• وهذه القاعدة الطيبة نافعة
حتى في مسائل }التفسير ، فكل تفسير على غير
فهم السلف فباطل ، كتفسير بعضهم لقوله تعالى سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي
أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ فإن الضمير في قوله ( أنه ) عائد إلى
القرآن ، وهو باتفاق السلف{أَنَّهُ الْحَقُّ ،
فالسلف يفهمون من الآية أن الضمير يعود على القرآن لا على الله ، ولكن قال بعض طوائف المتكلمين والصوفية أنه - أي الضمير - يعود على الله ، وهذا
فهم مخالف لفهم سلف الأمة ، والمتقرر أن كل
فهم يخالف فهم سلف الأمة فهو باطل.
• واختلف أهل العلم رحمهم الله تعالى في الجنة التي دخلها آدم عليه السلام ،
وأبو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى بحث
هذه المسألة في الفتاوى ، وتوصل إلى أن السلف رحمهم الله
تعالى لا
يفهمون من لفظ الجنة التي أدخلها أبونا آدم عليه السلام إلا أنها جنة الخلد التي في السماء ، وأن من قال بغير هذا القول ، فإنما هو شيء
ساقه من أهل البدع من غير تمحيص.
• أجمع
سلف الأمة وأئمتها رحمهم الله تعالى على أنه قد
يجتمع في
الشخص الواحد موجب الثواب وموجب العقاب ، فيثاب من جهة ، ويعاقب من جهة ، وعلى ذلك بنى أهل السنة مذهبهم في مرتكب الكبيرة ، كما ذكرناه لك
سابقا ، فإن الناس على ثلاثة أقسام :
- قسم
يأتي يوم القيامة وليس معه إلا موجب الثواب فقط ،
وهذا
منعم ابتداء ،
- وقسم
يأتي وليس معه إلا موجب العقاب فقط ، فهذا معذب
ابتداء ،
- وقسم
يأتي ومعه موجب الثواب والعقاب ، أي فعل ما يوجب له الثواب وما يوجب له العقاب ، فهذا يكون تحت المشيئة ، هذا هو فهم سلف الأمة ،
وأما أهل البدع فإنهم لا يقولون بهذا الفهم ،
فلا يمكن البتة عندهم أن يجتمع في الشخص الواحد موجب
الثواب
وموجب العقاب ، لأن الإيمان عندهم أصلا لا يزيد ولا ينقص وأما أهل السنة فلأنهم يقولون بأن الإيمان يزيد وينقص ، فقد فهموا من ذلك إمكانية
اجتماع موجب الثواب والعقاب في الشخص
الواحد.
• أجمع
أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم على وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ
أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ}أن قوله تعالى فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ
لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ إنما هي في حياته فقط لا بعد مماته ، فلا
يجوز لأحد بعد موت{تَوَّابًا رَّحِيمًا النبي صلى الله عليه وسلم إذا أذنب أن
يأتي إلى القبر ويطلب من النبي أن يستغفر له
، هذا لا يجوز ، ولا يعرف هذا عن أحد من سلف
الأمة وخيارها في العلم والدين ،
فالمجيء
في الآية إنما هو في حياته لا بعد مماته ، وأما أهل البدع فلهم فهم آخر ، وهو أنه مجيء في حياته وبعد مماته ، فتراهم يدعون النبي صلى الله
عليه وسلم ، ويستغفرون عند قبره ويستغيثون
به من دون الله تعالى ، وهذا كله باطل لأنه قول بني
على فهم
مخالف لفهم سلف الأمة ، والمتقرر أن كل فهم يخالف فهم سلف الأمة في العقيدة والعمل فهو باطل.
• - أجمع
سلف الأمة وأئمتها على أن الله تعالى يتكلم متى
شاء ،
كيفما شاء وأن كلامه بحرف وصوت يسمعه من يشاء ، وأنه قديم النوع حادث الآحاد ، وكل ذلك ثابت
بالأدلة من الكتاب والسنة ، وقد ذكرناها في موضع آخر ، فالأدلة الواردة في شأن إثبات صفة الكلام لله تعالى يفهم منها سلف الأمة
هذه الأشياء الثلاثة ، وهو الحق الذي لا
يجوز العدول عنه وأما أهل البدع فمنهم من أنكر الكلام
أصلا ،
ومنهم من حرفه فقال :- إنما يراد به الكلام النفسي ، وهذا فهم باطل لأنه مخالف لفهم سلف الأمة ، وبعضهم قال :- إنه كلام قديم النوع والآحاد
، وأن الله تعالى لا يتكلم بقدرته ولا
بمشيئته ، وهذا من أمحل المحال وأبطل الباطل ، لأنه
مخالف
للكتاب والسنة ولفهم سلف الأمة ، ومنهم من زعم أن لله تعالى كلاما منفصلا عنه وهو مخلوق ، وهو قول باطل لمخالفته للكتاب والسنة وفهم سلف الأمة ،
والحق إنما هو فيما فهمه السلف وقرروه ، وما
عداه فقول باطل ورأي عاطل ، لأنه مخالف لفهم السلف ،
والمتقرر
أن ما يخالف فهم السلف في العقيدة والعمل فهو باطل.
• لقد
قرر سلف الأمة أن زيارة القبور
مشروعة ، ولكن قيدوا مشروعيتها بكونها يراد بها الاعتبار
وتذكر
الموت ، والدعاء للأموات ، واتباع السنة الثابتة ، وما عدا ذلك فإن السلف رحمهم الله تعالى لا يفهمونه من الأدلة العامة الواردة في الترغيب
في زيارة القبور ، كزيارتهم لدعائهم أو الدعاء للنفس عند قبورهم أو الصلاة عندهم
ولهم ، أو النذر والذبح لهم ، أو الطواف
بقبورهم وقراءة القرآن عندها أو التبرك بترابها ، أو التمسح بما بني عليها أو وضع فيها ، ونحو ذلك مما يفعله بعض الناس ، ويظن
أنه من الزيارة المأمور بها في الأدلة ،
فنقول له :- إنك قد فهمت من الأدلة فهما مخالفا لفهم سلف
الأمة ،
والمتقرر أن كل فهم يخالف فهم سلف الأمة في العقيدة والعمل فهو باطل .
• لقد
فهم سلف الأمة رحمهم الله تعالى من قوله صلى الله عليه وسلم "من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار " فهم السلف حرمة الكذب
عليه كله ، وهذا هو الحق وأما بعض السذج من الخلق فإنه
يجوز الكذب الموجب للترغيب في التعبد ومحبة النبي صلى
الله
عليه وسلم والترغيب في الطاعة ، ويقول :- أنا أكذب له لا عليه ، وهذا فهم غريب من الحديث مخالف لفهم فهم سلف الأمة ، فهو فهم باطل ، لأن المتقرر
أن كل فهم يخالف فهم سلف الأمة في العقيدة
والعمل فهو باطل .
• - اعلم
رحمك الله تعالى أن
كل تفسير
منقول عن الرافضة لآيات القرآن يتضمن قدحا في الصحابة أو طعنا في إيمانهم أو أنهم ليسوا على الهدى أو أن عليا رضي الله عنه هو
الخليفة بعد النبي صلى الله عليه وسلم ، أو أن أحدا
من أمهات المؤمنين قد وقعت في السوء ، فهو تفسير باطل
، باطل ، باطل ، فإن هذا النوع من التفسير لا
يعرف عن سلف الأمة وأئمتها ، وإنما
يتفوه به
من لا خلاق ولا حياء عنده من الرافضة ومن أشبههم في قلة الأدب على سلف الأمة كما قال بعضهم أن كل آية فيها ذكر فرعون وهامان، فالمراد بها
( أبو بكر وعمر قالوا{ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً }) والآية التي فيه }:- هي عائشة ، ألا لعنهم الله
اللعائن المتتابعة ،وكما قالوا في قوله تعالى أي أبي بكر وعمر ، وغير ذلك كثير ، مما
تمجه الأسماع{وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ ، وتحزن له القلوب ، وتعاف رؤيته العيون ، من الكذب وأصناف السباب
والشتائم والإفك والفجور والبغض ، وكل هذه
التفاسير وما أشبهها ، تفاسير باطلة ، لأنها بنيت على
مخالفة
فهم سلف الأمة والمتقرر أن كل فهم يخالف فهم سلف الأمة في العقيدة والعمل فهو باطل .
