حرف القاف
(ق)
القائم: من الخطأ المحض جعله من أسماء الله سبحانه وتعالى؛ لأن أسماء الله توقيفية، ولم يرد في هذا حديث صحيح، ومضى بحثه في حرف الألف: الأبد.
قارون: انظر في حرف الفاء: لفظ "فرعون".
القاسم: عن جابر قال: ولد لرجل منا غلام فسماه: القاسم، فقلنا: لا نكنيك أبا القاسم، ولا كرامة، فأخبر النبي ، فقال: "سم ابنك عبد الرحمن". [رواه البخاري في صحيحه].
قاضي القضاة: مضى في حرف الألف: أقضى القضاة.
قال الرسول: في "الطبقات" للسبكي قال: "قال الحسين: سمعت الشافعي يقول: يكره للرجل أن يقول: قال الرسول. ولكن يقول: قال رسول الله ؛ ليكون معظماً.
القانون: تقدم , ومثله: القانون المدني، قانون العقوبات.
قبح الله وجهه: عن أبي هريرة أن النبي قال: "لا تقولوا: قبح الله وجهه". رواه البخاري في "الأدب "
لمفرد"، وابن خزيمة في "التوحيد"، وابن حبان والطبراني في: كتاب "السنة"، والخطيب مـن حديث ابن عمر.
قتْرة: قال الخطابي: "اسم إبليس، ويقال: كنيته: أبو قِترة، وابن قترة: حية خبيثة" اهـ .
قتل الحسين بسيف جده: نُسبت هذه المقولة للمؤرخ ابن خلدون، وقد تعقبه فيها الهيتمي، ودافع الحافظ ابن حجر العسقلاني عن ابن خلدون، بأنها لم توجد في تاريخ ابن خلدون، ولعله ذكرها في النسخة التي رجع عنها. والصحيح أنها مروية عن ابن العربي المالكي فقال: "إن الحسين قُتل بشريعة جده" يعني: لو أخذ رأي ومشورة كبار الصحابة، ولزم بيته، وترك الالتفات إلى أوباش الكوفة؛ لما كان ما كان.
القديم: في منظومة المقدسي لمفردات الإمام أحمد – رحمه الله - قال: الحمد لله القديم الأحد الواحد الفرد العظيم الصمد. وفي منظومة السفاريني في العقيدة قال: الحمد لله القديم الباقي مسبب الأسباب والأرزاقِ.
وبما أن أسماء الله تعالى توقيفية فإن لفظ "القديم" لا يرتضي السلف تسمية الله به؛ لعدم ورود النص به، لكن يصح الإخبار به عن الله تعالى؛ لأن باب الإخبار والصفات أوسع من باب الإنشاء والأسماء. والله أعلم.
قد دعوت فلم يستجب لي: عن أبي هريرة أن رسول الله قال: "يُستجاب لأحدكم ما لم يعجل، فيقول: قد دعوت فلم يستجب لي". رواه مالك في الموطأ، وبأتم منه في الصحيحين وغيرهما.
قد أعظم الفرية: في "صحيح ابن حبان" قال: "ذكر تعداد عائشة قول ابن عباس الذي ذكرناه من أعظم الفرية".
ثم ساق بسنده عن مسروق بن الأجدع، أنه سمع عائشة تقول: أعْظم الفرية على الله من قال إن محمد رأى ربه، وإن محمدا كتم شيئاً من الوحي، وإن محمداً يعلم ما في غدٍ ... ، الحديث.
قال الشيخ أحمد شاكر – رحمه الله تعالى – في الحاشية: "قال إمام الأئمة ابن خزيمة في "كتاب التوحيد" (ص127) كلمة يعقب بها على قول عائشة، هي من أعلى ما رأينا من الكلم في النقد الأدبي الممتاز، قال: "هذه لفظة أحسب عائشة تكلمت بها في وقت غضب، كانت لفظة أحسن منها، يكون فيها درك لبغيتها؛ كان أجمل بها. ليس بحسن في اللفظ أن يقول قائل أو قائلة: قد أعظم ابن عباس الفرية، وأبو ذر، وأنس بن مالك، وجماعات من الناس؛ الفرية على ربهم! ولكن قد يتكلم المرء عند الغضب باللفظة التي يكون غيرها أحسن وأجمل منها" انتهى.
