"حرف الواو"
(و)
وأبيك: عن عمر قال : قال رسول الله : "إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم" قال عمر : والله ما حلفت بها منذ سمعت رسول الله ينهى عنها. [رواه البخاري ومسلم، وأحمد، وابن أبي الدنيا].
واجب الوجود: في إطلاقه على الله تعالى إجمال مانع من فهم المراد، وبيان مفصلاً لدى شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى – في مواضع من كتبه.
الواحد لا يصدر عنه إلا واحد: هذا القول من فاسد أقاويل أهل الكلام كما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
وفينا نبي يعلم ما في لغدِ: في حديث الرُّبيِّع بنت مُعوِّذ – رضي الله عنها – في غناء الجويريات، قال إحداهن: وفينا نبي يعلم ما في الغد. فقال : "دعي هذه، وقولي الذي كنت تقولين".
[رواه البخاري، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه].
والله على "ما" يشاء قدير: في ترجمة الشيخ عبد الرحمن بن حسن رحمه الله تعالى- من كتاب: "عنوان المجد"، قال: "هذه الكلمة اشتهرت على الألسن من غير قصد وهي قول الكثير إذا سأل الله تعالى: "وهو القادر على ما يشاء" وهذه الكلمة يقصد بها أهل البدع شراً، وكل ما في القرآن: "وهو على كل شيء قدير"، وليس في القرآن والسنة ما يخالف ذلك أصلاً؛ لأن القدرة شاملة كاملة، وهي والعلم: صفتان شاملتان تتعلقان بالموجودات والمعدومات، وإنَّما قصد أهل البدع بقولهم: "وهو على ما يشاء" أن القدرة لا تتعلق إلا بما تعلقت به المشيئة"اهـ .
وفي جواب للشيخ محمد بن إبراهيم – رحمه الله تعالى – قال: "الأولى أن لا يطلق. ويُقال: إن الله على كل شيء قدير؛ لشمولة قدرة الله عز وجل لما يشاؤه ولما لا يشاؤه" اهـ .
هذا ما رأيته مسطراُ في المنع. وقد جاء إطلاقها في حديث ابن مسعود الطويل: في آخره أهل النار خروجاً، في صحيح مسلم. ترجم عليه النووي بقوله: باب إثبات الشفاعة وإخراج الموحدين من النار: وجاء في آخر الحديث: "قالوا ممّ تضحك يا رسول الله؟ قال: "من ضحك رب العالمين حين قال: أتستهزئ مني وأنت رب العالمين، فيقول: إني لا أستهزئ منك ولكني على ما أشاء قدير" اهـ .
وفي الرواية في: كتاب "السنة" لابن أبي عاصم (1/245) وفي كتاب: الإيمان لابن منده بلفظ: "ولكن على ما أشاء قادر" اهـ .
لكن هذا الإطلاق مقيد بأفعال معينة كهذا الحديث، وكذلك في الآية {وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ} معلقة بالجمع؛ وعيه فإن إطلاق هذا اللفظ له حالتان، الأُولى: على وجه العموم، فهذا ممتنع لثلاثة وجوه:
1- لأن فيها تقييداً لما أطلقه الله.
2- لأنه موهم بأن ما لا يشاؤه لا يقدر عليه.
3- لأنه موح بمذهب القدرية.
والحالة الثانية: على وجه التقييد كما ذكر.
والله حيث كان: عن ابن عمر – رضي الله عنهما – أنه: كان يكره أن يقول الرجل: "والله حيث كان .... " رواه عبد الرزاق .
والله لا يكون كذا: هذا اللفظ من الإقسام على الله تعالى، وقد فصَّلت النصوص الواردة عن النبي أنه على قسمين: جائز وممنوع:
1. أما الممنوع فهو في مقام التألِّي على الله – سبحانه – بدافع الجهل، والتكبر، والعُجب، والخِفَّة، والطيش.
وقد ثبت فيه عن النبي من حديث جندب بن عبد الله قال : قال رسول الله : "قال رجل: والله لا يغفر الله لفلان، فقال الله – عز وجل: من ذا الذي يتألَّى عليَّ أن لا أغفر لفلان، قد غفرت له وأحبطت عملك" رواه مسلم.
2. وأما الجائز، فهو من المسلم القانت لربه، الواثق بعطائه، المؤمن بقدره. ويدُلُّ لهُ حديث: "إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره، منهم: البراء بن معرور".
ومن هذا قول شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى – في بعض مغازيه لننْتصِرنَّ، فقيل له: قل: إن شاء الله ، فقال: إن شاء الله تحقيقاً لا تعليقاً.
والله لا يغفر الله لفلان: عن جندب بن عبدالله قال: قال رسول الله : "قال رجل: والله لا يغفر الله لفلان، فقال الله عز وجل: من ذا الذي يتألى عليَّ أن لا أغفر لفلان: إني قد غفرت له، وأحبطت عملك" رواه مسلم.
واللات: عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : "من حلف منكم فقال باللات فليقل: لا إله إلا الله، ومن قال لصاحبه: تعال أُقامرك؛ فليتصدق" رواه البخاري ومسلم والنسائي وغيرهم. وهو بلفظ أبسط. والله أعلم.
والكعبة: هذا حلف بغير الله – تعالى – فلا يجوز؛ لعموم الأحاديث الناهية عن الحلف بغير الله. قال النووي – رحمه الله تعالى - : "وُيكره الحلف بغير أسماء الله تعالى وصفاته سواء في ذلك النبي ، والكعبة، والملائكة، والأمانة، والروح، وغير ذلك" اهـ .
