حرف السين"
(س)
السائب: في "الإصابة" في ترجمة: السائب الغفاري أن النبي غيَّر اسمه من: السائب إلى: "عبد الله".
سائر: قال ابن القيم – رحمه الله تعالى - : "وتقسيم السائرين إلى الله تعالى إلى: طالب، وسائر، وواصل، أو إلى: مريد، ومراد، تقسيم فيه مساهلة لا تقسيم حقيقي، فإن الطلب، والسلوك، والإرادة، لو فارق العبد: لا نقطع عن الله بالكلية ...".
ثم بين أن هذا التقسيم يكون صحيحاً باعتبار، فاسداً باعتبار، في مبحث مبسوط. ولو كنا ممن يعرف الحق بالرجال لقررت متابعة ابن القيم – رحمه الله تعالى – لكن الحق يهرع إليه الجميع، والمجتهد يخطئ ويصيب، وهذه التسميات للمتعبدين لم يدل عليها دليل، فكيف تصح باعتبار؟ والله أعلم.
السَّامُّ عليكم: تشرع من المسلم جواباً على سلام الكافر، أما جواباً لمسلم، فلا تجوز؛ لأنها دعاء عليه بالسَّامِّ وهو الموت، وهذا اعتداء، ولأنها معاملة للمسلم بما يعامل به الكافر، وهذا اعتداء وهضم للمسلمين، ومخالفة لشريعة رب العالمين.
سبحان الله: من أوابد الأعاجم في الأسامي: تسمية المولود باسم: سبحان الله، وهو من آثار الغلو، والعجمة، ثم هذا اللفظ: "سبحان الله" هو ذكر من الأذكار، فكيف يسمى الشخص به؟ لذا فلا تجوز التسمية به، ويجب تغييره.
سبحان اسم ربي العظيم: عند ابن القيم في مبحث الاسم والمسمى، وبيان الفرق بينهما، وأن الاسم هو اللفظ الدال على المسمى والرد على من قال باتحادهما ؛ لحجج منها قوله تعالى: {تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ} ، {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ}، {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى} قال - رحمه الله تعالى - : "وهذه الحجة عليهم لا لهم في الحقيقة؛ لأن النبي امتثل هذا الأمر، فقال: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي العظيم. ولو كان كما زعموا لقال: سبحان اسم ربي العظيم.
ثم إن الأُمة كلهم لا يجوز لأحد منهم أن يقول: عبدت اسم ربي، ولا: سجدت لاسم ربي، ولا: يا اسم ربي ارحمني، وهذا يدل على أن الأشياء متعلقة بالمسمى لا بالاسم" ا هـ .
سبحان من لا يسهو ولا ينام: لا يصح تقييد هذا التسبيح في سجود السهو.
سبحانك ما عرفناك حق معرفتك: لمحمد بن قطب الدين الأزنيقي – م سنة 885 هـ -، رسالة في شرحها وبيان موقف الناس منها، فمنهم من نسب قائلها إلى الكفر، ومنهم من نسبه إلى الخطأ والخطل ..
سبحاني: في ترجمة أبي يزيد البسطامي من "السير" للذهبي قال: "وجاء عنه أشياء مشكلة لا مساغ لها، الشأن في ثبوتها عنه، أو أنه قالها في حالة الدهشة، والسكر، والغيبة، والمحو، فيطوى، ولا يحتج بها، إذْ ظاهرها إلحاد مثل: سبحاني، و: ما في الجنة إلا الله. ما النار؟ لأستندن إليها غداً، وأقول: اجعلني فداءً لأهلها وإلا بلعتها. ما الجنة؟ لعبة صبيان! ومراد أهل الدنيا. ما المحدثون؟ إن خاطبهم رجل عن رجل، فقد خاطبنا القلب عن الرب" ا هـ .
وإذا لم تكن هذه الكلمات من الإلحاد فما هو الإلحاد؟! نسأل الله السلامة والثبات. آمين.
ست النساء: قال ابن النحاس الدمشقي – رحمه الله تعالى – في: "تنبيه الغافلين" (ص392) في مبحث الألفاظ: "وكذلك ما ابتدعوه من تسمية البنت: ست النساء، وست العلماء، وست الفقهاء، وست الكل، وما أشبه ذلك، وهذه أيضاً بدع قبيحة شنيعة؛ إذ يدخل في عموم ذلك اللفظ: الأنبياء، والعلماء، والصالحون. وإن كان المسمي بذلك لا يعتقد دخول من ذكر فهو كذب محض من غير ضرورة، والكذب حرام مع ما في ذلك من الكبر، والتفاخر، والتزكية، وغير ذلك "ثم ذكر حديث برة – رضي الله عنها – ا هـ .