قدَّس الله حجتك: قال ابن تيميـة – رحمه الله تعالى - : "وأما زيارة بيت المقدس فمشروعة في جميع الأوقات ... وليس السفر إليه مع الحج قربة. وقول القائل: "قدَّس الله حجتك" قول باطل لا أصل له" انتهى.
قدَّس الله سِرّه: هذه من أدعية المتصوفة، والروافض، والسرُّ عندهم: سر الأسرار والروح الطاهرة الخفية. وقد سرت إلى بعض أهل السنة، ولو قيل: قدَّس الله روحه، فلا بأس.
القرآن قديم: عقيدة أهل الإسلام مِنْ لدُنِ الصحابة – رضي الله عنهم – إلى يومنا هذا هي ما أجمع عليه أهل السنة والجماعة: من أن القرآن العظيم: كلام الله – تعالى – وكانت هذه العبارة كافية لا يزيدون عليها. فلما بانت في المسلمين البوائن، ودبت الفتن فيمن شاء الله، فاه بعض المفتونين بأقوال، وعبارات يأباها الله ورسوله والمؤمنون، وكلها ترمي إلى مقاصد خبيثة ومذاهب ردئية ، تنقض الاعتقاد، وتفسد أساس التوحيد على أهل الإسلام، فقالوا بأهوائهم، مبتدعين: القرآن مخلوق، خلقه الله في اللوح المحفوظ أو في غيره. القرآن قديم. القرآن حكاية عن كلام الله. القرآن عبارة عن كلام الله. القرآن ليس كلام الله لكن عبارة عنه. القرآن حكاية عن المعنى القديم القائم بالنفس. القرآن عبارة عن المعنى القديم. القرآن صفة فعل لا صفة ذات.
قول اللفظية منهم: لفظي بالقرآن مخلوق. القرآن قديم، وهو معنى قائم بنفسه تعالى، ليس بحرف ولا صوت. القرآن قول جبريل وعبارته، ألَّفه بإلهام الله له. كتاب الله غير القرآن.
القرآن حكاية كلام الله: هذا اللفظ من أواب : عبد الله بن سعيد بن كلاب، فهو أول من قال ذلك، كما قاله الذهبي – رحمه الله تعالى - .
وهو يرمي بهذا القوم الفاسد إلى إنكار صفة الكلام لله تعالى، وأن الكلام صفة ذاتية قائمة بالله ليس من الصفات الاختيارية. وهذا من عبارات أهل البدع التي يطلقونها، وهم يرمون إلى مقاصد ينكرها أهل الملة قاطبة.
وقد نقض أبو الحسن الأشعري علي ابن كلاب مقالته، واستبدلها بأُخرى على شاكلتها: "القرآن عبارة عن كلام الله". وهذه وأمثالها إطلاقات حادثة، تحمل مقاصد عقدية باطلة.
القرآن صنعه الله: الصُّنع: إيجاد الفعل قال الله تعالى: {صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ} [ النمل: من الآية88]. والقرآن العظيم: كلام الله حقيقة على الوجه اللائق بعظمته وجلاله. لهذا فلا يُقال: القرآن صنع الله.
ولا أعرف هذا الإطلاق لدى من مضى حتى من القائلين بالمقالة الكفرية: "القرآن مخلوق"، وإنما رأيتها في كلام بعض أهل عصرنا على عادتهم في التسمُّح بإطلاق الألفاظ، وعدم العناية والتوقي فيها. ومنه مرورها في مقدمة الشيخ محمد عبد الخالق عضيمة – رحمه الله تعالى – لكتابه النفيس: "من أساليب القرآن الكريم" ولا نشك أنها عبارة درج بها القلم دون اعتقاد لمؤداها المتبادر: صنع، بمعنى: خلق، فالله يتجاوز عنَّا وعنه.