• - كل
آية يستدل بها المعطل على تعطيله لأسماء الله تعالى
وصفاته
فاعلم أنه استدلال باطل لأنه بني على مخالفة فهم السلف ، وما خالف فهم السلف في العقيدة فباطل ، وكل نص يستدل به الممثل على تمثيله الرب بخلقه
فاعلم أنه استدلال باطل ، لأنه مخالف
لما فهمه سلف الأمة منه ، وما خالف فهم سلف الأمة في
العقيدة
فهو باطل ، وكل نص يستدل به الجبري على تأييد أن العبد لا قدرة له ولا اختيار فاعلم أنه استدلال باطل، لأنه مبني على مخالفة فهم السلف
فيه ومخالفة فهم السلف في النصوص دليل البطلان
، وكل نص يستدل به القدري على تأييد قوله في أن العبد
هو الذي
يخلق فعله بنفسه ، فهو استدلال باطل ، لأن السلف ما فهموا جزما من هذا النص ما فهمه هذا الجبري ، وما خالف فهم السلف في العقيدة والعمل فهو
باطل ، وكل نص يستدل به الرافضي على القدح في
عدالة الصحابة أو إثبات ردتهم بعد موت النبي صلى
الله
عليه وسلم فاعلم أنه استدلال باطل ، لما عللناه سابقا ، وكل نص يستدل به الوعيدية على أن مرتكب الكبيرة خارج من الإسلام وأنه خالد الخلود
الأبدي في النار فاعلم أنه استدلال باطل ،
لأنه مبني على غير فهم السلف ، وكل نص يستدل به المرجئ
على أن
ارتكاب الذنوب لا يؤثر في نقص الإيمان ، وأن مرتكب الكبيرة سيدخل الجنة ابتداء ولا عذاب عليه أصلا ، لأنه مؤمن كامل الإيمان ، فاعلم أنه
استدلال باطل ، لأنه بني على مخالفة فهم
السلف في فهم النص ، وغير ذلك كثير ، وكل هذه الأقوال نحن نستدل على بطلانها بأنها مخالفة لفهم سلف الأمة ، فانظر رحمك الله
تعالى إلى بركة هذه القاعدة الطيبة ، والتي
حقها أن تكون أصلا من أصول عقيدتك التي تدين الله تعالى
بها .
• لقد
اتفق أهل السنة رحمهم الله تعالى على أن حديث الولي من أحاديث الصفات ، أعني به قوله صلى الله عليه وسلم ، فيما يرويه عن ربه عز
وجل " ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما
افترضته عليه ، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى
أحبه ،
فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي عليها ولئن استعاذني لأعيذنه ، ولئن سألني
لأعطينه " ففر أهل البدع من هذا الحديث ، أيما
فرار, وحرفوه أيما تحريف ، واعتقدوا فيه المعتقدات
الفاسدة
، وفهموا منه عين الباطل ، وكروا عليه بالتحريف والتعطيل والإنكار ، وجعلوه مسبة لأهل السنة من أهل الحديث ، وعابوا روايته ونقله للأمة ، مع
أن كل ما شغبوا به لا يدل عليه الحديث هذا في
صدر ولا ورد ، وإنما هي خرافات أملتها عليهم شياطينهم ،
وأوهام
توهموها ، وظنون تافهة كاذبة ظنوها ، وليس عليها أثارة من علم ، وقد اتفق سلف الأمة على أن هذا الحديث من أفخم أحاديث الولاية ، وأنه لا يدل
إلا على الحق ، وأن الحديث يفسر بعضه بعضا ،
وأن آخره يفسر أوله ، وأنه لا يدل على شيء من الحلول
والمخالطة
المزعومة أنها هي ظاهره ، بل ظاهره حق ، وذلك أن من تقرب إلى الله تعالى بالفرائض والنوافل على الوجه الشرعي , فإن الله تعالى يحبه ،
ويترقى العبد في مدارج المحبة ومنازلها ، كلما ترقى
في مدارج العبودية لله تعالى ، فإذا وصل العبد إلى
محبة
الله تعالى كان الله تعالى معه معية تليق بجلاله وعظمته ، ووفقه لكل ما يحبه ويرضاه ، فلا يسمع إلا ما يرضي الله تعالى ، ولا يبصر إلا لما
يرضيه جل وعلا ، ولا يبطش بيده ولا يمشي برجله إلا
على نور من الله وهداية وتوفيق ومعونة ، هذا هو ظاهر
الحديث ،
ولأنه قال " ولئن سألني لأعطينه " فأثبت سائلا - وهو العبد - ومسئولا - وهو الرب جل وعلا - وقال " ولئن استعاذني لأعيذنه "
فأثبت مستعاذا ومعاذا ، فهما ذاتان منفصلتان فالعبد يتقرب
إلى الله تعالى ، والرب يرقيه في منازل حبه ، والعبد
يسأل
الرب جل وعلا والرب يحقق له ما يريد، والعبد يستعيذه والرب يعيذه ، فأين الحلول المدعى ؟ إنه مجرد وهم توهمه من لا خلاق له ، فأهل السنة
وعامة سلف الأمة رحمهم الله تعالى لا يفهمون
من هذا النص إلا الحق المتفق مع دلالة الكتاب والسنة،
وعليه :-
فكل فهم يفهمه أهل البدع من هذا الحديث ويزعمون أنه ظاهر الحديث خلاف ما كان يفهمه سلف الأمة ، هو في الحقيقة فهم باطل ، لأن المتقرر أن كل
فهم يخالف فهم سلف الأمة في العقيدة والعمل
فهو باطل .
• أجمع
السلف رحمهم الله تعالى على الإيمان بكرامات الأولياء ،
وأنها حق ثابت ، إلا أنهم رحمهم الله تعالى يتثبتون
فيها
تثبتا كبيرا ، ولا يقبلون دعواها من كل أحد ، بل لابد من أن يكون من أهل الإيمان والتقوى ، وأنها من باب تثبيت الولي ، وأنها تكون في
العلوم والمكاشفات وفي القدرة والتأثيرات ، وأنها
ليست بدليل على أن من ظهرت على يديه أفضل ممن لم تظهر
على يده
، وأنها إن ظهرت على يد المخالف للشرع في العقيدة والعمل فلا تعتبر كرامة ، بل هي تلبيس من الشيطان ومخادعة لأهل الإيمان ، وأنها لا تغير من
الشرع شيئا بتحليل حرام أو تحريم حلال ، لأن
الشرع ثابت لا يغيره شيء ، وأنها لا تفيد سقوط شيء من
التكاليف
عن من ظهرت على يديه ، بل لا يزال مطالبا بتكاليف الشرع وإن ظهرت على يده الكرامات كلها ، والكشف والكرامة ليس بحجة في أحكام الشريعة
المطهرة ، وخاصة فيما يخالف ظاهر الكتاب والسنة,
ولا يمتاز صاحب الولاية والكرامة عن آحاد المسلمين في
شيء من
الزي والعمل والقول ، وأما إثبات التصرف في العالم للأولياء ، وسقوط التكليف عنهم ، وإثبات ما يختص باللّه ، فإسقاط لحق الربوبية والألوهية ،
ودعوى مجردة عن الدليل ، بل من العقائد
الفاسدة الضعيفة ، والأباطيل الشركية السخيفة.