وأمانة الله: هذا حلف بالأمانة. وهو ممنوع شرعاً؛ لما ثبت عن بريدة قال، قال رسول الله : "من حلف بالأمانة فليس منا" رواه أبو داود.
وايم الحق: هذا قسم فإن كان يريد بالحق: "الله سبحانه وتعالى" فهو جائز كقوله: وايم الله. وإن كان يريد بالحق: ضد الباطل ،فهو قسم بغير الله فلا يجوز.
والنبي: والحلف بالمخلوقين لا يجوز؛ لما فيه من الشرك بالله تعالى.
وعن ابن عمر – رضي الله عنهما – أن النبي قال: "من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك" [رواه أبو داود والترمذي، وحسنه، والحاكم وصححه، وأحمد، وابن حبان، وقال العراقي: إسناده ثقات].
وقد حكى ابن عبد البر الإجماع على أن الحلف بغير الله لا يجوز.
ومن الحلف بغير الله من المخلوقين المنتشر لدى بعض المسلمين في بعض الأقطار: والنبي. والكعبة. والشرف. وذمتي. وجبريل. وحياتي. والسيد. والرئيس. والشعب.
كل هذه الصيغ وأمثالها لا تجوز؛ لأنها حلف بغير الله تعالى.
الواقي: قال ابن الصلاح في خطبة كتابه: "علوم الحديث": "الحمد لله الهادي من استهداه، الواقي من اتقاه".
فعلق عليها الحافظ ابن حجر في "نكته" بقوله: " بالقاف، وهو مشتق من قوله تعالى {فَوَقَاهُ اللَّهُ} [المؤمن: من الآية45] عملاً بأحد المذهبين في الأسماء الحسنى، والأصح عند المحققين أنَّها توقيفية. وأما قوله سبحانه وتعالى: {وَمَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ}[ الرعد: من الآية34]. فلا توقيف فيه على ذلك، لكن اختار الغزالي أن التوقيف مختص بالأسماء دون الصفات، وهو اختيار الإمام فخر الدِّين أيضاً وعلى ذلك يحمل عمل المصنف وغيره من الأئمة" انتهى.
الوحيد: ليس من أسماء الله سبحانه، ولهذا لا يعبَّد به فيقال: عبد الوحيد.
وعليك السلام: ترجم البخاري في كتاب الاستئذان من صحيحه فقال: باب من رد فقال: عليك السلام.
ثم ذكر الحافظ في "الفتح": وجوه احتمال المراد في ترجمة البخاري على خمسة أوجه: وذكر منها الثاني وهو أنه لا يأتي بصيغة الإفراد في الجواب على السلام فقال مستدلاً له: أخرج البخاري في "الأدب" المفرد من طريق معاوية بن قرة قال: قال لي أي: قرة بن إياس المزني الصحابي: إذا مر بك رجل فقال: السلام عليكم، فلا تقل: وعليك السلام، فتخصه وحده فإنه ليس وحده. وسنده صحيح.
ومن فروع هذه المسألة: "لو وقع الابتداء بصيغة الجمع؛ فإنه لا يكفي الرد بصيغة الإفراد؛ لأن صيغة الجمع تقتضي التعظيم، فلا يكون امتثل الرد بالمثل فضلاً عن الأحسن. نبه عليه ابن دقيق العيد" اهـ .
والله تعالى يقول: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} الآية [ النساء: 86]. فالرد بصيغة الإفراد ليس من ردِّ التحية بأحسن منها. والله أعلم.
وعليكم السلام: في حكم من قال في الابتداء: "وعليكم السلام" ولو بدون واو فهو لا يكون سلاماً ولا يستحق جواباً، وتعقبه بعضهم.
والثابت في الابتداء تقديم لفظ "سلام" فيقال: "سلام عليكم" أو "السلام عليكم". وما ذُكِر نصَّ غيرُ واحدٍ على كراهته منهم: المتولي، وابن القيم وغيرهم، وحرر كلام الجميع الحافظ ابن حجر – رحمه الله تعالى – في "الفتح". وفي حديث جابر بن سلمة مرفوعاً: "لا تقل: عليك السلام؛ فإن عليك السلام تحية الموتى، ولكن قل: السلام عليك". رواه الترمذي وغيره.
وِصال : في "تسمية المولود" ذكرت: الأصل التاسع: في الأسماء المكروهة وهذا نصه: "الأصل التاسعُ: في الأسماءِ المكروهةِ: يمكنُ تصنيفها على ما يلي:
1. تُكرهُ التَّسميةُ بما تنفُرُ منهُ القلوبُ؛ لمعانيها، أو ألفاظِها، أو لأحدِهما؛ لما تُثيرهُ مِن سُخريةٍ وإحراجٍ لأصحابِها وتأثيرٍ عليهم؛ فضلاً عن مُخالفةِ هدي النبي بتحسين الأسماءِ: ومنها: حرْب، مُرَّة، خنْجر، فاضِح، فحيط، حطيحط، فدْغوش ... وهذا في الأعرابِ كثيرٌ، ومن نظر في دليل الهواتفِ رأى في بعضِ الجهاتِ عجباً!
ومنها: هُيام وسُهام ؛ بضم أولهما: اسم لداء يُصيب الإبل.
ومنها: رُحاب وعفلق، ولكل منهما معنىً قبيحٌ.