سرير: نقل ابن القيم – رحمه الله تعالى – عن أبي القاسم عبد الله بن خلف المقري الأندلسي – رحمه الله تعالى – في كتابه: "الاهتداء لأهل الحق والاقتداء" نقلاً مطولاً في استواء الله تعالى على عرشه حقيقة، كما يليق بجلاله، وعظمة سلطانه، ثم ذكر سؤالاً للمؤولة، وأجاب عنه فقال: "فإن قال: فهل يجوز عندك أن ينتقل من لا مكان في الأزل إلى مكان؟ قيل له: أما الانتقال وتغير الحال فلا سبيل إلى إطلاق ذلك عليه؛ لأن كونه في الأزل لا يوجب مكاناً وكذلك نقلته لا توجب مكاناً، وليس في ذلك كالخلق؛ لأن كونه يوجب مكاناً من الخلق ونقلته توجب مكاناً، ويصير متنقلاً من مكان إلى مكان، والله تعالى ليس كذلك، ولكنا نقول: استوى من لا مكان إلى مكان. ولا نقول: انتقل، وإن كان المعنى في ذلك واحداً. كما نقول: له عرش، ولا نقول: له "سرير". ونقول: هو الحكيم. ولا نقول: هو العاقل، ونقول: خليل إبراهيم، ولا نقول: صديق إبراهيم، وإن كان المعنى في ذلك واحداً؛ لأنا لا نسميه ولا نصفه ولا نطلق عليه إلا ما سمى به نفسه على ما تقدم، ولا ندفع ما وصف به نفسه ... " اهـ .
السريع: من الخطأ المحض عدُّهُ من أسماء الله تعالى. وأنظره في حرف الألف: الأبد.
سِسْتر: هذه اللفظة في اللغة الإنكليزية بمعنى: "الأخت" وقد انتشرت النداء بها في المستشفيات للممرضات وبخاصة الكافرات. وما أقبح بمسلم ذي لحية يقول لممرضة كافرة، أو سافرة: يا سستر، أي: يا أختي!
وأما الأعراب فلفرط جهلهم، يقولها الواحد منهم، مُدَلِّلاً على تحضره! نعمْ على بغضِهِ، وكثافة جهله. ومثله قولهم للرجل: "سير" أو: "مستر" بمعنى: سيد فعلى المسلم أن يحسب للفظ حسابه، وأن لا يذُلَّ وقد أعزَّه الله بالإسلام.
السُّكْر "بمعنى الخشية من الله": قال ابن القيم – رحمه الله تعالى - : "وهذا المعنى لم يعبر عنه في القرآن، ولا في السنة، ولا العارفون من السلف بالسكر أصلاً، وإنما ذلك من اصطلاح المتأخرين، وهو بئس الاصطلاح.." إلى آخره وهو مهم.
السلام على الله: عن ابن مسعود قال: كنا إذا كنا مع رسول الله في الصلاة قلنا: السلام على الله من عباده السلام على فلان، فقال النبي : "لا تقولوا: السلام على الله، فإن الله هو السلام" [رواه البخاري ومسلم].
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أسألك الفوز بالجنة، أسألك النجاة من النار: قول هذا عقب السلام من الصلاة بدعة، كما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى – في "الفتاوى".
السلام على من اتبع الهدى: هذه في هدي النبي في مخاطبة أهل الكتاب. وقرر السيوطي المنع منها بين المسلمين؛ لأن مؤداها أن أخاك المسلم غير مهتدٍ.
سلام حار: من العبارات المولدة قولهم: سلام حار، لقاء حار، وهكذا. والحرارة وصف ينافي السلام وأثره، فعلى المسلم الكف عن هذه اللهجة الواردة الأجنبية، والسلام اسم من أسماء الله، والسلام يثلج صدور المؤمنين فهو تحيتهم وشعار للأمان بينهم.
السمسار: عن قيس بن أبي غرزة قال: كنّا بالمدينة نبيع الأوساق ونبتاعها، وكنا نسمى أنفسنا: السماسرة، ويسمينا الناس، فخرج إلينا رسول الله ذات يوم، فسمَّانا باسم هو خير من الذي سمَّينا أنفسنا وسمَّانا الناس فقال: "يا معشر التجَّار، إنه يشهد بيعكم الحلف والكذب، فشوبوه بالصدقة" [رواه أصحاب السنن الأربع].
سوسن: لما كانت تسمية المرأة به منتشرة خارج جزيرة العرب، لهج به المستغربون من أبناء هذه الديار، وهذا دأب ضعفاء الحصانة العقدية والسلوكية، في تلقف كل وافد، ولو علموا أنه في الأصل: اسم لنبات طيب الرائحة؛ لكانوا فيه من الزاهدين.
وبتتبع علمِيَّةِ هذا على مرِّ القرون تبين مع ما ذكر ما يلي:
1- اسم لامرأة رميت بالبغاء في عهد دانيال عليه السلام، فبرأها الله تعالى، كما يروى في سنن البيهقي.
2- وهو اسم لأول من نطق بالقدر بالعراق، كما في "سير أعلام النبلاء" للذهبي قال (4/186): "عن الأوزاعي: أول من نطق بالقدر: "سوسن" بالعراق، كان نصرانياً فأسلم، ثم تنصر، فأخذ عنه معبد، وأخذ غيلان القدري عن معبد" اهـ.
3- فهو من الأسماء المشتركة بين الرجال والنساء: ومنه في الرجال محمد بن مسلم بن سوسن الطائفي.
4- وهو اسم لأم غائب الرافضة المنتظر المُدعى باسم: محمد بن الحسن العسكري، وقيل اسمها: نرجس، وقيل: صقيل.