• ذهب
سلف الأمة إلى أن الاستثناء في الإيمان جائز ، أي يجوز للعبد أن يقول ( أنا مؤمن إن شاء الله ) ولا يفهم أهل السنة رحمهم الله تعالى من تجويز
ذلك أنه من الشك في الإيمان ، أبدا ، وأما أهل
البدع فإنهم لا يفهمون من هذا إلا أن القائل شاكا في
إيمانه ،
ولذلك فإنهم يطلقون على أهل السنة بأنهم ( الشكاكة ) وهذا فهم فاسد باطل ، لأنه مخالف لفهم السلف والمتقرر أن كل فهم يخالف فهم سلف الأمة في
العقيدة والعمل فهو باطل.
• أجمع
سلف الأمة وأئمتها رحمهم الله تعالى على أن النطق
بالشهادتين
هو أول واجب على المكلف الذي يريد الدخول في الإسلام ، وأما من زاغ وحاد عن سبيلهم فإن أول واجب عندهم هو النظر أو القصد إلى النظر أو الشك
، حتى يصل بذلك النظر إلى العلم بحدوث العالم
، فلا يستقيم إسلام المرء عندهم إلا بالنظر المفضي
إلى قيام
الاستدلال وصحة البرهان ، ولا يتمكن المكلف عندهم من معرفة الله تعالى على الحقيقة ، إلا بالنظر الذي جعلوا له طريقا معقدة لا يفهمها
أساطينهم فضلا عن العامة الذين لا علم عندهم بهذه
الطريق ، وقد حكم بعضهم بالكفر على من مات ولم ينظر أو
يقصد إلى
النظر مع تمكنه من ذلك بسعة الوقت ، وكل هذا كذب واختلاق وهراء وسفه ، بل خبل وجنون ، وهو طريق خاطئ باتفاق سلف الأمة.
• - أجمع
سلف الأمة وأئمتها رحمهم الله تعالى على
أن المعاد يوم القيامة يكون لهذه الأجساد التي كانت
في
الدنيا ، فالله تعالى يعيد عين هذه الأجساد ، وهو الذي أنكره كفار الأمم ، وهو الذي جاء القرآن بإثباته والتنبيه عليه بأنواع الأدلة ، فالله تعالى
بقدرته الكاملة يجمع رفات هذه الأجساد
ويعيدها كما كانت في الدنيا ، ومن أنكر هذا فقد أنكر حقيقة المعاد الجسماني ، فسلف الأمة لا يفهمون من نصوص المعاد يوم
القيامة إلا أن الله تعالى سيعيد هذه الأجساد ،
وما خالف ذلك من الأقوال التي بنيت على مخالفة النصوص
وفهم
السلف فهي باطلة لأن المتقرر أن كل فهم يخالف فهم سلف الأمة فهو باطل .
• - أجمع
أهل السنة على أن للسحر حقيقة ، وأنه لا يؤثر إلا بإذن الله تعالى الكوني القدري ، وأن منه ما يقتل ومنه ما يمرض أو يصيب
بالجنون ، أو يفرق بين المرء وزوجه ، وهو أكثره ،
وهذا باتفاق أهل السنة والجماعة رحمهم الله تعالى ، وما
نقل عن
أهل البدع من أن السحر لا حقيقة له ، وأنه مجرد تخييل فقط ، فإنه بني على غير فهم سلف الأمة ، والمتقرر أن كل فهم يخالف فهم سلف الأمة في
مسائل العقيدة والعمل فهم باطل ، فسحر
التخييل نوع من أنواع السحر وليس هو كل السحر ، بل هناك سحر التأثير أيضا ، وهو الذي ينكره أكثر أهل البدع لأنهم ما فهموا من
النصوص الواردة في شأن ذلك إلا سحر التخييل فقط
، وهذا فهم فاسد لأنه مخالف لفهم سلف الأمة وأئمتها ،
والله
أعلم.
• أجمع
سلف الأمة على أن للسبب تأثيرا ، لكنه تأثير بقدرة
الرب جل
وعلا وإرادته ومشيئته ، فالسبب مؤثر لا بذاته ، وهذا باتفاق أهل السنة ، والنصوص الواردة في إثبات سببية شيء لشيء لا يفهم منها سلف الأمة
إلا هذا الفهم ، وخالفهم في هذا طائفتان :-
المعطلة ، وهم الذين يزعمون أن السبب ليس له مطلق
التأثير
، وأن الشيء يكون عنده لا به ، وهذا هوس في العقل وقدح في الشرع ومخالفة للمحسوسات ، وطائفة أخرى قالت :- بل السبب هو المؤثر بذاته ، لا
بجعل الله له مؤثرا ، وهذا شرك أكبر ولا شك ، وكلا الطائفتين بنت مذهبها على مخالفة
النصوص ومخالفة فهم السلف ، والمتقرر أن كل فهم
بني على مخالفة النص وعلى مخالفة فهم سلف الأمة فهم
باطل ،
وما بني على الباطل فهو باطل ، فالحق الذي ندين الله تعالى به هو أن الأسباب مؤثرة لا بذاتها ، وإنما بجعل الله لها مؤثرة ، والله يتولانا
وإياك .
• - أجمع
سلف الأمة على بطلان الاحتجاج بالقدر على فعل المعصية ، وأنها من الحجج الداحضة التي لا تنفع صاحبها يوم القيامة ، ولا تسمن ولا تغنيه من
العذاب يوم القيامة فنصوص القدر الواردة
في الكتاب والسنة من أن الله تعالى هو الذي خلق
الأشياء
كلها ، وقدرها وشاءها وكتبها ، ونحو ذلك كله لا يفهم منه أهل السنة أنه يجوز للعبد أن يحتج بالقدر على تقحمه في المعاصي والآثام ، واتفق
أهل السنة على أن هذا الفهم من نصوص القدر فهم
باطل ، فما يزعمه بعض أهل البدع في باب القدر من أن
نصوص
إثبات القدر تدل على ذلك هو من الكذب والإفك والبهتان ، وهو فهم مخالف للأدلة من الكتاب والسنة ، ومخالف لفهم سلف الأمة ، والمتقرر أن كل فهم
يخالف النصوص ، ويخالف فهم سلف الأمة فهو
باطل ، وما بني على الباطل فهو باطل ، والله يحفظنا وإياك من كل زلل ، وقد ذكرنا الأدلة على بطلان الاحتجاج بالقدر على فعل
المعاصي في موضع آخر .
• - أجمع
سلف الأمة وأئمتها على حرمة الخروج على حاكم الزمان ،
وإن ظلم
وإن جار ، وإن أخذ المال واعتدى ، إلا أن نرى كفرا بواحا عندنا فيه من الله برهان ، مع غلبة الطن أن ننتصر عليه بلا مفسدة أعظم من المصلحة
المرجوة من إبعاده ، هذا باتفاق سلف الأمة وأئمتها
، وعليه وردت الأدلة في صحيح السنة من حرمة الخروج
على
الحاكم إلا بهذه الشروط وعليه ، فما يفهمه المعتزلة وغيرهم من أهل البدع من النصوص الواردة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أنها تدل في
المقام الأول على الخروج على الحكام ، فهو
فهم فاسد كل الفساد ، لأنه بني على غير فهم سلف الأمة
، ولأنه مخالف للأدلة الكثيرة في منع ذلك، بل
إن المعتزلة جعلوا من أصولهم الخمسة:- الأمر بالمعروف والنهي عن
المنكر ، ويريدون به الخروج على الحكام ويستدلون عليه
بالأدلة
الواردة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وهو رأي عاطل باطل ، لأنهم فهموا من النصوص ما لم يفهمه سلف الأمة ، والمتقرر أن كل قول بني
على فهم مخالف لفهم سلف الأمة في العقيدة
والعمل فهو باطل ، فاحذر من هذه المزالق الوخيمة التي لا
تزال
الأمة تعاني من آثارها السيئة إلى اليوم .