قرأت القرآن كله: قال ابن أبي شيبة في المصنف: "من كره أن يقول: قرأت القرآن كله ... وأخرج بسنده عن أبي رزين قال: قال رجل لحية بن سلمة - وكان من أصحاب عبد الله -: قرأت القرآن كله، قال: وما أدركت منه؟
وأيضاً عن ابن عمر أنه كان يكره أن يقول : قرأت القرآن كل " اهـ .
قرض: من المنكر العظيم تسمية الربا: قرضاً.
القسر: مثل لفظ الجبر، فإن أُريد أن الله جعل العبد مريداً فهذا حق، لكن تبقى المنازعة في اللفظ : لغة ومعنى؛ لما في القسر من معنى الإكراه والجبر. وإن أُريد به: القسر بمعنى الجبر وهو أنه لا اختيار للعبد ولا قدرة، فهذا قول الجبرية ، وهو من أبطل الباطل، ويبطل الشرائع.
قشور: تسمية فروع الديِّن: قشوراً. وأركانه: لباباً، وهذا من فاسد الاصطلاح وأعظمه خطراً، فتوقَّه ... "ولولا القشر لفسد اللباب ". ومثله في المنع في عبارات المعاصرين: هذه أُمور سطحية، أو فروعية، أو هامشية ليست ذات بال ...
قصعة من ثريد خير من العلم: مذكورة في ألفاظ الردة، نسأل الله السلامة.
القطب: من الإطلاقات المبتدعة، ومضى في حرف الغين: بلفظ: الغوث.
قمر الأنبياء: هذا من الأسماء الرائجة في بعض بلاد العجم، وهو كذب وتعالٍ على مقامات الأنبياء، ولا يقول: "إن الولي فوق مقام النبي" إلا ضُلاَّل الطرقية؛ لهذا فلا يجوز التسمي به ويجب تغييره.
قوَّاك الله: الابتداء بها قبل السلام عند اللقاء: خلاف السنة. مضى في حرف الصاد: صبحك الله بالخير.
قوة خفية: أصل هذه العبارة ومثيلاتها: قوة مدبرة. قوة عليا. العقول العشرة. القوى الصالحة في النفس. الجواهر العقلية. العقل الفعال في السماء. العقل المدبِّر.
من إطلاقات الفلاسفة على "الملائكة"؛ لأنهم ينكرون حقيقتهم على تفصيل مذاهبهم، وقد رد عليهم علماء الإسلام وانتشرت ردودهم ، وإبطال مقولاتهم.
ونظيرها في حق الله تعالى تسمية الفلاسفة لله تعالى بقولهم: "علة فاعلة" وهذا من الإلحاد في أسماء الله تعالى. ومن هذه الأسماء الإلحادية التي سموا بها "الرب" سبحانه وتعالى: المبدأ. العلة الأولى. ثم انتقلت هذه العبارات وأمثالها إلى كتابات بعض المعاصرين الذين يعتملون التوسع في الأُسلوب، فأطلقوا هذا العبارات على الله تعالى، فقالوا عن الله: إنَّه قوة مدِّبرة. وهذا تعبير بدعي حادث، والقوة إنما هي وصف لله تعالى، كما في قوله سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذريات:58].
و"القوي" من أسمائه سبحانه كما قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [ الحج: من الآية40 - 74]، فمن أسمائه سبحانه: "القوي".
ونقف حيث ورد النص؛ فالله "ذو القوة المتين"، والله هو "القوي العزيز"، ولا نقول: قوة مدبرة، ونحوها، كما لا نقول: أن الله تعالى: "عِزَّةٌ عظيمة" و"قدرة عظيمة" و"حقيقة كبرى". فكل هذه ألفاظ بدعة يجب التحاشي من التعبير بها، وإطلاقها على الله القوي العزيز القادر سبحانه وتعالى.
