيها شيء" انتهى.
الصّحْوة الإٌسْلاميّة: هذا وصف لم يعلق الله عليه حكماً، فهو اصطلاح حادث، ولا نعرفه في لسان السلف جارياً، وجرى استعماله في فواتح القرن الخامس عشر الهجري في أعقاب عودة الكفار كالنصارى إلى "الكنيسة". ثم تدرج إلى المسلمين، ولا يسوغ للمسلمين استجرار لباس أجنبي عنهم في الدين، ولا إيجاد شعار لم يأذن الله به ولا رسوله؛ إذ الألقاب الشرعية توقيفية: الإسلام، الإيمان، والإحسان، التقوى، فالمنتسب: مسلم، مؤمن، محسن، تقي .... فليت شعري ما هي النسبة إلى هذا المستحدث "الصحوة الإسلامية": صاحٍ، أم ماذا؟؟ ثم إنه يعني أن الإسلام كان في غفوة، وحال عزل في المسجد – كالديانة النصرانية كانت في الكنيسة فحسب – ثم أخذ في التمدد والانتشار، ففي هذا بخصوص الإسلام إغفال للواقع، ومغالطة للحقيقة، وإيجاد جو كبير للتخوف من المتدينين والرعب منهم حتى تتم مقاومتهم، وفي مصطلحات الصوفية كما في رسالة ابن عربي "مصطلحات الصوفية": الصحوة: رجوع إلى الإحسان بعد الغيبة بوارد قوي.
صدقت وبررت: يقولها من يسمع المؤذن في أذان الفجر يقول : "الصلاة خير من النوم" وهو لا يثبت، فليقل السامع مثل قول المؤذن سواء، والله أعلم.
صديق إبراهيم: طرداً للقاعدة العقدية عن أهل السنة والجماعة من أنا لا نسمي الله تعالى ولا نصفه ولا نطلق عليه إلا ما سمى ووصف به نفسه، أو وصفه به رسوله .. فنقول: اتخذ الله إبراهيم خليلاً، كما ذكره الله تعالى في كتابه، ولا نقول: اتخذ الله إبراهيم صديقاً؛ للتوقيف بالنص، والله أعلم.
صدق الله العظيم: نعم صدق الله العظيم {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلاً} [النساء: من الآية122]، {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثاً} [ النساء: من الآية87].
وقول القائل: صدق الله العظيم، ذكر مطلق، فتقييده بزمان أو مكان، أو حال من الأحوال، لابد له من دليل؛ إذ الأذكار المقيدة لا تكون إلا بدليل، وعليه: فإن التزام هذه بعد قراءة القرآن، لا دليل عليه ، فيكون غير مشروع، والتعبد بما لم يشرع من البدع، فالتزامها والحال هذه بدعة. والله أعلم.
الصديق: لا يجوز إطلاق كلمة: "الصديق" على "الكافر"؛ لأن أصل اشتقاق هذه الكلمة في اللغة يدور على: "المحبة والمودة"، والله – سبحانه – يقول: {لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ} [المجادلة: من الآية22]، فكيف إذا أُطلقت على كافر لا قرابة معه في نسب ولا سبب؟
ولهذا كانت "الصداقة" عند أهل اللسان هي: اتفاق الضمائر على المودة فإذا أضمر كل واحد من الرجلين مودة صاحبه، فصار باطنه فيها كظاهره، سُمِّيا: صديقين، ولهذا لا يقال: الله صديق المؤمن، كما أنه وليُّه. وقال العسكري – أيضاً – في الفرق بين المحبة والصداقة: "أن الصداقة: قوة المودة مأخوذة من الشيء الصدق، وهو: الصلب القوي، وقال أبو علي رحمه الله تعالى - : الصداقة اتفاق القلوب على المودة، ولهذا لا يقال: إن الله صديق المؤمن، كما يقال: إنه حبيبه، وخليله" انتهى.
ومثلها كلمة: "أخ" أو "أخي" فلا يجوز لمسلم أن يقولها لكافر، وهو ليس أخاً له من نسب أو رضاع.
الصرم: روى البخاري في: "الأدب المفرد"، والحاكم في: "المستدرك"، بإسناديهما عن: ابن عبد الرحمن بن سعيد المخزومي – وكان اسمه الصرم – فسماه النبي : "سعيداً"، وقال: حدثني جدي قال: "رأيت عثمان متكئاً في المسجد" ورواه أحمد، والبزار، والطبراني، قال الهيثمي: ورجاله ثقات.