السياسة: يلْفتُ نظر القارئ في مواد اللسان العربي، أن ثمة ألفاظ متقاربة المعنى، لكن بالتدقيق يجد بينها فروقاً، وقد أُفردت لذلك مؤلفات، وأُعدت فيه أبحاث، وجملتها معلومة.
والذي يعنينا هنا: أنه لبعض هذه الفروق في معانيها إمَّا فرق من جهة اشتقاقها، أو حقيقتها، أو صيغها، أو استعمالها، أو الحرف الذي تتعدى به كل منها، وهكذا من موجبات الفر، والتفريق؛ لواحد من هذه الأسباب يأتي التحقيق فيما لا يجوز إطلاقه شرعاً على الله – سبحانه وتعالى – أو على رسوله أو على أي من أُمور الشرع المطهر.
وقد اعتنى بهذه: اللغوي الشهير أبو هلال العسكري: الحسن بن عبد الله بن سهل، المتوفى بعد سنة 395 هـ ، وذلك في كتابه: "الفروق اللغوية"، وقد ذكر فيه نحو خمسين لفظاً لا يجوز إطلاقها على الله – تعالى - ؛ لما في الفرق من معنى لغوي لا تجوز نسبته إلى الله – سبحانه - . وكثير منها يُسلم له، وبعض جرَّة إليه بعض المناحي الكلامية – عفا الله عنا وعنه – وقد رأيت أن أسوق ما سلم منها شرعاً على مذهب جماعة المسلمين: أهل السنة والجماعة، مساقاً واحداً عند أول فارق ذكره في مقدمته لكتابة، وهو: "الفرق بين السياسة والتدبير".
ثم أحيل إلى هذا الموضوع، في حروفه من هذا الكتاب – إن شاء الله تعالى - :
السياسة: لا يوصف الله – سبحانه به؛ لأن اشتقاقها من النظر في دقيق الأُمور، مشتقة من السُّوْس: حيوان معروف. والأُمور لا تدق عنه سبحانه وإنما يوصف – سبحانه – بالتدبير؛ لأن له صفة الاستمرار، ولهذا قيل في التدبير المستمر: سياسة، قال الله تعالى: {يُدَبِّرُ الأمْرَ}. [ص15، 149، 158].
البداء: أصله الظهور بعد الخفاء؛ لهذا فلا يجوز على الله – تعالى – فلا يطلق على الله لفظ البداء، وهذا بخلاف: "النسخ" وهو: رفع حكم شرعي بآخر. فتقول: نسخ الله هذا الحكم [ص45 – 46]. وقد مضى زيادة بيان في حرف الباء: البداء.
المعرفة: من صفاته – سبحانه – : العلم الذي لا يسبقه جهل، بخلاف المعرفة؛ لهذا فلا يوصف الله – سبحانه – بلفظ عارف، وما تصرَّف عنه [ص/ 62 – 63]. وانظر في حرف العين : عارف.
الشعور: إنما يوصف الله بالعلم سبحانه - أما الشعور، فلا؛ لعدم النص أولاً، ولان الشعور، مشتق من الشَّعر؛ لدقته، والله - سبحانه- لا يدق عنه شيء، فلا يوصف به. [ص64].
التلقين: نقول كما قال الله تعالى: {وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ}[النساء: من الآية113] بخلاف: "التلقين" فإنه لا يكون إلا في القول ويقتضي التكرار مرة بعد أُخرى ، ولم يرد به نص. ولهذا: لا يُقال: إن الله يلقن العبد، كما يقال: إن الله يُعلِّمه. [ص65].
علاَّمة: قال الله تعالى: {قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ} [سـبأ:48]. إذ صيغة: علاَّم، صيغة مبالغة، والله – سبحانه – موصوف بالعلم التام لما كان ، وما لم يكن، وأن لو كان كيف يكون.
لكن لا يوصف بصيغة المبالغة: "علاَّمة"؛ لأن دخول الهاء تفيد الوصف به بمن يقوم مقام جماعة من العلماء، فهذا للمخلوقين. [ص68 – 69].
الشديد: قال الله تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ}[هود: من الآية66]. فمن أسماء الله – سبحانه - : القوي، ومن لوازم القوة : القدرة ، بخلاف: "الشديد"؛ ولهذا لم يأت في القرآن الكريم إلا مربوطاً بالعقاب أو العذاب أو الحساب الشديد، وهو كثير، وليس من أسماء الله "الشديد".
قال الله تعالى: {وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ} [ الرعد: من الآية13]. فهذا من صفات الله – سبحانه - . انتهى [ص86].
سيد المسلمين: لا تطلق على غير النبي ، وفي إطلاقها مقيدة نظر، والصحيح الجواز، مثل سيد المسلمين في زمانه.
سيِّد الوُزراء: في ترجمة الوزير ابن هبيرة الحنبلي، المتوفى سنة 560 هـ من "ذيل الطبقات" قال ابن رجب: "وكان الوزير قبل وزارته، يلقب: جلال الدين، وقال يوماً: لا تقولوا في ألقابي: سيِّد الوزير، فإن الله – تعالى – سمَّى هارون: وزيراً، وجاء عن النبي أنَّ وزيريه من أهل السماء: جبريل، وميكائيل، ومن أهل الأرض: أبو بكر، وعمر، وجاء عنه أنه قال: "إن الله اختارني واختار لي أصحاباً، فجعلهم وزراء وأنصاراً" ولا يصلح أن يقال عني: أني سيد هؤلاء السادة " انتهى.