ومنها: نادية؛ أي: البعيدة عن الماء.
2. ويُكرهُ التسمِّي بأسماءٍ فيها معانٍ رخوةٌ شهوانيةٌ، وهذا في تسمية البناتِ كثيرٌ، ومنها: أحلام، أريج، عبير، غادة "وهي التي تتثنَّى تيهاً ودلالاً"، فتنة، نهاد، وِصال، فاتن" أي: بجمالها "شادية، شادي" وهما بمعنى المُغنِّية".
3. ويُكرهُ تعمُّدُ التَّسمِّي بأسماءِ الفُساقِ الماجنين من الممثِّلين والمطربين وعُمَّارِ خشباتِ المسارحِ باللهوِ الباطلِ.
ومن ظواهر فراغ بعض النفُّوسِ مِن عزَّةِ الإيمان ِ: أنهم إذا رأوْه مسرحيةً فيها نسوةٌ خليعاتٌ؛ سارعوا مُتهافتين إلى تسميةِ مواليدِهم عليها، ومن رأى سجِلاَّتِ المواليدِ التي تُزامِنُ العرض؛ شاهد مصداقيَّة ذلك ... فإلى اللهِ الشكوى.
4. ويُكرهُ التسميةُ بأسماءٍ فيها معانٍ تدلُّ على الإثمِ والمعصيةِ؛ كمثلِ "ظالم بن سرّاق"، فقد ورد أنَّ عثمان بن أبي العاصِ امتنع عن توليةِ صاحبِ هذا الاسمِ لمَّا علم أنَّ اسمه هكذا؛ كما في "المعرفة والتاريخ" (3/ 201) للفسوي.
5. وتُكرهُ التسميةُ بأسماءِ الفراعنةِ والجبابرة ومنها: فِرعونُ، قارونُ، هامانُ ...
6. ومنهُ التَّسميةُ بأسماءٍ فيها معانٍ غيرُ مرغوبةٍ ؛ كمثلِ: "خبِيَّة بن كنَّاز" ؛ فقد ورد أن عمر ُ قال عنهُ : " لا حاجة لنا فيهِ؛ هُو يخبِّئُ، وأبوهُ يكنزُ"؛ كما في "المؤتلف والمختلف" (4/1965) " للدار قطني.
7. ويُكرهُ التسمِّي بأسماءِ الحيواناتِ المشهورةِ بالصِّفاتِ المستهْجنةِ ، ومنها التَّسميةُ بما يلي: حنش، حِمار، قُنْفذ، قُنيفذ، قِرْدان، كلْب، كُليب.
والعربُ حين سمَّت أولادها بهذه؛ فإنَّما لما لحِظتْهُ مِن معنى حسنٍ مرادٍ: فالكلبُ لما فيهِ من اليقظةِ والكسْب، والحمارُ لما فيه مِن الصَّبر والجلد، وهكذا ... وبهذا بطل غمْزُ الشُّعوبيَّةِ للعربِ كما أوضحهُ ابنُ دُريدٍ وابنُ فارسِ وغيرُهما.
8. وتُكرهُ التَّسميةُ بكُلِّ اسمٍ مُضافٍ مِن اسمٍ أو مصدرٍ أو صفةٍ مُشبَّهة مضافةٍ إلى لفظِ "الدينِ" ولفظ "الإسلام"؛ مثل: نور الدين، ضياء الدين، سيف الإسلام، نور الإسلام .. وذلك لعظيمِ منزلةِ هذين اللفظين "الدين" و "الإسلام"، فالإضافةُ إليهما على وجْهِ التَّسميةِ فيها دعوى فجَّةٌ تُطِلُّ على الكذبِ، ولهذا نصَّ بعضُ العلماءِ على التَّحريمِ، والأكثرُ على الكراهةِ؛ لأنَّ منها ما يوهِمُ معاني غير صحيحةٍ ممَّا لا يجوزُ إطلاقُه، وكانت في أوَّلِ حدوثها ألقاباً زائدةُ عن الاسمِ ، ثم استُعْمِلتْ أسماءً.
وقد يكونُ الاسمُ من هذه الأسماء منهيّاً عنهُ من جهتينِ ؛ مثلُ شهابِ الدين ؛ فإنَّ الشهابَ: الشُّعلةُ مِن النَّارِ، ثم إضافةُ ذلك إلى الدِّينِ، وقد بلغ الحالُ في إندونيسيا التسمية بنحوِ: ذهبِ الدِّينِ، ماسِ الدِّين!
وكان النوويُّ – رحمه الله تعالى – يكرهُ تلقيبهُ بمُحيي الدِّين ، وشيخُ الإسلام ابنُ تيمية – رحمه الله تعالى – يكْرهُ تلقيبهُ بتقيِّ الدِّين، ويقولُ: "لكنَّ أهْلي لقَّبوني بذلك فاشتهر".
9. وتُكرهُ التسميةُ بالأسماءِ المركَّبِةِ؛ مثل: محمَّد أحمد، محمد سعيد، فأحمد مثلاً هو الاسم، ومحمدُ للتبرُّك ..... وهكذا.
وهي مدعاةٌ إلى الاشتباهِ والالْتباسِ، ولذا لم تكُنْ معروفةً في هدْيِ السَّلف، وهي مِن تسمياتِ القُرونِ المُتأخِّرةِ ؛ كما سبقتِ الإشارةُ إليه.