الصرورة: في الجاهلية تسمية من لم يحج: صرورة، وفي حديث ابن عباس – رضي الله عنهما – أن النبي قال:"لا صرورة في الإسلام". [رواه أحمد، وأبو داود، والحاكم].
صفر "تسمية محرم به": قال النووي في "الأذكار": "فصل: ويكره أن يسمى المحرَّم: صفراً؛ لأن ذلك من عادة الجاهلية".
صفر الخير: عن أبي هريرة أن رسول الله قال: "لا عدوى، ولا طيرة، ولا هامة، ولا صفرة" [متفق عليه].
زاد مسلم: "ولا نوء، ولا غول".
وفي معنى: "لا صفر" أقوال ثلاثة: أنه داء في البطن يعدي؛ ولهذا فهو من باب عطف الخاص: "ولا صفر" على العام: "لا عدوى".
أو أنه نهى عن النّسأ، الذي كانت تعمله العرب في جاهليتها وذلك حينما يريدون استباحة الأشهر الحُرم فإنهم يؤخرونه إلى شهر صفر.
والثالث: أنه شهر صفر؛ إذ كانت العرب تتشاءم به. ولهذا نعته بعْضٌ بقوله: "صفر الخير" منابذة لما كانت تعتقده العرب وهذه لوثة جاهلية من نفسه من نفس لم يصقلها التوحيد بنوره.
صفو الله: للفرق اللغوي بين: "الصفوة والصفو" فإنه: يقال في حق النبي : "صفوة الله"؛ لأن الصفوة: خالص كل شيء، ولا يقال: "صفو الله"؛ لأن الصفو: مصدر سُمَّي به الصافي من الأشياء اختصاراً واتساعاً.
الصفة غير الموصوف: يأتي في حرف الكاف: الكلام غير المتكلم.
الصَّلاة، الصَّلاة:
قولها بعد الأذان، أو بين تسليمات التراويح ، كل هذا من البدع. كما ذكر ذلك ابن مفلح – رحمه الله تعالى -.
صلاة الصُّفْرة: عند بعض العامة في قلب الجزيرة العربية تسمية "صلاة المغرب": صلاة الصفرة. ولا تُعرف في لسان الشرع فتجتنب.
الصلاة على رسول الله: قرر جماعة من العلماء – رحمهم الله تعالى كراهة إفراد الصلاة عن السلام على رسول الله ، وقد وقع الإفراد لعدد من الأكابر كما في مقدمة مسلم لصحيحه، والشافعي للرسالة، وابن عبد البر في "التمهيد"، وللشيخ علي سلطان القاري رسالة في بيان هل يكره إفراد الصلاة عن السلام أم لا؟
الصلاة والسلام على أمير المؤمنين علي تخصيصه بها دون الثلاثة: أمير المؤمنين الخليفة الراشد علي بن أبي طالب لم يرد تخصيصه بذلك، لكن هذا من فعلات الرافضة، وسريانه إلى أهل السنة فيه هضم للخلفاء الثلاثة قبله – رضي الله عنهم – فليتنبه إلى مسالك المبتدعة وألفاظهم، فكم من لفظ ظاهره السلامة وباطنه الإثم.
صلى الله عليه وسلم "على غير الأنبياء": الصلاة والسلام على غير الأنبياء – تبعاً أو استقلالاً - .. أما على سبيل التبعية فهي جائزة بالإجماع، كما في صيغ الصلاة الإبراهيمية.
وإنما الخلاف على سبيل الانفراد، فهذا فيه نزاع على قولين، فالجمهور منهم الثلاثة: على عدم الجواز فلا يقال: قال أبو بكر ، وإن كان المعنى صحيحاً، كما لا يقال: قال محمد عز وجل، وإن كان عزيزاً جليلاً؛ لأن هذا من شعار ذكر الله عز وجل، وحملوا ما ورد في ذلك من الكتاب والسنة على الدعاء لهم ، ولهذا لم يثبت شعاراً لآل أبي أوفى ولا لجابر وامرأته، قال ابن كثير: وهذا مسلك حسن.
صلْعم: في "التذكرة التيمورية": "كلمة صلعم: لا تجوز، بل الواجب التصلية والتسليم: "الفتاوى الحديثية" لابن حجر الهيتمي (1/ 548) المخطوطة، و(ص168) من المطبوعة.