السيدة عائشة – رضي الله عنها: ههنا أمور:
1- السيادة للنساء مثل قول السيدة عائشة، السيدة خديجة، السيدة فاطمة. هذا لم يكن معروفـاً فـي لسان السلف والخير في اتباعهم.
2- تسمية كل امرأة: "سيدة" مسلمة كانت أم كافرة، صالحة أم فاسقة. هذا لا يجوز؛ لأن تسويد الفاسق والكافر مما نهى عنه الشرع المطهر، ومنه ما ثبت عن النبي عن بريدة أن رسول الله قال : "لا تقولوا للمنافق: سيدنا، فإنه إن يكن سيدكم فقد أسخطتم ربكم". [رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي].
3- ومنه تسمية بعض المحلات التجارية، أو المجلات باسم: "سيدتي"، أو: "سيدتي الجميلة" فينهى عنه لذلك مع ما فيه من إغراء ومخادعة للمرأة، وإخضاع معها يجر إلى خضوعها.
السيد: جمْعُهُ سادة، والسِّيادة تكون للرئيس على القوم، وهو مشتق من السؤدد، وقيل : من السواد، لكونه يرأس على السواد الأعظم من الناس.
ويتعلق بهذا اللفظ عدة أبحاث:
أولاً- إطلاقه على الله تعالى: للبلوي في كتابه: "ألف باء للألباء" بحث مطول فيه (1/231 – 232).
والمفسرون يبحثونه في تفسير "الصمد" من سورة الإخلاص.
ويأتي في حرف الياء بلفظ: يا سيدي.
ثانياً- السيادة للنبي : من استقرأ صيغ الصلاة على النبي الواردة لم يجد فيها لفظ "السيادة"، لا داخل الصلاة ولا خارجها، ومن استقرأ أحاديث الأذان لم يجدها في ذكر "الشهادة بأن محمداً رسول الله". والمحدثون كافة في كتب السنة لا يذكرون لفظ السيادة عند ذكر النبي .
وقد استقرأ جماعة من المحققين ومنهم الحافظ ابن حجر كما نقله عنه: السخاوي في: "القول البديع"، والقاسمي في "الفضل المبين في شرح الأربعين" للعجلوني إذ قرر – رحمه الله تعالى – أن لفظ "السيادة" لم يثبت في الصلاة على النبي ، ولا في الشهادة له بالرسالة ، وأنها داخل الصلاة لا تشرع لعدم التوقيف بالنص، وأما خارجها فلا بأس. وهذا نص ما في "الفضل المبين" (ص70 – 71) للقاسمي.
ثالثاً- إطلاقها على المخلوق: عن مطرِّف بن عبدالله بن الشخير – رحمه الله تعالى – قال: قال أبي: انطلقت في وفد بني عامر إلى النبي ، فقالوا: أنت سيدنا، قال: "السيد الله"، قالوا: وأفضلنا فضلاً، وأعظمنا طولاً، قال: فقال: "قولوا بقولكم، ولا يستجرينكم الشيطان". [رواه أبو داود، والبخاري في "الأدب المفرد" والنسائي في "عمل اليوم والليلة"]. قال ابن حجر: رجاله ثقات، وقد صححه غير واحد، وقد جاءت أحاديث أُخر فيها إطلاق "السيد" على المخلوق، كما صحيح البخاري في حديث: "قوموا إلى سيدكم" وغيره.
قال ابن حجر في الجمع بينها: "ويمكن الجمع بأن يحمل النهي عن ذلك على إطلاقه على غير المالك، والإذن بإطلاقه على المالك، وقد كان بعض أكابر العلماء يأخذ بهذا، ويكره أن يخاطب أحداً بلفظه، أو كتابته بالسيد، ويتأكد هذا إذا كان المخاطب غير تقي. وذكر حديث بريدة" اهـ .
رابعاً- سيد للفاسق.
خامساً- سيد للمنافق: عن بريدة قال: قال رسول الله : "لا تقولوا للمنافق سيّدنا .." الحديث. [رواه أبو داود، والبخاري في "الأدب المفرد" ونحوه عند الحاكم، وابن أبي الدنيا].
فالنهي يتأكد إذا كان المخاطب غير تقي.
سادساً- سيد للكافر: قال ابن القيم – رحمه الله تعالى – في: أحكام أهل الذمة: "وأما أن يخاطب بسيدنا، ومولانا، ونحو ذلك؛ فحرام قطعاً، وفي الحديث المرفوع: "لا تقولوا للمنافق: سيّدنا فإن يكن سيدكم فقد أغضبتم ربكم.. " ا هـ
سابعاً- سيد ولد آدم: أي فهو ممتنع في حق غير النبي والله أعلم.
ثامناً- سِيْدي: عده ابن الحنبلي في "سهم الألحاظ في وهم الألفاظ" (ص61)، من الغلط والوهم في اللغة، فلا يقال: لغة: "أنت سِيْدي" في موضع: أنت سيِّدي، بفتح السين وتشديد الياء.