• - أجمع
سلف الأمة على أن الجهاد والحج والجمعة
والجماعات تقام خلف الأئمة أبرارا كانوا أو فجارا ، وأنه لا يتخلف عن الصلاة معهم ولا إقامة الجهاد وراءهم إلا مبتدع مبتغ في
الإسلام سنة الجاهلية ، وهذا باتفاق أهل
السنة والجماعة ، وهو من العقائد التي يقررونها في
كتبهم
العقدية ، ويوالون ويعادون عليها ، وعليه فما يتشدق به بعض طلبة العلم في بعض الأزمنة من أن الواجب هجرهم ، وعدم الصلاة وراءهم ولا إقامة الجمع
ولا الجماعات ولا الجهاد معهم كله من التخرصات
الشيطانية ، والمبنية على غير هدى من الله ، والتي
خولف بها
فهم سلف الأمة والمتقرر أن كل فهم يخالف فهم سلف الأمة في مسائل العقيدة والعمل فهو باطل .
• - أجمع
سلف الأمة على أن التكفير العام لا يستلزم
انطباقه
على أفراده بالعين إلا بعد توفر الشروط وانتفاء الموانع ، ولنا في الاستدلال على ذلك رسالة مستقلة ، ومعنى هذا أنه ليس كل من وقع في
قول أو عمل نص الدليل على أن الواقع فيه
يكفر أنه لابد أن يكون كافرا بالعين ، هذا لا يلزم أبدا ، بل السلف متفقون على أن لا تلازم بين الفعل والفاعل ، بل الفعل له
حكمه الخاص والفاعل له حكمه الخاص ، فليس
كل من وقع في الكفر كفر ، بل لابد من النظر أولا في
ثبوت
الشروط وانتفاء الموانع ، هذا فهم سلف الأمة ، فهم يفرقون بين الفعل والفاعل فيعطون الفعل ما يستحقه من الحكم ، ويعطون الفاعل ما يستحقه من
الحكم ، وهذا هو الحق وعليه :- فمن فهم من
الأدلة التي فيها إثبات التكفير لمن قال هذا القول أو فعل هذا الفعل ، فمن فهم من هذه الأدلة أنه ينطبق الحكم فيها على
فاعلها مباشرة ، فهو مخالف لفهم سلف الأمة, فقوله
باطل ، لأن المتقرر أن كل فهم يخالف فهم سلف الأمة في
مسائل
العقيدة والعمل فهو باطل ، والله يحفظنا وإياك .
• - لقد
انعقدت كلمة عامة أهل الإسلام على أن
الدين الإسلامي دين صالح لكل زمان ومكان وعليه :- فما
يتفوه به
العلمانيون والليبراليون ومن نحا نحوهم واستغرب في فكره وثقافته من أنه دين لا يصلح إلا للزمان الأول فقط ، وأما قرن العشرين فإنه قرن
التطور والحضارة وقرن الذرة وغزو الفضاء ،
وقرن العولمة والازدهار ، فلا يصلح فيه أن يقال :- هذا
حلال
وهذا حرام ، بل الباب مفتوح فيه على مصراعيه فلا دين يحكمه ولا برهان يرجع إليه ، وكل ذلك من الكفر والكذب والفجور والبهتان ، والإفك المبين
، ولعن الله من قاله ، وأخزاه الله وأبعده.
• اتفق
سلف الأمة فيما أعلم على إثبات دخول
الجن في
الإنس ، ولا أعلم بينهم نزاعا في ذلك ، وعلى ذلك وردت الأدلة ، وقد ذكرتها في غير هذا الموضع ، وخالف في ذلك بعض أهل البدع ، وبعض أهل الطب ،
ومن يعظم العقلانيات ، ويقدمها على
الأمور السمعية ، أو يقيس الأمور السمعية على ما يقره
عقله ،
وهذا قول باطل ، لأن الأدلة وردت بإثبات ذلك ، والسلف فهموا من الأدلة إمكانية ذلك ، فمن فهم من الأدلة الواردة في هذا الشأن غير ما فهمه
سلف الأمة ففهمه باطل ، مردود عليه ، لأن
المتقرر أن كل فهم يخالف فهم سلف الأمة في مسائل العقيدة
والعمل
فهو باطل .
• أجمع
سلف الأمة وأئمتها على أن اليهودي لا يجوز له بعد
بعثة
محمد صلى الله عليه وسلم أن يتعبد لله تعالى على مقتضى يهوديته ، وأجمعوا على أن النصراني بعد بعثة محمد صلى الله عليه وسلم لا يجوز له أن يتعبد
لله تعالى على مقتضى نصرانيته ، بل يجب
عليهم أن يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم ، الإيمان
المستجمع
للتصديق والإذعان ، كما قال صلى الله عليه وسلم " والذي نفس محمد بيده ، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ، ثم يموت ولم يؤمن
بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار
" وأجمع أهل العلم على أن رسالة النبي صلى الله عليه وسلم عامة للإنس والجن ، وعليه :- فمن فهم من كون اليهودية والنصرانية
أنها أديان سماوية صحيحة كانت في السابق ، من
فهم من ذلك تجويز تعبدهم لله تعالى على مقتضاها ، فهو
غالط ،
بل إن كان عارفا بالأدلة ولا شبهة عنده فهو كافر ، لأنه مخالف للمعلوم من الدين بالضرورة ، والحوار معهم إن كان يراد به تعريفهم بحقيقة
الإسلام ودعوتهم إليه ، وكشف الشبهة التي عندهم وتصحيح ما عندهم من المفاهيم الخاطئة عن الإسلام
فأهلا وسهلا ، وأما إن كان يراد به
السعي إلى تصحيح ما هم عليه من الكفر ، أو التقريب بين
الإسلام
وملل الكفر أو أن لكل أحد أن يعبد الله على ما يدينه ، فهذا حوار ظالم غاشم ، لأنه يخرق إجماع
أهل العلم القطعي ، ويخالف المعلوم من الدين بالضرورة ، والله من وراء القصد ، ولا حول ولا وقوة إلا بالله العلي العظيم .
• - أجمع
أهل السنة على أن دراسة المنطق ليس بشرط في
فهم عقيدة الإسلام ، بل دراسته في الحقيقة قد تكون
سببا من
أسباب الضلال والتيه والحيرة والشكوك وكثرة الاضطراب ، ولا يزال علماء أهل السنة يحذرون من علم الكلام اليوناني ، لما جره على عقيدة المسلمين
من الويلات التي يعرفها من نظر فيما أحدثه
القوم في العقيدة .
• - أجمع
سلف الأمة على أن النبي صلى الله عليه وسلم لا
يرى بعد موته في اليقظة بل قد يرى مناما ، ومن رآه في
المنام
فكأنما رآه على الحقيقة ، وعليه :- فما يفهمه بعض أهل البدع من قوله صلى الله عليه وسلم " من رآني في المنام فقد رآني " من أنه
يرى في اليقظة ، هو فهم باطل ، لأنه مخالف لفهم سلف الأمة ، وما خالف فهم السلف في مسائل
العقيدة والعمل فهو باطل وأما حديث "
فسيراني في اليقظة " فلا يصح ، بل الصحيح أن من رآه في المنام فكأنما رآه في الحقيقة ، لأن الشيطان لا يتصور في صورته صلى الله
عليه وسلم ، والمهم أن فهم أهل البدع من
الحديث المذكور فهم باطل ، لمخالفته لفهم السلف .
• أجمع
سلف الأمة على أن التلفظ بالنية جهرا قبل العبادات كالصلاة والصوم والطهارة ونحوها أنه من البدع ، وأن التلفظ بها جهرا لا
يفهم من قوله " إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل
امرئ ما نوى " وعليه :- فمن فهم من هذا الحديث أنه يدل على مشروعية التلفظ بالنية جهرا ، فقد فهم فهما باطلا ، لأنه خالف
فهم سلف الأمة ، والمتقرر أن كل فهم خولف به
فهم سلف الأمة فهو باطل .