وهذا يدل على أن هذا الاختصار، أو النحت الممقوت من زمن ابن حجر"اهـ .
وابن حجر توفى سنة 974 هـ .
وقد أشار إلى إلى المنع من هذا: مِن قبْل: الفيروز آبادي في كتابه "الصلات والبُشر" فقال: "ولا ينبغي أن ترمز الصلاة كما يفعله بعض الكسالى والجهلة وعوام الطلبة، فيكتبون صورة "صلعم" بدلاً من: صلى الله عليه وسلم"اهـ .
وقال الشيخ أحمد شاكر – رحمه الله تعالى – عنها: "اصطلاح سخيف".
صليت إن شاء الله: في مبحث الاستثناء في الإيمان، وأن السلف كانوا يستثنون في الإيمان المطلق، ومنهم من استثنى في أعمال البر ؛ لأنه لا يعلم وقوعها على الوجه المأمور به المقبول فهو استثناء فيما لم تعلم حقيقته. قال ابن تيمية – رحمه الله تعالى - : "واستثنوا أيضاً في الأعمال الصالحة، كقول الرجل: صليت إن شاء الله، ونحو ذلك بمعنى القبول؛ لما في ذلك من الآثار عن السلف، ثم صار كثير من هؤلاء بآخرة يستثنون في كل شيء، فيقول: هذا ثوبي إن شاء الله. وهذا حبل إن شاء الله. فإذا قيل لأحدهم: هذا لا شك فيه، قال: نعم لا شك فيه، لكن إذا شاء الله أن يغيره غيره، فيريدون بقولهم: إن شاء الله: جواز تغييره في المستقبل، وإن كان في الحال لا شك فيه ...."انتهى. وهذا الاستثناء في كل شيء ماض معلوم : بدعة مخالفة للعقل والدِّين.
صمت رمضان كله وقمته: عن أبي بكرة t قال : قال رسول الله : "لا يقولنَّ أحدكم: إني صمت رمضان كله وقمته". فلا أدري أكره التزكية، أو قال: لابد من نومة أو رقدة؟ [رواه أبو داود والنسائي بأسانيد حسنة أو صحيحة] اهـ .
الصوفية: لشيخ الإسلام ابن تيمية تحقيقات عظيمة مسهبة في الرد على الصوفية وكشفهم، وفيها تحقيق فائق في ألقابهم ، وألفاظ، وأدعية لهم، منكرة غير مشروعة، وهي منتشرة في مواضع من "الفتاوى" وغيرها. وهذا بيان طرف منها ليقف الناظر عليها ويتطلب الرد عليها في محلها من الفتاوى. وهي:
1- الصوفية، وأن النسبة إليها حادثة لا تشرع. (36/176– 178).
2- الفقر: في اصطلاحهم (36/77 – 178).
3- أنت للشيخ فلان، وهو شيخك في الدنيا والآخرة، بدعة. (36/180).
4- إن الله يرضى لرضى المشايخ ويغضب لغضبهم. (36/180).
5- الحيرة، وأن مدحها مسلك الملاحدة. (36/189– 190).
6- الفناء والاصطلاح في المحبة، وبطلانه في اصطلاح الصوفية. (36/190– 191).
7- رؤوس الأحزاب، الزعماء، سكرة، ونحوها من ألقابهم وألقاب مجالسهم، وهي منكرة مردودة. (36/196).
8- السماع، وقولهم: السماع شبكة يصاد بها العوام، وإنكاره. (36/200) في ألفاظ أخرى تراها في محلها من هذا الكتاب.
(ص)
صاحب الحق في هذه الدنيا مغلوب: لابن القيم – رحمه الله تعالى – في: "إغاثة اللهفان" (2/ 177 – 179) كلام حافل في هذا ونحوه– رحمه الله تعالى – : "وقال: أما الدنيا فإنَّا نرى الكفَّار والمنافقين يغْلِبُون فيها، ويظهرون، ويكون لهم النصر والظفر. والقرآن لا يرِدُ بخلاف الحِسِّ، ويعتمد على هذا الظن: إذا أُديل عليه عدوٌّ من جنس الكفار والمنافقين، أو الفجرة الظالمين، وهو عند نفسه من أهل الإيمان والتقوى، فيرى أن صاحب الباطل قد علا على صاحب الحق، فيقول: أنا على الحقِّ، وأنا مغلوبٌ، فصاحب الحقِّ في هذه الدنيا مغلوبٌ مقهور، والدولة فيها للباطل.