ومثلها في الابتداع: "مهندس الكون"، و"مبرمج المعلومات". واللفظ الأول من إطلاقات الماسونية، كما نصوا على ذلك في كتبهم، فخصوا التعبير عن الله بأنه "مهندس الكون"، تعالى الله عن قولهم.
وهو كسابقه في الابتداع، والله سبحانه هو: خالق كل شيء وهو مبدع الكون، وبارئ النسم: {أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [الأعراف: من الآية54].
وأما "مبرمج المعلومات" فهو إطلاق أكثر حدوثاً في أعقاب ظهور "الحاسوب" ونحوه من الآلات التي تُدْخلُ بها المعلومات.
إضافة إلى أن لفظ "مهندس" وأصله "مهندز" – ولفظ "برمجة": ليسا من فصيح كلام العرب.
فكيف يطلق على الله ما لم يرد به نص ، وما في عربية لفظه اختلال؟
كل هذا منكر من القول ومرفوض، وابتداع في دين رب العالمين.
فواجب على كل مسلم التنبه لهذا، والتوقي من هذه الإطلاقات وإن وقع بها بعض من يُشار إليهم من المعاصرين.
القوة الخبيثة: هذه من إطلاقات المناطقة على الشياطين: ومرادهم بهذا: إنكار حقيقة الشياطين.
قوَّى الله ضعفك: عن عبد العزيز بن أبي رجاء قال: سمعت الربيع يقول: مرض الشافعي فدخلت عليه فقلت: يا أبا عبد الله "قوى الله ضعفك" فقال: يا أبا محمد، والله لو قوى الله ضعفي على قوتي أهلكني، قلت: أبا عبد الله ما أردت إلا الخير، فقال: لو دعوت الله عليَّ لعلمتُ أنك لم ترد إلا الخير
(ق)
القائم: من الخطأ المحض جعله من أسماء الله سبحانه وتعالى؛ لأن أسماء الله توقيفية، ولم يرد في هذا حديث صحيح، ومضى بحثه في حرف الألف: الأبد.
قارون: انظر في حرف الفاء: لفظ "فرعون".
القاسم: عن جابر قال: ولد لرجل منا غلام فسماه: القاسم، فقلنا: لا نكنيك أبا القاسم، ولا كرامة، فأخبر النبي ، فقال: "سم ابنك عبد الرحمن". [رواه البخاري في صحيحه].
قاضي القضاة: مضى في حرف الألف: أقضى القضاة.
قال الرسول: في "الطبقات" للسبكي قال: "قال الحسين: سمعت الشافعي يقول: يكره للرجل أن يقول: قال الرسول. ولكن يقول: قال رسول الله ؛ ليكون معظماً.
القانون: تقدم , ومثله: القانون المدني، قانون العقوبات.
قبح الله وجهه: عن أبي هريرة أن النبي قال: "لا تقولوا: قبح الله وجهه". رواه البخاري في "الأدب "
لمفرد"، وابن خزيمة في "التوحيد"، وابن حبان والطبراني في: كتاب "السنة"، والخطيب مـن حديث ابن عمر.
قتْرة: قال الخطابي: "اسم إبليس، ويقال: كنيته: أبو قِترة، وابن قترة: حية خبيثة" اهـ .
قتل الحسين بسيف جده: نُسبت هذه المقولة للمؤرخ ابن خلدون، وقد تعقبه فيها الهيتمي، ودافع الحافظ ابن حجر العسقلاني عن ابن خلدون، بأنها لم توجد في تاريخ ابن خلدون، ولعله ذكرها في النسخة التي رجع عنها. والصحيح أنها مروية عن ابن العربي المالكي فقال: "إن الحسين قُتل بشريعة جده" يعني: لو أخذ رأي ومشورة كبار الصحابة، ولزم بيته، وترك الالتفات إلى أوباش الكوفة؛ لما كان ما كان.