(س)
السائب: في "الإصابة" في ترجمة: السائب الغفاري أن النبي غيَّر اسمه من: السائب إلى: "عبد الله".
سائر: قال ابن القيم – رحمه الله تعالى - : "وتقسيم السائرين إلى الله تعالى إلى: طالب، وسائر، وواصل، أو إلى: مريد، ومراد، تقسيم فيه مساهلة لا تقسيم حقيقي، فإن الطلب، والسلوك، والإرادة، لو فارق العبد: لا نقطع عن الله بالكلية ...".
ثم بين أن هذا التقسيم يكون صحيحاً باعتبار، فاسداً باعتبار، في مبحث مبسوط. ولو كنا ممن يعرف الحق بالرجال لقررت متابعة ابن القيم – رحمه الله تعالى – لكن الحق يهرع إليه الجميع، والمجتهد يخطئ ويصيب، وهذه التسميات للمتعبدين لم يدل عليها دليل، فكيف تصح باعتبار؟ والله أعلم.
السَّامُّ عليكم: تشرع من المسلم جواباً على سلام الكافر، أما جواباً لمسلم، فلا تجوز؛ لأنها دعاء عليه بالسَّامِّ وهو الموت، وهذا اعتداء، ولأنها معاملة للمسلم بما يعامل به الكافر، وهذا اعتداء وهضم للمسلمين، ومخالفة لشريعة رب العالمين.
سبحان الله: من أوابد الأعاجم في الأسامي: تسمية المولود باسم: سبحان الله، وهو من آثار الغلو، والعجمة، ثم هذا اللفظ: "سبحان الله" هو ذكر من الأذكار، فكيف يسمى الشخص به؟ لذا فلا تجوز التسمية به، ويجب تغييره.
سبحان اسم ربي العظيم: عند ابن القيم في مبحث الاسم والمسمى، وبيان الفرق بينهما، وأن الاسم هو اللفظ الدال على المسمى والرد على من قال باتحادهما ؛ لحجج منها قوله تعالى: {تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ} ، {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ}، {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى} قال - رحمه الله تعالى - : "وهذه الحجة عليهم لا لهم في الحقيقة؛ لأن النبي امتثل هذا الأمر، فقال: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي العظيم. ولو كان كما زعموا لقال: سبحان اسم ربي العظيم.
ثم إن الأُمة كلهم لا يجوز لأحد منهم أن يقول: عبدت اسم ربي، ولا: سجدت لاسم ربي، ولا: يا اسم ربي ارحمني، وهذا يدل على أن الأشياء متعلقة بالمسمى لا بالاسم" ا هـ .
سبحان من لا يسهو ولا ينام: لا يصح تقييد هذا التسبيح في سجود السهو.
سبحانك ما عرفناك حق معرفتك: لمحمد بن قطب الدين الأزنيقي – م سنة 885 هـ -، رسالة في شرحها وبيان موقف الناس منها، فمنهم من نسب قائلها إلى الكفر، ومنهم من نسبه إلى الخطأ والخطل ..
سبحاني: في ترجمة أبي يزيد البسطامي من "السير" للذهبي قال: "وجاء عنه أشياء مشكلة لا مساغ لها، الشأن في ثبوتها عنه، أو أنه قالها في حالة الدهشة، والسكر، والغيبة، والمحو، فيطوى، ولا يحتج بها، إذْ ظاهرها إلحاد مثل: سبحاني، و: ما في الجنة إلا الله. ما النار؟ لأستندن إليها غداً، وأقول: اجعلني فداءً لأهلها وإلا بلعتها. ما الجنة؟ لعبة صبيان! ومراد أهل الدنيا. ما المحدثون؟ إن خاطبهم رجل عن رجل، فقد خاطبنا القلب عن الرب" ا هـ .
وإذا لم تكن هذه الكلمات من الإلحاد فما هو الإلحاد؟! نسأل الله السلامة والثبات. آمين.
ست النساء: قال ابن النحاس الدمشقي – رحمه الله تعالى – في: "تنبيه الغافلين" (ص392) في مبحث الألفاظ: "وكذلك ما ابتدعوه من تسمية البنت: ست النساء، وست العلماء، وست الفقهاء، وست الكل، وما أشبه ذلك، وهذه أيضاً بدع قبيحة شنيعة؛ إذ يدخل في عموم ذلك اللفظ: الأنبياء، والعلماء، والصالحون. وإن كان المسمي بذلك لا يعتقد دخول من ذكر فهو كذب محض من غير ضرورة، والكذب حرام مع ما في ذلك من الكبر، والتفاخر، والتزكية، وغير ذلك "ثم ذكر حديث برة – رضي الله عنها – ا هـ .