فإذا ذُكِّر بما وعد الله تعالى من حُسنِ العاقبة للمتقين والمؤمنين، قال: هذا في الآخرة فقط.
وإذا قيل له: كيف يفعلُ الله تعالى هذا بأوليائه وأحبَّائِه، وأهلِ الحقِّ؟
فإن كان ممن لا يُعلِّلُ أفعال الله تعالى بالِحِكم والمصالح، قال: يفعلُ الله في مُلكِه ما يشاء، ويحكم ما يريد {لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الانبياء:23]. وإن كان ممن يُعلِّل الأفعال، قال: فعل بهم هذا ليُعرَّضهم بالصبر عليه لثواب الآخرة وعُلوِّ الدرجات، وتوْفيةِ الأجر بغير حساب.
ولكلِّ أحدٍ مع نفسه في هذا المقام مُباحثاتٌ وإيراداتٌ وإشكالات وأجوبة، بحسب حاصله وبضاعتِه، من المعرفة بالله تعالى وأسمائه وصفاتِه وحِكْمته، والجهل بذلك، فالقلوبُ تغْلِي بما فيها، كالقدْر إذا استجْمعتْ غلياناً.
فلقد بلغنا وشاهدنا من كثير من هؤلاء من التظلُّم للِرَّبِّ تعالى، واتِّهامه، ما لا يصْدُرُ إلا من عدو، فكان الجهْمُ يخرجُ بأصحابِه، فيُوقِفُهم على الجذْمى وأهل البلاء، ويقول: انظروا، أرْحمُ الراحمين يفعلُ مثل هذا؟ إنكاراً لرحمته، كما أنكر حِكمته. فليس الله عند جهمٍ وأتباعه حكيماً ولا رحيماً.
وقال آخر من كبار القوم: ما على الخلق أضرُّ من الخالق. وكان بعضهم يتمثل:
إذا كان هذا فِعله بمحبِّــة
فماذا تراهُ في أعادِيه يصْنعُ؟
وأنت تشاهد كثيراً من الناس إذا أصابه نوعٌ من البلاء يقول: يا ربِّ: ما كان ذنبي حتى فعلت بي هذا؟
وقال لي غير واحد: إذا تبتُ إليه وأنبْتُ وعملتُ صالحاً ضيَّق عليَّ رزقي، ونكد عليَّ معيشتي، وإذا رجعْتُ إلى معصيته، وأعْطيْتُ نفسي مُرادها جاءني الرِّزْقُ والعوْنُ، ونحو هذا.
فقلت لبعضهم: هذا امتحان منه، ليرى صِدْقك وصبرك، هل أنت صادقٌ في مجيئك إليه وإقبالك عليه، فتصبر على بلائِه؛ فتكون لك العاقبةُ، أم أنت كاذبٌ فترجع على عقِبك؟
وهذا الأقوالُ والظنونُ الكاذبةُ الحائدةُ عن الصواب مبْنيةٌ على مُقدمتين:
إحداهما: حُسْنُ ظنِّ العبدِ بنفسه وبدينه، واعتقادُه أنه قائمٌ بما يجبُ عليه، وتارك ما نُهي عنه ، واعتقادُه في خصْمه وعدُوِّه خلاف ذلك، وأنه تارك للمأمور ، مرتكب للمحظور، وأنه نفْسه أولى بالله ورسوله ودِينه منه.
والمقدمة الثانية: اعتقاده أن الله سبحانه وتعالى قد لا يُؤيد صاحب الدين الحق وينْصُره، وقد لا يجعلُ له العاقبة في الدنيا بوجهٍ من الوجوه، بل يعيش عُمره مظلوماً مقهوراً مُسْتضاما، مع قيامه بما أُمِر به ظاهراً وباطناً، وانتهائه عما نُهِي عنه باطناً وظاهراً، فهو عند نفسه قائمٌ بشرائع الإسلام، وحقائق الإيمان، وهو تحت قهر أهل الظلم ، والفجور والعُدْوان.
فلا إله إلا الله، كم فسد بهذا الاغترار مِنْ عابدٍ جاهلٍ، ومُتديِّن لا بصيرة له، ومُنْتسب إلى العلم لا معْرِفة له بحقائق الدين.