ويُلحقُ بها المضافةُ إلى لفظِ "الله"؛ مثل: حسب الله، رحمة الله، جبرة الله؛ حاشا: عبد الله؛ فهو من أحبِّ الأسماءِ إلى الله.
أو المضافةُ إلى لفظِ الرسولِ؛ مثلُ: حسب الرسول، وغُلام الرسول ... وبيَّنتها في "تغريب الألقاب".
10. وكرِه جماعةٌ مِن العلماءِ التسمِّي بأسماءِ الملائكةِ عليهم السَّلامُ؛ مثل: جبرائيل، ميكائيل، إسرافيل.
أمَّا تسميةُ النِّساء بأسماءِ الملائكةِ؛ فظاهِرُ الحرمةِ؛ لأن فيها مضاهاةً للمشركين في جعْلِهِم الملائكة بناتِ اللهِ، تعالى اللهُ عن قولِهم. وقريبٌ مِن هذا تسميةُ البنتِ: ملاكٌ، ملكة، وملكْ.
11. وكرِه جماعةٌ مِن العلماءِ التَّسمية بأسماءِ سُورِ القرآنِ الكريمِ ؛ مثل : طه، يس ، حم .... "وأما ما يذكُرهُ العوامُّ أن يس وطه مِن أسماءِ النبي ؛ فغيرُ صحيحٍ"اهـ .
والقرآن: الحلف بصفة من صفات الله تعالى مثل: القرآن. والمصحف. وآيات الله. وعزة الله. وقدرة الله. وحياة الله. وعلم الله.
قاعدة الشريعة المطردة، أنه لا يجوز الحلف والقسم إلا بِاللهِ – تعالى – أو باسم من أسمائه ، أو صفة من صفاته – سبحانه - ؛ لأن الحلف يقتضي التعظيم الذي لا يشاركه فيه أحد، وهذا لا يصرف إلا لله تعالى؛ ولهذا كان الحلف بغير الله – تعالى – من المخلوقين كافة: شركاً بالله ، كما قال النبي : "منْ حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك" أي : شركاً أصغر؛ لأن من يؤمن بالله إذا حلف بغيره، لا يقصد أن عظمة المخلوق المحلوف به مثل عظمة الله الخالق سبحانه، وبهذا التعليل صرف علماء التوحيد ظواهر هذه النصوص من الحديث المذكور وما في معناه إلى هذا المعنى: "الشرك الأصغر الذي لا يخرج عن الملة " أما إذا اعتقد المساواة فهو شرك أكبر. إذا عُرِف هذا فإن الحلف بصفة من صفات الله المذكورة، يمين شرعية منعقدة، يجب على من حنِث بها: الكفَّارة.
لكن إذا كان الحلف بصفة من صفات الله – تعالى – المذكورة، تستنكره نفوس العامة، فعلى المسلم احتساب الأجر بصرف حلفه بالله تعالى، وبعد تبصيرهم بجواز الحلف بصفة من صفات الله تعالى ، فلا عليهم إذا فقهوا؛ إذ القلوب ضعيفة، والشُّبهُ خطافةٌ.
إذا عُلِم هذا فإن الحلف بالمصحف أو بلفظ: "والقرآن الكريم" هو حلف بصفة من صفات الله – سبحانه - ؛ إذ القرآن مشتمل على كلام الله، وكلام الله من صفاته، فصار كما لو قال الحالف: "وكلام الله" فهذا حلف جائز، وقد أقام هذا أهل السنة على أهل البدعة مقام الحجة عليهم في قولهم الباطل: "بخلق القرآن". ولا يشكل عليك أن الحالف بالمصحف قد يريد الحلف بالورق والجلد؛ لأنَّ المصحف الكريم لا يسمى مصحفاً إلا بما فيه من كلام الله المجيد.
واعلم أيضاً: أنَّ الحلف بآيات الله، الجائز، هو الحلف بآيات الله الشرعية: "القرآن الكريم"، أما الحلف بآيات الله الكونية القدرية وهي مخلوقاته من إنس وجن فلا يجوز قولاً واحداً.
"وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولداً... ": لايصح في قراءة هذه الآية الشريفة قبل الأذان: حديث. ولذا فلا تشرع قراءتها هنا.
وكيل الله: قال ابن القيم – رحمه الله تعالى – في "المدارج": "فإن قلت: هل يصح أن يُقال: إن أحداً وكيل الله؟ قلت: لا، فإن الوكيل من يتصرف عن موكله بطريقة النيابة، والله عز وجل لا نائب له، ولا يخلفه أحد بل هو الذي يخلف عبده، كما قال : "اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل".
على أنه لا يمتنع ذلك باعتبار أنه مأمور بحفظ ما وكله فيه، ورعايته والقيام به .... ".
وفي "المفتاح": ذكر الوجه الخامس والثمانين بعد المائة: في فضل العلماء وهو: أن الله سبحانه جعل العلماء وكلاء وأمناء على دينه ووحيه – ثم قال: "فإن قلت : فهل يصح أن يقال لأحد هؤلاء الموكلين: إنه وكيل الله بهذا المعنى ، كما يقال: ولي الله.
قلت: لا يلزم من إطلاق فعل التوكل المقيد بأمر ما أن يصاغ منه اسم فاعل مطلق ، كما أنه لا يلزم من إطلاق فعل الاستخلاف المقيد أن يقال: خليفة الله .... " انتهى .
الولي أفضل من النبي: من موروثات غلاة المتصوفة عن مشركة الصابئة، وهذا من الإلحاد في معاني نصوص الوحيين والتلاعب بهما.
