الإجـمـــــاع
القاعدة
الأولى : الإجماع حجة من
الحجج الشرعية
الإجماع :
هو اتفاق مجتهدي أمة بعد وفاته في عصر من
الأعصار على أمر من الأمورrمحمد .
وهو حجة
بدليل الكتاب والسنة ،
أما دليل الكتاب فهو قوله تعالى
:
{ ومَنْ
يُشَاقِقِ الرَّسُولَ
مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الهُدَى ويَتَّبعْ غَيْرَ سَبِيِلِ
المؤمِنِينَ نُوَلِّهِ
ماتَوَلَّى وَنصْلِهِ جَهنَّمَ وسَاءتْ مَصِيرًا } ( النساء : 115 ) .
قال شيخ
الإسلام ابن تيمية كما في
مجموع الفتاوى ( 19/193 ) : .. كلاًّ من الوصفين يقتضي الوعيد لأنه
مستلزم للآخر ، كما يقال
مثل ذلك في معصية الله والرسول ، ومخالفة الإسلام والقرآن فيقال : من خالف القرآن والإسلام أو من
خرج عن القرآن والإسلام فهو من أهل النار .. ، فهكذا مشاقة الرسول واتباع غير سبيل
المؤمنين ، ومن شاقه فقد اتبع غير سبيلهم وهذا ظاهر ، ومن اتبع غير سبيلهم فقد
شاقه أيضا ، فإنه قد جعل له مدخلاً في الوعيد ، فدل على أنه وصف مؤثر في الذم ، فمن
خرج عن إجماعهم فقد اتبع غير سبيلهم قطعاً ، والآية توجب ذم ذلك ، وإذا قيل : هي
إنما ذمته مع مشاقة الرسول ؟ قلنا : لأنهما متلازمان ، وذلك لأن كل ما أجمع عليه
المسلمون فإنه يكون منصوصاً عن الرسول فالمخالف لهم مخالف للرسول ، كما أن
المخالف للرسول مخالف لله ، ولكن هذا يقتضي أن كل ما أجمع عليه قد بينه الرسول ، وهذا هو
الصواب . انتهى
.
: (( إنrوالدليل من
السنة قوله أمتي لا تجتمع على
ضلالة )) .
وهو حديث
صحيح أخرجه أبو داود
( 4253 ) والترمذي ( 2167 ) وابن ماجة ( 3590 ) .
قال الشافعي
في الرسالة ( 475
) : ومن قال بما تقول به جماعة المسلمين فقد لزم جماعتهم ، ومن خالف ما
تقول به جماعة المسلمين
فقد خالف جماعتهم التي أمر بلزومها ، وإنما تكون الغفلة في الفرقة ، فأما الجماعة فلا يمكن فيها
كافة غفلة عن معنى كتاب ولا سنة ولا قياس ، إن شاء الله
. انتهى
.
القاعدة
الثانية : الإجماع لا بد
أن يكون له مستند من الكتاب
أو السنة
قال شيخ
الإسلام كما في مجموع
الفتاوى ( 19/195 ) : فلا يوجد قط مسألة مجمع عليها إلا وفيها بيان
من الرسول ، ولكن قد
يخفى ذلك على بعض الناس ويعلم الإجماع فيستدل به ... وكما أنه قد يحتج بقياس وفيها إجماع لم
يعلمه فيوافق الإجماع . انتهى
.
القاعدة
الثالثة : الإجماع لا
يقدم على الكتاب أو السنة
قال شيخ
الإسلام كما في مجموع
الفتاوى ( 19/200 ) : ومن قال من المتأخرين : إن الإجماع مستند
معظم الشريعة فقد أخبر عن
حاله فإنه لنقص معرفته بالكتاب والسنة احتاج إلى ذلك ، وهذا كقولهم : إن أكثر الحوادث يحتاج
فيها إلى القياس لعدم دلالة النصوص عليها فإنما هذا قول من لا معرفة له بالكتاب
والسنة ودلالتها على الأحكام .. ، والإجماع لم يكن يحتج به عامتهم ( أي الصحابة ) ولا
يحتاجون إليه ، إذ هم أهل الإجماع فلا إجماع قبلهم ، لكن لما جاء التابعون كتب عمر
إلى شريح " اقض بما في كتاب الله ، فإن لم تجد فبما في سنة رسول الله ، فإن لم تجد
فبما قضى به الصالحون قبلك ، وفي رواية : فبما أجمع عليه الناس " . وعمر قدم الكتاب ثم السنة ،
وكذلك ابن مسعود قال مثل ما قال عمر : قدم الكتاب ثم السنة ثم الإجماع ، وكذلك ابن عباس
كان يفتي بما في الكتاب ثم بما في السنة ثم بسنة أبي بكر وعمر ، وهذه الآثار ثابتة
عن عمر وابن مسعود وابن عباس وهم من أشهر الصحابة بالفتيا والقضاء وهو الصواب ،
ولكن طائفة من المتأخرين قالوا
: يبدأ المجتهد بأن ينظر أولاً في الإجماع فإن وجده لم يلتفت إلى غيره ،
وإن وجد نصا خالفه اعتقد
أنه منسوخ بنص لم يبلغه ، وقال بعضهم الإجماع نسخه ! والصواب طريقة السلف . انتهى .