سرير: نقل ابن القيم – رحمه الله تعالى – عن أبي القاسم عبد الله بن خلف المقري الأندلسي – رحمه الله تعالى – في كتابه: "الاهتداء لأهل الحق والاقتداء" نقلاً مطولاً في استواء الله تعالى على عرشه حقيقة، كما يليق بجلاله، وعظمة سلطانه، ثم ذكر سؤالاً للمؤولة، وأجاب عنه فقال: "فإن قال: فهل يجوز عندك أن ينتقل من لا مكان في الأزل إلى مكان؟ قيل له: أما الانتقال وتغير الحال فلا سبيل إلى إطلاق ذلك عليه؛ لأن كونه في الأزل لا يوجب مكاناً وكذلك نقلته لا توجب مكاناً، وليس في ذلك كالخلق؛ لأن كونه يوجب مكاناً من الخلق ونقلته توجب مكاناً، ويصير متنقلاً من مكان إلى مكان، والله تعالى ليس كذلك، ولكنا نقول: استوى من لا مكان إلى مكان. ولا نقول: انتقل، وإن كان المعنى في ذلك واحداً. كما نقول: له عرش، ولا نقول: له "سرير". ونقول: هو الحكيم. ولا نقول: هو العاقل، ونقول: خليل إبراهيم، ولا نقول: صديق إبراهيم، وإن كان المعنى في ذلك واحداً؛ لأنا لا نسميه ولا نصفه ولا نطلق عليه إلا ما سمى به نفسه على ما تقدم، ولا ندفع ما وصف به نفسه ... " اهـ .
السريع: من الخطأ المحض عدُّهُ من أسماء الله تعالى. وأنظره في حرف الألف: الأبد.
سِسْتر: هذه اللفظة في اللغة الإنكليزية بمعنى: "الأخت" وقد انتشرت النداء بها في المستشفيات للممرضات وبخاصة الكافرات. وما أقبح بمسلم ذي لحية يقول لممرضة كافرة، أو سافرة: يا سستر، أي: يا أختي!
وأما الأعراب فلفرط جهلهم، يقولها الواحد منهم، مُدَلِّلاً على تحضره! نعمْ على بغضِهِ، وكثافة جهله. ومثله قولهم للرجل: "سير" أو: "مستر" بمعنى: سيد فعلى المسلم أن يحسب للفظ حسابه، وأن لا يذُلَّ وقد أعزَّه الله بالإسلام.
السُّكْر "بمعنى الخشية من الله": قال ابن القيم – رحمه الله تعالى - : "وهذا المعنى لم يعبر عنه في القرآن، ولا في السنة، ولا العارفون من السلف بالسكر أصلاً، وإنما ذلك من اصطلاح المتأخرين، وهو بئس الاصطلاح.." إلى آخره وهو مهم.
السلام على الله: عن ابن مسعود قال: كنا إذا كنا مع رسول الله في الصلاة قلنا: السلام على الله من عباده السلام على فلان، فقال النبي : "لا تقولوا: السلام على الله، فإن الله هو السلام" [رواه البخاري ومسلم].
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أسألك الفوز بالجنة، أسألك النجاة من النار: قول هذا عقب السلام من الصلاة بدعة، كما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى – في "الفتاوى".
السلام على من اتبع الهدى: هذه في هدي النبي في مخاطبة أهل الكتاب. وقرر السيوطي المنع منها بين المسلمين؛ لأن مؤداها أن أخاك المسلم غير مهتدٍ.
سلام حار: من العبارات المولدة قولهم: سلام حار، لقاء حار، وهكذا. والحرارة وصف ينافي السلام وأثره، فعلى المسلم الكف عن هذه اللهجة الواردة الأجنبية، والسلام اسم من أسماء الله، والسلام يثلج صدور المؤمنين فهو تحيتهم وشعار للأمان بينهم.
السمسار: عن قيس بن أبي غرزة قال: كنّا بالمدينة نبيع الأوساق ونبتاعها، وكنا نسمى أنفسنا: السماسرة، ويسمينا الناس، فخرج إلينا رسول الله ذات يوم، فسمَّانا باسم هو خير من الذي سمَّينا أنفسنا وسمَّانا الناس فقال: "يا معشر التجَّار، إنه يشهد بيعكم الحلف والكذب، فشوبوه بالصدقة" [رواه أصحاب السنن الأربع].
سوسن: لما كانت تسمية المرأة به منتشرة خارج جزيرة العرب، لهج به المستغربون من أبناء هذه الديار، وهذا دأب ضعفاء الحصانة العقدية والسلوكية، في تلقف كل وافد، ولو علموا أنه في الأصل: اسم لنبات طيب الرائحة؛ لكانوا فيه من الزاهدين.
وبتتبع علمِيَّةِ هذا على مرِّ القرون تبين مع ما ذكر ما يلي:
1- اسم لامرأة رميت بالبغاء في عهد دانيال عليه السلام، فبرأها الله تعالى، كما يروى في سنن البيهقي.
2- وهو اسم لأول من نطق بالقدر بالعراق، كما في "سير أعلام النبلاء" للذهبي قال (4/186): "عن الأوزاعي: أول من نطق بالقدر: "سوسن" بالعراق، كان نصرانياً فأسلم، ثم تنصر، فأخذ عنه معبد، وأخذ غيلان القدري عن معبد" اهـ.
3- فهو من الأسماء المشتركة بين الرجال والنساء: ومنه في الرجال محمد بن مسلم بن سوسن الطائفي.
4- وهو اسم لأم غائب الرافضة المنتظر المُدعى باسم: محمد بن الحسن العسكري، وقيل اسمها: نرجس، وقيل: صقيل.