(و)
وأبيك: عن عمر قال : قال رسول الله : "إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم" قال عمر : والله ما حلفت بها منذ سمعت رسول الله ينهى عنها. [رواه البخاري ومسلم، وأحمد، وابن أبي الدنيا].
واجب الوجود: في إطلاقه على الله تعالى إجمال مانع من فهم المراد، وبيان مفصلاً لدى شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى – في مواضع من كتبه.
الواحد لا يصدر عنه إلا واحد: هذا القول من فاسد أقاويل أهل الكلام كما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
وفينا نبي يعلم ما في لغدِ: في حديث الرُّبيِّع بنت مُعوِّذ – رضي الله عنها – في غناء الجويريات، قال إحداهن: وفينا نبي يعلم ما في الغد. فقال : "دعي هذه، وقولي الذي كنت تقولين".
[رواه البخاري، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه].
والله على "ما" يشاء قدير: في ترجمة الشيخ عبد الرحمن بن حسن رحمه الله تعالى- من كتاب: "عنوان المجد"، قال: "هذه الكلمة اشتهرت على الألسن من غير قصد وهي قول الكثير إذا سأل الله تعالى: "وهو القادر على ما يشاء" وهذه الكلمة يقصد بها أهل البدع شراً، وكل ما في القرآن: "وهو على كل شيء قدير"، وليس في القرآن والسنة ما يخالف ذلك أصلاً؛ لأن القدرة شاملة كاملة، وهي والعلم: صفتان شاملتان تتعلقان بالموجودات والمعدومات، وإنَّما قصد أهل البدع بقولهم: "وهو على ما يشاء" أن القدرة لا تتعلق إلا بما تعلقت به المشيئة"اهـ .
وفي جواب للشيخ محمد بن إبراهيم – رحمه الله تعالى – قال: "الأولى أن لا يطلق. ويُقال: إن الله على كل شيء قدير؛ لشمولة قدرة الله عز وجل لما يشاؤه ولما لا يشاؤه" اهـ .
هذا ما رأيته مسطراُ في المنع. وقد جاء إطلاقها في حديث ابن مسعود الطويل: في آخره أهل النار خروجاً، في صحيح مسلم. ترجم عليه النووي بقوله: باب إثبات الشفاعة وإخراج الموحدين من النار: وجاء في آخر الحديث: "قالوا ممّ تضحك يا رسول الله؟ قال: "من ضحك رب العالمين حين قال: أتستهزئ مني وأنت رب العالمين، فيقول: إني لا أستهزئ منك ولكني على ما أشاء قدير" اهـ .
وفي الرواية في: كتاب "السنة" لابن أبي عاصم (1/245) وفي كتاب: الإيمان لابن منده بلفظ: "ولكن على ما أشاء قادر" اهـ .
لكن هذا الإطلاق مقيد بأفعال معينة كهذا الحديث، وكذلك في الآية {وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ} معلقة بالجمع؛ وعيه فإن إطلاق هذا اللفظ له حالتان، الأُولى: على وجه العموم، فهذا ممتنع لثلاثة وجوه:
1- لأن فيها تقييداً لما أطلقه الله.
2- لأنه موهم بأن ما لا يشاؤه لا يقدر عليه.
3- لأنه موح بمذهب القدرية.
والحالة الثانية: على وجه التقييد كما ذكر.
والله حيث كان: عن ابن عمر – رضي الله عنهما – أنه: كان يكره أن يقول الرجل: "والله حيث كان .... " رواه عبد الرزاق .
والله لا يكون كذا: هذا اللفظ من الإقسام على الله تعالى، وقد فصَّلت النصوص الواردة عن النبي أنه على قسمين: جائز وممنوع:
1. أما الممنوع فهو في مقام التألِّي على الله – سبحانه – بدافع الجهل، والتكبر، والعُجب، والخِفَّة، والطيش.
وقد ثبت فيه عن النبي من حديث جندب بن عبد الله قال : قال رسول الله : "قال رجل: والله لا يغفر الله لفلان، فقال الله – عز وجل: من ذا الذي يتألَّى عليَّ أن لا أغفر لفلان، قد غفرت له وأحبطت عملك" رواه مسلم.
2. وأما الجائز، فهو من المسلم القانت لربه، الواثق بعطائه، المؤمن بقدره. ويدُلُّ لهُ حديث: "إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره، منهم: البراء بن معرور".
ومن هذا قول شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى – في بعض مغازيه لننْتصِرنَّ، فقيل له: قل: إن شاء الله ، فقال: إن شاء الله تحقيقاً لا تعليقاً.
والله لا يغفر الله لفلان: عن جندب بن عبدالله قال: قال رسول الله : "قال رجل: والله لا يغفر الله لفلان، فقال الله عز وجل: من ذا الذي يتألى عليَّ أن لا أغفر لفلان: إني قد غفرت له، وأحبطت عملك" رواه مسلم.
واللات: عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : "من حلف منكم فقال باللات فليقل: لا إله إلا الله، ومن قال لصاحبه: تعال أُقامرك؛ فليتصدق" رواه البخاري ومسلم والنسائي وغيرهم. وهو بلفظ أبسط. والله أعلم.
والكعبة: هذا حلف بغير الله – تعالى – فلا يجوز؛ لعموم الأحاديث الناهية عن الحلف بغير الله. قال النووي – رحمه الله تعالى - : "وُيكره الحلف بغير أسماء الله تعالى وصفاته سواء في ذلك النبي ، والكعبة، والملائكة، والأمانة، والروح، وغير ذلك" اهـ .