القاعدة
الرابعة : الإجماع لا
ينسخ النص
قال شيخ الإسلام
في ( 19/201 ) : وذلك لأن
الإجماع إذا خالفه نص فلا بد أن يكون مع الإجماع نص معروف به أن ذلك منسوخ ، فأما أن يكون النص المحكم قد ضيعته الأمة وحفظت النص المنسوخ
فهذا لا يوجد قط وهو نسبة الأمة
إلى حفظ ما نهيت عن اتباعه وإضاعة ما أمرت باتباعه وهي معصومة عن ذلك . انتهى .
القاعدة
الخامسة : الإجماع الذي
يغلب على الظن وقوعه هوالإجماع على ما هو معلوم من الدين بالضرورة
قال الشافعي
في الرسالة ( 534
) : لست أقول ولا أحد من أهل العلم ( هذا مجتمع عليه ) إلا لما لا تلقى
عالماً أبداً إلا قاله لك
وحكاه عن من قاله كالظهر أربع ، وكتحريم الخمر وما أشبه هذا .
قال الشيخ
أحمد شاكر معلقا على كلام
الشافعي : يعني أن الإجماع لا يكون إجماعاً إلا في الأمر المعلوم من الدين بالضرورة كما أوضحنا
ذلك وأقمنا الحجة عليه مراراً في كثير من حواشينا على الكتب المختلفة . انتهى .
وقال
الشافعي أيضا لمن سأله عن
وجود الإجماع ( كما في جماع العلم 7/257 ) : نعم بحمد الله ، كثير
في جملة من الفرائض
التي لا يسع أحداً جهلها فذلك الإجماع هو الذي لو قلت فيه أجمع الناس لم تجد حولك أحداً يقول لك
ليس هذا بإجماع فهذه الطريق التي يصدق بها من ادعى الإجماع فيها ، وفي أشياء من
أصول العلم دون فروعه
.
وقال
الشوكاني في إرشاد الفحول
( 111 ) ومن أنصف من نفسه علم أنه لا علم عند علماء الشرق بجملة
علماء الغرب والعكس فضلا عن
العلم بكل واحد منهم على التفصيل وبكيفية مذهبه وبما يقوله في تلك المسألة بعينها وأيضا قد يحمل
بعض من يعتبر في الإجماع على الموافقة وعدم الظهور بالخلاف التقية والخوف على نفسه
.. ثم قال : ومن ادعى أنه يتمكن الناقل للإجماع من معرفة كل من يعتبر فيه من علماء
الدنيا فقد أسرف في الدعوى وجازف في القول ورحم الله الإمام أحمد بن حنبل فإنه قال
: من ادعى الإجماع فهو كاذب . انتهى
.
القاعدة
السادسة : إجماع الصحابة
ممكن وقوعه وأما إجماع من بعدهم فمتعذر غالباً
قال شيخ
الإسلام كما في مجموع
الفتاوى ( 11/341 ) : الإجماع متفق عليه بين عامة المسلمين من
الفقهاء والصوفية وأهل الحديث
والكلام وغيرهم في الجملة ، وأنكره بعض أهل البدع من المعتزلة والشيعة ، لكن المعلوم منه هو ما كان عليه الصحابة ، وأما بعد ذلك فتعذر
العلم به غالباً ، ولهذا اختلف
أهل العلم فيما يذكر من الإجماعات الحادثة بعد الصحابة واختلف في مسائل منه كإجماع التابعين
على أحد قولي الصحابة والإجماع الذي لم ينقرض عصر أهله حتى خالفهم بعضهم ،
والإجماع السكوتي وغير ذلك . انتهى
.