القديم: في منظومة المقدسي لمفردات الإمام أحمد – رحمه الله - قال: الحمد لله القديم الأحد الواحد الفرد العظيم الصمد. وفي منظومة السفاريني في العقيدة قال: الحمد لله القديم الباقي مسبب الأسباب والأرزاقِ.
وبما أن أسماء الله تعالى توقيفية فإن لفظ "القديم" لا يرتضي السلف تسمية الله به؛ لعدم ورود النص به، لكن يصح الإخبار به عن الله تعالى؛ لأن باب الإخبار والصفات أوسع من باب الإنشاء والأسماء. والله أعلم.
قد دعوت فلم يستجب لي: عن أبي هريرة أن رسول الله قال: "يُستجاب لأحدكم ما لم يعجل، فيقول: قد دعوت فلم يستجب لي". رواه مالك في الموطأ، وبأتم منه في الصحيحين وغيرهما.
قد أعظم الفرية: في "صحيح ابن حبان" قال: "ذكر تعداد عائشة قول ابن عباس الذي ذكرناه من أعظم الفرية".
ثم ساق بسنده عن مسروق بن الأجدع، أنه سمع عائشة تقول: أعْظم الفرية على الله من قال إن محمد رأى ربه، وإن محمدا كتم شيئاً من الوحي، وإن محمداً يعلم ما في غدٍ ... ، الحديث.
قال الشيخ أحمد شاكر – رحمه الله تعالى – في الحاشية: "قال إمام الأئمة ابن خزيمة في "كتاب التوحيد" (ص127) كلمة يعقب بها على قول عائشة، هي من أعلى ما رأينا من الكلم في النقد الأدبي الممتاز، قال: "هذه لفظة أحسب عائشة تكلمت بها في وقت غضب، كانت لفظة أحسن منها، يكون فيها درك لبغيتها؛ كان أجمل بها. ليس بحسن في اللفظ أن يقول قائل أو قائلة: قد أعظم ابن عباس الفرية، وأبو ذر، وأنس بن مالك، وجماعات من الناس؛ الفرية على ربهم! ولكن قد يتكلم المرء عند الغضب باللفظة التي يكون غيرها أحسن وأجمل منها" انتهى.
قدَّس الله حجتك: قال ابن تيميـة – رحمه الله تعالى - : "وأما زيارة بيت المقدس فمشروعة في جميع الأوقات ... وليس السفر إليه مع الحج قربة. وقول القائل: "قدَّس الله حجتك" قول باطل لا أصل له" انتهى.
قدَّس الله سِرّه: هذه من أدعية المتصوفة، والروافض، والسرُّ عندهم: سر الأسرار والروح الطاهرة الخفية. وقد سرت إلى بعض أهل السنة، ولو قيل: قدَّس الله روحه، فلا بأس.
القرآن قديم: عقيدة أهل الإسلام مِنْ لدُنِ الصحابة – رضي الله عنهم – إلى يومنا هذا هي ما أجمع عليه أهل السنة والجماعة: من أن القرآن العظيم: كلام الله – تعالى – وكانت هذه العبارة كافية لا يزيدون عليها. فلما بانت في المسلمين البوائن، ودبت الفتن فيمن شاء الله، فاه بعض المفتونين بأقوال، وعبارات يأباها الله ورسوله والمؤمنون، وكلها ترمي إلى مقاصد خبيثة ومذاهب ردئية ، تنقض الاعتقاد، وتفسد أساس التوحيد على أهل الإسلام، فقالوا بأهوائهم، مبتدعين: القرآن مخلوق، خلقه الله في اللوح المحفوظ أو في غيره. القرآن قديم. القرآن حكاية عن كلام الله. القرآن عبارة عن كلام الله. القرآن ليس كلام الله لكن عبارة عنه. القرآن حكاية عن المعنى القديم القائم بالنفس. القرآن عبارة عن المعنى القديم. القرآن صفة فعل لا صفة ذات.