• لا
أعلم عن أحد من الصحابة أنه حسن شيئا من
البدع في الدين ، وأما قول عمر " نعمت البدعة هذه " فإنما يريد بها البدعة اللغوية ، ل
حتى في مسائل }التفسير ، فكل تفسير على غير
فهم السلف فباطل ، كتفسير بعضهم لقوله تعالى سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي
أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ فإن الضمير في قوله ( أنه ) عائد إلى
القرآن ، وهو باتفاق السلف{أَنَّهُ الْحَقُّ ،
فالسلف يفهمون من الآية أن الضمير يعود على القرآن لا على الله ، ولكن قال بعض طوائف المتكلمين والصوفية أنه - أي الضمير - يعود على الله ، وهذا
فهم مخالف لفهم سلف الأمة ، والمتقرر أن كل
فهم يخالف فهم سلف الأمة فهو باطل.
• واختلف أهل العلم رحمهم الله تعالى في الجنة التي دخلها آدم عليه السلام ،
وأبو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى بحث
هذه المسألة في الفتاوى ، وتوصل إلى أن السلف رحمهم الله
تعالى لا
يفهمون من لفظ الجنة التي أدخلها أبونا آدم عليه السلام إلا أنها جنة الخلد التي في السماء ، وأن من قال بغير هذا القول ، فإنما هو شيء
ساقه من أهل البدع من غير تمحيص.
• أجمع
سلف الأمة وأئمتها رحمهم الله تعالى على أنه قد
يجتمع في
الشخص الواحد موجب الثواب وموجب العقاب ، فيثاب من جهة ، ويعاقب من جهة ، وعلى ذلك بنى أهل السنة مذهبهم في مرتكب الكبيرة ، كما ذكرناه لك
سابقا ، فإن الناس على ثلاثة أقسام :
- قسم
يأتي يوم القيامة وليس معه إلا موجب الثواب فقط ،
وهذا
منعم ابتداء ،
- وقسم
يأتي وليس معه إلا موجب العقاب فقط ، فهذا معذب
ابتداء ،
- وقسم
يأتي ومعه موجب الثواب والعقاب ، أي فعل ما يوجب له الثواب وما يوجب له العقاب ، فهذا يكون تحت المشيئة ، هذا هو فهم سلف الأمة ،
وأما أهل البدع فإنهم لا يقولون بهذا الفهم ،
فلا يمكن البتة عندهم أن يجتمع في الشخص الواحد موجب
الثواب
وموجب العقاب ، لأن الإيمان عندهم أصلا لا يزيد ولا ينقص وأما أهل السنة فلأنهم يقولون بأن الإيمان يزيد وينقص ، فقد فهموا من ذلك إمكانية
اجتماع موجب الثواب والعقاب في الشخص
الواحد.
• أجمع
أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم على وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ
أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ}أن قوله تعالى فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ
لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ إنما هي في حياته فقط لا بعد مماته ، فلا
يجوز لأحد بعد موت{تَوَّابًا رَّحِيمًا النبي صلى الله عليه وسلم إذا أذنب أن
يأتي إلى القبر ويطلب من النبي أن يستغفر له
، هذا لا يجوز ، ولا يعرف هذا عن أحد من سلف
الأمة وخيارها في العلم والدين ،
فالمجيء
في الآية إنما هو في حياته لا بعد مماته ، وأما أهل البدع فلهم فهم آخر ، وهو أنه مجيء في حياته وبعد مماته ، فتراهم يدعون النبي صلى الله
عليه وسلم ، ويستغفرون عند قبره ويستغيثون
به من دون الله تعالى ، وهذا كله باطل لأنه قول بني
على فهم
مخالف لفهم سلف الأمة ، والمتقرر أن كل فهم يخالف فهم سلف الأمة في العقيدة والعمل فهو باطل.
• - أجمع
سلف الأمة وأئمتها على أن الله تعالى يتكلم متى
شاء ،
كيفما شاء وأن كلامه بحرف وصوت يسمعه من يشاء ، وأنه قديم النوع حادث الآحاد ، وكل ذلك ثابت
بالأدلة من الكتاب والسنة ، وقد ذكرناها في موضع آخر ، فالأدلة الواردة في شأن إثبات صفة الكلام لله تعالى يفهم منها سلف الأمة
هذه الأشياء الثلاثة ، وهو الحق الذي لا
يجوز العدول عنه وأما أهل البدع فمنهم من أنكر الكلام
أصلا ،
ومنهم من حرفه فقال :- إنما يراد به الكلام النفسي ، وهذا فهم باطل لأنه مخالف لفهم سلف الأمة ، وبعضهم قال :- إنه كلام قديم النوع والآحاد
، وأن الله تعالى لا يتكلم بقدرته ولا
بمشيئته ، وهذا من أمحل المحال وأبطل الباطل ، لأنه
مخالف
للكتاب والسنة ولفهم سلف الأمة ، ومنهم من زعم أن لله تعالى كلاما منفصلا عنه وهو مخلوق ، وهو قول باطل لمخالفته للكتاب والسنة وفهم سلف الأمة ،
والحق إنما هو فيما فهمه السلف وقرروه ، وما
عداه فقول باطل ورأي عاطل ، لأنه مخالف لفهم السلف ،
والمتقرر
أن ما يخالف فهم السلف في العقيدة والعمل فهو باطل.
• لقد
قرر سلف الأمة أن زيارة القبور
مشروعة ، ولكن قيدوا مشروعيتها بكونها يراد بها الاعتبار
وتذكر
الموت ، والدعاء للأموات ، واتباع السنة الثابتة ، وما عدا ذلك فإن السلف رحمهم الله تعالى لا يفهمونه من الأدلة العامة الواردة في الترغيب
في زيارة القبور ، كزيارتهم لدعائهم أو الدعاء للنفس عند قبورهم أو الصلاة عندهم
ولهم ، أو النذر والذبح لهم ، أو الطواف
بقبورهم وقراءة القرآن عندها أو التبرك بترابها ، أو التمسح بما بني عليها أو وضع فيها ، ونحو ذلك مما يفعله بعض الناس ، ويظن
أنه من الزيارة المأمور بها في الأدلة ،
فنقول له :- إنك قد فهمت من الأدلة فهما مخالفا لفهم سلف
الأمة ،
والمتقرر أن كل فهم يخالف فهم سلف الأمة في العقيدة والعمل فهو باطل .
• لقد
فهم سلف الأمة رحمهم الله تعالى من قوله صلى الله عليه وسلم "من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار " فهم السلف حرمة الكذب
عليه كله ، وهذا هو الحق وأما بعض السذج من الخلق فإنه
يجوز الكذب الموجب للترغيب في التعبد ومحبة النبي صلى
الله
عليه وسلم والترغيب في الطاعة ، ويقول :- أنا أكذب له لا عليه ، وهذا فهم غريب من الحديث مخالف لفهم فهم سلف الأمة ، فهو فهم باطل ، لأن المتقرر
أن كل فهم يخالف فهم سلف الأمة في العقيدة
والعمل فهو باطل .
• - اعلم
رحمك الله تعالى أن
كل تفسير
منقول عن الرافضة لآيات القرآن يتضمن قدحا في الصحابة أو طعنا في إيمانهم أو أنهم ليسوا على الهدى أو أن عليا رضي الله عنه هو
الخليفة بعد النبي صلى الله عليه وسلم ، أو أن أحدا
من أمهات المؤمنين قد وقعت في السوء ، فهو تفسير باطل
، باطل ، باطل ، فإن هذا النوع من التفسير لا
يعرف عن سلف الأمة وأئمتها ، وإنما
يتفوه به
من لا خلاق ولا حياء عنده من الرافضة ومن أشبههم في قلة الأدب على سلف الأمة كما قال بعضهم أن كل آية فيها ذكر فرعون وهامان، فالمراد بها
( أبو بكر وعمر قالوا{ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً }) والآية التي فيه }:- هي عائشة ، ألا لعنهم الله
اللعائن المتتابعة ،وكما قالوا في قوله تعالى أي أبي بكر وعمر ، وغير ذلك كثير ، مما
تمجه الأسماع{وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ ، وتحزن له القلوب ، وتعاف رؤيته العيون ، من الكذب وأصناف السباب
والشتائم والإفك والفجور والبغض ، وكل هذه
التفاسير وما أشبهها ، تفاسير باطلة ، لأنها بنيت على
مخالفة
فهم سلف الأمة والمتقرر أن كل فهم يخالف فهم سلف الأمة في العقيدة والعمل فهو باطل .