وأمانة الله: هذا حلف بالأمانة. وهو ممنوع شرعاً؛ لما ثبت عن بريدة قال، قال رسول الله : "من حلف بالأمانة فليس منا" رواه أبو داود.
وايم الحق: هذا قسم فإن كان يريد بالحق: "الله سبحانه وتعالى" فهو جائز كقوله: وايم الله. وإن كان يريد بالحق: ضد الباطل ،فهو قسم بغير الله فلا يجوز.
والنبي: والحلف بالمخلوقين لا يجوز؛ لما فيه من الشرك بالله تعالى.
وعن ابن عمر – رضي الله عنهما – أن النبي قال: "من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك" [رواه أبو داود والترمذي، وحسنه، والحاكم وصححه، وأحمد، وابن حبان، وقال العراقي: إسناده ثقات].
وقد حكى ابن عبد البر الإجماع على أن الحلف بغير الله لا يجوز.
ومن الحلف بغير الله من المخلوقين المنتشر لدى بعض المسلمين في بعض الأقطار: والنبي. والكعبة. والشرف. وذمتي. وجبريل. وحياتي. والسيد. والرئيس. والشعب.
كل هذه الصيغ وأمثالها لا تجوز؛ لأنها حلف بغير الله تعالى.
الواقي: قال ابن الصلاح في خطبة كتابه: "علوم الحديث": "الحمد لله الهادي من استهداه، الواقي من اتقاه".
فعلق عليها الحافظ ابن حجر في "نكته" بقوله: " بالقاف، وهو مشتق من قوله تعالى {فَوَقَاهُ اللَّهُ} [المؤمن: من الآية45] عملاً بأحد المذهبين في الأسماء الحسنى، والأصح عند المحققين أنَّها توقيفية. وأما قوله سبحانه وتعالى: {وَمَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ}[ الرعد: من الآية34]. فلا توقيف فيه على ذلك، لكن اختار الغزالي أن التوقيف مختص بالأسماء دون الصفات، وهو اختيار الإمام فخر الدِّين أيضاً وعلى ذلك يحمل عمل المصنف وغيره من الأئمة" انتهى.
الوحيد: ليس من أسماء الله سبحانه، ولهذا لا يعبَّد به فيقال: عبد الوحيد.
وعليك السلام: ترجم البخاري في كتاب الاستئذان من صحيحه فقال: باب من رد فقال: عليك السلام.
ثم ذكر الحافظ في "الفتح": وجوه احتمال المراد في ترجمة البخاري على خمسة أوجه: وذكر منها الثاني وهو أنه لا يأتي بصيغة الإفراد في الجواب على السلام فقال مستدلاً له: أخرج البخاري في "الأدب" المفرد من طريق معاوية بن قرة قال: قال لي أي: قرة بن إياس المزني الصحابي: إذا مر بك رجل فقال: السلام عليكم، فلا تقل: وعليك السلام، فتخصه وحده فإنه ليس وحده. وسنده صحيح.
ومن فروع هذه المسألة: "لو وقع الابتداء بصيغة الجمع؛ فإنه لا يكفي الرد بصيغة الإفراد؛ لأن صيغة الجمع تقتضي التعظيم، فلا يكون امتثل الرد بالمثل فضلاً عن الأحسن. نبه عليه ابن دقيق العيد" اهـ .
والله تعالى يقول: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} الآية [ النساء: 86]. فالرد بصيغة الإفراد ليس من ردِّ التحية بأحسن منها. والله أعلم.
وعليكم السلام: في حكم من قال في الابتداء: "وعليكم السلام" ولو بدون واو فهو لا يكون سلاماً ولا يستحق جواباً، وتعقبه بعضهم.
والثابت في الابتداء تقديم لفظ "سلام" فيقال: "سلام عليكم" أو "السلام عليكم". وما ذُكِر نصَّ غيرُ واحدٍ على كراهته منهم: المتولي، وابن القيم وغيرهم، وحرر كلام الجميع الحافظ ابن حجر – رحمه الله تعالى – في "الفتح". وفي حديث جابر بن سلمة مرفوعاً: "لا تقل: عليك السلام؛ فإن عليك السلام تحية الموتى، ولكن قل: السلام عليك". رواه الترمذي وغيره.
وِصال : في "تسمية المولود" ذكرت: الأصل التاسع: في الأسماء المكروهة وهذا نصه: "الأصل التاسعُ: في الأسماءِ المكروهةِ: يمكنُ تصنيفها على ما يلي:
1. تُكرهُ التَّسميةُ بما تنفُرُ منهُ القلوبُ؛ لمعانيها، أو ألفاظِها، أو لأحدِهما؛ لما تُثيرهُ مِن سُخريةٍ وإحراجٍ لأصحابِها وتأثيرٍ عليهم؛ فضلاً عن مُخالفةِ هدي النبي بتحسين الأسماءِ: ومنها: حرْب، مُرَّة، خنْجر، فاضِح، فحيط، حطيحط، فدْغوش ... وهذا في الأعرابِ كثيرٌ، ومن نظر في دليل الهواتفِ رأى في بعضِ الجهاتِ عجباً!
ومنها: هُيام وسُهام ؛ بضم أولهما: اسم لداء يُصيب الإبل.
ومنها: رُحاب وعفلق، ولكل منهما معنىً قبيحٌ.