السياسة: يلْفتُ نظر القارئ في مواد اللسان العربي، أن ثمة ألفاظ متقاربة المعنى، لكن بالتدقيق يجد بينها فروقاً، وقد أُفردت لذلك مؤلفات، وأُعدت فيه أبحاث، وجملتها معلومة.
والذي يعنينا هنا: أنه لبعض هذه الفروق في معانيها إمَّا فرق من جهة اشتقاقها، أو حقيقتها، أو صيغها، أو استعمالها، أو الحرف الذي تتعدى به كل منها، وهكذا من موجبات الفر، والتفريق؛ لواحد من هذه الأسباب يأتي التحقيق فيما لا يجوز إطلاقه شرعاً على الله – سبحانه وتعالى – أو على رسوله أو على أي من أُمور الشرع المطهر.
وقد اعتنى بهذه: اللغوي الشهير أبو هلال العسكري: الحسن بن عبد الله بن سهل، المتوفى بعد سنة 395 هـ ، وذلك في كتابه: "الفروق اللغوية"، وقد ذكر فيه نحو خمسين لفظاً لا يجوز إطلاقها على الله – تعالى - ؛ لما في الفرق من معنى لغوي لا تجوز نسبته إلى الله – سبحانه - . وكثير منها يُسلم له، وبعض جرَّة إليه بعض المناحي الكلامية – عفا الله عنا وعنه – وقد رأيت أن أسوق ما سلم منها شرعاً على مذهب جماعة المسلمين: أهل السنة والجماعة، مساقاً واحداً عند أول فارق ذكره في مقدمته لكتابة، وهو: "الفرق بين السياسة والتدبير".
ثم أحيل إلى هذا الموضوع، في حروفه من هذا الكتاب – إن شاء الله تعالى - :
السياسة: لا يوصف الله – سبحانه به؛ لأن اشتقاقها من النظر في دقيق الأُمور، مشتقة من السُّوْس: حيوان معروف. والأُمور لا تدق عنه سبحانه وإنما يوصف – سبحانه – بالتدبير؛ لأن له صفة الاستمرار، ولهذا قيل في التدبير المستمر: سياسة، قال الله تعالى: {يُدَبِّرُ الأمْرَ}. [ص15، 149، 158].
البداء: أصله الظهور بعد الخفاء؛ لهذا فلا يجوز على الله – تعالى – فلا يطلق على الله لفظ البداء، وهذا بخلاف: "النسخ" وهو: رفع حكم شرعي بآخر. فتقول: نسخ الله هذا الحكم [ص45 – 46]. وقد مضى زيادة بيان في حرف الباء: البداء.
المعرفة: من صفاته – سبحانه – : العلم الذي لا يسبقه جهل، بخلاف المعرفة؛ لهذا فلا يوصف الله – سبحانه – بلفظ عارف، وما تصرَّف عنه [ص/ 62 – 63]. وانظر في حرف العين : عارف.
الشعور: إنما يوصف الله بالعلم سبحانه - أما الشعور، فلا؛ لعدم النص أولاً، ولان الشعور، مشتق من الشَّعر؛ لدقته، والله - سبحانه- لا يدق عنه شيء، فلا يوصف به. [ص64].
التلقين: نقول كما قال الله تعالى: {وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ}[النساء: من الآية113] بخلاف: "التلقين" فإنه لا يكون إلا في القول ويقتضي التكرار مرة بعد أُخرى ، ولم يرد به نص. ولهذا: لا يُقال: إن الله يلقن العبد، كما يقال: إن الله يُعلِّمه. [ص65].
علاَّمة: قال الله تعالى: {قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ} [سـبأ:48]. إذ صيغة: علاَّم، صيغة مبالغة، والله – سبحانه – موصوف بالعلم التام لما كان ، وما لم يكن، وأن لو كان كيف يكون.
لكن لا يوصف بصيغة المبالغة: "علاَّمة"؛ لأن دخول الهاء تفيد الوصف به بمن يقوم مقام جماعة من العلماء، فهذا للمخلوقين. [ص68 – 69].
الشديد: قال الله تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ}[هود: من الآية66]. فمن أسماء الله – سبحانه - : القوي، ومن لوازم القوة : القدرة ، بخلاف: "الشديد"؛ ولهذا لم يأت في القرآن الكريم إلا مربوطاً بالعقاب أو العذاب أو الحساب الشديد، وهو كثير، وليس من أسماء الله "الشديد".
قال الله تعالى: {وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ} [ الرعد: من الآية13]. فهذا من صفات الله – سبحانه - . انتهى [ص86].
سيد المسلمين: لا تطلق على غير النبي ، وفي إطلاقها مقيدة نظر، والصحيح الجواز، مثل سيد المسلمين في زمانه.
سيِّد الوُزراء: في ترجمة الوزير ابن هبيرة الحنبلي، المتوفى سنة 560 هـ من "ذيل الطبقات" قال ابن رجب: "وكان الوزير قبل وزارته، يلقب: جلال الدين، وقال يوماً: لا تقولوا في ألقابي: سيِّد الوزير، فإن الله – تعالى – سمَّى هارون: وزيراً، وجاء عن النبي أنَّ وزيريه من أهل السماء: جبريل، وميكائيل، ومن أهل الأرض: أبو بكر، وعمر، وجاء عنه أنه قال: "إن الله اختارني واختار لي أصحاباً، فجعلهم وزراء وأنصاراً" ولا يصلح أن يقال عني: أني سيد هؤلاء السادة " انتهى.
