القاعدة
السابعة : لا يسقط الاستدلال
بالدليل بمجرد تطرق الاحتمال
إليه
الدليل لا
يسقط بمجرد تطرق الاحتمال
إليه ، وقول العلماء : الدليل إذا تطرق إليه الاحتمال سقط به الاستدلال ، مرادهم بذلك الاحتمال
القوي الذي احتفت به القرائن واعتضد بالاعتبارات لا بأي احتمال ، لأنه ما من دليل إلا ويتطرق إليه
الاحتمال ، ولو فتح باب الاحتمال لم يبق شيء من الأدلة إلا وسقط الاستدلال به بدعوى تطرق
الاحتمال إليه ، ثم إن المراد بسقوط الاستدلال به ، أي على تعيين ذلك الوجه
المراد الاستدلال به من الدليل ، لا أن الاستدلال بالدليل يسقط جملة وتفصيلا .
أخرج
البخاري ( الفتح 1/413
) ورجلاي في قبلتهrومسلم (
1/145 ) عن عائشة قالت : (( كنت أنام بين يدي رسول الله ، فإذا سجد غمزني فقبضت رجلي وإذا قام بسطتها )) .
فهذا الحديث
يدل على أن لمس المرأة لا
ينقض الوضوء ، واعترض عليه باحتمال الخصوصية أو أن المس كان بحائل .
وقد تعقب
هذا الكلام العلامة أحمد
شاكر في تعليقه على سنن الترمذي ( 1/142 ) فقال : ومن البين الواضح
أن هذا التعقيب لا قيمة له
، بل هو باطل ، لأن الخصوصية لا تثبت إلا بدليل صريح ، واحتمال الحائل لا يفكر فيه إلا متعصب
! انتهى .
القاعدة
الثامنة : لا فرق بين
الدليل المتواتر والآحاد في جميع القواعد والأحكام
الحديث
الآحاد كالتواتر في جميع
القواعد والأحكام الشرعية فكما أن المتواتر ينسخ المتواتر فكذلك
الآحاد ينسخ المتواتر
وكما أن المتواتر يخصص العام ، فكذلك الآحاد يخصص العام ، وكما أن المتواتر مقدم على
القياس ، فكذلك الآحاد مقدم على القياس ، وعلى هذا جرى عمل السلف الصالح فإنهم كانوا لا
يفرقون في شيء من القواعد والأحكام بين المتواتر والآحاد ، بل التفريق بين
المتواتر والآحاد بدعة حدثت بعدهم ، فقد أخذ الصحابة بقول الواحد في النسخ وذلك لما كانوا
في الصلاة تجاه بيت المقدس وأخبرهم شخص واحد بأن القبلة تحولت إلى الكعبة فتحولوا وهم
في الصلاة .
وبيَّن
الشنقيطي في كتابه مذكرة
في أصول الفقه ( 86 ) خطأ من قال إن الآحاد لا ينسخ المتواتر .
القاعدة
التاسعة : يجب العمل بالدليل وإن
لم يعرف أن أحداً
عمل به
الحديث حجة
بنفسه لا يحتاج إلى الاحتجاج به
أن يكون أحد من الأئمة عمل به ، قال الشافعي في الرسالة ( 422 ) : أخبرنا سفيان وعبد
الوهاب عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب قضى في الإبهام بخمس عشرة ،
وفي التي تليها بعشر ، وفي الوسطى بعشر ، وفي التي تلي الخنصر بتسع ، وفي الخنصر بست قال الشافعي : لما
كان معروفا ـ والله أعلم ـ عندنا قضى في اليد بخمس ،
وكانت اليد خمسة أطراف مختلفة الجمال والمنافع نزلهاrأن النبي منازلها
فحكم لكل واحد من الأطراف بقدره من دية الكف ، فلما وجدنا كتاب آل عمرو بن قال : ((
وفي كل إصبع مما هنالك عشر من الإيل )) صاروا إليهrحزم فيه أن
رسول الله ، وفي الحديث دلالتان
:
أحدهما :
قبول الخبر .