ومنها: نادية؛ أي: البعيدة عن الماء.
2. ويُكرهُ التسمِّي بأسماءٍ فيها معانٍ رخوةٌ شهوانيةٌ، وهذا في تسمية البناتِ كثيرٌ، ومنها: أحلام، أريج، عبير، غادة "وهي التي تتثنَّى تيهاً ودلالاً"، فتنة، نهاد، وِصال، فاتن" أي: بجمالها "شادية، شادي" وهما بمعنى المُغنِّية".
3. ويُكرهُ تعمُّدُ التَّسمِّي بأسماءِ الفُساقِ الماجنين من الممثِّلين والمطربين وعُمَّارِ خشباتِ المسارحِ باللهوِ الباطلِ.
ومن ظواهر فراغ بعض النفُّوسِ مِن عزَّةِ الإيمان ِ: أنهم إذا رأوْه مسرحيةً فيها نسوةٌ خليعاتٌ؛ سارعوا مُتهافتين إلى تسميةِ مواليدِهم عليها، ومن رأى سجِلاَّتِ المواليدِ التي تُزامِنُ العرض؛ شاهد مصداقيَّة ذلك ... فإلى اللهِ الشكوى.
4. ويُكرهُ التسميةُ بأسماءٍ فيها معانٍ تدلُّ على الإثمِ والمعصيةِ؛ كمثلِ "ظالم بن سرّاق"، فقد ورد أنَّ عثمان بن أبي العاصِ امتنع عن توليةِ صاحبِ هذا الاسمِ لمَّا علم أنَّ اسمه هكذا؛ كما في "المعرفة والتاريخ" (3/ 201) للفسوي.
5. وتُكرهُ التسميةُ بأسماءِ الفراعنةِ والجبابرة ومنها: فِرعونُ، قارونُ، هامانُ ...
6. ومنهُ التَّسميةُ بأسماءٍ فيها معانٍ غيرُ مرغوبةٍ ؛ كمثلِ: "خبِيَّة بن كنَّاز" ؛ فقد ورد أن عمر ُ قال عنهُ : " لا حاجة لنا فيهِ؛ هُو يخبِّئُ، وأبوهُ يكنزُ"؛ كما في "المؤتلف والمختلف" (4/1965) " للدار قطني.
7. ويُكرهُ التسمِّي بأسماءِ الحيواناتِ المشهورةِ بالصِّفاتِ المستهْجنةِ ، ومنها التَّسميةُ بما يلي: حنش، حِمار، قُنْفذ، قُنيفذ، قِرْدان، كلْب، كُليب.
والعربُ حين سمَّت أولادها بهذه؛ فإنَّما لما لحِظتْهُ مِن معنى حسنٍ مرادٍ: فالكلبُ لما فيهِ من اليقظةِ والكسْب، والحمارُ لما فيه مِن الصَّبر والجلد، وهكذا ... وبهذا بطل غمْزُ الشُّعوبيَّةِ للعربِ كما أوضحهُ ابنُ دُريدٍ وابنُ فارسِ وغيرُهما.
8. وتُكرهُ التَّسميةُ بكُلِّ اسمٍ مُضافٍ مِن اسمٍ أو مصدرٍ أو صفةٍ مُشبَّهة مضافةٍ إلى لفظِ "الدينِ" ولفظ "الإسلام"؛ مثل: نور الدين، ضياء الدين، سيف الإسلام، نور الإسلام .. وذلك لعظيمِ منزلةِ هذين اللفظين "الدين" و "الإسلام"، فالإضافةُ إليهما على وجْهِ التَّسميةِ فيها دعوى فجَّةٌ تُطِلُّ على الكذبِ، ولهذا نصَّ بعضُ العلماءِ على التَّحريمِ، والأكثرُ على الكراهةِ؛ لأنَّ منها ما يوهِمُ معاني غير صحيحةٍ ممَّا لا يجوزُ إطلاقُه، وكانت في أوَّلِ حدوثها ألقاباً زائدةُ عن الاسمِ ، ثم استُعْمِلتْ أسماءً.
وقد يكونُ الاسمُ من هذه الأسماء منهيّاً عنهُ من جهتينِ ؛ مثلُ شهابِ الدين ؛ فإنَّ الشهابَ: الشُّعلةُ مِن النَّارِ، ثم إضافةُ ذلك إلى الدِّينِ، وقد بلغ الحالُ في إندونيسيا التسمية بنحوِ: ذهبِ الدِّينِ، ماسِ الدِّين!
وكان النوويُّ – رحمه الله تعالى – يكرهُ تلقيبهُ بمُحيي الدِّين ، وشيخُ الإسلام ابنُ تيمية – رحمه الله تعالى – يكْرهُ تلقيبهُ بتقيِّ الدِّين، ويقولُ: "لكنَّ أهْلي لقَّبوني بذلك فاشتهر".
9. وتُكرهُ التسميةُ بالأسماءِ المركَّبِةِ؛ مثل: محمَّد أحمد، محمد سعيد، فأحمد مثلاً هو الاسم، ومحمدُ للتبرُّك ..... وهكذا.
وهي مدعاةٌ إلى الاشتباهِ والالْتباسِ، ولذا لم تكُنْ معروفةً في هدْيِ السَّلف، وهي مِن تسمياتِ القُرونِ المُتأخِّرةِ ؛ كما سبقتِ الإشارةُ إليه.
ويُلحقُ بها المضافةُ إلى لفظِ "الله"؛ مثل: حسب الله، رحمة الله، جبرة الله؛ حاشا: عبد الله؛ فهو من أحبِّ الأسماءِ إلى الله.