قول اللفظية منهم: لفظي بالقرآن مخلوق. القرآن قديم، وهو معنى قائم بنفسه تعالى، ليس بحرف ولا صوت. القرآن قول جبريل وعبارته، ألَّفه بإلهام الله له. كتاب الله غير القرآن.
القرآن حكاية كلام الله: هذا اللفظ من أواب : عبد الله بن سعيد بن كلاب، فهو أول من قال ذلك، كما قاله الذهبي – رحمه الله تعالى - .
وهو يرمي بهذا القوم الفاسد إلى إنكار صفة الكلام لله تعالى، وأن الكلام صفة ذاتية قائمة بالله ليس من الصفات الاختيارية. وهذا من عبارات أهل البدع التي يطلقونها، وهم يرمون إلى مقاصد ينكرها أهل الملة قاطبة.
وقد نقض أبو الحسن الأشعري علي ابن كلاب مقالته، واستبدلها بأُخرى على شاكلتها: "القرآن عبارة عن كلام الله". وهذه وأمثالها إطلاقات حادثة، تحمل مقاصد عقدية باطلة.
القرآن صنعه الله: الصُّنع: إيجاد الفعل قال الله تعالى: {صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ} [ النمل: من الآية88]. والقرآن العظيم: كلام الله حقيقة على الوجه اللائق بعظمته وجلاله. لهذا فلا يُقال: القرآن صنع الله.
ولا أعرف هذا الإطلاق لدى من مضى حتى من القائلين بالمقالة الكفرية: "القرآن مخلوق"، وإنما رأيتها في كلام بعض أهل عصرنا على عادتهم في التسمُّح بإطلاق الألفاظ، وعدم العناية والتوقي فيها. ومنه مرورها في مقدمة الشيخ محمد عبد الخالق عضيمة – رحمه الله تعالى – لكتابه النفيس: "من أساليب القرآن الكريم" ولا نشك أنها عبارة درج بها القلم دون اعتقاد لمؤداها المتبادر: صنع، بمعنى: خلق، فالله يتجاوز عنَّا وعنه.
قرأت القرآن كله: قال ابن أبي شيبة في المصنف: "من كره أن يقول: قرأت القرآن كله ... وأخرج بسنده عن أبي رزين قال: قال رجل لحية بن سلمة - وكان من أصحاب عبد الله -: قرأت القرآن كله، قال: وما أدركت منه؟
وأيضاً عن ابن عمر أنه كان يكره أن يقول : قرأت القرآن كل " اهـ .
قرض: من المنكر العظيم تسمية الربا: قرضاً.
القسر: مثل لفظ الجبر، فإن أُريد أن الله جعل العبد مريداً فهذا حق، لكن تبقى المنازعة في اللفظ : لغة ومعنى؛ لما في القسر من معنى الإكراه والجبر. وإن أُريد به: القسر بمعنى الجبر وهو أنه لا اختيار للعبد ولا قدرة، فهذا قول الجبرية ، وهو من أبطل الباطل، ويبطل الشرائع.
قشور: تسمية فروع الديِّن: قشوراً. وأركانه: لباباً، وهذا من فاسد الاصطلاح وأعظمه خطراً، فتوقَّه ... "ولولا القشر لفسد اللباب ". ومثله في المنع في عبارات المعاصرين: هذه أُمور سطحية، أو فروعية، أو هامشية ليست ذات بال ...
قصعة من ثريد خير من العلم: مذكورة في ألفاظ الردة، نسأل الله السلامة.
القطب: من الإطلاقات المبتدعة، ومضى في حرف الغين: بلفظ: الغوث.
قمر الأنبياء: هذا من الأسماء الرائجة في بعض بلاد العجم، وهو كذب وتعالٍ على مقامات الأنبياء، ولا يقول: "إن الولي فوق مقام النبي" إلا ضُلاَّل الطرقية؛ لهذا فلا يجوز التسمي به ويجب تغييره.