• - كل
آية يستدل بها المعطل على تعطيله لأسماء الله تعالى
وصفاته
فاعلم أنه استدلال باطل لأنه بني على مخالفة فهم السلف ، وما خالف فهم السلف في العقيدة فباطل ، وكل نص يستدل به الممثل على تمثيله الرب بخلقه
فاعلم أنه استدلال باطل ، لأنه مخالف
لما فهمه سلف الأمة منه ، وما خالف فهم سلف الأمة في
العقيدة
فهو باطل ، وكل نص يستدل به الجبري على تأييد أن العبد لا قدرة له ولا اختيار فاعلم أنه استدلال باطل، لأنه مبني على مخالفة فهم السلف
فيه ومخالفة فهم السلف في النصوص دليل البطلان
، وكل نص يستدل به القدري على تأييد قوله في أن العبد
هو الذي
يخلق فعله بنفسه ، فهو استدلال باطل ، لأن السلف ما فهموا جزما من هذا النص ما فهمه هذا الجبري ، وما خالف فهم السلف في العقيدة والعمل فهو
باطل ، وكل نص يستدل به الرافضي على القدح في
عدالة الصحابة أو إثبات ردتهم بعد موت النبي صلى
الله
عليه وسلم فاعلم أنه استدلال باطل ، لما عللناه سابقا ، وكل نص يستدل به الوعيدية على أن مرتكب الكبيرة خارج من الإسلام وأنه خالد الخلود
الأبدي في النار فاعلم أنه استدلال باطل ،
لأنه مبني على غير فهم السلف ، وكل نص يستدل به المرجئ
على أن
ارتكاب الذنوب لا يؤثر في نقص الإيمان ، وأن مرتكب الكبيرة سيدخل الجنة ابتداء ولا عذاب عليه أصلا ، لأنه مؤمن كامل الإيمان ، فاعلم أنه
استدلال باطل ، لأنه بني على مخالفة فهم
السلف في فهم النص ، وغير ذلك كثير ، وكل هذه الأقوال نحن نستدل على بطلانها بأنها مخالفة لفهم سلف الأمة ، فانظر رحمك الله
تعالى إلى بركة هذه القاعدة الطيبة ، والتي
حقها أن تكون أصلا من أصول عقيدتك التي تدين الله تعالى
بها .
• لقد
اتفق أهل السنة رحمهم الله تعالى على أن حديث الولي من أحاديث الصفات ، أعني به قوله صلى الله عليه وسلم ، فيما يرويه عن ربه عز
وجل " ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما
افترضته عليه ، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى
أحبه ،
فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي عليها ولئن استعاذني لأعيذنه ، ولئن سألني
لأعطينه " ففر أهل البدع من هذا الحديث ، أيما
فرار, وحرفوه أيما تحريف ، واعتقدوا فيه المعتقدات
الفاسدة
، وفهموا منه عين الباطل ، وكروا عليه بالتحريف والتعطيل والإنكار ، وجعلوه مسبة لأهل السنة من أهل الحديث ، وعابوا روايته ونقله للأمة ، مع
أن كل ما شغبوا به لا يدل عليه الحديث هذا في
صدر ولا ورد ، وإنما هي خرافات أملتها عليهم شياطينهم ،
وأوهام
توهموها ، وظنون تافهة كاذبة ظنوها ، وليس عليها أثارة من علم ، وقد اتفق سلف الأمة على أن هذا الحديث من أفخم أحاديث الولاية ، وأنه لا يدل
إلا على الحق ، وأن الحديث يفسر بعضه بعضا ،
وأن آخره يفسر أوله ، وأنه لا يدل على شيء من الحلول
والمخالطة
المزعومة أنها هي ظاهره ، بل ظاهره حق ، وذلك أن من تقرب إلى الله تعالى بالفرائض والنوافل على الوجه الشرعي , فإن الله تعالى يحبه ،
ويترقى العبد في مدارج المحبة ومنازلها ، كلما ترقى
في مدارج العبودية لله تعالى ، فإذا وصل العبد إلى
محبة
الله تعالى كان الله تعالى معه معية تليق بجلاله وعظمته ، ووفقه لكل ما يحبه ويرضاه ، فلا يسمع إلا ما يرضي الله تعالى ، ولا يبصر إلا لما
يرضيه جل وعلا ، ولا يبطش بيده ولا يمشي برجله إلا
على نور من الله وهداية وتوفيق ومعونة ، هذا هو ظاهر
الحديث ،
ولأنه قال " ولئن سألني لأعطينه " فأثبت سائلا - وهو العبد - ومسئولا - وهو الرب جل وعلا - وقال " ولئن استعاذني لأعيذنه "
فأثبت مستعاذا ومعاذا ، فهما ذاتان منفصلتان فالعبد يتقرب
إلى الله تعالى ، والرب يرقيه في منازل حبه ، والعبد
يسأل
الرب جل وعلا والرب يحقق له ما يريد، والعبد يستعيذه والرب يعيذه ، فأين الحلول المدعى ؟ إنه مجرد وهم توهمه من لا خلاق له ، فأهل السنة
وعامة سلف الأمة رحمهم الله تعالى لا يفهمون
من هذا النص إلا الحق المتفق مع دلالة الكتاب والسنة،
وعليه :-
فكل فهم يفهمه أهل البدع من هذا الحديث ويزعمون أنه ظاهر الحديث خلاف ما كان يفهمه سلف الأمة ، هو في الحقيقة فهم باطل ، لأن المتقرر أن كل
فهم يخالف فهم سلف الأمة في العقيدة والعمل
فهو باطل .
• أجمع
السلف رحمهم الله تعالى على الإيمان بكرامات الأولياء ،
وأنها حق ثابت ، إلا أنهم رحمهم الله تعالى يتثبتون
فيها
تثبتا كبيرا ، ولا يقبلون دعواها من كل أحد ، بل لابد من أن يكون من أهل الإيمان والتقوى ، وأنها من باب تثبيت الولي ، وأنها تكون في
العلوم والمكاشفات وفي القدرة والتأثيرات ، وأنها
ليست بدليل على أن من ظهرت على يديه أفضل ممن لم تظهر
على يده
، وأنها إن ظهرت على يد المخالف للشرع في العقيدة والعمل فلا تعتبر كرامة ، بل هي تلبيس من الشيطان ومخادعة لأهل الإيمان ، وأنها لا تغير من
الشرع شيئا بتحليل حرام أو تحريم حلال ، لأن
الشرع ثابت لا يغيره شيء ، وأنها لا تفيد سقوط شيء من
التكاليف
عن من ظهرت على يديه ، بل لا يزال مطالبا بتكاليف الشرع وإن ظهرت على يده الكرامات كلها ، والكشف والكرامة ليس بحجة في أحكام الشريعة
المطهرة ، وخاصة فيما يخالف ظاهر الكتاب والسنة,
ولا يمتاز صاحب الولاية والكرامة عن آحاد المسلمين في
شيء من
الزي والعمل والقول ، وأما إثبات التصرف في العالم للأولياء ، وسقوط التكليف عنهم ، وإثبات ما يختص باللّه ، فإسقاط لحق الربوبية والألوهية ،
ودعوى مجردة عن الدليل ، بل من العقائد
الفاسدة الضعيفة ، والأباطيل الشركية السخيفة.