والآخر : أن
يقبل الخبر في الوقت الذي يثبت
فيه ، وإن لم يمض عمل من الأئمة بمثل الخبر الذي قبلوا
.
ودلالة على
أنه لو مضى عمل من أحد
، ودلالةr يخالف عمله
لترك عمله لخبر رسول الله
rمن الأئمة
ثم وجد خبراً عن النبي يثبت بنفسه لا بعمل
غيرهrعلى أن حديث رسول الله .
القاعدة
العاشرة : يجب العمل بالدليل ولو
خالفه من خالفه من السلف الصالح رضوان الله عليهم.
يجب ردُّ كل
قول خالف الدليل على قائله
كائناً من كان حتى ولو كان من الخلفاء الراشدين فضلاً عمن دونهم في العلم لأن الله عز وجل أمرنا
باتباع السنة ، قال ابن القيم في الصواعق المرسلة ( 3/1063 ) :
وأمره لأصحابه بهاrكان عبد
الله بن عباس يحتج في مسألة متعة الحج بسنة رسول الله فيقولون له : إن أبا
بكر وعمر أفردا الحج ولم يتمتعا ، فلما أكثروا عليه قال : يوشك ، وتقولون : قال أبو بكرrأن تنزل
عليكم حجارة من السماء أقول لكم : قال رسول الله وعمر .. ، ولقد مثل عبد
الله بن عمر عن متعة الحج فأمر بها فقيل له إن أباك نهى عنها ! فقال : إن أبي لم يرد ما تقولون فلما
أكثروا عليه قال : أَقَوْلُ رسول الله أحق أن تتبعوا أم عمر ؟ .
القاعدة
الحادية عشر : لا يشرع
ترك الدليل وإن عمل الناس بخلافه.
قال ابن
القيم في إعلام الموقعين
، ودرست رسومها ، وعفتr( 2/395 ) : لو تركت
السنن للعمل لتعطلت سنن رسول الله آثارها ، وكم من عمل قد
اطرد بخلاف السنة الصريحة على تقادم الزمان وإلى الآن
... .
وقال ابن
حزم في المحلى ( 5/661
) : إن حد الشذوذ هو مخالفة الحق فكل من خالف الصواب في مسألة ما فهو
فيها شاذ ، وسواء كانوا
أهل الأرض كلهم بأسرهم أو بعضهم ، والجماعة والجملة هم أهل الحق ، ولو لم يكن في الأرض منهم
إلا واحد ، فهو الجماعة ، وهو الجملة ، وقد أسلم أبو بكر وخديجة رضي الله عنهما فقط ، فكانا هما الجماعة
، وكان سائر أهل الأرض غيرهما وغير أهل شذوذ وفرقة . انتهى .rالرسول
القاعدة
الثانية عشر : الأدلة لا
تعارض بالعقل ، بل يسلم للدليل تسليما من غير اعتراض عليه
عن علي بن
أبي طالب قال : (( لو يمسحrكان الدين
بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه ، وقد رأيت رسول الله على ظاهر
خفيه )) . أخرجه أبو داود ( 162 ) وهو صحيح
.
قال
السمعاني كما في صون المنطق
( 166 ) : وأما أهل الحق فجعلوا الكتاب والسنة أمامهم ، وطلبوا الدين
من قبلهما وما وقع من
معقولهم وخواطرهم عرضوه على الكتاب والسنة ، فإن وجدوه موافقاً لهما قبلوه ، وشكروا الله عز وجل ،
حيث أراهم ذلك ووفقهم عليه ، وإن وجدوه مخالفاً لهما تركوا ما وقع لهم وأقبلوا على
الكتاب والسنة ، ورجعوا بالتهمة على أنفسهم ، فإن الكتاب والسنة لا يهديان إلا إلى الحق ، ورأي الإنسان
قد يرى الحق وقد يرى الباطل
.