قوَّاك الله: الابتداء بها قبل السلام عند اللقاء: خلاف السنة. مضى في حرف الصاد: صبحك الله بالخير.
قوة خفية: أصل هذه العبارة ومثيلاتها: قوة مدبرة. قوة عليا. العقول العشرة. القوى الصالحة في النفس. الجواهر العقلية. العقل الفعال في السماء. العقل المدبِّر.
من إطلاقات الفلاسفة على "الملائكة"؛ لأنهم ينكرون حقيقتهم على تفصيل مذاهبهم، وقد رد عليهم علماء الإسلام وانتشرت ردودهم ، وإبطال مقولاتهم.
ونظيرها في حق الله تعالى تسمية الفلاسفة لله تعالى بقولهم: "علة فاعلة" وهذا من الإلحاد في أسماء الله تعالى. ومن هذه الأسماء الإلحادية التي سموا بها "الرب" سبحانه وتعالى: المبدأ. العلة الأولى. ثم انتقلت هذه العبارات وأمثالها إلى كتابات بعض المعاصرين الذين يعتملون التوسع في الأُسلوب، فأطلقوا هذا العبارات على الله تعالى، فقالوا عن الله: إنَّه قوة مدِّبرة. وهذا تعبير بدعي حادث، والقوة إنما هي وصف لله تعالى، كما في قوله سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذريات:58].
و"القوي" من أسمائه سبحانه كما قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [ الحج: من الآية40 - 74]، فمن أسمائه سبحانه: "القوي".
ونقف حيث ورد النص؛ فالله "ذو القوة المتين"، والله هو "القوي العزيز"، ولا نقول: قوة مدبرة، ونحوها، كما لا نقول: أن الله تعالى: "عِزَّةٌ عظيمة" و"قدرة عظيمة" و"حقيقة كبرى". فكل هذه ألفاظ بدعة يجب التحاشي من التعبير بها، وإطلاقها على الله القوي العزيز القادر سبحانه وتعالى.
ومثلها في الابتداع: "مهندس الكون"، و"مبرمج المعلومات". واللفظ الأول من إطلاقات الماسونية، كما نصوا على ذلك في كتبهم، فخصوا التعبير عن الله بأنه "مهندس الكون"، تعالى الله عن قولهم.
وهو كسابقه في الابتداع، والله سبحانه هو: خالق كل شيء وهو مبدع الكون، وبارئ النسم: {أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [الأعراف: من الآية54].
وأما "مبرمج المعلومات" فهو إطلاق أكثر حدوثاً في أعقاب ظهور "الحاسوب" ونحوه من الآلات التي تُدْخلُ بها المعلومات.
إضافة إلى أن لفظ "مهندس" وأصله "مهندز" – ولفظ "برمجة": ليسا من فصيح كلام العرب.
فكيف يطلق على الله ما لم يرد به نص ، وما في عربية لفظه اختلال؟
كل هذا منكر من القول ومرفوض، وابتداع في دين رب العالمين.
فواجب على كل مسلم التنبه لهذا، والتوقي من هذه الإطلاقات وإن وقع بها بعض من يُشار إليهم من المعاصرين.
القوة الخبيثة: هذه من إطلاقات المناطقة على الشياطين: ومرادهم بهذا: إنكار حقيقة الشياطين.
قوَّى الله ضعفك: عن عبد العزيز بن أبي رجاء قال: سمعت الربيع يقول: مرض الشافعي فدخلت عليه فقلت: يا أبا عبد الله "قوى الله ضعفك" فقال: يا أبا محمد، والله لو قوى الله ضعفي على قوتي أهلكني، قلت: أبا عبد الله ما أردت إلا الخير، فقال: لو دعوت الله عليَّ لعلمتُ أنك لم ترد إلا الخير