فإنه من المعلوم: أن العبد وإن آمن بالآخرة، فإنه طالبٌ في الدنيا لما لابُدَّ له منه: مِنْ جلْب النَّفْعِ ودفع الضر، بما يعتقد أنه مُستحب أو واجب أو مباحٌ، فإذا اعتقد أنَّ الدين الحقَّ واتِّباع الهدى ، والاستقامة على التوحيد، ومتابعة السُّنة ، ينافي ذلك، وأنه يُعادي جميع أهل الأرض، ويتعرض لما لا يقدر عليه من البلاء، وفوات حُظوظه ومنافعه العاجلة؛ لزم من ذلك: إعراضهُ عن الرَّغبة في كمال دينه ، وتجرده لله ورسوله، فيعرض قلبه عن حال السابقين المقربين، بل قد يُعرض عن حال المقتصدين أصحاب اليمين، بل قد يدخل مع الظالمين، بل مع المنافقين، وإن لم يكن هذا في أصل الدين، كان في كثير من فروعه وأعماله، كما قال النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: "بادِرُوا بالأعمال فِتناً كقطع الليل المظلم، يُصبحُ الرجل مؤمناً ويُمسي كافراً، ويُمسي كافراً ويُصْبح مؤمناً، يبيعُ دينه بِعرضٍ من الدنيا".
صار الله: لا يجوز أن يقال: صار الله؛ لأن صار – وهي فعل ماض ناقص – معناها الانتقال من حال إلى حال، وإنما يقال : كان الله ؛ فإن "كان" – وهي فعل ماض ناقص – تدل على الزمان الماضي من غير تعرض لزواله في الحال أو لا زوال له ، ولهذا في الحديث: "كان الله ولم يكن شيء قبله" ولم يقل: صار الله. والله أعلم.
وانظر: "عمدة القاري" للبدر العيني – رحمه الله تعالى – في شرحه لترجمة البخاري – رحمه الله تعالى -: باب كيف كان بدء الوحي.
وقرر الشارح أنه لا يقال: صار.
فإن أراد منع الإطلاق لعدم النص فذاك، وإن أراد النفي لمذهب الأشاعرة نفاة الأفعال الاختيارية لله تعالى فهذا المقصد مرفوض، والله أعلم.
الصانع: في "بغية الوعاة" للسيوطي ترجمة لضياء بن سعيد القزويني – م سنة 708 هـ - . وقع في كلام الشيخ ضياء الدين إطلاق "الصانع" على الله تعالى، وهو جارٍ في ألسنة المتكلمين، وانتقد عليهم بأنه لم يرد إطلاقه على الله تبارك وتعالى، وأسماؤه توقيفية.
صبأ: في كتاب "المغازي": باب بعث النبي خالد بن الوليد إلي بني جذيمة، من "صحيح البخاري" ذكر قصته معهم، وقولهم له: صبأنا.
وفي ترجمة السَّميدع الكناني من "الإصابة" قال: " روى أبو الفرج الأصبهاني من طريق ابن دأب أن خالد بن الوليد لما توجه إلى بني كنانة يقاتلهم، فقالوا: إنا صبأنا . ولم يحسنوا أن يقولوا : إنا أسلمنا، فقتلهم، فأرسل النبي علياً فأعطاهم ديات من قتل منهم ... " الخبر.
صباح الخير: لابن حجر الهيتمي – رحمه الله تعالى – مطلب مهم ذكر فيه جملة ألفاظ هذا نصه: "[مطلب: على أنه تكره التحية بصباح الخير بخلاف صبحك الله بالخير]. ومحل عدم كراهة التحية بكرة النهار حيث لم تكن بألفاظ اليهود المشهورة كصباح الخير، بخلاف نحو صبحك الله بالخير.
صباح النور: في "مجلة مجمع اللغة العربية بمصر" مقال ممتع للأستاذ عمر فروخ، قال فيه: "ومعظم الناس إذا حيا بعضهم بعضاً قالوا: صباح الخير أو مساء الخير! والرد على هذه التحية هو: صباح النور – مساء النور، وهذه التحية هي: التحية المجوسية، يعتقد المجوسي بقوتين: الخير، والشر، يمثلهما: النور والظلمة. وللمجوسي إله للخير أو النور، وإله للشر أو الظلمة، وهما يتنازعان السيطرة على العالم، فكان من المعقول أن يحيي المجوس بعضهم بعضاً بقولهم : صباح الخير – صباح النور! ومع أن الإسلام قد أمرنا بأن نأخذ تحية الإسلام: "السلام عليكم" مكان كل تحية أخرى، فلا يزال العرب في معظمهم – من المسلمين ومن غير المسلمين – يتبادلون التحية بقولهم صباح الخير – صباح النور" اهـ .