السيدة عائشة – رضي الله عنها: ههنا أمور:
1- السيادة للنساء مثل قول السيدة عائشة، السيدة خديجة، السيدة فاطمة. هذا لم يكن معروفـاً فـي لسان السلف والخير في اتباعهم.
2- تسمية كل امرأة: "سيدة" مسلمة كانت أم كافرة، صالحة أم فاسقة. هذا لا يجوز؛ لأن تسويد الفاسق والكافر مما نهى عنه الشرع المطهر، ومنه ما ثبت عن النبي عن بريدة أن رسول الله قال : "لا تقولوا للمنافق: سيدنا، فإنه إن يكن سيدكم فقد أسخطتم ربكم". [رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي].
3- ومنه تسمية بعض المحلات التجارية، أو المجلات باسم: "سيدتي"، أو: "سيدتي الجميلة" فينهى عنه لذلك مع ما فيه من إغراء ومخادعة للمرأة، وإخضاع معها يجر إلى خضوعها.
السيد: جمْعُهُ سادة، والسِّيادة تكون للرئيس على القوم، وهو مشتق من السؤدد، وقيل : من السواد، لكونه يرأس على السواد الأعظم من الناس.
ويتعلق بهذا اللفظ عدة أبحاث:
أولاً- إطلاقه على الله تعالى: للبلوي في كتابه: "ألف باء للألباء" بحث مطول فيه (1/231 – 232).
والمفسرون يبحثونه في تفسير "الصمد" من سورة الإخلاص.
ويأتي في حرف الياء بلفظ: يا سيدي.
ثانياً- السيادة للنبي : من استقرأ صيغ الصلاة على النبي الواردة لم يجد فيها لفظ "السيادة"، لا داخل الصلاة ولا خارجها، ومن استقرأ أحاديث الأذان لم يجدها في ذكر "الشهادة بأن محمداً رسول الله". والمحدثون كافة في كتب السنة لا يذكرون لفظ السيادة عند ذكر النبي .
وقد استقرأ جماعة من المحققين ومنهم الحافظ ابن حجر كما نقله عنه: السخاوي في: "القول البديع"، والقاسمي في "الفضل المبين في شرح الأربعين" للعجلوني إذ قرر – رحمه الله تعالى – أن لفظ "السيادة" لم يثبت في الصلاة على النبي ، ولا في الشهادة له بالرسالة ، وأنها داخل الصلاة لا تشرع لعدم التوقيف بالنص، وأما خارجها فلا بأس. وهذا نص ما في "الفضل المبين" (ص70 – 71) للقاسمي.
ثالثاً- إطلاقها على المخلوق: عن مطرِّف بن عبدالله بن الشخير – رحمه الله تعالى – قال: قال أبي: انطلقت في وفد بني عامر إلى النبي ، فقالوا: أنت سيدنا، قال: "السيد الله"، قالوا: وأفضلنا فضلاً، وأعظمنا طولاً، قال: فقال: "قولوا بقولكم، ولا يستجرينكم الشيطان". [رواه أبو داود، والبخاري في "الأدب المفرد" والنسائي في "عمل اليوم والليلة"]. قال ابن حجر: رجاله ثقات، وقد صححه غير واحد، وقد جاءت أحاديث أُخر فيها إطلاق "السيد" على المخلوق، كما صحيح البخاري في حديث: "قوموا إلى سيدكم" وغيره.
قال ابن حجر في الجمع بينها: "ويمكن الجمع بأن يحمل النهي عن ذلك على إطلاقه على غير المالك، والإذن بإطلاقه على المالك، وقد كان بعض أكابر العلماء يأخذ بهذا، ويكره أن يخاطب أحداً بلفظه، أو كتابته بالسيد، ويتأكد هذا إذا كان المخاطب غير تقي. وذكر حديث بريدة" اهـ .
رابعاً- سيد للفاسق.
خامساً- سيد للمنافق: عن بريدة قال: قال رسول الله : "لا تقولوا للمنافق سيّدنا .." الحديث. [رواه أبو داود، والبخاري في "الأدب المفرد" ونحوه عند الحاكم، وابن أبي الدنيا].
فالنهي يتأكد إذا كان المخاطب غير تقي.
سادساً- سيد للكافر: قال ابن القيم – رحمه الله تعالى – في: أحكام أهل الذمة: "وأما أن يخاطب بسيدنا، ومولانا، ونحو ذلك؛ فحرام قطعاً، وفي الحديث المرفوع: "لا تقولوا للمنافق: سيّدنا فإن يكن سيدكم فقد أغضبتم ربكم.. " ا هـ
سابعاً- سيد ولد آدم: أي فهو ممتنع في حق غير النبي والله أعلم.
ثامناً- سِيْدي: عده ابن الحنبلي في "سهم الألحاظ في وهم الألفاظ" (ص61)، من الغلط والوهم في اللغة، فلا يقال: لغة: "أنت سِيْدي" في موضع: أنت سيِّدي، بفتح السين وتشديد الياء.