القاعدة
الثالثة عشر : الأحكام
التي وردت في الأدلة مطلقة لا يجوز تحديدها
قال شيخ
الإسلام كما في مجموع
الفتاوى ( 19/236 ) : فما أطلقه الله من الأسماء وعلق به الأحكام
من الأمر والنهي والتحليل
والتحريم لم يكن لأحد أن يقيده إلا بدلالة من الله ورسوله ، فمن ذلك اسم إلى قسمين :
طهور وغير طهور ، فهذاrالماء مطلق
في الكتاب والسنة ولم يقسمه النبي التقسيم مخالف للكتاب
والسنة .. ، ومن ذلك اسم الحيض علق الله به أحكاماً متعددة في الكتاب والسنة ولم يقدر
لا أقله ولا أكثره ، ولا الطهر بين الحيضين مع عموم بلوى الأمة بذلك ، واحتياجهم إليه .. ثم قال ( ص :
243 ) : والله ورسوله علقا القصر والفطر بمسمى السفر ولم يحده بمسافة ولا فرق بين
طويل وقصير ، ولو كان للسفر مسافة محدودة لبينه الله ورسوله ، ولا له في اللغة
مسافة محدودة ، فكل ما يسميه أهل اللغة سفراً فإنه يجوز فيه القصر والفطر كما دلَّ عليه
الكتاب والسنة . انتهى
.
القاعدة
الرابعة عشرة : الأعيان
المذكورة في الدليل لا يلحق بها ما لم يذكر في الدليل
مثاله :
حديث أبي موسى ومعاذ بن قال لهما حين أرسلهما
إلى اليمن : (( لا تأخذا في الصدقة إلا من هذهrجبل أن
النبي الأصناف الأربعة :
الشعير ، والحنطة ، والزبيب ، والتمر )) . أخرجه البيهقي ( 4/125 ) وصححه الألباني في
الإرواء ( 801 ) .
ففي هذا
الحديث تخصيص الزكاة بأربعة
أشياء مما يخرج من الأرض ، فلا يلحق بها غيرها ، قال أبو عبيد في كتاب : أنه لاrالأموال (
575 ) : إلا أن الذي اختار من ذلك الاتباع لسنة رسول الله صدقة إلا في
الأصناف الأربعة التي سماها ، وسنها مع قول من قاله من الصحابة حين خص هذهrوالتابعين ،
ثم اختيار ابن أبي ليلى ، وسفيان إياه . وذلك أن النبي بالصدقة وأعرض عما
سواها ، قد كان يعلم أن للناس أموالاً مما تخرج الأرض ، فكان تركه ذلك عندنا ، عفواً
منه ، كعفوه عن صدقة الخيل والرقيق وإنما يحتاج إلى النظر والتشبيه والتمثيل إذا
لم توجد سنة قائمة ، فإذا وجدت السنة لزم الناس اتباعها
. انتهى
.
القاعدة
الخامسة عشر : لا احتياط
فيما ورد به الدليل
قال ابن
القيم في تهذيب السنن
( 1/72 ) : الاحتياط يكون في الأعمال التي يترك المكلف منها عملاً لآخر
احتياطاً ، وأما
الأحكام الشرعية والأخبار عن الله ورسوله فطريق الاحتياط فيها أن لا يخبر عنه إلا بما أخبر به ، ولا
يثبت إلا ما أثبته ثم إن الاحتياط هو في ترك هذا الإحتياط ، فإن الرجل تحضره الصلاة
وعنده قُلَّة ماء قد وقعت فيها شعرة ميتة ، فتركه الوضوء منها مناف للاحتياط ، فهلاَّ أخذتم بهذا الأصل
هنا ، وقلتم ، ما ثبت تنجيسه بالدليل الشرعي نجسناه ، وما شككنا فيه رددناه إلى أصل
الطهارة . انتهى
.