القاعدة
السابعة : إذا اختلف عالمان في
الإجماع على مسألة ما فإنه يقدم قول من نقل الخلاف في تلك المسألة لأنه مثبت
قال شيخ
الإسلام كما في المجموع
( 19/271 ) : وإذا نقل عالم الإجماع ونقل آخر النزاع : إما نقلا سمى قائله
وإما نقلا بخلاف
مطلقاً ولم يسم قائله ، فليس لقائل أن يقول : نقل لخلاف لم يثبت ، فإنه مقابل بأن يقال : ولا يثبت
نقل الإجماع ، بل ناقل الإجماع ناف للخلاف ، وهذا مثبت ، والمثبت مقدم على النافي ، وإذا قيل : يجوز في
ناقل النزاع أن يكون قد غلط فيما أثبته من الخلاف : إما لضعف الإسناد ، أو لعدم
الدلالة ، قيل له : ونافي النزاع غلطه أجوز فإنه قد يكون في المسألة أقوال لم
تبلغه ، أو بلغته وظن ضعف إسنادها وكانت صحيحة عند غيره ، أو ظن عدم الدلالة وكانت
دالة ، فكل ما يجوز على المثبت من الغلط يجوز على النافي مع زيادة عدم العلم
بالخلاف . انتهى
.
القاعدة
الثامنة : عدم العلم بالمخالف لا
يصح به دعوى الإجماع
قال شيخ
الإسلام كما في مجموع
الفتاوى ( 19/271 ) : فإن عدم العلم ليس علما بالعدم لاسيما في
أقوال علماء أمة التي لا يحصيها إلا رب
العالمين ... . ولهذا قال أحمد وغيره من العلماء : منrمحمد ادعى
الإجماع فقد كذب ، وهذه دعوى المريسي والأصم ، ولكن يقول : لا أعلم نزاعاً ، والذين كانوا يذكرون
الإجماع كالشافعي وأبي ثور وغيرهما يفسرون مرادهم : بأنا لا نعلم نزاعاً ، ويقولون
هذا هو الإجماع الذي ندعيه
.
وقال شيخ
الإسلام أيضا ( 20/10
) : وإذا ثبت إجماع الأمة على حكم من الأحكام لم يكن لأحد أن يخرج عن
الإجماع ، فإن الأمة لا
تجتمع على ضلالة ، ولكن كثير من المسائل يظن بعض الناس فيها إجماعاً ولا يكون الأمر كلك . انتهى .
القاعدة
التاسعة : إجماع أهل المدينة لا
يعتبر حجة
قال
الشوكاني في إرشاد الفحول
( 124 ) : إجماع أهل المدينة على انفرادهم ليس بحجة عند الجمهور لأنهم
بعض الأمة ، وقال مالك :
إذا أجمعوا لم يعتد بخلاف غيرهم .. وقال الباجي : إنما أراد ذلك بحجية إجماع أهل المدينة فيما
كان طريقه النقل المستفيض كالصاع والمد والأذان والإقامة فإنه لوrوعدم وجوب
الزكاة في الخضروات مما تقتضي العادة بأن يكون في زمن النبي تغير عما
كان عليه لعلم فأما مسائل الاجتهاد فهم وغيرهم سواء . انتهى .
القاعدة
العاشرة : قول جمهور العلماء في
مسألة من المسائل لا يعتبر حجة
الحجة إنما
هو في الكتاب والسنة والإجماع ،
وقول الجمهور ليس بإجماع فلا يعتبر حجة على القول الآخر
.
قال ابن حزم
في الإحكام ( 1/599
) : ففي هذا أن الواحد قد يكون عنده من السنن ما ليس عند الجماعة ،
وإذا كان عنده من السنة ما
ليس عند غيره فهو المصيب في فتياه بهذا دون غيره .. وبينا قبل وبعد أن فإنه لا
معنى لقول أحد دون ذلكrالعرض إنما
هو اتباع القرآن وما حكم به رسول الله ، كثر القائلون به أو قلُّوا ، وهذا باب ينبغي أن يتقى فقد عظم
الضلال به ، ونعوذ بالله
العظيم من البلادة . انتهى
.