صبحك الله بالخير: النهي عن الابتداء بها قبل لفظ: السلام.
قال النووي – رحمه الله تعالى -:
"مسألة: إذا ابتدأ المارُّ، الممْرور عليه، فقال: صبحك الله بالخير، أو: بالسعادة، أو: قواك الله أو: لا أوحش الله منك، أو غير ذلك من الألفاظ التي يستعملها الناس في العادة؛ لم يستحق جواباً، لكن لو دعا له قبالة ذلك، كان حسناً، إلا أن يترك جوابه بالكلية، زجراً له في تخلفه، وإهماله السلام، وتأديباً له ولغيره في الاعتناء بالابتداء بالسلام" انتهى.
قال ابن علان في شرحه لها: "هذه الألفاظ كلها لا أصل لها في التحية، ولم يثبت فيها شيء" انتهى.
الصّحْوة الإٌسْلاميّة: هذا وصف لم يعلق الله عليه حكماً، فهو اصطلاح حادث، ولا نعرفه في لسان السلف جارياً، وجرى استعماله في فواتح القرن الخامس عشر الهجري في أعقاب عودة الكفار كالنصارى إلى "الكنيسة". ثم تدرج إلى المسلمين، ولا يسوغ للمسلمين استجرار لباس أجنبي عنهم في الدين، ولا إيجاد شعار لم يأذن الله به ولا رسوله؛ إذ الألقاب الشرعية توقيفية: الإسلام، الإيمان، والإحسان، التقوى، فالمنتسب: مسلم، مؤمن، محسن، تقي .... فليت شعري ما هي النسبة إلى هذا المستحدث "الصحوة الإسلامية": صاحٍ، أم ماذا؟؟ ثم إنه يعني أن الإسلام كان في غفوة، وحال عزل في المسجد – كالديانة النصرانية كانت في الكنيسة فحسب – ثم أخذ في التمدد والانتشار، ففي هذا بخصوص الإسلام إغفال للواقع، ومغالطة للحقيقة، وإيجاد جو كبير للتخوف من المتدينين والرعب منهم حتى تتم مقاومتهم، وفي مصطلحات الصوفية كما في رسالة ابن عربي "مصطلحات الصوفية": الصحوة: رجوع إلى الإحسان بعد الغيبة بوارد قوي.
صدقت وبررت: يقولها من يسمع المؤذن في أذان الفجر يقول : "الصلاة خير من النوم" وهو لا يثبت، فليقل السامع مثل قول المؤذن سواء، والله أعلم.
صديق إبراهيم: طرداً للقاعدة العقدية عن أهل السنة والجماعة من أنا لا نسمي الله تعالى ولا نصفه ولا نطلق عليه إلا ما سمى ووصف به نفسه، أو وصفه به رسوله .. فنقول: اتخذ الله إبراهيم خليلاً، كما ذكره الله تعالى في كتابه، ولا نقول: اتخذ الله إبراهيم صديقاً؛ للتوقيف بالنص، والله أعلم.
صدق الله العظيم: نعم صدق الله العظيم {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلاً} [النساء: من الآية122]، {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثاً} [ النساء: من الآية87].
وقول القائل: صدق الله العظيم، ذكر مطلق، فتقييده بزمان أو مكان، أو حال من الأحوال، لابد له من دليل؛ إذ الأذكار المقيدة لا تكون إلا بدليل، وعليه: فإن التزام هذه بعد قراءة القرآن، لا دليل عليه ، فيكون غير مشروع، والتعبد بما لم يشرع من البدع، فالتزامها والحال هذه بدعة. والله أعلم.
الصديق: لا يجوز إطلاق كلمة: "الصديق" على "الكافر"؛ لأن أصل اشتقاق هذه الكلمة في اللغة يدور على: "المحبة والمودة"، والله – سبحانه – يقول: {لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ} [المجادلة: من الآية22]، فكيف إذا أُطلقت على كافر لا قرابة معه في نسب ولا سبب؟
ولهذا كانت "الصداقة" عند أهل اللسان هي: اتفاق الضمائر على المودة فإذا أضمر كل واحد من الرجلين مودة صاحبه، فصار باطنه فيها كظاهره، سُمِّيا: صديقين، ولهذا لا يقال: الله صديق المؤمن، كما أنه وليُّه. وقال العسكري – أيضاً – في الفرق بين المحبة والصداقة: "أن الصداقة: قوة المودة مأخوذة من الشيء الصدق، وهو: الصلب القوي، وقال أبو علي رحمه الله تعالى - : الصداقة اتفاق القلوب على المودة، ولهذا لا يقال: إن الله صديق المؤمن، كما يقال: إنه حبيبه، وخليله" انتهى.