القاعدة
السادسة عشر : يجب تفسير
الدليل وفهمه باعتدال من غير إفراط ولا تفريط
قال ابن
القيم في كتاب الروح ( 62 مراده من غير غلوٍّ ولا
تقصير فلا يحمل كلامه ما لاr) : ينبغي أن
يفهم عن الرسول يحتمله ، ولا يقصر به
عن مراده وما قصده من الهدي والبيان ، وقد حصل بإهمال ذلك والعدول عنه من الضلال
عن الصواب ما لا يعلمه إلا الله ، بل سوء الفهم عن الله ورسوله أصل كل بدعة وضلالة نشأت في الإسلام بل
هو أصل كل خطأ في الأصول والفروع ، ولا سيما إن أضيف إليه سوء القصد . انتهى .
القاعدة
الثالثة عشر : الحكم الوارد في
قصة ما لا يكون خاصاً بصاحب القصة بل يكون الاستدلال بذلك الحكم الوارد في تلك القصة داخلاً
فيه غير صاحب القصة أيضاً
:
هناك بعض الصحابة وقعت لهم
واقعة من الواقعات وفي تلك الواقعة ورد فيها حكم ما ، فإن
ذلك الحكم لا يكون خاصاً بمن وقعت له تلك الواقعة وحدثت له تلك القصة ، بل يكون الحكم عاماً وشاملاً
لكل أحد ، كقصة
المجامع في نهار رمضان ، فإن تلك القصة دليل على أن من كان مثل ذلك الرجل لا يجد ما يتصدق به كفارة
لإتيانه لأهله في نهار رمضان أن تلك الكفارة ساقطة عنه ، ولا يكون هذا الحكم خاصاً بذلك الرجل ، إلا إذا أتى ما
يدلُ على أن ذلك الحكم خاص بصاحب هل يجزئه ذبح جذعة في الأضحية ،rالقصة مثل حديث أبي بردة بن نيار أن سأل النبي فقال : (( نعم ولن
تجزئ عن أحد بعدك )) . أخرجه البخاري ( 955 )
السابعة : لا يسقط الاستدلال
بالدليل بمجرد تطرق الاحتمال
إليه
الدليل لا
يسقط بمجرد تطرق الاحتمال
إليه ، وقول العلماء : الدليل إذا تطرق إليه الاحتمال سقط به الاستدلال ، مرادهم بذلك الاحتمال
القوي الذي احتفت به القرائن واعتضد بالاعتبارات لا بأي احتمال ، لأنه ما من دليل إلا ويتطرق إليه
الاحتمال ، ولو فتح باب الاحتمال لم يبق شيء من الأدلة إلا وسقط الاستدلال به بدعوى تطرق
الاحتمال إليه ، ثم إن المراد بسقوط الاستدلال به ، أي على تعيين ذلك الوجه
المراد الاستدلال به من الدليل ، لا أن الاستدلال بالدليل يسقط جملة وتفصيلا .
أخرج
البخاري ( الفتح 1/413
) ورجلاي في قبلتهrومسلم (
1/145 ) عن عائشة قالت : (( كنت أنام بين يدي رسول الله ، فإذا سجد غمزني فقبضت رجلي وإذا قام بسطتها )) .
فهذا الحديث
يدل على أن لمس المرأة لا
ينقض الوضوء ، واعترض عليه باحتمال الخصوصية أو أن المس كان بحائل .
وقد تعقب
هذا الكلام العلامة أحمد
شاكر في تعليقه على سنن الترمذي ( 1/142 ) فقال : ومن البين الواضح
أن هذا التعقيب لا قيمة له
، بل هو باطل ، لأن الخصوصية لا تثبت إلا بدليل صريح ، واحتمال الحائل لا يفكر فيه إلا متعصب
! انتهى .