• ذهب
سلف الأمة إلى أن الاستثناء في الإيمان جائز ، أي يجوز للعبد أن يقول ( أنا مؤمن إن شاء الله ) ولا يفهم أهل السنة رحمهم الله تعالى من تجويز
ذلك أنه من الشك في الإيمان ، أبدا ، وأما أهل
البدع فإنهم لا يفهمون من هذا إلا أن القائل شاكا في
إيمانه ،
ولذلك فإنهم يطلقون على أهل السنة بأنهم ( الشكاكة ) وهذا فهم فاسد باطل ، لأنه مخالف لفهم السلف والمتقرر أن كل فهم يخالف فهم سلف الأمة في
العقيدة والعمل فهو باطل.
• أجمع
سلف الأمة وأئمتها رحمهم الله تعالى على أن النطق
بالشهادتين
هو أول واجب على المكلف الذي يريد الدخول في الإسلام ، وأما من زاغ وحاد عن سبيلهم فإن أول واجب عندهم هو النظر أو القصد إلى النظر أو الشك
، حتى يصل بذلك النظر إلى العلم بحدوث العالم
، فلا يستقيم إسلام المرء عندهم إلا بالنظر المفضي
إلى قيام
الاستدلال وصحة البرهان ، ولا يتمكن المكلف عندهم من معرفة الله تعالى على الحقيقة ، إلا بالنظر الذي جعلوا له طريقا معقدة لا يفهمها
أساطينهم فضلا عن العامة الذين لا علم عندهم بهذه
الطريق ، وقد حكم بعضهم بالكفر على من مات ولم ينظر أو
يقصد إلى
النظر مع تمكنه من ذلك بسعة الوقت ، وكل هذا كذب واختلاق وهراء وسفه ، بل خبل وجنون ، وهو طريق خاطئ باتفاق سلف الأمة.
• - أجمع
سلف الأمة وأئمتها رحمهم الله تعالى على
أن المعاد يوم القيامة يكون لهذه الأجساد التي كانت
في
الدنيا ، فالله تعالى يعيد عين هذه الأجساد ، وهو الذي أنكره كفار الأمم ، وهو الذي جاء القرآن بإثباته والتنبيه عليه بأنواع الأدلة ، فالله تعالى
بقدرته الكاملة يجمع رفات هذه الأجساد
ويعيدها كما كانت في الدنيا ، ومن أنكر هذا فقد أنكر حقيقة المعاد الجسماني ، فسلف الأمة لا يفهمون من نصوص المعاد يوم
القيامة إلا أن الله تعالى سيعيد هذه الأجساد ،
وما خالف ذلك من الأقوال التي بنيت على مخالفة النصوص
وفهم
السلف فهي باطلة لأن المتقرر أن كل فهم يخالف فهم سلف الأمة فهو باطل .
• - أجمع
أهل السنة على أن للسحر حقيقة ، وأنه لا يؤثر إلا بإذن الله تعالى الكوني القدري ، وأن منه ما يقتل ومنه ما يمرض أو يصيب
بالجنون ، أو يفرق بين المرء وزوجه ، وهو أكثره ،
وهذا باتفاق أهل السنة والجماعة رحمهم الله تعالى ، وما
نقل عن
أهل البدع من أن السحر لا حقيقة له ، وأنه مجرد تخييل فقط ، فإنه بني على غير فهم سلف الأمة ، والمتقرر أن كل فهم يخالف فهم سلف الأمة في
مسائل العقيدة والعمل فهم باطل ، فسحر
التخييل نوع من أنواع السحر وليس هو كل السحر ، بل هناك سحر التأثير أيضا ، وهو الذي ينكره أكثر أهل البدع لأنهم ما فهموا من
النصوص الواردة في شأن ذلك إلا سحر التخييل فقط
، وهذا فهم فاسد لأنه مخالف لفهم سلف الأمة وأئمتها ،
والله
أعلم.
• أجمع
سلف الأمة على أن للسبب تأثيرا ، لكنه تأثير بقدرة
الرب جل
وعلا وإرادته ومشيئته ، فالسبب مؤثر لا بذاته ، وهذا باتفاق أهل السنة ، والنصوص الواردة في إثبات سببية شيء لشيء لا يفهم منها سلف الأمة
إلا هذا الفهم ، وخالفهم في هذا طائفتان :-
المعطلة ، وهم الذين يزعمون أن السبب ليس له مطلق
التأثير
، وأن الشيء يكون عنده لا به ، وهذا هوس في العقل وقدح في الشرع ومخالفة للمحسوسات ، وطائفة أخرى قالت :- بل السبب هو المؤثر بذاته ، لا
بجعل الله له مؤثرا ، وهذا شرك أكبر ولا شك ، وكلا الطائفتين بنت مذهبها على مخالفة
النصوص ومخالفة فهم السلف ، والمتقرر أن كل فهم
بني على مخالفة النص وعلى مخالفة فهم سلف الأمة فهم
باطل ،
وما بني على الباطل فهو باطل ، فالحق الذي ندين الله تعالى به هو أن الأسباب مؤثرة لا بذاتها ، وإنما بجعل الله لها مؤثرة ، والله يتولانا
وإياك .
• - أجمع
سلف الأمة على بطلان الاحتجاج بالقدر على فعل المعصية ، وأنها من الحجج الداحضة التي لا تنفع صاحبها يوم القيامة ، ولا تسمن ولا تغنيه من
العذاب يوم القيامة فنصوص القدر الواردة
في الكتاب والسنة من أن الله تعالى هو الذي خلق
الأشياء
كلها ، وقدرها وشاءها وكتبها ، ونحو ذلك كله لا يفهم منه أهل السنة أنه يجوز للعبد أن يحتج بالقدر على تقحمه في المعاصي والآثام ، واتفق
أهل السنة على أن هذا الفهم من نصوص القدر فهم
باطل ، فما يزعمه بعض أهل البدع في باب القدر من أن
نصوص
إثبات القدر تدل على ذلك هو من الكذب والإفك والبهتان ، وهو فهم مخالف للأدلة من الكتاب والسنة ، ومخالف لفهم سلف الأمة ، والمتقرر أن كل فهم
يخالف النصوص ، ويخالف فهم سلف الأمة فهو
باطل ، وما بني على الباطل فهو باطل ، والله يحفظنا وإياك من كل زلل ، وقد ذكرنا الأدلة على بطلان الاحتجاج بالقدر على فعل
المعاصي في موضع آخر .
• - أجمع
سلف الأمة وأئمتها على حرمة الخروج على حاكم الزمان ،
وإن ظلم
وإن جار ، وإن أخذ المال واعتدى ، إلا أن نرى كفرا بواحا عندنا فيه من الله برهان ، مع غلبة الطن أن ننتصر عليه بلا مفسدة أعظم من المصلحة
المرجوة من إبعاده ، هذا باتفاق سلف الأمة وأئمتها
، وعليه وردت الأدلة في صحيح السنة من حرمة الخروج
على
الحاكم إلا بهذه الشروط وعليه ، فما يفهمه المعتزلة وغيرهم من أهل البدع من النصوص الواردة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أنها تدل في
المقام الأول على الخروج على الحكام ، فهو
فهم فاسد كل الفساد ، لأنه بني على غير فهم سلف الأمة
، ولأنه مخالف للأدلة الكثيرة في منع ذلك، بل
إن المعتزلة جعلوا من أصولهم الخمسة:- الأمر بالمعروف والنهي عن
المنكر ، ويريدون به الخروج على الحكام ويستدلون عليه
بالأدلة
الواردة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وهو رأي عاطل باطل ، لأنهم فهموا من النصوص ما لم يفهمه سلف الأمة ، والمتقرر أن كل قول بني
على فهم مخالف لفهم سلف الأمة في العقيدة
والعمل فهو باطل ، فاحذر من هذه المزالق الوخيمة التي لا
تزال
الأمة تعاني من آثارها السيئة إلى اليوم .