القاعدة
الأولى : الإجماع حجة من
الحجج الشرعية
الإجماع :
هو اتفاق مجتهدي أمة بعد وفاته في عصر من
الأعصار على أمر من الأمورrمحمد .
وهو حجة
بدليل الكتاب والسنة ،
أما دليل الكتاب فهو قوله تعالى
:
{ ومَنْ
يُشَاقِقِ الرَّسُولَ
مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الهُدَى ويَتَّبعْ غَيْرَ سَبِيِلِ
المؤمِنِينَ نُوَلِّهِ
ماتَوَلَّى وَنصْلِهِ جَهنَّمَ وسَاءتْ مَصِيرًا } ( النساء : 115 ) .
قال شيخ
الإسلام ابن تيمية كما في
مجموع الفتاوى ( 19/193 ) : .. كلاًّ من الوصفين يقتضي الوعيد لأنه
مستلزم للآخر ، كما يقال
مثل ذلك في معصية الله والرسول ، ومخالفة الإسلام والقرآن فيقال : من خالف القرآن والإسلام أو من
خرج عن القرآن والإسلام فهو من أهل النار .. ، فهكذا مشاقة الرسول واتباع غير سبيل
المؤمنين ، ومن شاقه فقد اتبع غير سبيلهم وهذا ظاهر ، ومن اتبع غير سبيلهم فقد
شاقه أيضا ، فإنه قد جعل له مدخلاً في الوعيد ، فدل على أنه وصف مؤثر في الذم ، فمن
خرج عن إجماعهم فقد اتبع غير سبيلهم قطعاً ، والآية توجب ذم ذلك ، وإذا قيل : هي
إنما ذمته مع مشاقة الرسول ؟ قلنا : لأنهما متلازمان ، وذلك لأن كل ما أجمع عليه
المسلمون فإنه يكون منصوصاً عن الرسول فالمخالف لهم مخالف للرسول ، كما أن
المخالف للرسول مخالف لله ، ولكن هذا يقتضي أن كل ما أجمع عليه قد بينه الرسول ، وهذا هو
الصواب . انتهى
.
: (( إنrوالدليل من
السنة قوله أمتي لا تجتمع على
ضلالة )) .
وهو حديث
صحيح أخرجه أبو داود
( 4253 ) والترمذي ( 2167 ) وابن ماجة ( 3590 ) .
قال الشافعي
في الرسالة ( 475
) : ومن قال بما تقول به جماعة المسلمين فقد لزم جماعتهم ، ومن خالف ما
تقول به جماعة المسلمين
فقد خالف جماعتهم التي أمر بلزومها ، وإنما تكون الغفلة في الفرقة ، فأما الجماعة فلا يمكن فيها
كافة غفلة عن معنى كتاب ولا سنة ولا قياس ، إن شاء الله
. انتهى
.
القاعدة
الثانية : الإجماع لا بد
أن يكون له مستند من الكتاب
أو السنة
قال شيخ
الإسلام كما في مجموع
الفتاوى ( 19/195 ) : فلا يوجد قط مسألة مجمع عليها إلا وفيها بيان
من الرسول ، ولكن قد
يخفى ذلك على بعض الناس ويعلم الإجماع فيستدل به ... وكما أنه قد يحتج بقياس وفيها إجماع لم
يعلمه فيوافق الإجماع . انتهى
.
القاعدة
الثالثة : الإجماع لا
يقدم على الكتاب أو السنة
قال شيخ
الإسلام كما في مجموع
الفتاوى ( 19/200 ) : ومن قال من المتأخرين : إن الإجماع مستند
معظم الشريعة فقد أخبر عن
حاله فإنه لنقص معرفته بالكتاب والسنة احتاج إلى ذلك ، وهذا كقولهم : إن أكثر الحوادث يحتاج
فيها إلى القياس لعدم دلالة النصوص عليها فإنما هذا قول من لا معرفة له بالكتاب
والسنة ودلالتها على الأحكام .. ، والإجماع لم يكن يحتج به عامتهم ( أي الصحابة ) ولا
يحتاجون إليه ، إذ هم أهل الإجماع فلا إجماع قبلهم ، لكن لما جاء التابعون كتب عمر
إلى شريح " اقض بما في كتاب الله ، فإن لم تجد فبما في سنة رسول الله ، فإن لم تجد
فبما قضى به الصالحون قبلك ، وفي رواية : فبما أجمع عليه الناس " . وعمر قدم الكتاب ثم السنة ،
وكذلك ابن مسعود قال مثل ما قال عمر : قدم الكتاب ثم السنة ثم الإجماع ، وكذلك ابن عباس
كان يفتي بما في الكتاب ثم بما في السنة ثم بسنة أبي بكر وعمر ، وهذه الآثار ثابتة
عن عمر وابن مسعود وابن عباس وهم من أشهر الصحابة بالفتيا والقضاء وهو الصواب ،
ولكن طائفة من المتأخرين قالوا
: يبدأ المجتهد بأن ينظر أولاً في الإجماع فإن وجده لم يلتفت إلى غيره ،
وإن وجد نصا خالفه اعتقد
أنه منسوخ بنص لم يبلغه ، وقال بعضهم الإجماع نسخه ! والصواب طريقة السلف . انتهى .