القاعدة
الثامنة : لا فرق بين
الدليل المتواتر والآحاد في جميع القواعد والأحكام
الحديث
الآحاد كالتواتر في جميع
القواعد والأحكام الشرعية فكما أن المتواتر ينسخ المتواتر فكذلك
الآحاد ينسخ المتواتر
وكما أن المتواتر يخصص العام ، فكذلك الآحاد يخصص العام ، وكما أن المتواتر مقدم على
القياس ، فكذلك الآحاد مقدم على القياس ، وعلى هذا جرى عمل السلف الصالح فإنهم كانوا لا
يفرقون في شيء من القواعد والأحكام بين المتواتر والآحاد ، بل التفريق بين
المتواتر والآحاد بدعة حدثت بعدهم ، فقد أخذ الصحابة بقول الواحد في النسخ وذلك لما كانوا
في الصلاة تجاه بيت المقدس وأخبرهم شخص واحد بأن القبلة تحولت إلى الكعبة فتحولوا وهم
في الصلاة .
وبيَّن
الشنقيطي في كتابه مذكرة
في أصول الفقه ( 86 ) خطأ من قال إن الآحاد لا ينسخ المتواتر .
القاعدة
التاسعة : يجب العمل بالدليل وإن
لم يعرف أن أحداً
عمل به
الحديث حجة
بنفسه لا يحتاج إلى الاحتجاج به
أن يكون أحد من الأئمة عمل به ، قال الشافعي في الرسالة ( 422 ) : أخبرنا سفيان وعبد
الوهاب عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب قضى في الإبهام بخمس عشرة ،
وفي التي تليها بعشر ، وفي الوسطى بعشر ، وفي التي تلي الخنصر بتسع ، وفي الخنصر بست قال الشافعي : لما
كان معروفا ـ والله أعلم ـ عندنا قضى في اليد بخمس ،
وكانت اليد خمسة أطراف مختلفة الجمال والمنافع نزلهاrأن النبي منازلها
فحكم لكل واحد من الأطراف بقدره من دية الكف ، فلما وجدنا كتاب آل عمرو بن قال : ((
وفي كل إصبع مما هنالك عشر من الإيل )) صاروا إليهrحزم فيه أن
رسول الله ، وفي الحديث دلالتان
:
أحدهما :
قبول الخبر .
والآخر : أن
يقبل الخبر في الوقت الذي يثبت
فيه ، وإن لم يمض عمل من الأئمة بمثل الخبر الذي قبلوا
.
ودلالة على
أنه لو مضى عمل من أحد
، ودلالةr يخالف عمله
لترك عمله لخبر رسول الله
rمن الأئمة
ثم وجد خبراً عن النبي يثبت بنفسه لا بعمل
غيرهrعلى أن حديث رسول الله .
القاعدة
العاشرة : يجب العمل بالدليل ولو
خالفه من خالفه من السلف الصالح رضوان الله عليهم.
يجب ردُّ كل
قول خالف الدليل على قائله
كائناً من كان حتى ولو كان من الخلفاء الراشدين فضلاً عمن دونهم في العلم لأن الله عز وجل أمرنا
باتباع السنة ، قال ابن القيم في الصواعق المرسلة ( 3/1063 ) :
وأمره لأصحابه بهاrكان عبد
الله بن عباس يحتج في مسألة متعة الحج بسنة رسول الله فيقولون له : إن أبا
بكر وعمر أفردا الحج ولم يتمتعا ، فلما أكثروا عليه قال : يوشك ، وتقولون : قال أبو بكرrأن تنزل
عليكم حجارة من السماء أقول لكم : قال رسول الله وعمر .. ، ولقد مثل عبد
الله بن عمر عن متعة الحج فأمر بها فقيل له إن أباك نهى عنها ! فقال : إن أبي لم يرد ما تقولون فلما
أكثروا عليه قال : أَقَوْلُ رسول الله أحق أن تتبعوا أم عمر ؟ .
القاعدة
الحادية عشر : لا يشرع
ترك الدليل وإن عمل الناس بخلافه.