أو المضافةُ إلى لفظِ الرسولِ؛ مثلُ: حسب الرسول، وغُلام الرسول ... وبيَّنتها في "تغريب الألقاب".
10. وكرِه جماعةٌ مِن العلماءِ التسمِّي بأسماءِ الملائكةِ عليهم السَّلامُ؛ مثل: جبرائيل، ميكائيل، إسرافيل.
أمَّا تسميةُ النِّساء بأسماءِ الملائكةِ؛ فظاهِرُ الحرمةِ؛ لأن فيها مضاهاةً للمشركين في جعْلِهِم الملائكة بناتِ اللهِ، تعالى اللهُ عن قولِهم. وقريبٌ مِن هذا تسميةُ البنتِ: ملاكٌ، ملكة، وملكْ.
11. وكرِه جماعةٌ مِن العلماءِ التَّسمية بأسماءِ سُورِ القرآنِ الكريمِ ؛ مثل : طه، يس ، حم .... "وأما ما يذكُرهُ العوامُّ أن يس وطه مِن أسماءِ النبي ؛ فغيرُ صحيحٍ"اهـ .
والقرآن: الحلف بصفة من صفات الله تعالى مثل: القرآن. والمصحف. وآيات الله. وعزة الله. وقدرة الله. وحياة الله. وعلم الله.
قاعدة الشريعة المطردة، أنه لا يجوز الحلف والقسم إلا بِاللهِ – تعالى – أو باسم من أسمائه ، أو صفة من صفاته – سبحانه - ؛ لأن الحلف يقتضي التعظيم الذي لا يشاركه فيه أحد، وهذا لا يصرف إلا لله تعالى؛ ولهذا كان الحلف بغير الله – تعالى – من المخلوقين كافة: شركاً بالله ، كما قال النبي : "منْ حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك" أي : شركاً أصغر؛ لأن من يؤمن بالله إذا حلف بغيره، لا يقصد أن عظمة المخلوق المحلوف به مثل عظمة الله الخالق سبحانه، وبهذا التعليل صرف علماء التوحيد ظواهر هذه النصوص من الحديث المذكور وما في معناه إلى هذا المعنى: "الشرك الأصغر الذي لا يخرج عن الملة " أما إذا اعتقد المساواة فهو شرك أكبر. إذا عُرِف هذا فإن الحلف بصفة من صفات الله المذكورة، يمين شرعية منعقدة، يجب على من حنِث بها: الكفَّارة.
لكن إذا كان الحلف بصفة من صفات الله – تعالى – المذكورة، تستنكره نفوس العامة، فعلى المسلم احتساب الأجر بصرف حلفه بالله تعالى، وبعد تبصيرهم بجواز الحلف بصفة من صفات الله تعالى ، فلا عليهم إذا فقهوا؛ إذ القلوب ضعيفة، والشُّبهُ خطافةٌ.
إذا عُلِم هذا فإن الحلف بالمصحف أو بلفظ: "والقرآن الكريم" هو حلف بصفة من صفات الله – سبحانه - ؛ إذ القرآن مشتمل على كلام الله، وكلام الله من صفاته، فصار كما لو قال الحالف: "وكلام الله" فهذا حلف جائز، وقد أقام هذا أهل السنة على أهل البدعة مقام الحجة عليهم في قولهم الباطل: "بخلق القرآن". ولا يشكل عليك أن الحالف بالمصحف قد يريد الحلف بالورق والجلد؛ لأنَّ المصحف الكريم لا يسمى مصحفاً إلا بما فيه من كلام الله المجيد.
واعلم أيضاً: أنَّ الحلف بآيات الله، الجائز، هو الحلف بآيات الله الشرعية: "القرآن الكريم"، أما الحلف بآيات الله الكونية القدرية وهي مخلوقاته من إنس وجن فلا يجوز قولاً واحداً.
"وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولداً... ": لايصح في قراءة هذه الآية الشريفة قبل الأذان: حديث. ولذا فلا تشرع قراءتها هنا.
وكيل الله: قال ابن القيم – رحمه الله تعالى – في "المدارج": "فإن قلت: هل يصح أن يُقال: إن أحداً وكيل الله؟ قلت: لا، فإن الوكيل من يتصرف عن موكله بطريقة النيابة، والله عز وجل لا نائب له، ولا يخلفه أحد بل هو الذي يخلف عبده، كما قال : "اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل".
على أنه لا يمتنع ذلك باعتبار أنه مأمور بحفظ ما وكله فيه، ورعايته والقيام به .... ".
وفي "المفتاح": ذكر الوجه الخامس والثمانين بعد المائة: في فضل العلماء وهو: أن الله سبحانه جعل العلماء وكلاء وأمناء على دينه ووحيه – ثم قال: "فإن قلت : فهل يصح أن يقال لأحد هؤلاء الموكلين: إنه وكيل الله بهذا المعنى ، كما يقال: ولي الله.
قلت: لا يلزم من إطلاق فعل التوكل المقيد بأمر ما أن يصاغ منه اسم فاعل مطلق ، كما أنه لا يلزم من إطلاق فعل الاستخلاف المقيد أن يقال: خليفة الله .... " انتهى .
الولي أفضل من النبي: من موروثات غلاة المتصوفة عن مشركة الصابئة، وهذا من الإلحاد في معاني نصوص الوحيين والتلاعب بهما.