القاعدة
الرابعة : الإجماع لا
ينسخ النص
قال شيخ الإسلام
في ( 19/201 ) : وذلك لأن
الإجماع إذا خالفه نص فلا بد أن يكون مع الإجماع نص معروف به أن ذلك منسوخ ، فأما أن يكون النص المحكم قد ضيعته الأمة وحفظت النص المنسوخ
فهذا لا يوجد قط وهو نسبة الأمة
إلى حفظ ما نهيت عن اتباعه وإضاعة ما أمرت باتباعه وهي معصومة عن ذلك . انتهى .
القاعدة
الخامسة : الإجماع الذي
يغلب على الظن وقوعه هوالإجماع على ما هو معلوم من الدين بالضرورة
قال الشافعي
في الرسالة ( 534
) : لست أقول ولا أحد من أهل العلم ( هذا مجتمع عليه ) إلا لما لا تلقى
عالماً أبداً إلا قاله لك
وحكاه عن من قاله كالظهر أربع ، وكتحريم الخمر وما أشبه هذا .
قال الشيخ
أحمد شاكر معلقا على كلام
الشافعي : يعني أن الإجماع لا يكون إجماعاً إلا في الأمر المعلوم من الدين بالضرورة كما أوضحنا
ذلك وأقمنا الحجة عليه مراراً في كثير من حواشينا على الكتب المختلفة . انتهى .
وقال
الشافعي أيضا لمن سأله عن
وجود الإجماع ( كما في جماع العلم 7/257 ) : نعم بحمد الله ، كثير
في جملة من الفرائض
التي لا يسع أحداً جهلها فذلك الإجماع هو الذي لو قلت فيه أجمع الناس لم تجد حولك أحداً يقول لك
ليس هذا بإجماع فهذه الطريق التي يصدق بها من ادعى الإجماع فيها ، وفي أشياء من
أصول العلم دون فروعه
.
وقال
الشوكاني في إرشاد الفحول
( 111 ) ومن أنصف من نفسه علم أنه لا علم عند علماء الشرق بجملة
علماء الغرب والعكس فضلا عن
العلم بكل واحد منهم على التفصيل وبكيفية مذهبه وبما يقوله في تلك المسألة بعينها وأيضا قد يحمل
بعض من يعتبر في الإجماع على الموافقة وعدم الظهور بالخلاف التقية والخوف على نفسه
.. ثم قال : ومن ادعى أنه يتمكن الناقل للإجماع من معرفة كل من يعتبر فيه من علماء
الدنيا فقد أسرف في الدعوى وجازف في القول ورحم الله الإمام أحمد بن حنبل فإنه قال
: من ادعى الإجماع فهو كاذب . انتهى
.
القاعدة
السادسة : إجماع الصحابة
ممكن وقوعه وأما إجماع من بعدهم فمتعذر غالباً
قال شيخ
الإسلام كما في مجموع
الفتاوى ( 11/341 ) : الإجماع متفق عليه بين عامة المسلمين من
الفقهاء والصوفية وأهل الحديث
والكلام وغيرهم في الجملة ، وأنكره بعض أهل البدع من المعتزلة والشيعة ، لكن المعلوم منه هو ما كان عليه الصحابة ، وأما بعد ذلك فتعذر
العلم به غالباً ، ولهذا اختلف
أهل العلم فيما يذكر من الإجماعات الحادثة بعد الصحابة واختلف في مسائل منه كإجماع التابعين
على أحد قولي الصحابة والإجماع الذي لم ينقرض عصر أهله حتى خالفهم بعضهم ،
والإجماع السكوتي وغير ذلك . انتهى
.