قال ابن
القيم في إعلام الموقعين
، ودرست رسومها ، وعفتr( 2/395 ) : لو تركت
السنن للعمل لتعطلت سنن رسول الله آثارها ، وكم من عمل قد
اطرد بخلاف السنة الصريحة على تقادم الزمان وإلى الآن
... .
وقال ابن
حزم في المحلى ( 5/661
) : إن حد الشذوذ هو مخالفة الحق فكل من خالف الصواب في مسألة ما فهو
فيها شاذ ، وسواء كانوا
أهل الأرض كلهم بأسرهم أو بعضهم ، والجماعة والجملة هم أهل الحق ، ولو لم يكن في الأرض منهم
إلا واحد ، فهو الجماعة ، وهو الجملة ، وقد أسلم أبو بكر وخديجة رضي الله عنهما فقط ، فكانا هما الجماعة
، وكان سائر أهل الأرض غيرهما وغير أهل شذوذ وفرقة . انتهى .rالرسول
القاعدة
الثانية عشر : الأدلة لا
تعارض بالعقل ، بل يسلم للدليل تسليما من غير اعتراض عليه
عن علي بن
أبي طالب قال : (( لو يمسحrكان الدين
بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه ، وقد رأيت رسول الله على ظاهر
خفيه )) . أخرجه أبو داود ( 162 ) وهو صحيح
.
قال
السمعاني كما في صون المنطق
( 166 ) : وأما أهل الحق فجعلوا الكتاب والسنة أمامهم ، وطلبوا الدين
من قبلهما وما وقع من
معقولهم وخواطرهم عرضوه على الكتاب والسنة ، فإن وجدوه موافقاً لهما قبلوه ، وشكروا الله عز وجل ،
حيث أراهم ذلك ووفقهم عليه ، وإن وجدوه مخالفاً لهما تركوا ما وقع لهم وأقبلوا على
الكتاب والسنة ، ورجعوا بالتهمة على أنفسهم ، فإن الكتاب والسنة لا يهديان إلا إلى الحق ، ورأي الإنسان
قد يرى الحق وقد يرى الباطل
.
القاعدة
الثالثة عشر : الأحكام
التي وردت في الأدلة مطلقة لا يجوز تحديدها
قال شيخ
الإسلام كما في مجموع
الفتاوى ( 19/236 ) : فما أطلقه الله من الأسماء وعلق به الأحكام
من الأمر والنهي والتحليل
والتحريم لم يكن لأحد أن يقيده إلا بدلالة من الله ورسوله ، فمن ذلك اسم إلى قسمين :
طهور وغير طهور ، فهذاrالماء مطلق
في الكتاب والسنة ولم يقسمه النبي التقسيم مخالف للكتاب
والسنة .. ، ومن ذلك اسم الحيض علق الله به أحكاماً متعددة في الكتاب والسنة ولم يقدر
لا أقله ولا أكثره ، ولا الطهر بين الحيضين مع عموم بلوى الأمة بذلك ، واحتياجهم إليه .. ثم قال ( ص :
243 ) : والله ورسوله علقا القصر والفطر بمسمى السفر ولم يحده بمسافة ولا فرق بين
طويل وقصير ، ولو كان للسفر مسافة محدودة لبينه الله ورسوله ، ولا له في اللغة
مسافة محدودة ، فكل ما يسميه أهل اللغة سفراً فإنه يجوز فيه القصر والفطر كما دلَّ عليه
الكتاب والسنة . انتهى
.
القاعدة
الرابعة عشرة : الأعيان
المذكورة في الدليل لا يلحق بها ما لم يذكر في الدليل
مثاله :
حديث أبي موسى ومعاذ بن قال لهما حين أرسلهما
إلى اليمن : (( لا تأخذا في الصدقة إلا من هذهrجبل أن
النبي الأصناف الأربعة :
الشعير ، والحنطة ، والزبيب ، والتمر )) . أخرجه البيهقي ( 4/125 ) وصححه الألباني في
الإرواء ( 801 ) .