ومثلها كلمة: "أخ" أو "أخي" فلا يجوز لمسلم أن يقولها لكافر، وهو ليس أخاً له من نسب أو رضاع.
الصرم: روى البخاري في: "الأدب المفرد"، والحاكم في: "المستدرك"، بإسناديهما عن: ابن عبد الرحمن بن سعيد المخزومي – وكان اسمه الصرم – فسماه النبي : "سعيداً"، وقال: حدثني جدي قال: "رأيت عثمان متكئاً في المسجد" ورواه أحمد، والبزار، والطبراني، قال الهيثمي: ورجاله ثقات.
الصرورة: في الجاهلية تسمية من لم يحج: صرورة، وفي حديث ابن عباس – رضي الله عنهما – أن النبي قال:"لا صرورة في الإسلام". [رواه أحمد، وأبو داود، والحاكم].
صفر "تسمية محرم به": قال النووي في "الأذكار": "فصل: ويكره أن يسمى المحرَّم: صفراً؛ لأن ذلك من عادة الجاهلية".
صفر الخير: عن أبي هريرة أن رسول الله قال: "لا عدوى، ولا طيرة، ولا هامة، ولا صفرة" [متفق عليه].
زاد مسلم: "ولا نوء، ولا غول".
وفي معنى: "لا صفر" أقوال ثلاثة: أنه داء في البطن يعدي؛ ولهذا فهو من باب عطف الخاص: "ولا صفر" على العام: "لا عدوى".
أو أنه نهى عن النّسأ، الذي كانت تعمله العرب في جاهليتها وذلك حينما يريدون استباحة الأشهر الحُرم فإنهم يؤخرونه إلى شهر صفر.
والثالث: أنه شهر صفر؛ إذ كانت العرب تتشاءم به. ولهذا نعته بعْضٌ بقوله: "صفر الخير" منابذة لما كانت تعتقده العرب وهذه لوثة جاهلية من نفسه من نفس لم يصقلها التوحيد بنوره.
صفو الله: للفرق اللغوي بين: "الصفوة والصفو" فإنه: يقال في حق النبي : "صفوة الله"؛ لأن الصفوة: خالص كل شيء، ولا يقال: "صفو الله"؛ لأن الصفو: مصدر سُمَّي به الصافي من الأشياء اختصاراً واتساعاً.
الصفة غير الموصوف: يأتي في حرف الكاف: الكلام غير المتكلم.
الصَّلاة، الصَّلاة:
قولها بعد الأذان، أو بين تسليمات التراويح ، كل هذا من البدع. كما ذكر ذلك ابن مفلح – رحمه الله تعالى -.
صلاة الصُّفْرة: عند بعض العامة في قلب الجزيرة العربية تسمية "صلاة المغرب": صلاة الصفرة. ولا تُعرف في لسان الشرع فتجتنب.
الصلاة على رسول الله: قرر جماعة من العلماء – رحمهم الله تعالى كراهة إفراد الصلاة عن السلام على رسول الله ، وقد وقع الإفراد لعدد من الأكابر كما في مقدمة مسلم لصحيحه، والشافعي للرسالة، وابن عبد البر في "التمهيد"، وللشيخ علي سلطان القاري رسالة في بيان هل يكره إفراد الصلاة عن السلام أم لا؟
الصلاة والسلام على أمير المؤمنين علي تخصيصه بها دون الثلاثة: أمير المؤمنين الخليفة الراشد علي بن أبي طالب لم يرد تخصيصه بذلك، لكن هذا من فعلات الرافضة، وسريانه إلى أهل السنة فيه هضم للخلفاء الثلاثة قبله – رضي الله عنهم – فليتنبه إلى مسالك المبتدعة وألفاظهم، فكم من لفظ ظاهره السلامة وباطنه الإثم.
صلى الله عليه وسلم "على غير الأنبياء": الصلاة والسلام على غير الأنبياء – تبعاً أو استقلالاً - .. أما على سبيل التبعية فهي جائزة بالإجماع، كما في صيغ الصلاة الإبراهيمية.