• - أجمع
سلف الأمة على أن الجهاد والحج والجمعة
والجماعات تقام خلف الأئمة أبرارا كانوا أو فجارا ، وأنه لا يتخلف عن الصلاة معهم ولا إقامة الجهاد وراءهم إلا مبتدع مبتغ في
الإسلام سنة الجاهلية ، وهذا باتفاق أهل
السنة والجماعة ، وهو من العقائد التي يقررونها في
كتبهم
العقدية ، ويوالون ويعادون عليها ، وعليه فما يتشدق به بعض طلبة العلم في بعض الأزمنة من أن الواجب هجرهم ، وعدم الصلاة وراءهم ولا إقامة الجمع
ولا الجماعات ولا الجهاد معهم كله من التخرصات
الشيطانية ، والمبنية على غير هدى من الله ، والتي
خولف بها
فهم سلف الأمة والمتقرر أن كل فهم يخالف فهم سلف الأمة في مسائل العقيدة والعمل فهو باطل .
• - أجمع
سلف الأمة على أن التكفير العام لا يستلزم
انطباقه
على أفراده بالعين إلا بعد توفر الشروط وانتفاء الموانع ، ولنا في الاستدلال على ذلك رسالة مستقلة ، ومعنى هذا أنه ليس كل من وقع في
قول أو عمل نص الدليل على أن الواقع فيه
يكفر أنه لابد أن يكون كافرا بالعين ، هذا لا يلزم أبدا ، بل السلف متفقون على أن لا تلازم بين الفعل والفاعل ، بل الفعل له
حكمه الخاص والفاعل له حكمه الخاص ، فليس
كل من وقع في الكفر كفر ، بل لابد من النظر أولا في
ثبوت
الشروط وانتفاء الموانع ، هذا فهم سلف الأمة ، فهم يفرقون بين الفعل والفاعل فيعطون الفعل ما يستحقه من الحكم ، ويعطون الفاعل ما يستحقه من
الحكم ، وهذا هو الحق وعليه :- فمن فهم من
الأدلة التي فيها إثبات التكفير لمن قال هذا القول أو فعل هذا الفعل ، فمن فهم من هذه الأدلة أنه ينطبق الحكم فيها على
فاعلها مباشرة ، فهو مخالف لفهم سلف الأمة, فقوله
باطل ، لأن المتقرر أن كل فهم يخالف فهم سلف الأمة في
مسائل
العقيدة والعمل فهو باطل ، والله يحفظنا وإياك .
• - لقد
انعقدت كلمة عامة أهل الإسلام على أن
الدين الإسلامي دين صالح لكل زمان ومكان وعليه :- فما
يتفوه به
العلمانيون والليبراليون ومن نحا نحوهم واستغرب في فكره وثقافته من أنه دين لا يصلح إلا للزمان الأول فقط ، وأما قرن العشرين فإنه قرن
التطور والحضارة وقرن الذرة وغزو الفضاء ،
وقرن العولمة والازدهار ، فلا يصلح فيه أن يقال :- هذا
حلال
وهذا حرام ، بل الباب مفتوح فيه على مصراعيه فلا دين يحكمه ولا برهان يرجع إليه ، وكل ذلك من الكفر والكذب والفجور والبهتان ، والإفك المبين
، ولعن الله من قاله ، وأخزاه الله وأبعده.
• اتفق
سلف الأمة فيما أعلم على إثبات دخول
الجن في
الإنس ، ولا أعلم بينهم نزاعا في ذلك ، وعلى ذلك وردت الأدلة ، وقد ذكرتها في غير هذا الموضع ، وخالف في ذلك بعض أهل البدع ، وبعض أهل الطب ،
ومن يعظم العقلانيات ، ويقدمها على
الأمور السمعية ، أو يقيس الأمور السمعية على ما يقره
عقله ،
وهذا قول باطل ، لأن الأدلة وردت بإثبات ذلك ، والسلف فهموا من الأدلة إمكانية ذلك ، فمن فهم من الأدلة الواردة في هذا الشأن غير ما فهمه
سلف الأمة ففهمه باطل ، مردود عليه ، لأن
المتقرر أن كل فهم يخالف فهم سلف الأمة في مسائل العقيدة
والعمل
فهو باطل .
• أجمع
سلف الأمة وأئمتها على أن اليهودي لا يجوز له بعد
بعثة
محمد صلى الله عليه وسلم أن يتعبد لله تعالى على مقتضى يهوديته ، وأجمعوا على أن النصراني بعد بعثة محمد صلى الله عليه وسلم لا يجوز له أن يتعبد
لله تعالى على مقتضى نصرانيته ، بل يجب
عليهم أن يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم ، الإيمان
المستجمع
للتصديق والإذعان ، كما قال صلى الله عليه وسلم " والذي نفس محمد بيده ، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ، ثم يموت ولم يؤمن
بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار
" وأجمع أهل العلم على أن رسالة النبي صلى الله عليه وسلم عامة للإنس والجن ، وعليه :- فمن فهم من كون اليهودية والنصرانية
أنها أديان سماوية صحيحة كانت في السابق ، من
فهم من ذلك تجويز تعبدهم لله تعالى على مقتضاها ، فهو
غالط ،
بل إن كان عارفا بالأدلة ولا شبهة عنده فهو كافر ، لأنه مخالف للمعلوم من الدين بالضرورة ، والحوار معهم إن كان يراد به تعريفهم بحقيقة
الإسلام ودعوتهم إليه ، وكشف الشبهة التي عندهم وتصحيح ما عندهم من المفاهيم الخاطئة عن الإسلام
فأهلا وسهلا ، وأما إن كان يراد به
السعي إلى تصحيح ما هم عليه من الكفر ، أو التقريب بين
الإسلام
وملل الكفر أو أن لكل أحد أن يعبد الله على ما يدينه ، فهذا حوار ظالم غاشم ، لأنه يخرق إجماع
أهل العلم القطعي ، ويخالف المعلوم من الدين بالضرورة ، والله من وراء القصد ، ولا حول ولا وقوة إلا بالله العلي العظيم .
• - أجمع
أهل السنة على أن دراسة المنطق ليس بشرط في
فهم عقيدة الإسلام ، بل دراسته في الحقيقة قد تكون
سببا من
أسباب الضلال والتيه والحيرة والشكوك وكثرة الاضطراب ، ولا يزال علماء أهل السنة يحذرون من علم الكلام اليوناني ، لما جره على عقيدة المسلمين
من الويلات التي يعرفها من نظر فيما أحدثه
القوم في العقيدة .
• - أجمع
سلف الأمة على أن النبي صلى الله عليه وسلم لا
يرى بعد موته في اليقظة بل قد يرى مناما ، ومن رآه في
المنام
فكأنما رآه على الحقيقة ، وعليه :- فما يفهمه بعض أهل البدع من قوله صلى الله عليه وسلم " من رآني في المنام فقد رآني " من أنه
يرى في اليقظة ، هو فهم باطل ، لأنه مخالف لفهم سلف الأمة ، وما خالف فهم السلف في مسائل
العقيدة والعمل فهو باطل وأما حديث "
فسيراني في اليقظة " فلا يصح ، بل الصحيح أن من رآه في المنام فكأنما رآه في الحقيقة ، لأن الشيطان لا يتصور في صورته صلى الله
عليه وسلم ، والمهم أن فهم أهل البدع من
الحديث المذكور فهم باطل ، لمخالفته لفهم السلف .
• أجمع
سلف الأمة على أن التلفظ بالنية جهرا قبل العبادات كالصلاة والصوم والطهارة ونحوها أنه من البدع ، وأن التلفظ بها جهرا لا
يفهم من قوله " إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل
امرئ ما نوى " وعليه :- فمن فهم من هذا الحديث أنه يدل على مشروعية التلفظ بالنية جهرا ، فقد فهم فهما باطلا ، لأنه خالف
فهم سلف الأمة ، والمتقرر أن كل فهم خولف به
فهم سلف الأمة فهو باطل .
• لا
أعلم عن أحد من الصحابة أنه حسن شيئا من
البدع في الدين ، وأما قول عمر " نعمت البدعة هذه " فإنما يريد بها البدعة اللغوية ، ل