ففي هذا
الحديث تخصيص الزكاة بأربعة
أشياء مما يخرج من الأرض ، فلا يلحق بها غيرها ، قال أبو عبيد في كتاب : أنه لاrالأموال (
575 ) : إلا أن الذي اختار من ذلك الاتباع لسنة رسول الله صدقة إلا في
الأصناف الأربعة التي سماها ، وسنها مع قول من قاله من الصحابة حين خص هذهrوالتابعين ،
ثم اختيار ابن أبي ليلى ، وسفيان إياه . وذلك أن النبي بالصدقة وأعرض عما
سواها ، قد كان يعلم أن للناس أموالاً مما تخرج الأرض ، فكان تركه ذلك عندنا ، عفواً
منه ، كعفوه عن صدقة الخيل والرقيق وإنما يحتاج إلى النظر والتشبيه والتمثيل إذا
لم توجد سنة قائمة ، فإذا وجدت السنة لزم الناس اتباعها
. انتهى
.
القاعدة
الخامسة عشر : لا احتياط
فيما ورد به الدليل
قال ابن
القيم في تهذيب السنن
( 1/72 ) : الاحتياط يكون في الأعمال التي يترك المكلف منها عملاً لآخر
احتياطاً ، وأما
الأحكام الشرعية والأخبار عن الله ورسوله فطريق الاحتياط فيها أن لا يخبر عنه إلا بما أخبر به ، ولا
يثبت إلا ما أثبته ثم إن الاحتياط هو في ترك هذا الإحتياط ، فإن الرجل تحضره الصلاة
وعنده قُلَّة ماء قد وقعت فيها شعرة ميتة ، فتركه الوضوء منها مناف للاحتياط ، فهلاَّ أخذتم بهذا الأصل
هنا ، وقلتم ، ما ثبت تنجيسه بالدليل الشرعي نجسناه ، وما شككنا فيه رددناه إلى أصل
الطهارة . انتهى
.
القاعدة
السادسة عشر : يجب تفسير
الدليل وفهمه باعتدال من غير إفراط ولا تفريط
قال ابن
القيم في كتاب الروح ( 62 مراده من غير غلوٍّ ولا
تقصير فلا يحمل كلامه ما لاr) : ينبغي أن
يفهم عن الرسول يحتمله ، ولا يقصر به
عن مراده وما قصده من الهدي والبيان ، وقد حصل بإهمال ذلك والعدول عنه من الضلال
عن الصواب ما لا يعلمه إلا الله ، بل سوء الفهم عن الله ورسوله أصل كل بدعة وضلالة نشأت في الإسلام بل
هو أصل كل خطأ في الأصول والفروع ، ولا سيما إن أضيف إليه سوء القصد . انتهى .
القاعدة
الثالثة عشر : الحكم الوارد في
قصة ما لا يكون خاصاً بصاحب القصة بل يكون الاستدلال بذلك الحكم الوارد في تلك القصة داخلاً
فيه غير صاحب القصة أيضاً
:
هناك بعض الصحابة وقعت لهم
واقعة من الواقعات وفي تلك الواقعة ورد فيها حكم ما ، فإن
ذلك الحكم لا يكون خاصاً بمن وقعت له تلك الواقعة وحدثت له تلك القصة ، بل يكون الحكم عاماً وشاملاً
لكل أحد ، كقصة
المجامع في نهار رمضان ، فإن تلك القصة دليل على أن من كان مثل ذلك الرجل لا يجد ما يتصدق به كفارة
لإتيانه لأهله في نهار رمضان أن تلك الكفارة ساقطة عنه ، ولا يكون هذا الحكم خاصاً بذلك الرجل ، إلا إذا أتى ما
يدلُ على أن ذلك الحكم خاص بصاحب هل يجزئه ذبح جذعة في الأضحية ،rالقصة مثل حديث أبي بردة بن نيار أن سأل النبي فقال : (( نعم ولن
تجزئ عن أحد بعدك )) . أخرجه البخاري ( 955 )