القاعدة
السابعة : إذا اختلف عالمان في
الإجماع على مسألة ما فإنه يقدم قول من نقل الخلاف في تلك المسألة لأنه مثبت
قال شيخ
الإسلام كما في المجموع
( 19/271 ) : وإذا نقل عالم الإجماع ونقل آخر النزاع : إما نقلا سمى قائله
وإما نقلا بخلاف
مطلقاً ولم يسم قائله ، فليس لقائل أن يقول : نقل لخلاف لم يثبت ، فإنه مقابل بأن يقال : ولا يثبت
نقل الإجماع ، بل ناقل الإجماع ناف للخلاف ، وهذا مثبت ، والمثبت مقدم على النافي ، وإذا قيل : يجوز في
ناقل النزاع أن يكون قد غلط فيما أثبته من الخلاف : إما لضعف الإسناد ، أو لعدم
الدلالة ، قيل له : ونافي النزاع غلطه أجوز فإنه قد يكون في المسألة أقوال لم
تبلغه ، أو بلغته وظن ضعف إسنادها وكانت صحيحة عند غيره ، أو ظن عدم الدلالة وكانت
دالة ، فكل ما يجوز على المثبت من الغلط يجوز على النافي مع زيادة عدم العلم
بالخلاف . انتهى
.
القاعدة
الثامنة : عدم العلم بالمخالف لا
يصح به دعوى الإجماع
قال شيخ
الإسلام كما في مجموع
الفتاوى ( 19/271 ) : فإن عدم العلم ليس علما بالعدم لاسيما في
أقوال علماء أمة التي لا يحصيها إلا رب
العالمين ... . ولهذا قال أحمد وغيره من العلماء : منrمحمد ادعى
الإجماع فقد كذب ، وهذه دعوى المريسي والأصم ، ولكن يقول : لا أعلم نزاعاً ، والذين كانوا يذكرون
الإجماع كالشافعي وأبي ثور وغيرهما يفسرون مرادهم : بأنا لا نعلم نزاعاً ، ويقولون
هذا هو الإجماع الذي ندعيه
.
وقال شيخ
الإسلام أيضا ( 20/10
) : وإذا ثبت إجماع الأمة على حكم من الأحكام لم يكن لأحد أن يخرج عن
الإجماع ، فإن الأمة لا
تجتمع على ضلالة ، ولكن كثير من المسائل يظن بعض الناس فيها إجماعاً ولا يكون الأمر كلك . انتهى .
القاعدة
التاسعة : إجماع أهل المدينة لا
يعتبر حجة
قال
الشوكاني في إرشاد الفحول
( 124 ) : إجماع أهل المدينة على انفرادهم ليس بحجة عند الجمهور لأنهم
بعض الأمة ، وقال مالك :
إذا أجمعوا لم يعتد بخلاف غيرهم .. وقال الباجي : إنما أراد ذلك بحجية إجماع أهل المدينة فيما
كان طريقه النقل المستفيض كالصاع والمد والأذان والإقامة فإنه لوrوعدم وجوب
الزكاة في الخضروات مما تقتضي العادة بأن يكون في زمن النبي تغير عما
كان عليه لعلم فأما مسائل الاجتهاد فهم وغيرهم سواء . انتهى .
القاعدة
العاشرة : قول جمهور العلماء في
مسألة من المسائل لا يعتبر حجة
الحجة إنما
هو في الكتاب والسنة والإجماع ،
وقول الجمهور ليس بإجماع فلا يعتبر حجة على القول الآخر
.
قال ابن حزم
في الإحكام ( 1/599
) : ففي هذا أن الواحد قد يكون عنده من السنن ما ليس عند الجماعة ،
وإذا كان عنده من السنة ما
ليس عند غيره فهو المصيب في فتياه بهذا دون غيره .. وبينا قبل وبعد أن فإنه لا
معنى لقول أحد دون ذلكrالعرض إنما
هو اتباع القرآن وما حكم به رسول الله ، كثر القائلون به أو قلُّوا ، وهذا باب ينبغي أن يتقى فقد عظم
الضلال به ، ونعوذ بالله
العظيم من البلادة . انتهى
.