وإنما الخلاف على سبيل الانفراد، فهذا فيه نزاع على قولين، فالجمهور منهم الثلاثة: على عدم الجواز فلا يقال: قال أبو بكر ، وإن كان المعنى صحيحاً، كما لا يقال: قال محمد عز وجل، وإن كان عزيزاً جليلاً؛ لأن هذا من شعار ذكر الله عز وجل، وحملوا ما ورد في ذلك من الكتاب والسنة على الدعاء لهم ، ولهذا لم يثبت شعاراً لآل أبي أوفى ولا لجابر وامرأته، قال ابن كثير: وهذا مسلك حسن.
صلْعم: في "التذكرة التيمورية": "كلمة صلعم: لا تجوز، بل الواجب التصلية والتسليم: "الفتاوى الحديثية" لابن حجر الهيتمي (1/ 548) المخطوطة، و(ص168) من المطبوعة.
وهذا يدل على أن هذا الاختصار، أو النحت الممقوت من زمن ابن حجر"اهـ .
وابن حجر توفى سنة 974 هـ .
وقد أشار إلى إلى المنع من هذا: مِن قبْل: الفيروز آبادي في كتابه "الصلات والبُشر" فقال: "ولا ينبغي أن ترمز الصلاة كما يفعله بعض الكسالى والجهلة وعوام الطلبة، فيكتبون صورة "صلعم" بدلاً من: صلى الله عليه وسلم"اهـ .
وقال الشيخ أحمد شاكر – رحمه الله تعالى – عنها: "اصطلاح سخيف".
صليت إن شاء الله: في مبحث الاستثناء في الإيمان، وأن السلف كانوا يستثنون في الإيمان المطلق، ومنهم من استثنى في أعمال البر ؛ لأنه لا يعلم وقوعها على الوجه المأمور به المقبول فهو استثناء فيما لم تعلم حقيقته. قال ابن تيمية – رحمه الله تعالى - : "واستثنوا أيضاً في الأعمال الصالحة، كقول الرجل: صليت إن شاء الله، ونحو ذلك بمعنى القبول؛ لما في ذلك من الآثار عن السلف، ثم صار كثير من هؤلاء بآخرة يستثنون في كل شيء، فيقول: هذا ثوبي إن شاء الله. وهذا حبل إن شاء الله. فإذا قيل لأحدهم: هذا لا شك فيه، قال: نعم لا شك فيه، لكن إذا شاء الله أن يغيره غيره، فيريدون بقولهم: إن شاء الله: جواز تغييره في المستقبل، وإن كان في الحال لا شك فيه ...."انتهى. وهذا الاستثناء في كل شيء ماض معلوم : بدعة مخالفة للعقل والدِّين.
صمت رمضان كله وقمته: عن أبي بكرة t قال : قال رسول الله : "لا يقولنَّ أحدكم: إني صمت رمضان كله وقمته". فلا أدري أكره التزكية، أو قال: لابد من نومة أو رقدة؟ [رواه أبو داود والنسائي بأسانيد حسنة أو صحيحة] اهـ .
الصوفية: لشيخ الإسلام ابن تيمية تحقيقات عظيمة مسهبة في الرد على الصوفية وكشفهم، وفيها تحقيق فائق في ألقابهم ، وألفاظ، وأدعية لهم، منكرة غير مشروعة، وهي منتشرة في مواضع من "الفتاوى" وغيرها. وهذا بيان طرف منها ليقف الناظر عليها ويتطلب الرد عليها في محلها من الفتاوى. وهي:
1- الصوفية، وأن النسبة إليها حادثة لا تشرع. (36/176– 178).
2- الفقر: في اصطلاحهم (36/77 – 178).
3- أنت للشيخ فلان، وهو شيخك في الدنيا والآخرة، بدعة. (36/180).
4- إن الله يرضى لرضى المشايخ ويغضب لغضبهم. (36/180).
5- الحيرة، وأن مدحها مسلك الملاحدة. (36/189– 190).
6- الفناء والاصطلاح في المحبة، وبطلانه في اصطلاح الصوفية. (36/190– 191).
7- رؤوس الأحزاب، الزعماء، سكرة، ونحوها من ألقابهم وألقاب مجالسهم، وهي منكرة مردودة. (36/196).
8- السماع، وقولهم: السماع شبكة يصاد بها العوام، وإنكاره. (36/200) في ألفاظ أخرى تراها في محلها من هذا الكتاب.